محمد علوش
تصدير المادة
المشاهدات : 2854
شـــــارك المادة
خلال الأسبوع الجاري، انضمت ولاية جديدة إلى قائمة الولايات التابعة لدولة الخلافة التي أعلنها تنظيم الدولة الإسلامية. "ولاية شنقيط" كناية عن انضمام موريتانيا إلى ركب الخلافة. ويكاد لا يمرّ شهر إلاّ وتظهر ولاية جديدة للتنظيم، يتمّ تداول اسمها، ويُنشأ لها حساب على منصّات التراسل الفوري. فهناك عشرات الولايات في قارتي آسيا وإفريقيا. وقد نرى على شاكلتها غدا في قارة أوروبا.
ربما ليس من المبالغة وصف بعض الناقدين لجماعة الدولة بأنها "خلافة" على تويتر وفايسبوك لكثرة المعرّفات، فكل ناشط في تنظيم الدولة تجده ينشئ عدّة حسابات تفوق العشرة أحيانا بأسماء مستعارة مختلفة، يكتب فيها جميعها لتكثير العدد في أعين الخصوم، وهي حيلة معروفة تاريخيا. والمتابع لمعرّفات تنظيم الدولة المنتشرة على الشبكة العنكبوتية يدرك دون ريب أن سياسة التنظيم تحاكي عمل الفطريّات في الانتشار لإغراق الشبكة بمواده وأدبياته على اعتبار أن بقاء أخبار "الدولة" متداولة على مدار الساعة في الوسائل الإعلامية والوسائط الاجتماعية عملاً جهادياً وحيلة عسكرية لا تقلّ أهمية عن المنازلة التي يواجه بها العالم أجمع في العراق وسوريا ومناطق أخرى. في كثير من الولايات التي أنشاها تنظيم الدولة شرقاً وغرباً، يكفي أن يُخرج التنظيم شريطاً مرئياً، مذيلاً بولاية كذا، يظهر فيه ثلاثة أشخاص أو اثنان بلباس عسكري، يهدّدان ويتوعّدان النظام ومؤسّساته الأمنية والعسكرية ليقنع متابعيه أن خلافته قد امتدّت إلى تلك البقعة الجغرافية من العالم، وإذا ما استطاع القيام بعمليات تفجيرية فيها يكون برهانه قد اكتمل عند الاتباع والمناصرين. يتضح أن سياسة التّضخيم في الدعاية ركن أساس في حياة التنظيم وسياساته ومعاركه. فهو ينتهج سياسة الصّدمة الإعلاميّة لكسر الحصار الإعلامي والسياسي والاقتصادي والعسكري المفروض عليه دولياً، محاولاً بسياسة التّضخيم استقطاب جنود جدد. في أحد الحسابات التابعة للتنظيم، يكتب بعضهم: سيأتي يوم يُذكر فيه أن حكاماً مرتدّين حكموا بلاد المسلمين مئة عام قبل أن تظهر كوكبة من المجاهدين تزلزل الأرض تحت أقدام الطواغيت المرتدين، وتعيد دولة الخلافة إلى أهلها من جديد. المتأمّل بسَير معاركه المفتوحة على الجميع وكيفية إدارتها، يتشكّك بأن التنظيم مصاب بشكل جماعي بجنون الارتياب أو ما يُعرف طبّياً ب"الهستيريا" حيث تكثر شكوكه ووساوسه. كما تكثر تحليلاته التي في غالبها تنتهي إلى نتائج سلبية تجاه أي ظاهرة، لأنه يشعر أنه مستهدف ممّن يشاطرونه الأدبيات نفسها مثل تنظيم القاعدة. وحتى لو لم يكن كذلك، فإنه يعيش حالة الاستهداف أكثر ممّا لو كانت واقعية تماما. والتنظيم بإعلانه الخلافة، وهي فكرة لا يُستبعد أن يكون من أوحى إليه بها جهات استخبارية تمكّنت من اختراق التنظيم، شقّ وحدة الصفّ داخل التيارات الجهادية المحلية والعالمية، ونزع الشرعيّة عن غيره من الجماعات. وكان بإعلانه هذا، أوّل من أشعل نار الفتنة والاقتتال بين التنظيمات التي تنتمي للفضاء الجهادي في سوريا. كما أنه أوّل من شرّع التكّفير ضدّ مخالفيه، ومن ثم استباح بيضتهم. وهكذا انتهى الأمر بحروب داخلية بين التنظيمات الجهادية، يقتتلون ليفني بعضهم بعضا في الوقت الذي عجز العالم مجتمعاً عن القضاء على هذه التنظيمات. وإذا كان التنظيم يحمل على نظرائه في الجهاد العالمي مثل القاعدة وفروعها أو تلك المصنّفة ضمن تيارات الإسلام السياسي كجماعة الإخوان المسلمين أنها جماعات تعظّم رموزها، ولا تخطّئ قياداتها البتة، وتستميت دفاعاً عنها حتى تصل بهم إلى درجة "الصنمية" التي يستحيل معها المبايعون والأنصار قطيعاً مقاداً دون إدراك منهم، فإن المراقب لما يكتبه كوادر وأنصار تنظيم الدولة على مواقع التواصل الاجتماعي تحت معرّفات مستعارة يدرك تماما أنهم قد وقعوا في نفس المرض الذي يعيّرون خصومهم به، بل هم مصابون بداء المغالاة في التكفير والتقتيل بما يفوق الخوارج الأوائل. ومن كان هذا حاله، فلا شك أنه يدمّر نفسه بنفسه، والتاريخ شاهد على ذلك.
الشرق القطرية
حسان الحموي
محمد المختار الشنقيطي
مركز التأصيل للدراسات والبحوث
محمد حسن عدلان
المصادر:
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة