..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

آداب استقبال شهر رمضان

سلمان الداية

١ يونيو ٢٠١٦ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 7664

آداب استقبال شهر رمضان
رمضان 0000.jpg

شـــــارك المادة

ذكر أهل العلمِ جملةً من آداب استقبالِ شهرِ رمضان

الأدب الأول: الدعاءُ لله ببلوغِ شهر رمضان، والإعانة على الصيامِ والقيام:
عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه، قَالَ: كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم إِذَا رَأَى الْهِلَالَ قَالَ: «اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُمَّ أَهِلَّهُ عَلَيْنَا بِالْأَمْنِ وَالْإِيمَانِ، وَالسَّلَامَةِ وَالْإِسْلَامِ، وَالتَّوْفِيقِ لِمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، رَبُّنَا وَرَبُّكَ اللَّهُ»[صحيح لغيره، ابن حبان/ التقاسيم والأنواع].
وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا دَخَلَ رَجَبٌ، قَالَ: "اللهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي رَجَبٍ وَشَعْبَانَ، وَبَارِكْ لَنَا فِي رَمَضَانَ " [إسناده ضعيف، أحمد/ مسنده].
وعن ابن عمر رضي الله عنه؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا اسْتَوَى عَلَى بَعِيرِهِ خَارِجًا إِلَى سَفَرٍ، كَبَّرَ ثَلَاثًا، ثُمَّ قَالَ: «سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا، وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ، وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ، اللهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ فِي سَفَرِنَا هَذَا الْبِرَّ وَالتَّقْوَى، وَمِنَ الْعَمَلِ مَا تَرْضَى، اللهُمَّ هَوِّنْ عَلَيْنَا سَفَرَنَا هَذَا، وَاطْوِ عَنَّا بُعْدَهُ، اللهُمَّ أَنْتَ الصَّاحِبُ فِي السَّفَرِ، وَالْخَلِيفَةُ فِي الْأَهْلِ، اللهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السَّفَرِ، وَكَآبَةِ الْمَنْظَرِ، وَسُوءِ الْمُنْقَلَبِ فِي الْمَالِ وَالْأَهْلِ». [أخرجه: مسلم/ صحيحه].
وجه الدلالة: قوله صلى الله عليه وسلم (واطْوِ عنا بعده)  فإنه دعاء لله تعالى بطي بعد السّفر، ويدل بلازمه على حفظ البدن، والمطية، وحصول الأمن والسّلامة حتّى نبلغ المراد، وهذا دعاء مشروع في سفر العادة والعبادة، فيقاس عليه طلب اختصار الزمن، وحصول العافية وطول العمر حتى نبلغ رمضان وأيام الحج وغير ذلك، ومثل هذا يستفاد من دعائه صلى الله عليه وسلم (اللهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السَّفَرِ، وَكَآبَةِ الْمَنْظَرِ).
وقال معلى بن الفضل: "كانوا يدعون الله تعالى ستة أشهر أن يبلغهم رمضان، ويدعونه ستة أشهر أن يتقبل منهم". [ابن رجب/ لطائف المعارف]
وقال يحيى بن أبي كثير: كان من دعائهم "اللهم سلمني إلى رمضان وسلم لي رمضان وتسلمه مني متقبلًا". [ابن رجب/ لطائف المعارف].
الأدب الثاني: شكرُ الله على بلوغِهِ:
قال تعالى: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ [سورة البقرة، آية (185)].
وجه الدلالة: من فوائد الآية أنّ الله تعالى أمر بشكره على شهر رمضان ونزول القرآن المتسم بالوضوح  ليكون هداية للناس ومبيناً لهم سبل الهداية والضلال، وشرع لهم الصيام لتعظم به أجورهم، وتصح به أبدانهم، وتهذب به أخلاقهم ويضيق به على الشيطان، ومن ضعُف عن الصيام لمرض أو سفر، فلا عليه لو أفطر وعليه القضاء وإلا فالفدية.
وقال تعالى: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ﴾ [سورة لقمان، آية (12)].
وجه الدلالة: من فوائد الآية أنّ الله تعالى أمر عبده الصالح بالشكر على الحكمة التي تعني الهداية والسداد والبصيرة، ومن الحكمة أداء الفرائض والإكثار من النوافل، فيلزم من أُعطي أن يشكر لله ليدوم له، ويُزاد منه، ومن جحد فقد أضرّ نفسه، فإنّ الله غني عن عباده، محمود على نعمائه.
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَجُلَيْنِ كَانَا مُتَوَاخِيَيْنِ فَاسْتُشْهِدَ أَحَدُهُمَا وَبَقِيَ الثَّانِي بَعْدَ الْمُسْتَشْهِدِ سَنَةً قَالَ طَلْحَةُ: فَرَأَيْتُ الْآخَرَ مِنَ الرَّجُلَيْنِ دَخَلَ الْجَنَّةَ قَبْلَ الْمُسْتَشْهِدِ فَحَدَّثْتُ النَّاسُ بِذَلِكَ فَبَلَغَتْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: «أَلَيْسَ هُوَ صَامَ بَعْدَهُ رَمَضَانَ وَصَلَّى بَعْدَهُ سِتَّةَ آلَافِ رَكْعَةً وَمِائَةَ رَكْعَةٍ يَعْنِي صَلَاةَ  السُّنَّةِ» [أخرجه: البزار/ مسنده].
فأنت ترى أنّ بلوغ العبدِ رمضان وتوفيقه على الصيّام والقيام خير ونعمة عظيمة، ثقّلت الموازين، وجعلت صاحبها من السّابقين.
الأدب الثالث: الحرصُ على التوبةِ قبل دخولِ رمضان:
وذلك أنّ التوبة تشفع للتائب في التوفيق للعمل الصالح، يدل على ذلك قوله تعالى: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [سورة النحل، آية(97)].
وجه الدلالة: لا يخفى أنّه من أعظم الصّالحات التوبة لرب الأرض والسماوات، فمن تاب وأناب إلى الله تعالى، وأتبع ذلك من الصّالحات أحياه الله تعالى حياة طيبة بعيدة عن الشقاء والضنك، وأجزل له المثوبة وأعظم له الأجر.
وقال تعالى: ﴿وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضلٍ فَضْلَهُ وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ﴾ [سورة هود، آية (3)].
دلّت الآية  على الأمر بالاستغفار والتوبة، وأنّهما سبيل إلى الحياة الهنيئة الرغيدة ، فإذا قعد العبد عن ذلك فإنّه لا يجد إلا الشّقاء والضنك، يؤكد ذلك قوله تعالى: ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى، قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا، قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى﴾ [طه: 124، 125].
وعن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ حِينَ يَتُوبُ إِلَيْهِ، مِنْ أَحَدِكُمْ كَانَ عَلَى رَاحِلَتِهِ بِأَرْضِ فَلَاةٍ، فَانْفَلَتَتْ مِنْهُ وَعَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ، فَأَيِسَ مِنْهَا، فَأَتَى شَجَرَةً، فَاضْطَجَعَ فِي ظِلِّهَا، قَدْ أَيِسَ مِنْ رَاحِلَتِهِ، فَبَيْنَا هُوَ كَذَلِكَ إِذَا هُوَ بِهَا، قَائِمَةً عِنْدَهُ، فَأَخَذَ بِخِطَامِهَا، ثُمَّ قَالَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ: اللهُمَّ أَنْتَ عَبْدِي وَأَنَا رَبُّكَ، أَخْطَأَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ". [أخرجه: مسلم/ صحيحه].
في الحديث ترغيب للتوبة؛ وذلك أنّ  الله تعالى أفرح بها من عبد أدرك عافية الحياة بعدما أيقن دنو الأجل.
الأدب الرابع: الفرحُ والبشر عند قدومِه:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُبَشِّرُ أَصْحَابَهُ: "قَدْ جَاءَكُمْ رَمَضَانُ، شَهْرٌ مُبَارَكٌ، افْتَرَضَ اللهُ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ، تُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ، وَتُغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَحِيمِ، وَتُغَلُّ فِيهِ الشَّيَاطِينُ، فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا فَقَدْ حُرِمَ" [صحيح، أخرجه: أحمد/ مسنده].
قال ابن رجب: "كيف لا يبشر المؤمن بفتح أبواب الجنان؟! كيف لا يبشر المذنب بغلق أبواب النيران؟! كيف لا يبشر العاقل بوقـتٍ يغل فيـه الشيطان؟! من أين يشبه هـذا الزمان زمان؟".
وفيه استحباب تعجيل البشرى للنّاس بما يحبون، وتهنأتهم بقدومها، قال ابن رجب الحنبلي في لطائف المعارف: "قال بعض العلماء: هذا الحديث أصل في تهنئة الناس بعضهم بعضاً بشهر رمضان".
الأدب الخامس: العزمُ الصادقُ على اغتنامِهِ وعَمَارةِ أوقاتِهِ:
وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «اطْلُبُوا الْخَيْرَ دَهْرَكُمْ، وَتَعَرَّضُوا نَفَحَاتِ رَحْمَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَإِنَّ لِلَّهِ نَفَحَاتٍ مِنْ رَحْمَتِهِ يُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ، وَسَلُوا اللَّهَ أَنْ يَسْتُرَ عَوْرَاتِكُمْ، وَأَنْ يُؤَمِّنَ رَوْعَاتِكُمْ».
عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ، رضي الله عنه قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "يَا شَدَّادُ بْنَ أَوْسٍ إِذَا رَأَيْتَ النَّاسَ قَدِ اكْتَنَزُوا الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ فَاكْنِزْ هَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الثَّبَاتَ فِي الْأَمْرِ، وَالْعَزِيمَةَ عَلَى الرُّشْدِ، وَأَسْأَلُكَ شُكْرَ نِعْمَتِكَ، وَحُسْنَ عِبَادَتِكَ، وَأَسْأَلُكَ قَلْبًا سَلِيمًا وَلِسَانًا صَادِقًا، وَأَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ مَا تَعْلَمُ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا تَعْلَمُ، وَأَسْتَغْفِرُكَ لِمَا تَعْلَمُ وَأَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ"[الطبراني/ الدعاء].
وعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، أَنَّ رَسُولَ صَلَّى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ بِيَدِهِ، وَقَالَ: «يَا مُعَاذُ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّكَ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّكَ»، فَقَالَ: "أُوصِيكَ يَا مُعَاذُ لَا تَدَعَنَّ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ تَقُولُ: اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ، وَشُكْرِكَ، وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ"[ صحيح، أخرجه: أبو داود/ سننه].
وعن حُذَيْفَةَ قَالَ: لَأَجْتَهِدَنَّ اللَّيْلَةَ فِي الدُّعَاءِ قَالَ: فَأَخَذَتْهُ رِقَّةٌ، فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى شَيْءٍ قَالَ: فَسَمِعَ قَائِلًا يَقُولُ: "قُلِ: اللَّهُمَّ رَبَّنَا، لَكَ الْحَمْدُ كُلُّهُ، وَبِيَدِكَ الْخَيْرُ كُلُّهُ، وَإِلَيْكَ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ عَلَانِيَتُهُ، وَسِرُّهُ، أَهْلٌ أَنْ تُحْمَدَ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا أَسْلَفْتُ مِنْ ذُنُوبِي، وَاعْصِمْنِي فِيمَا بَقِيَ مِنْ عُمُرِي، وَارْزُقْنِي أَعْمَالًا زَاكِيَةً تَرْضَى بِهَا عَنِّي" [أخرجه: عبد الرزاق/ مصنفه]. والحمد لله رب العالمين.

 

 

 

رابطة علماء المسلمين

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع