إدراك
تصدير المادة
المشاهدات : 3096
شـــــارك المادة
أكد وزير النفط الإيراني “بيجان نامدار زانجانه” أن إيران قامت بمضاعفة إنتاجها من النفط بشكل فاق كل التوقعات بحيث تمكنت من تجاوز حاجز 3.8 مليون برميل يومياً وهو بذلك يكون قريباً من الحدود التي كان عليها الانتاج الإيراني في أوائل عام 2012 قبل فرض العقوبات الأخيرة.
وبالتأكيد سيضر هذا الانتعاش ببقية المنتجين حول العالم، والذين يحاولون التأقلم مع الفائض الشديد في إمداد الطاقة في العالم عدا عن القلق الذي بات يتملك خصوم إيران السياسيين في الخليج والذين باتوا يشعرون بالقلق من النشاطات الإيرانية المدفوعة بعائدات النفط الكبيرة.
دول الخليج محقة في قلقها هذا، فإيران استثمرت بالفعل بشكل كثيف في سوريا والعراق، وتحاول جاهدة توسيع انتشارها في المناطق الحساسة من الخليج بما فيها البحرين واليمن والمنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية. ولكن في الوقت الذي تسعى فيه إيران لتوسيع نفوذها وأعمالها السرية خارج حدودها، تجد طهران نفسها مضطرة إلى توجيه الانتباه نحو الثغرات الأمنية القابعة في الداخل الإيراني.
وكثيراً ما تقع هجمات داخل إيران لا يتم التبليغ عنها أو تمنع الصحف من تغطيتها، ومع هذا شهدت إيران حظاً وافراً من النشاط المسلح بشكل تمكنت معه بعض وسائل الإعلام من تغطية هذه الأحداث بشكل متفرق وفق ما أجملها موقع سراتفور.
ففي شمال غرب إيران حيث يتمركز الأكراد بشكل كبير، اشتبكت مجموعة من الأكراد الإيرانيين مع الحرس الثوري الإيراني في مدينة “شنو” يوم الأربعاء الماضي (15/حزيران 2016).
وسبق هذه الحادثة اشتباك في منطقة سردشت بين الحرس الثوري الإيراني والمتمردين الذين ينتمون إلى حزب الحياة الحرة لكردستان وهي الجماعة الكردية الإيرانية المرتبطة بحزب العمال الكردستاني التركي.
ويوم الإثنين (13/حزيران 2016) اشتبكت القوات الامنية الإيرانية مع مجموعة سنية متشددة “جماعة جيش العدل” في محافظة سبيستان – بلوشستان جنوب شرق البلاد.
ويوم الثلاثاء إدعت جماعة انفصالية “حركة النضال العربي لتحرير الأحواز” تمكنها من شل تدفق النفط من الأهواز إلى طهران من خلال مهاجمة خط أنابيب النفط في محافظة خوزستان الواقعة من المنطقة الجنوبية الغربية.
وامتدت الأحداث الأمنية في إيران لتشمل متمردي حزب العمال الكردستاني في شمال غرب إيران وصولاً إلى المتمردين السنة في جنوب شرق البلاد بالإضافة إلى المتمردين العرب في جنوب غرب إيران وبهذا غطت كثيراً من الأقليات المنتشرة على جميع أنحاء المناطق الحدودية في إيران، لكن الخبر السار للحكومة الإيرانية هو قدرة قواتها الأمنية على إدارة هذا الصراع إلى اللحظة هذه على الأقل لكن السؤال المقلق يدور حول إمكانية الاستمرار في هذا الأمر على المدى الطويل.
في مناطق سيستان و بلوشستان، تمكنت إيران في السنوات الأخيرة من إضعاف حركات التمرد الإسلامية من البلوش، ونجحت إلى حد نسبي في منع المسلحين من اختراق الحدود عبر باكستان. ومنذ اعتقال عبد الملك ريجيعام 2010 -مؤسس جماعة جيش العدل وجند الله- انخفضت الهجمات في المنطقة ومازال أعضاء المجموعة يحاولون إعادة تجميع صفوفهم.
بالنسبة لإيران فإن احتواء تمرد البلوش يحتاج لتعاون كبير مع باكستان التي تملك بدورها مشاكل خاصة مع الانفصاليين البلوش أيضاً، ومع ذلك لا يمكن وصف التعاون الإيراني – الباكستاني المشترك في هذا الموضوع بالجيد على الرغم من تشكيل المجموعات الانفصالية لتهديد مشترك لكلا الدولتين.
ولعل هذا يعود إلى ثقة إيران بامتلاك باكستان لعلاقات جيدة حتى الآن مع طالبان التي تتهمها طهران منذ الماضي بالتعاون مع خصوم إيران لتسهيل هجمات البلوش داخل إيران.
وفي الوقت الذي تحاول السعودية رسم تحالف إقليمي للسنة يضم باكستان في إطاره ستبقى طهران في خشية من تعاون باكستاني سعودي قد يفيد جماعة جيش العدل.
الصعوبة الأكبر لإيران كانت في إدارة الاضطراب في مناطق الأكراد حيث تدخل الكثير من التعقيدات هناك، خاصة مع محاولات أكراد سوريا في استغلال المعركة ضد داعش للحصول على كيان مستقل لهم والرفض التركي لهذا الأمر، بالإضافة إلى دخول حزب العمال الكردستاني في حالة حرب مع أنقره والتنافس الشديد بين تركيا وإيران في مناطق كردستان العراق.
هذا عدا عن النشاط العسكري الكبير في مختلف المناطق الكردية، وهو ما جعل مسألة دخول الأكراد الإيرانيين إلى معمعة الحرب هذه مجرد وقت ليس إلا، وتماماً كما كانت تستخدم إيران علاقاتها مع الجماعات الكردية في العراق وسوريا لإبعاد تركيا من هناك، من المنتظر أن تستخدم تركيا علاقاتها مع الأكراد الإيران ضد إيران.
محافظة خوزستان الإيرانية الواقعة على الحدود العراقية تمثل آخر نقاط الضعف في إيران، فالمنطقة تملك ما يتراوح ما بين 80 – 90 % من النفط الإيراني ومن المنتظر أن تحظى المنطقة باستثمارات كبيرة من أجل تطوير قطاع الطاقة بها. لكنها تضم في الوقت ذاته أقليه عربية تعرف باسم الأهواز، والتي تملك جماعات مسحلة نظمت عمليات عسكرية صغيرة الحجم ضد البنى الأمنية وقطاعات الطاقة في المنطقة بهدف تقويض الحكومة الإيرانية.
وخلال الربيع الماضي، اندلعت مظاهرات في خوزستان بعد انتحار بائع متجول احتجاجاً على مصادرة عربة كان يستخدمها لبيع الخضار في موقف مماثل لما حدث في تونس عام 2011 واعتبر شرارة لاندلاع الربيع العربي.
تشهد الأهواز حالات انتحار واحتجاج متفرقة احتجاجاً على الظروف الاقتصادية القاسية هناك. وتطالب حركة النظال العربي لتحرير الأهواز على دول مجلس التعاون الخليجي لإعلان الأهواز دولة عربية.
من وجهة نظر النشطاء الأهواز كانت منطقة خوزستان بمثابة البوابة الشرقية للفرس لغزو العالم العربي على مر التاريخ، وإن أرادت دول الخليج تأمين مستقبلها ضد التهديد الإيراني ستكون بحاجة شديدة لدعم الإنفصاليين الأهواز. وسبق للنواب في كل من البحرين والكويت أن تقدموا في ديسمبر 2015 بمقترحات برلمانية لأجل الاعتراف بالأهواز كدولة عربية محتلة لكن هذه المقترحات لم تتجاوز الدعم الخطابي للعرب الأهواز.
تترقب إيران وكذلك العالم كيف ستتصرف دول المحيط، وإذا ما كانت تركيا ستؤجج النيران في كردستان الإيرانية وإذا ما كانت باكستان ستنضم لحلفائها الخليجيين وتسهل عودة المتشددين البلوش ومهاجمة إيران. وبشكل عام تمكنت إيران من ضبط التوتر الداخلي ومحاولات الانفصال لكنها آخذة بالتزايد وقد تؤثر المنافسة الإقليمية في تكثيف فرص الإنفصاليين خاصة وأن إيران تملك الكثير من الخصوم المستعدين لإذاقتها من نفس الكأس التي أذاقتهم بها سابقاً.
باسل الحاج جاسم
زمان الوصل
صالح النعامي
نجوان الأشول
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة