حذام زهور عدي
تصدير المادة
المشاهدات : 2669
شـــــارك المادة
لا أظن أن كاتباً عربياً أو غير عربي لم يكتب خلال هذين اليومين عن معارك حلب، كلٌا وفق وجهة نظره، والحقيقة أن السوريين لايهمهم كثيراً أن يحلل بعضهم الأحداث من خلال تقاسم النفوذ الروسي- الأمريكي، ولا إن كانت السياسة الأمريكية تظهر الشماتة أو تُضمرها ببوتن وغطرسته، بعد أن رأت في حلب بداية مستنقع أفغانستان أخرى، ولم يعد السوريون يهتمون بوقاحة لافروف وحقده العجيب الغريب على الكتلة السورية حاملة المشروع التحرري، ووصف من يقودونها بأوصاف أقلها أنهم "أوغاد وأشرار ومنافقون"، أوصاف تليق به بجدارة ودون مبالغة، ولا بتصريحات ديموستورا ومشاريعه، لقد غسل السوريون أيديهم منهم جميعاً، ولم يعودوا مهتمين إلا بمتابعة ما يجري على الأرض السورية والحلبية بخاصة من تلاحم فيما بين الفصائل المقاتلة من جهة و بينها وبين الأهالي من جهة أخرى، أطفالاً ونساءً ورجالاً كباراً أو عجزة.
السوريون اليوم أينما كانوا على الأرض السورية أو في المنافي والشتات، في المنازل أو المخيمات يتابعون بسعادة نسوها منذ سنوات أربع، حرب التحرير الشعبية بأجمل صورها، ذلك الشعار الذي سمعوا عنه منذ النكبة الفلسطينية والذي اجتث به الاستبداد أجمل مثقفيهم ومناضليهم ونخبة شبابهم، دون أن يلمسوا منه شيئاً أو يطابقوا بين مفرداته وواقعهم، اليوم يعيشونه مع ثوار حلب، ولم يعد يهمهم إن حُررت حلب اليوم أوبعد بضعة أيام أوحتى شهور إنما المهم أن الشعب عرف طريقه وأن الخطوة الأولى في طريق الألف ميل قد بدأت. وعلى بوتين وطاقمه منذ اليوم أن يعد خسائره وعلى الغرب أن يتفرج شامتاً به على حساب الدماء السورية. وعلى الأمم المتحدة أن تتخذ القرارات اليوم لترميها غداً في سلة المهملات، وتعود كثور السواقي تفتش عن قرارات جديدة تقدمها للإعلام لإنقاذ ماء وجهها المراق.
لم يستطع بوتين ونظامه فهم الحالة السورية، ولم يعرف دلالة ظواهر المقاومة الشعبية السورية لاحتلاله وللاحتلال الإيراني- الأسدي معه، واستمر إعلامه يصف الثوار بالإرهابيين ليبرر لشعبه وللرأي العام العالمي وحشية اعتداءاته على الشعب السوري، بالرغم من أنه ابن المدرسة التي تاجرت طويلا بمفهوم حرب التحرير الشعبية، لكنَ تلك المدرسة لم تُنتج في بلاده إلا مافيات الفساد والتسلط والاستبداد القروسطي، التي صدروها إلى بلدان كانت تتوسم بتحالفها معهم حلولاً لمشاكلها التنموية والتحررية، فهل سقوط طائرته ومقتل طياريه جعله يستفيق من أوهامه وأحلامه القيصرية؟؟ هل افتتحت حرب التحرير الشعبية الحلبية سجل خسارته؟ وقطعت طريق خارطة الحل السوري الذي رسمه مع الزميل العزيز الأمريكي وكأنهما يعيدان الرواية الروسية المشهورة "الأخوة الأعداء" إنهم أعداء في كل مكان من الكرة الأرضية، وأخوة في سورية فقط.. يا لَحظ السوريين العاثر منهما.
لم يُخف وزير دفاع بوتين نبأ سقوط الطائرة وموت طاقمها الخمسة، بل أراد أن يسبق إعلام الثورة السورية بتبليغ الشعب الروسي بالخبر، ليكسب المصداقية المشكوك بها عندهم، ويفبرك أسباباً إنسانية لمهمتها يستدر من خلالها تعاطف شعبه والعالم معه، فهو وإعلامه متأكدون من أن الشعب الروسي يأخذ أخباره تسريباً من المعارضة السورية ليعرف أوضاع سلامة أبنائه أو عدمها، وحتى لا تتزلزل قناعة جمهورهم بهم كان رد فعلهم شديد القسوة على إسقاطها كما هو متوقع، ولأنه لايستطيع أن يمارس على الثورة السورية ما مارسه على تركيا الدولة ورئيسها، صبَ جام غضبه على المدنيين الذين سقطت الطائرة بين ظهرانيهم، فوجه سلاحه البحري والجوي وصواريخه المحرمة المعدة لحرب دول عظمى لتدمير الأخضر واليابس في القرية التي احتفل أهلها بالتخلص من أخطر سلاح ارتكب المجازر بحقهم ليل نهار وما زال، مستبيحاً سماء خالية ممن يواجهه وقاصفاً شعباً جرده المجتمع الدولي من أي سلاح يدافع به عن نفسه. إن رد فعل القيادة الروسية ذاك، والذي كان لايقدر مستوى التوحش والاستهتار بحياة السوريين المدنيين والحقد على بشريتهم، يضعف حجة استنكار سحل جثة الطيار " والتي أعلن رفضهم لها، معظم الثوار والنخبة السورية المثقفة" بالمقارنة مع التوحش الروسي السابق واللاحق .فهل انتظر بوتين أن يستقبل السوريون من يُذيقهم فنون العذاب بالورود والياسمين كما يُدجَل على شعبه؟!.
لم ترتعد فرائص بوتين لإسقاط الطائرة فقط إنما أصابته الرعدة لانكشاف موقفه أمام الشعب الروسي، وهو الذي وعدهم بأن يعود جنودهم لهم سالمين، فسورية ليست أكثر من حقل تجارب لهم، لكن شعبه يكشف اليوم مدى كراهية السوريين لما يفعل بهم، ومدى إصرارهم على تحررهم منه ومن عصابته، والسوريون على ثقة تامة بأنهم إن استطاعوا بأساليبهم البسيطة أن يُكبدوا بوتين خسائر أكثر- وهم سيستطيعون- فسيتزلزل عرشه القيصري وسيهزم ويولي مع طاقمه الأدبار. منذ أن قرر بوتين دخول معارك التحرير السورية محتلاً وغازياً ومناصراً لعصابة آثرت قتل شعبها على إصلاح أمرها والسماح لهواء الحرية أن يداعب أنوفه، مذاك والكتَاب عرباً وغرباء يتوقعون له الهزيمة، وهاهي ساعة الحقيقة دقت وبدأت بوادر هزيمته، وعليه أن يُعد العدة منذ الآن لمسرح آخر يقدم فيه لشعبه مسرحية أخرى بطلها بوتين العظيم الذي سيعيد أمجاد القياصرة العظام قافزاً إلى الوراء مئتي سنة فوق الزمن.
أورينت نت
مأمون فندي
أيمن هاروش
عبد العزيز كحيل
محمود عثمان
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة