..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

هل تستطيع المعارضة السورية التكيف مع المتغيرات السريعة؟

حازم عياد

١ ديسمبر ٢٠١٦ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 2608

هل تستطيع المعارضة السورية التكيف مع المتغيرات السريعة؟
1d48f461eb0363a4d463302b71a61d64_L.jpg

شـــــارك المادة

لم تكتف وسائل الإعلام الروسية بنقل خبر الاتصال الهاتفي بين بوتين وأردوغان دون أن تقدم توضيحا لحقيقة الاتصالات الهاتفية التي تبعت الهجوم الجوي على جنود أتراك بالقرب من مدينة الباب السورية، مشيرة إلى أن الرئيس الروسي نفى تورط موسكو بالهجوم، وذهبت تحليلات أخرى إلى القول إن "الهجوم شنته قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة الامريكية لصالح حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي PYD".
وأضافت أخرى أنها محاولة للإطاحة بالتقارب الروسي التركي، معززة ذلك بالقول إن الانفجار الحاصل في الحسكة وإصابة جنود أمريكان وبريطانيين جاء على خلفية حادثة مقتل الجنود الأتراك الغامضة.
من ناحية أخرى لم تنف وسائل إعلام أخرى إمكانية تورط إيران والنظام السوري بالهجوم، ملمحة إلى وجود تباينات في الرؤية بين روسيا وإيران، وملوحة من طرف خفي بإمكانية اتمام بعض صفقات التسلح مع إيران بما فيها ميغ 35، بل تناولت أيضاً تصريحات قائد سلاح البحرية الإيراني بكثير من الأسئلة حول إمكانية إنشاء إيران مستقبلا قواعد بحرية في اليمن وسوريا.
مشيرة إلى أن موسكو لم تعلق على هذه التوجهات التي سترفضها القوى الغربية والعربية والكيان الإسرائيلي؛ فالمساومات السياسية والتحالفات الاقليمية والدولية معقدة جدا، عاكسة بذلك تعدد اللاعبين والفاعلين السياسيين وتعدد أهدافهم ومصالحهم وتضاربها.
ففي ظل عملية الرصد المتواصلة لتطور العلاقات التركية الروسية، يظهر القلق الأمريكي والإيراني بل الأوروبي الناجم عن إمكانية تحسن العلاقات التركية الروسية، وتداعياتها على سائر الملفات الاقليمية والدولية، سواء في شرق أوروبا وفي سوريا والعراق، وهو الأمر الذي حاول الإعلام الروسي الإشارة إليه أكثر من مرة بالتحذير من وجود أطراف تسعى لوضع العصي في دولايب العلاقات التركية الروسية.
الحل الأمثل بالنسبة لروسيا وتركيا كان بتكثيف الاتصالات المباشرة بين بوتين وإردوغان، إلا أن المخاوف والهواجس امتد تأثيرها نحو المعارضة السورية القلقة من تداعيات هذا التقارب على العلاقة بين تركيا والمعارضة السورية وعلى سير المعارك في مدينة حلب، أمر بدد بعض منه الإعلان القطري الالتزام بإمداد المعارضة السورية بالسلاح حتى لو غير الرئيس الأمريكي المقبل ترمب سياسته تجاه سوريا، مرسلة بذلك رسائل طمأنة إلى المعارضة السورية المسلحة.
لن تتوقف الأمور عن التفاعل في الساحة السورية والاقليمية والدولية حول حقيقة التقارب الروسي التركي، إلا أن دخول الأتراك كلاعب سياسي وميداني شمال سوريا من خلال عملية درع الفرات، والتقارب مع روسيا، أربك الخصوم والحلفاء، وفاقمه انتخاب ترمب رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية، مولدا الكثير من النشاط السياسي والميداني المرتبط بالتحركات التركية بشكل خاص وبالانتخابات الأمريكية، فالضغوط على تركيا تزداد يوما بعد يوم من مختلف الأطراف الاقليمية والدولية، بل من قبل الكيانات المعارضة والمسلحة في سوريا والعراق.
تفاعلات ستوضح اكثر معالم السياسة التركية، وستؤثر بقوة على طبيعة المعركة الدائرة في سوريا، فتركيا تخوض مسارا عسيرا من الممكن أن يسهم بدوره في إعادة تشكيل المعارضة السورية، بل في إعادة رسم خطوط التماس والقتال داخل الأراضي السورية.
مسار من الممكن أن يتولد عنه تحولات استراتيجية مهمة في المعادلة السورية، خصوصا إذا تماهت إدارة ترمب الأمريكية مع التحولات الميدانية، أمر سيبقى محل تساؤل بدوره في ظل تضارب المصالح التي يخلقها الكيان الإسرائيلي والطموحات الإيرانية.
من ناحيتها، فإن المعارضة السورية تمر بأصعب محطاتها؛ فهي أمام خيارات مكلفة ومعقدة في التعامل مع تركيا، ومع الواقع الميداني المتدهور، فالمتغيرات سريعة ومتذبذبة بشدة؛ ما يهدد تماسك المعارضة وقاعدتها المنقسمة والمتشرذمه أصلا، فالأمر كان وما يزال مرهون بقدرة المعارضة على تطوير عقيدتها السياسية والعسكرية وبنيتها السياسية والفكرية وأهدافها الاستراتيجية والتكتكية.
فالعقيدة العسكرية ما زالت شبه نظامية في خوضها للمواجهات المسلحة، متأثرة بفلسفة الانشقاقات العسكرية، ومبتعدة عن عقيدة قائمة على حرب العصابات، وعمليات الاستنزاف الطويلة والضرب في العمق لتشمل مناطق تواجد الخصوم، فالحرب في سوريا لم تنته كما العراق، وإنما تغيرت أطرافها لتشمل تشكيلة واسعة من الكيانات الدخلية والقوى الاقليمية والدولية المتنضاربة المصالح.
فالمواجهة في سوريا تغيرت فيها ومنذ زمن إشكال المواجهة وخطوط التماس والأطراف المنخرطة فيها والأهداف التي تسعى القوى المتصارعة لتحقيقها دون أن يطرأ تبدل جوهري على المعارضة السورية وبنيتها وتماسكها.
إمكانية تبدل الأهداف والأطراف المتصارعة والتحالفات إقليميا ودوليا سيترك آثارا عميقة على المعارضة السورية ما لم تتداركه وتتواءم معه سياسيا وعسكريا، بصياغة أهداف استراتيجية وتكتيكية تمكنها من المواءمة بين متطلباتها ومتطلبات الحلفاء الاقليميين؛ فالقدرة على التكيف تمثل المعضلة المزمنة والأكثر خطورة لتفوق في أهميتها التغيرات السريعة والمتذبذبة.
فعملية التكيف يقف أمامها العديد من العوائق المتولدة عن تشرذم المعارضة، وبروز كيانات فوضوية كداعش وحزب الاتحاد الديمقراطي، إلى جانب وحدات حماية الشعب الكردي، وغياب الإطار الفكري أو التنظيمي أو السياسي والعسكري الجامع.
فمصالح الدول الاقليمية تحدد اتجاهاتها بحسب موازين القوى وقدرة الأطراف المحلية في الساحة السورية على التكيف، وبدون ذلك فإن المعادلة ستصبح بالكامل بأيدي اللاعبين الاقليميين والدوليين، مغيبة بذلك المعارضة السورية وأهدافها التي تزداد غموضا وضبابية بزيادة قوة الفاعلين الاقليميين والدوليين في سوريا. 

 

 

 

 

 

السبيل

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع