محمد نور حمدان
تصدير المادة
المشاهدات : 3577
شـــــارك المادة
عندما قامت الثورة السورية كانت ثورة عفوية قام بها جموع الشباب المتحمس الذين طالبوا بدولة الحرية والعدالة والكرامة لذلك وصفت الثورة السورية بثورة الكرامة. وكانت رغبة الشباب الثائر منذ بداية الثورة هو تفكيك الأجهزة الأمنية ومحاسبة المتورطين في دماء الشعب وإقامة دولة الحرية والكرامة والمواطنة والقضاء على حكم العسكر الذي نهب ثروات البلاد والعباد. ونادى الشباب بشعارات الحرية والكرامة والسلمية في الساحات السورية وكانت هذه المطالب لا يمكن التخلي عنها أو التنازل عنها. إلا أن النظام المجرم سلط أجهزته القمعية وشبيحته على هذا الشباب الثائر ثم قام بمكره الخبيث من خلال إجبار الشباب على التسليح ليدافعوا عن أنفسهم وإخراج – الإسلاميين- من سجونه ليصور للعالم أنه يحارب الإرهاب ثم استجلب العصابات المرتزقة من مشارق العالم ومغاربها وأدخل سورية في نفق مظلم لا نهاية له. وبالرغم من كل المآسي والمصائب والتشريد والتهجير التي حلت على الشعب السوري والهولوكست والإبادة الجماعية التي لم يشهد لها التاريخ المعاصر مثيلا إلا أن الشباب الثائر بقي مصراً على مواقفه المطالبة بالحرية والعدالة والكرامة وأوصل رسالة للعالم أنه لن يتنازل عن هذه المطالب في مشهد أجبر الروس على الاعتراف به بأنه لولا تدخلهم سقطت دمشق منذ سنوات. الثورة السورية اليوم أمام مفترق طرق وأمام تآمر عالمي واضح ومفضوح أجبرت الثوار بالجلوس على طاولة المفاوضات. نحن نقدر مطالبنا كثوار وهو بناء دولة الحرية والعدالة والكرامة في سوريا وهذا المطلب كان حاضرا في وجدان كل سوري شريف قبل الثورة السورية وسيبقى حاضراً بيننا حتى نحققه على أرض الواقع. لكن في المقابل لا بد أن نقدر الظرف السياسي الذي نعيش به وحال الثورة السورية اليوم. لا بد من التفريق بين الثائر والسياسي فالثائر مطالبه واضحة ولن تتغير وسيبقى مجاهدا طوال عمره لتتحقق. أما السياسي فهو الذي يعاين الواقع بعيدا عن الآمال ويفكر تفكيراً منطقياً ويأخذ بالأسباب والمسببات ويوازن بين القوى الموجودة والمتوفرة سواء كانت قوى بيده أم كانت قوى صديقة ومتحالفة أم كانت قوى عدو ويقدّر المناطق التي بيده التي يستطيع الصمود فيها ومقدار تحمل البشر في هذه المناطق وصمودهم وبعد هذه المعاينة يتصرف ويفاوض ويقبل ويرفض ومن المهم أن يكون هؤلاء السياسيون من الكوادر التي أفرزتها الثورة السورية حتى يصل إلى حل سياسي يحاول أن يتجنب فيه أقل الخسائر أو يحقق فيه أكبر المكاسب. وإن رجعنا إلى السيرة النبوية وجدنا كيف كان الرسول صلى الله عليه وسلم يتفاوض مع أعدائه في الكثير من الأمور بالرغم من أن الصحابة قد يكون لهم رأي آخر في هذه المعاهدات والاتفاقيات وإن أشهر المعاهدات التي عقدها الرسول، صلى الله عليه وسلم، معاهدة الحديبية مع كفار مكة، وتلك المعاهدة كان لها أهمية سياسية كبيرة، إذ كانت هي المفتاح لفتح مكة المكرمة، وإخضاع جزيرة العرب بأكملها لسلطان الإسلام. وقد ظن بعض الصحابة أن هذه المعاهدة هي إعطاء الدنية في الدين ورضى بالذل لكن الله ورسوله أراد أن يعلم المسلمين درساً في المعاهدات والاتفاقيات والصبر على حصد النتائج. وعاهد النبي صلى الله عليه وسلم، بعض العرب خارج المدينة لأهداف تتعلق بمصلحة المسلمين، ونشْر الإسلام، وتأمين الطرق. فقد عاهد الرسول، صلى الله عليه وسلم، بني مدلج، وبني ضمرة، ليؤمّن الطرق التي يسلكها جيشه لمحاربة عدوّه. وعاهد مجوس هجر من جهة البحرين، على عدم الاعتداء. وبقيت تلك المعاهدة إلى عهد عمر، رضي الله عنه. فصبراً أيها الثوار على ساستكم فإن طموحاتكم مشروعة ولكن هذه الطموحات تحتاج إلى وقت لإقناع الناس بمشروعكم الثوري وبمطالبكم وتحتاج إلى عمل لتحقيقها. وابتعدوا عن لغة التخوين فالسياسي لا بد أن يعمل على حسب الواقع والمعطيات المتوفرة عنده وما يستطيع تحقيقه اليوم قد يعجز عن تحقيقه غدا وهذا ما شاهدناه طوال الثورة السورية فلو استثمرنا الفرص التي ضاعت من أيدي الثوار لكان حالنا أفضل مما هو عليه اليوم ولكن قدر الله وما شاء فعل. الرحمة لشهدائنا والنصر لثورتنا بإذن الله.
نور سورية
طارق الحميد
إسماعيل ياشا
حسن أبو هنية
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة