محمد الحسن
تصدير المادة
المشاهدات : 3330
شـــــارك المادة
منذ تشرين الثاني (نوفمبر) 2015، عندما استعادت قوات جيش نظام الأسد مطار كويرس العسكري وأصبحت على بعد عشرة كيلومترات فقط جنوب مدينة الباب، وأبواب الصراع مفتوحة على مصراعيها حول من يسيطر على هذه المدينة الاستراتيجية التي شغلت تفكير الأتراك والإيرانيين والكرد، ومن ورائهم دولتان عالميتان هما روسيا وأميركا، حتى بات الزحف بالأمتار لكل جهة يعني إمكاناً أكبر للسيطرة على المدينة.
في الإعلام لا نرى سوى أخبار وتقارير عن تقدم المعارضة المدعومة من تركيا «درع الفرات» وعلى الطريقة القذافية «بيت بيت، زنقة زنقة» ضد «داعش»، لكن على الأرض هناك تطورات أخرى توضحها خريطة الصراع التي بدأت تتضح لتشكل خطوط تماس قد تكون مرهقة ومكلفة للمعارضة السورية رويداً رويداً. في نظرة واقعية على جغرافيا الأرض، سنجد أن جيش الأسد استولى ما بين كانون الثاني (يناير) وآذار (مارس) على المنطقة الواقعة بين حلب وكويرس، وأغلق في الوقت ذاته ممر أعزاز الواقع شمال حلب بمساعدة الميليشيات الشيعية والقوات الكردية، على رغم عدم وجود تأكيدات ما إذا كان الأكراد ينسقون مباشرة مع النظام بأي شكل من الأشكال أو مجرد يقاتلون عدواً مشتركاً، ولكن النتائج من هجماتهم المتزامنة واضحة.
مَن صديق مَن؟ ومَن عدو مَن؟ وهل من عدو مشترك بين القوات المتناحرة في تلك المنطقة الجغرافية من سورية؟ لا يزال غير واضح أمام تعقيدات السياسة الدولية التي ترسمها مصالح الدول العظمى، مع إبقاء بعض «الفُتاة» للدول لإقليمية لتتنازعها في ما بينها، ليس رغبة بتوسيع نفوذ ما، لكن في الحفاظ على أمن قومي بات مهدداً بالضياع في دهاليز السياسة الدولية التي يتم رسمها منذ بدأت الأزمة في سورية، وشكلت هذه التناقضات على صعيد الأرض والمفاوضات وهدير المنابر في قاعات المؤتمرات. بات من المؤكد أنه ثمة مصلحة للنظام وحلفائه في السيطرة على «الباب» قبل قيام «درع الباب» الذين تدعمهم تركيا في السيطرة على المدينة، وعلى رغم أنباء كان نقلها معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى من تفاهمات عسكرية تركية - سورية تمت في بغداد في وقت سابق من العام 2016، إلا أنها «دمشق وأنقرة»، لا تزالان تتنافسان في ما يتعلق بالمصير العام لشمال سورية، والمتابع لخريطة المنطقة سيرى أنه إذا ما استولى الثوار على مدينة الباب فإنهم لن يشكلوا تهديداً لحلب فحسب، بل يمكنهم أيضاً انتهاز فرصة تراجع تنظيم «داعش» للتقدم نحو الرقة وأجزاء أخرى من وادي الفرات، وهذا سيضعف من الوجود الإيراني والسوري في المنطقة، لكن أيضاً من الناحية الرمزية يعد السماح للثوار بالسيطرة على «الباب» بينما يتمركز الجيش النظامي على بعد بضعة كيلومترات «علامة ضعف»، فالمدينة قد تقع في قبضة النظام بسهولة نسبية، كما حدث في تدمر عندما تخلت قوات تنظيم «داعش» بشكل أساس عن المدينة قبل فترة وجيزة من تطويق الجيش لها، وهذا أضعف الإيمان لما يمكن القيام به من النظام والميليشيات، لكن في المقابل هناك سيناريو آخر قد يكون أسهل للنظام السوري من حيث السماح لـ«قوات سورية الديمقراطية» بالسيطرة على الباب، في تسوية هشة يتيح لهم الإحساس بالانتصار لبعض الوقت كما فعل في مناطق جغرافية أخرى في سورية.
فالنظام كلما وجد ضعفاً في عدم قدرته على إمساك الأرض سلمها إما للكرد أو لـ«داعش» ريثما يتم التخلص من العدو الأساس والمشترك، ألا وهو المعارضة السورية المسلحة، التي تعد الخطر الحقيقي عليهم. ما يفكر به النظام اليوم قد يكون في ممر صغير، أي ممر كردي واقعي، تسيطر عليه هذه القوات يمتد من منبج إلى الباب وإلى عفرين أن يكون بمثابة حاجز دفاعي شمال حلب، وربما يردع المتمردين الموالين لتركيا عن مهاجمة الجيش السوري من جهة، ويشكلون رأس حربة أمامهم من جهة أخرى ليدفع بصراع تركي (سوري معارض) - كردي على تلك المنطقة في سبيل إضعاف هذه الفصائل ثم إتمام مصالحات مستقبلية على أنقاض من يتبقى، كما أن تسليم النظام السوري «الباب» لقوات سورية الديموقراطية سيقدم خدمة للإدارة الأميركية الجديدة بقيادة دونالد ترمب، التي تريد الخروج من مأزق دعم الكرد عسكرياً أمام تعنت تركي تحت حجة محاربة الإرهاب، وهكذا سيحصل الأسد بالتأكيد على ورقة رابحة قد تكون حصان طروادة الذي يعيده لاعباً أساساً مع الكرد في محاربة «داعش» على حساب المعارضة السورية التي تدعمها تركيا.
صحيفة الحياة
حيان جابر
حسين شبكشي
زهير سالم
سلامة كيلة
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة