أسرة التحرير
تصدير المادة
المشاهدات : 8075
شـــــارك المادة
أصدر مجلس الفتوى في هيئة تحرير الشام يوم الثلاثاء 9 أيار/ مايو 2017 بياناً أوضح من خلاله الموقف "الشرعي" للهيئة من التطورات والمستجدات الأخيرة حيال الثورة السورية؛ حسب عنوان البيان. تضمن البيان نقاطاً عديدة، أولها اعتبار مؤتمر الأستانة خيانة للثورة السورية ودمائها وتضحيات أبنائها، معتبراً أن الاتفاق حقق مصالح كافة الدول باستثناء الثورة السورية، وتابع البيان ليشير إلى "تحركات" على الحدود السورية للدخول إلى السورية (في إشارة إلى تركيا)، موضحاً أن هذه التحركات تقوم بها "زمرة من فلول الفصائل المفسدة التي ارتضت قياداتها الولاء للمشاريع الدخيلة على ثورة أهل الشام وجهادهم، حيث يتجهز هؤلاء للانقضاض على ما تبقى من مناطق الثورة والجهاد انسجاماً مع مقررات أستانة". وأشار البيان إلى أن "تغيير المسميات" لا يغير من الحقائق شيئاً، وإن أهل الشام لن ينخدعوا بتلك الشعارات البراقة التي تحاول خداعهم. وانتقل البيان بعد ذلك من التلميح إلى التصريح، حيث اعتبر الموافقة على مؤتمر أستانة والرضا بها خيانة لله ولرسوله وللمؤمنين، وتوعد من سماهم "فلول الفصائل المفسدة" بالحرب والقتال وبذل الغالي والنفيس لقتالهم والحيلولة دون عودتهم، وشمل الحكم الشرعي تلك الفصائل و "كل من يسمح لهم بالعمل تحت رايته، فكلهم سواء في الحكم". البيان شرعي وليس سياسياً: يحمل البيان تطوراً ملحوظاً وخطورة في بيانات القاعدة أو ما تفرع عنها من تغيير مسميات بتوقيعه باسم "مجلس الفتوى"، أي ليس بياناً عسكرياً أو سياسياً؛ وإنما فتوى ممهورة بمشايخ كانوا يدعون الاستقلال والاعتدال وينكرون تبعيتهم للقاعدة وفكرها رغم كل الدلائل التي كانت تشير لذلك قبل إعلانهم الرسمي الالتحاق بالاسم الجديد (تحرير الشام) وشرعنة كل ما يصدر عن الاسم الجديد للتنظيم. وهو يشير من ناحية أخرى إلى إضفاء صبغة شرعية وتهيئة عناصر الهيئة لتقبل قتال الفصائل التي تنوي الهيئة قتالها في الأيام القادمة، وقد بدأت بوادر ذلك بشكل غير مباشر، حيث نشر حساب باسم "فتوحات هيئة تحرير الشام" على برنامج تلغرام -وهو حساب يديره أشخاص منتمون لهيئة تحرير الشام- منشوراً عن فصيلي التركستان وجيش العزة، واعتبر المنشور أن جيش العزة يعمل تحت راية عمية، مستفسراً عما إذا كان مشروع جيش العزة إسلامياً أم أنه سيرضى بالحكم العلماني, وقد اعتبر ناشطون أن هذا التلميح يشير إلى إمكانية أن يكون جيش العزة ضمن قائمة الفصائل الممكن استهدافها من فتح الشام أو "هيئة تحرير الشام".
تغيير المسميات لا يغير الحقائق: النقطة الثانية التي وردت في البيان، ولقيت انتقاداً واسعاً من قبل الناشطين، هي "تغيير المسميات لا يغير الحقائق"، هذه الجملة ذكرها مجلس الفتوى في البيان في معرض حديثه عن مخرجات مؤتمر أستانة، ولكن تساءل ناشطون: وماذا عن تغيير اسم جبهة النصرة إلى "فتح الشام" ومن ثم إلى "هيئة تحرير الشام" وزعمها فك ارتباطها بالقاعدة؟ رغم أن أفعالها وتصرفاتها بحق الثورة والفصائل لم تتغير رغم تغير المسميات؟!. خصوصاً وأن النصرة تعمل منذ سنوات على تنصيب نفسها وكأنها الحاكم على الشعب والثورة، تخوّن من تشاء وتعلن الحرب على من تشاء، ويكفي أن تصف الفصيل الذي تريد أن تبغي عليه بـ "الولاء للكافرين" تلك العبارة التي تعني في عرف القاعدة "الردة" ما يعطي الحرية المطلقة للقضاء عليه دون رادع، واعتباره قتالاً للمفسدين في الأرض، وهذا ما قامت به مع 13 فصيلاً من فصائل الجيش الحر، ليس آخرها جيش المجاهدين وتجمع فاستقم وصقور الشام. إعلان حرب على الفصائل: كما يحمل البيان في طياته تكفيراً وتخويناً للفصائل التي ذهبت إلى مؤتمر الأستانة، مع العلم أن تلك الفصائل رفضت مقررات المؤتمر وانسحبت من الجلسة الختامية، واعتبرت نفسها غير معنية بما صدر عنه من مقررات. ومع ذلك اعتبرتها الهيئة في بيانها "فاسدة"، إذ يكفي -في دستور فتح الشام- حضور تلك المؤتمرات أو مجرد الجلوس مع "الكفار" ليصبح الفصيل مرتداً، مع العلم أن وفداً للهيئة أجرى عدة اجتماعات في الدوحة من أجل اتفاق ما بات يُعرف "المدن الأربعة" وجلساته تلك كانت مع من يعتبرهم "كفاراً وطواغيت"، كما وردت أنباء عن وصول وفد من هيئة تحرير الشام إلى تركيا للتباحث حول التدخل التركي المرتقب في إدلب. ومع كل ذلك لم يسمع أحد أن فصيلاً من الفصائل اتهمت هيئة تحرير الشام أو النصرة بالردة أو الكفر أو "الخيانة" لمجرد جلوسها ومفاوضتها لمن تعدهم "كفاراً". وقعت بما أنكرته على جيش الإسلام: والرسالة الصريحة والتهديد المباشر الذي وجهته الهيئة في ختام بيانها إلى من سمتهم "الفصائل المفسدة" بالاستئصال والقتال، ينذر بوضع خطير وكارثي يحيق بالساحة السورية، إذ أثبتت السنوات الماضية أن كل بيان أو حدث من هذا النوع يكون وراءه عملية عسكرية للقضاء على إحدى الفصائل السورية. وليس بخافٍ على أحد الوضع الخطير الذي تعاني منه الجبهات ضد نظام الأسد، وبالتالي فإن استئصال هيئة تحرير الشام لفصيل من الفصائل لن يؤدي إلا إلى زيادة النزيف على الجبهات، والساحة لا تحتمل المزيد، مع العلم أن هيئة تحرير الشام "وشرعييها" عابوا على جيش الإسلام حملته الماضية في الغوطة بحجة أن استئصال بعض الفصائل هناك سيؤدي إلى فراغ في الثغور وعلى الجبهات لن يستطيع أحد أن يسده، فهل تفعل هيئة تحرير الشام ما عابته على جيش الإسلام قبل أيام؟!
صورة البيان:
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
محمد العبدة