عبد الله العنزي
تصدير المادة
المشاهدات : 3267
شـــــارك المادة
من أسباب القيام بأعمال القلوب: 1 – كثرة الدعاء والتضرع إلى الله، وإظهار الفاقة والافتقار إليه جل وعلا باستصلاح القلوب. ويكون ذلك: أ – بدعائه جل وعلا بتطهير القلب من أمراضه، ومن أدران الذنوب والمعاصي والشهوات والشبهات. ب – بدعائه جل وعلا بملء القلب إيماناً وتقوى وسائر أعمال القلوب التي يحبها الله ويرضاها. فدعاء الله تبارك وتعالى من أهم وأعظم أسباب استصلاح القلوب؛ إذ هو رب القلوب ومالكها ومقلبها ومصرفها، فلا مانع لما أعطى ولا معطي لما منع ولا ينفع ذا الجد منه الجد. قال تعالى: {وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ}... النعم الدينية والدنيوية والحسية والمعنوية، الظاهرة والباطنة، كلها بيد الله جل وعلا. وقال جل شأنه: {مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [فاطر:2]. وفي الحديث القدسي "يا عباد كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم"(1) ويقول مطرف بن عبد الله بن السفير رحمه الله تعالى: [تذاكرت ما جماع الخير، فإذا الخير كثير الصيام والصلاة، وإذا هو في يد الله عز وجل، وإذا أنت لا تقدر على ما في يد الله إذا أن تسأله فيعطيك، فإذاً جماع الخير في الدعاء] 2 – ينبغي للمربي الصادق الذي يريد أن يصل إلى مرتبة الربانية أن يتعلم (علم أعمال القلوب)؛ إذ هو من أجَلِّ العلوم لأنه من العلم بالله جل وعلا. وأن يتعلم كذلك (أمراض القلوب) ومداخلها وكيفية علاجها. ومما يساعد على تعلم هذا العلم عدة نقاط، منها: أ – الإكثار من الدروس والمحاضرات التي تُعنى بأعمال القلوب حضوراً وسماعاً. ب – الإكثار من قراءة الكتب والكتيبات والمقالات والنشرات التي تُعنى بأعمال القلوب؛ ومن ذلك كتب شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم وابن رجب وغيرهم من السلف والخلف. جـ - عقد دورات وندوات في كيفية تعلم هذا العلم وتعليمه. فكما أن هناك دورات تدريبية وندوات تعليمية لتعلم بعض العلوم وإتقانها؛ فلا شك أن هذا العلم لا يقل أهمية عن غيره من العلوم الشرعية، إن لم يكن الناس أحوج إليه من غيره من العلوم. د – أن توضح مناهج ومقررات دراسية في (علم أعمال القلوب) على منهاج أهل السنة والجماعة في المدارس الحكومية، والحلقات والمعاهد والجامعات. وأن يشاد بهذا العلم، ويبين أهميته ومكانته في الدين؛ ليزول اللبس عند كثير من الناس سواءً طلاب أو دارسين أو غيرهم في ظنهم أن أعمال القلوب من فضائل الأعمال، وليست من الواجبات، حينها يرجع هذا العلم إلى مكانته الحقيقية اللائقة به في منظومة علوم الشريعة الإسلامية، كما كانت عند السلف الصالح رحمهم الله. 3 – ينبغي للمربي أن يكون حَذِراً حَذَراً تاماً من أمراض القلوب، فلا يهمل قلبه بل يراقبه مراقبة دائمة لئلا يتسلل إليه من حيث لا يشعر؛ فإن هذا كان دأب السلف الصالح من الصحابة والتابعين. قال عبد الله بن أبي مُليكة: [أدركت ثلاثين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كلهم يخاف النفاق على نفسه] (2 ). وإن وَجَدَ المربي – لا قدر الله – آفة في قلبه فعليه أن يبادر بعلاجها لئلا تتجذر في قلبه فيطول علاجها أو تصبح مرضاً مزمناً يصعب دواؤه نسأل الله العفو والعافية. فأمراض القلوب ومعاصي الجوارح مما تضاد أعمال القلوب، فهي إما أن تغلب أعمال القلوب فتعطل عملها وأثرها على القلب، وإما أن تزاحمها فتضعف عملها وأثرها؛ وذلك حسب قوة مرض القلب أو ضعفه. فتنقية القلب وتطهيره من أمراضه من الواجبات؛ كي يكون القلب مهيأً للقيام بالعبادات القلبية دون كدر أو تنغيص. ولأهمية هذه النقطة سوف أفرد لها عنواناً خاصاً بإذن الله. 4 – تربية الناشئة من ذكور وإناث على أعمال القلوب كما يربون على أعمال الجوارح، ومتابعتهم في ذلك عند صغرهم وحال كبرهم؛ لينشأ عليها الصغير ويهرم عليها الكبير. فمثلاً يعلم الصغير أن الإخلاص لله جل وعلا شرط في قبول الأعمال، وأن العمل الذي لا إخلاص فيه لا يقبله الله. كما يعلم أن جميع العبادات لا بد أن يكون لها أركان ثلاثة، هي: المحبة والخوف والرجاء. فأي عبادة لا بد أن تتوفر فيها هذه الأركان، وأن يكون المحرك للقيام بهذه العبادات محبة لله وخوفاً منه ورجاء لما عنده. وكذلك عندما يعلم الصغير كيفية الصلاة ووجوب المحافظة عليها، كذلك يعلم كيفية الخشوع وأسبابه، ويعلم أن ليس له من صلاته إلا ما خشع فيها. وعندما يعلم الصغير كيف يقرأ القرآن ويحفظه، يعلم وجوب الإخلاص في ذلك، كما يعلم كيف فضل تلاوة القرآن وحفظه والخشوع في القراءة وتدبر الآيات. وهكذا في سائر العبادات البدنية يعلم الصغير ويربى على ما يرتبط ويتعلق بها من عبادات قلبية. 5 – مصاحبة أهل التقى والفضل؛ الذين رؤيتهم ومجالستهم تذكر بالله جل وعلا. روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: (لولا ثلاث لما أحببت البقاء: لولا أن أحمل على جياد الخيل في سبيل الله، ومكابدة الليل، ومجالسة أقوام ينتقون أطايب الكلام كما ينتقى أطايب الثمر) 6 – قراءة سير الصالحين وأولياء الله المتقين؛ للتعرف على أحوالهم وأقوالهم وأعمالهم، والاقتداء بآثارهم. فيرى المربي في مجالسة أهل الفضل والتقى، وقراءة سير الصالحين تطبيقاً عملياً لما تعلمه من أعمال القلوب؟ فيرق قلبه وتصفو نفسه وتعلو همته، فيجد لذلك أثراً على سلوكه وأحواله. (يتبع) ------------------- (1) رواه مسلم (2577). (2) رواه البخاري في تاريخه (5/137) وسنده حسن.
يوسف القرضاوي
محمد ممدوح جنيد
حمزة آل فتحي
عامر الهوشان
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة