معن عبد القادر
تصدير المادة
المشاهدات : 7232
شـــــارك المادة
إن من هداية الله لعباده أن يبصروا منحته في محنته، وفرجه في بلائه. لقد أصاب المسلمين يوم الأحزاب كرب وشدة حتى {زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر}، و{هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالاً شديداً}، وأحاط بهم عدوهم وحاصرهم؛ {إذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم}. فيا الله ما أثبت إيمانهم وأشد بصيرتهم حين قالوا: {هذا ما وعدنا الله ورسوله، وصدق الله ورسوله، وما زادهم إلا إيماناً وتسليماًْ}.
يصف سيد قطب - رحمه الله - "هذه الصورة المشرقة الوضيئة في مواجهة الهول وفي لقاء الخطر الذي يزلزل القلوب المؤمنة فتتخذ من هذا الزلزال مادة للطمأنينة والثقة والاستبشار واليقين"، فيقول: "لقد كان الهول الذي واجهه المسلمون في هذا الحادث من الضخامة، وكان الكرب الذي واجهوه من الشدة، وكان الفزع الذي لقوه من العنف بحيث زلزلهم زلزالا شديدا". "لقد كانوا ناساً من البشر وللبشر طاقة لا يكلفهم الله ما فوقها وعلى الرغم من ثقتهم بنصر الله في النهاية، وبشارة الرسول - صلى الله عليه وسلم - لهم تلك البشارة التي تتجاوز الموقف كله إلى فتوح اليمن والشام والمغرب والمشرق، على الرغم من هذا كله فإن الهول الذي كان حاضراً يواجههم كان يزلزلهم ويزعجهم ويكرب أنفاسهم". "ولكن كان إلى جانب الزلزلة وزوغان الأبصار وكرب الأنفاس كان إلى جانب هذا كله الصلة التي لا تنقطع بالله، والإدراك الذي لا يضل عن سنن الله، والثقة التي لا تتزعزع بثبات هذه السنن وتحقق أواخرها متى تحققت أوائلها. ومن ثم اتخذ المؤمنون من شعورهم بالزلزلة سبباً في انتظار النصر، ذلك أنهم صدقوا قول الله - سبحانه - من قبل {أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مسّتهم البأساء والضّرّاء وزُلزلوا حتى يقولَ الرسولُ والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب}، وها هم أولاء يزلزَلون فنصر الله إذن منهم قريب". "هذا ما وعدنا الله ورسوله هذا الهول وهذا الكرب وهذه الزلزلة وهذا الضيق وعدنا عليه النصر فلا بدّ أن يجيء النصر، وصدق الله ورسوله، صدق الله ورسوله في الإمارة، وصدق الله ورسوله في دلالتها ومن ثم اطمأنت قلوبهم لنصر الله ووعد الله". فيا أيها الأبطال الأشاوس ثوار الشام، أنتم آباء الطائفة المنصورة، ومن أصلابكم سيخرج الظاهرون على الحق، نذكركم وأنتم تشهدون خذلان دول العالم لكم عربها وعجمها بقول المصطفى - صلى الله عليه وسلم -: ((لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم))، وبقوله: ((واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك)). فاصبروا وصابروا، وثقوا بنصر الله، وتعوذوا من خذلانه؛ {إن ينصركم الله فلا غالب لكم، وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده}.
محمد العبدة
زين العابدين الغامدي
عمر المقبل
ساجد تركماني
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير