..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


اضاءات

"عمر" و"الرواحل"

محمد عبد الله القحطاني

٣٠ ديسمبر ٢٠١٥ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 2612

000.jpg

شـــــارك المادة

في حج أحد الأعوام دار بيني وبين الشيخ عبدالله الشهراني -رحمه الله- حديث عن الرجل الراحلة، الذي أشار إليه النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: ((تجدون الناس كإبل مائة لا يجد الرجل فيها راحلة))، وأذكر أنني اقترحت عليه أن ينشئ مجموعة في الواتساب ويسميها "مجموعة الرواحل".
وبعد إنشاء المجموعة طلبت منه أن يكتب مشاركة حول عنوان المجموعة، فاستجاب لطلبي، وجعل مشاركته في ظلال قول الله تعالى في سورة طه: {وأنا اخترتك فاستمع لما يوحى}، وأراد أن يبين من خلالها مقومات اختيار الرجل "الراحلة" الذي يعزّ وجوده في دنيا الناس، ويعتمد عليه في جليل المهمات.
فكانت هذه المقالة التي انتشرت فيما بعد بعنوان:  "المقاييس والمواصفات العمرية في اختيار الرجال":

(في تصوري أن أي مشروع دعوي أو خيري يراد له النجاح فلابد - بعد توفيق الله- للقائمين عليه من أن ينظروا- بعد الإخلاص والتجرد - في عوامل كثيرة أهمها أربعة:
١/ الأفكار: وكلما كانت أفكارا إبداعية ومتجددة كانت أكثر نجاحا وتحقيقا للأهداف وجذبا للفئات المستهدفة. والأفكار اليوم لم تعد حكرا على أحد بل - ولله الحمد- صارت توزع على قارعة الطريق عبر وسائل التواصل المختلفة.
٢/ المال: ولا شك أنه عصب الحياة لكل مشروع ولكن الإبداع والجودة في التخطيط والتنفيذ تجلب - بإذن الله- رؤوس الأموال وأربابها والقائمين عليها
٣/ النظام: وأقصد به لوائح المشروع وأنظمته وخططه المختلفة، وكلما كانت أكثر إحكاما كانت أكثر تحقيقا للأهداف بأقل الجهود وأقل التكاليف وأعظم النتائج.

٤/ الرجال... ثم الرجال... ثم الرجال:
وهو أهم هذه العوامل على الإطلاق، وهو حجر الزاوية في كل مشروع، وهو يمثل أزمة تاريخية لا يعرفها إلا من ولي عملا أو قام على مشروع، والذي يتصور أنه يمكن أن يكون هناك اكتفاء من الرجال الذين يسدون جميع الثغرات المفتوحة فقد أسرف في الخيال، ولكن من ظفر بواحد منهم فقد ظفر بكنز عظيم فلا يفرط فيه فأعجز الناس من فرط في كسب الرجال وأعجز منه من ضيع الذين ظفر بهم، وإذا أردت أن تعرف المعاناة  من فقد أو ضعف هذا العامل فلتتأمل قصة عمر حينما قال لبعض أصحابه: تمنوا، فأطلق كل واحد منهم أمنيته من خلال معاناته  فقال أحدهم: أتمنى ملء هذا البيت دراهم ودنانير فأنفقها في سبيل الله، وقال الاخر : أتمنى مل ء هذا البيت ذهبا وفضة - وفي رواية: جواهر- فأنفقها في سبيل الله، أما عمر الذي كان على رأس الهرم ويحكم امبراطورية تعدل ما يوازي (١٠) من الدول المعاصرة، ويشعر بثقل الأمانة وقلة من ينهض بها من الأقوياء الأمناء، ويرى بعينيه جلد الفاجر وعجز الثقة فأطلق العنان للسانه يتمنى فقال رضي الله عنه: أما أنا فأتمنى ملء هذا البيت رجالا مثل (أبي عبيدة) -وزاد في رواية- (معاذ بن جبل وحذيفة بن اليمان) فأستعملهم في سبيل الله.
والسؤال هنا: على أي أساس اختار عمر هؤلاء الثلاثة؟ وما مقياسه في ذلك؟
والروايات الواردة تبين أن عمر رضي الله عنه استعمل مقياسين للرجال الذين يتمناهم ويريد استعمالهم في أعمالهم:
الأول/ قيل لعمر: لم هؤلاء؟ فأخذ مالا ثم قسمه بين الثلاثة وأرسله إليهم فما أدخله أحد منهم بيته وإنما قسمه فيمن حوله فقال : (ألم أقل لكم) أو كلمة نحوها
الثاني/ تقول الروايات (وكان عمر قد استعمل حذيفة على المدائن - أي أرسله أميرا عليها - ثم كتب اليه يطلب قدومه عليه، فلما قدم الى المدينة وعلم عمر بقدومه خرج وكمن (أي اختبأ) له لينظر بم سيرجع، فلما رآه رجع كيوم خرج -أي من المدينة- خرج إليه واعتنقه وقال: أنت أخي وأنا أخوك).
مقياسان عمريان رائعان لمعرفة الرجال الحقيقيين: حب المال - حب الجاه والشرف والتصدر. وقد قال صلى الله عليه وسلم: "ما ذئبان جائعان أرسلا في غنم بأفسد لها من حرص المء على المال والشرف لدينه") انتهى ما كتبه الشيخ عبدالله الشهراني رحمه الله.

 

 

نور سورية

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع