أحمد أبودقة
تصدير المادة
المشاهدات : 2901
شـــــارك المادة
تتجه الأنظار في سوريا إلى إدلب والمناطق المحيطة بها كونها آخر نقاط السيطرة التي تقع في يد الجماعات السورية المقاتلة ضد النظام السوري، ويسيطر على المحافظة المجاورة للحدود التركية «هيئة تحرير الشام» التي عرفت سابقاً باسم «جبهة النصرة»، ومجموعة أخرى من الفصائل المتحالفة معها.
في تقرير للخبير التركي أويتون أورهان الباحث في مركز الشرق الأوسط للبحوث الإستراتيجية يقول إن محادثات أستانة بين روسيا وتركيا جرى الاتفاق فيها على تهيئة الأوضاع على الأرض للوصول التدريجي إلى حل سياسي للأزمة السورية، وبالنسبة لتركيا فإن إدلب تعد قنبلة موقوتة قد تنفجر في أي لحظة وستكون النتائج لا تناسب تركيا إلا إذا كان حل هذه العقدة من خلال الأتراك، فهي مساحة جغرافية واسعة بها كتلة ضخمة من الجماعات المسلحة وقرابة ثلاثة ملايين مدني.
الغارات الأخيرة التي نفذتها الطائرات الروسية على إدلب حركت الأتراك باتجاه التفاهم مع الروس لاحتواء أزمة إدلب، لأن أي معركة قادمة في المدينة ستعني لجوء مئات الآلاف من السكان إلى تركيا، بالإضافة إلى تكاليف الحرب المادية والبشرية.
لذلك يقول التقرير إن مشكلة إدلب يجب أن تحل دون تدخل جهات أخرى، لاسيما أنه في حال عدم تدخل تركيا في هذه البقعة الجغرافية، فإنها ستكون مُستهدفة من قِبل قوى دولية لا تمت إلى المنطقة بصلة.
وبالإضافة إلى احتمال تعرض المحافظة لتدخلات أجنبية، فإن هناك احتمالاً أن تكون مطمعاً لتنظيم «ب ي د» الكردي الذي تعتبره أنقرة تنظيماً إرهابياً، حتى لو كان هذا الاحتمال ضعيفاً. أيضاً يعتقد كاتب التقرير أن الأعداد الكبيرة من المقاتلين الذين تصفهم تركيا بالمتطرفين قد تتجه إلى حدودها في حال نشبت معركة في إدلب وهذا الأمر سيكون له توابع سلبية على الأمن التركي.
تحاول تركيا حالياً أن تضعف قوة هيئة تحرير الشام التي تسيطر على إدلب وتتفوق على باقي الفصائل المعارضة ولديها إدارة مركزية هناك، كما أنها تتجه إلى لم شمل الفصائل السورية غير الموحدة في إدلب.
وربما النتائج الكبرى لمعركة إدلب أو انشغال الأمريكيين في الجبهة الشرقية منح الأتراك الوقت للتصرف بعقلانية لحل لغز هذه المعركة والتصرف بإستراتيجية، أبرز محاورها تمزيق هيئة تحرير الشام من الداخل، ولتحقيق ذلك يتم العمل على إقناع بعض المجموعات التي تعمل تحت مظلة الهيئة، بالانشقاق عنها، وبدأت هذه المحاولات تأتي أكلها، حيث بدأت بعض الفصائل بالابتعاد عن الهيئة في مقدمتهم حركة «نور الدين الزنكي»، لاعتقادهم أن الهيئة لا مستقبل لها في البلاد. وعقب توالي الانشقاقات عن صفوف هيئة تحرير الشام، يمكن القول إن الهيئة عادت إلى أصولها، وباتت مكونة من عناصر جبهة النصرة وحدهم.
والبعد الثاني من الإستراتيجية التركية في إدلب، يتمثل في توحيد صفوف المعارضة المعتدلة وتقويتها، وتسعى أنقرة لجمع قوات الجيش السوري الحر المشتتة في إدلب، تحت سقف واحد، وفي هذا السياق، وجّه المجلس الإسلامي السوري أواخر أغسطس الماضي نداءً إلى فصائل الجيش السوري الحر للتوحد وتشكيل الجيش الوطني السوري.
ومع نهاية سبتمبر الماضي وصل عدد الفصائل التي استجابت للنداء إلى 44 فصيلاً من أصل 63 يتبعون الجيش السوري الحر المدعوم من تركيا، وبذلك استطاع الجيش السوري الحر التوحد في إدلب إلى حد كبير.
ويُعتقد أن الغاية الرئيسة لتأسيس الجيش الوطني، هي تقليص نفوذ النصرة وترجيح الكفة لصالح الجيش السوري الحر في إدلب، أكثر من مواجهة قوات النظام السوري.
ولمساعدتها في هذه الخطة نجحت تركيا في إقناع الدول المشاركة في أستانة بتطبيق منطقة خفض توتر في محيط إدلب، وبحسب تسريبات إعلامية، فإن كل دولة من هذه الدول الثلاث سترسل 500 جندي إلى إدلب، وسيتمركزون في نقاط الإشراف على مناطق خفض التوتر، وسيقومون بمراقبة عملية وقف إطلاق النار.
وهذه الخطوة ليست من أجل مكافحة هيئة تحرير الشام، إنما من أجل المحافظة على حدود مناطق خفض التوتر، ومنع تسلل العناصر المتطرفة إلى داخل تلك المناطق، فالتغلب على الهيئة وتقليص قوتها يحتاج مزيداً من القوات.
لوحظ في الفترة الأخيرة قيام الجيش التركي بدفع المزيد من التعزيزات إلى الحدود السورية، وهذا مؤشر على أن أنقرة تخطط لتدخل عسكري ربما في الأسابيع المقبلة. ومقابل ذلك قامت هيئة تحرير الشام بإرسال أعداد كبيرة من جنودها وعتادها إلى المناطق المتاخمة للحدود التركية، مثل أطمة وباب الهوى، ويبدو أن نشوب اشتباكات بين القوات التركية وعناصر الهيئة بات مسألة وقت لا أكثر.
ففي حال نشوب هذا الاشتباك فإنه من المتوقع أن تسيطر القوات التركية على معبر باب الهوى والمناطق القريبة منها، وبذلك تكون قد شكلت منطقة آمنة داخل الأراضي السورية، من شأنها استيعاب اللاجئين الذين قد يتوافدون نحو الأراضي التركية، ومنعت في الوقت نفسه تسلل المتطرفين إلى أراضيها. بالنسبة للروس والإيرانيين فإن معركة إدلب مكلفة وضخمة لذلك يحاولون تأجيلها لحين الانتهاء من معركة دير الزور التي يجري التنافس عليها مع الأمريكيين والأكراد.
وإن دخول تركيا عسكرياً إلى محافظة إدلب، يعزز من دورها في حل الأزمة السورية، ويقلل من المخاطر الناجمة عن المجموعات المتطرفة الموجودة في هذه المدينة.
أحمد أبازيد
عبد الغني محمد المصري
أحمد موفق زيدان
حسين شبكشي
المصادر: مجلة البيان
مجلة البيان
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة