سلامة كيلة
تصدير المادة
المشاهدات : 2454
شـــــارك المادة
انعقد مؤتمر سوتشي السوري، وكانت النتائج هي ما تسرّب قبل انعقاده، أي تشكيل لجان لصياغة الدستور، لكن الأساسي فيما جرى هو طبيعة الحضور، بعد أن رفضت الهيئة العليا للمفاوضات الذهاب، كذلك الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية وهيئة التنسيق، وفصائل مسلحة كثيرة، ذهب منها فقط وفد أستانة، ولم يحضر لسبب بسيط أن روسيا رفضت دخوله. وبالتالي، جاءت الكتلة الأكبر من الحاضرين من "الداخل". من هم هؤلاء؟ هم كوكتيل من أطراف النظام، من "المنظمات الشعبية"، ومن "العشائر"، وممثلي النساء والثقافة والأديان والأقليات والقوميات. ويقول الروس إن هؤلاء هم ممثلو الشعوب السورية، لكنهم في الواقع كانوا يمثلون طرفاً واحداً هو النظام الذي وزّع الأشخاص بين مؤيد ومعارض. فقد انتقت الأجهزة الأمنية من النقابات ومجمل المنظمات الشعبية الأطراف التي تدعم النظام، والأطراف "المستقلة"، وكذلك "المعارضة"، ليتشكّل كوكتيل يمثل "وجه سورية" الذي ظهر أنه أُخذ من القفى. لهذا سيكون هؤلاء ممثلي المعارضة و"المستقلين" والداعمين للنظام، مع تمليحةٍ من بعض من أدى أنه معارض خلال السنوات السابقة، أو تاه فوصل إلى سوتشي.
كوكتيل سلطوي مزيّن ببعض من قال عن نفسه معارضة، أو لبس لبوس المعارضة، فيما هو في الحقيقة لا يعرفها. وبدا الأمر مهرجاناً احتفالياً أكثر منه جلسات حوار، بالضبط لأن الوقت الذي أُعطي له لا يكفي ليتحدث عُشر من حضر. بالتالي، أتى كل هؤلاء لكي يقال إن الوثيقة التي صاغها الروس هي نتيجة حوار سوري سوري، وإن السوريين هم قرروا ذلك. لهذا ما جرى هو كاريكاتور حوار، وكاريكاتور وطني، بكل معاني الكلمة. وهنا، لأن الروس هم من قرَّر كل شيء. فلا هو احتفال، ولا هو مؤتمر، ولا هو سياحة. هو مسرحية فيها من الهزل ما باتت تظنه روسيا في ذاتها. وهو بالتالي حل كاريكاتوري، كما روسيا كاريكاتور إمبريالية.
ظن الروس أنهم انتصروا على الأرض، على الرغم من أن كل الأرض التي سيطروا عليها حققوا ذلك عبر مساومات، وضغوط وحشية على الشعب، ومساومة مع أميركا، وبتواطؤ تركي، وبسحب داعشها من بادية تدمر، لكي تقول إنها انتصرت و"حرَّرت" مناطق واسعة! وبهذا، فإن انتصارها كاريكاتوري أساساً. وها هي تريد تكريس هذا الكاريكاتور بمسرحيةٍ هزليةٍ لا تقلّ كاريكاتورية عن "انتصارها". وهي هنا تستفيد من توطؤ تركيا، وغض النظر الأميركي. تركيا التي فرضت ذهاب وفد أستانة، ودعم جماعة الإخوان المسلمين للذهاب إلى المؤتمر، بعد أن بادلت عفرين بإدلب، كما كانت بادلت جرابلس والباب بحلب.
على الرغم من ذلك كله، لم تستطع روسيا سوى أن تكون كاريكاتوراً مضحكاً. ولا شك في أن كاريكاتور إمبريالية يُنتج كاريكاتور صراع، وكاريكاتور حل، لكنه ينتهي بشكل مأساوي. بدأ التدخل الروسي في سورية ملهاة، ولا شك في أنه سينتهي مأساة، لأنه مسخرة. من السهل أن يجري جمع ألفين من الأشخاص، ومن السهل تزوير الحقائق، واعتبار نصف هؤلاء معارضة. ومن السهل صياغة الحل، والتأكيد على توافق "الشعوب" السورية عليه، وأن كل هؤلاء يريدون استمرار بشار الأسد، وفقط يريدون تعديل الدستور لكي يستوعب "الرأي الآخر". هذا الذي أقام بشار الأسد سلطته الفظة على أمجادة. لكن من المستحيل أن يكون هناك حل، حيث أن "الرأي الآخر" الذي هو معظم الشعب السوري لا يرضى من جرت فبركته من ساسة "من الدرجة العاشرة"، وأقصد الروس طبعاً. فهم من طينة هؤلاء الذين جرجرتهم أميركا إلى مستنقع أفغانستان، هم من طينة البيروقراطية التي كانت علقة دمّرت الاشتراكية. يمكن أن توهم الروس بما شاؤوا، لكن المؤكد أنه لا "سوتشي"، ولا حتى "جنيف" يمكن أن تقود إلى حل من دون أن يتحقق أول مطلب طرحه الشعب السوري، حينما قرَّر الثورة، ولن أقول هنا إسقاط النظام فهذا أمر آخر، لكنه اقتدى بالثورات العربية الأخرى، حيث يجب أن يُزاح الرئيس ومجموعته. وفي سورية، بات الأمر أكبر، لأنه بات علينا تحريرها من كل المحتلين.
أحمد موفق زيدان
معن طلَّاع
عبد الله اسكندر
داود البصري
المصادر: العربي الجديد
العربي الجديد
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة