الجزيرة نت
تصدير المادة
المشاهدات : 3638
شـــــارك المادة
تنعكس مجريات الأحداث السياسية الدائرة في سوريا على الوضع الإنساني لعموم الشعب السوري، حيث لم يكن يدري أن جزاء مطالبته بالحرية والديمقراطية سيكون ردا عنيفا دمويا من جانب نظام الرئيس السوري بشار الأسد، ولعل ما فاقم معاناتهم امتداد العنف إلى أطفالهم الذين تم استهدافهم بشكل مباشر في كثير من الأحيان.
وبحسب الأمم المتحدة فإن نحو أربعمائة طفل -مما لا يقل عن خمسة آلاف شخص- قتلوا منذ بدء الاحتجاجات المناهضة للنظام السوري في مارس/آذار الماضي. وقد طالب صندوق الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) الحكومة السورية -هذا الشهر- بوقف العنف ضد الأطفال، مؤكدا أن لديه تقارير عن أطفال "اعتقلوا تعسفيا وتعرضوا للتعذيب والاعتداء الجنسي أثناء الاعتقال". نموذج مصغر مأساة الأطفال السوريين يمكن أن تمثلها واقعيا -ولو بصورة جزئية- معاناة الطفلة إيميل (14 عاما)، فقد تكون قصتها نموذجا لمعاناة قطاع واسع من نسيج المجتمع السوري، لا سيما أن هؤلاء البراعم يفترض بهم أن يكونوا نواة لمستقبل حلم به من هم أكبر منهم. وتعيش إيميل مع أخويها وأختها ووالديها في (بوينيوجون) وهو أحد ستة مخيمات للاجئين على الجانب الآخر من الحدود في إقليم هاتاي التركي. تقول الفتاة وهي تشير إلى اثنتين من لوحاتها الملونة والمثبتة على لوحة إعلانات "هذه الصور تظهر ما رأيته، رأيت هذه المشاهد بعيني رأسي". وإيميل -بنت محافظة إدلب الشمالية التي تشهد أعمال عنف شديدة- واحدة من آلاف السوريين الذين تدفقوا من الحدود إلى تركيا خلال الأحد عشر شهرا الماضية فرارا من حملة دموية استهدفت الثورة المطالبة بتغيير نظام الأسد. وقالت إيميل، وهي مثل جميع الأطفال في المخيم لا يجري تعريفها إلا باسمها الأول، "كنا نجلس في المنزل، لم يكن أحد في الخارج، الشوارع كانت خاوية تماما". وتروي إيميل معاصرتها للأحداث في سوريا قبل لجوئها للمخيم قائلة "سمعنا جلبة وعرفنا أن القتال قد بدأ، في البداية وعندما رأيت الجنود اعتقدت أن أشياء جيدة تحدث لكن عندما رأيتهم يطلقون النار على الناس عرفت أن الأمر سيئ". وأضافت "يقتلون إخوتنا أمام أعيننا الكبار والصغار، من في العالم يقتل طفلا؟". وأقيم في إحدى الخيام فصل دراسي مؤقت للرسم ومعرض للوحات أطفال المخيم، عُلقت رسوماتها ولوحاتها على جوانب الخيمة، ورغم أن الصور طفولية وبسيطة، لكنها تصور مشاهد ما كان ينبغي لطفل أن يشاهدها كالدبابات والدماء والموت. أمل وفي حين تطغى الدبابات والجنود على موضوعات الرسوم تَعرض صور أخرى بصيصا من الأمل، إذ تشير يدان ملونتان بألوان العلم السوري بعلامة النصر، وتظهر ثانية طائر في قفص ينظر للطيور الأخرى وهي تحلق بحرية في السماء. ساكن المخيمات يظل حائرا بين نارين، كونه لا يعيش حياته كسابقتها قبل الوضع الاضطراري الذي دفعه للمكوث في المخيم، لكنه في الوقت نفسه لا يملك بديلا آخر كونه لا يمكنه العودة وهو يرى ويسمع عن ما يطال محافظته أو مدينته بل في بعض الأحيان شَارِعه ومنزله. وتشير سِجلات لوجود عشرة آلاف لاجئ مسجل في هذه المخيمات والأعداد باطراد، بينما يعيش ما لا يقل عن ألفين آخرين في الخارج إما مع أقاربهم أو في مساكن مستأجرة. ووفقا لإحصاءات الأمم المتحدة، فإن سوريا واحدة من أعلى معدلات نمو السكان في العالم ويبلغ 4.2% في العام، وتظهر أرقام وكالة المخابرات المركزية الأميركية (سي آي أي) أن أكثر من ثلث السكان السوريين -المقدرين بنحو عشرين مليون نسمة- دون 14 عاما.
مجلة البيان
المرصد الاستراتيجي
أوغاريت الإخبارية
الشبكة السورية لحقوق الإنسان
المصادر:
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة