..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

الإيجابية....سلوك نحتاجه

عامر الهوشان

٧ مايو ٢٠١٨ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 2857

الإيجابية....سلوك نحتاجه

شـــــارك المادة

كثيرة هي المشاهد التي تمر في حياة الواحد منا ويرى من خلالها مدى حاجة المسلمين إلى الإيجابية في البيت والأسرة والحي والمجتمع ولا يمكن حصر الوقائع التي يمكن من خلالها ملاحظة مدى تأثير سلبية بعض المسلمين على أنفسهم وأهليهم أولا ومحيطهم ومجتمعهم تاليا .

 

هذا أحدهم قد لاحظ عدم اكتراث سكان العمارة التي يقيم فيها بنظافة مدخل وسلالم العمارة فما كان منه إلا أن بادر باقتراح التعاون على عملية التنظيف وتنظيم مواعيدها والمكلفون بها بجدول خاص مع وضع نفسه على رأس تلك القائمة لتصبح العمارة من بعدها مثالا للنظافة كما يليق بسكانها المسلمين .

 

وذاك آخر قد تنبه لفئة الفتيان والشباب الصغار الذين يمضون أكثر وقتهم في اللهو واللعب الذي لا يخلو من الكلام البذيء والقول المنكر وإضاعة الصلوات وإيذاء الجيران....فما كان منه إلا أن أقنعهم بالكلمة الطيبة والأسلوب الحسن والتشجيع المدروس بتخصيص جزء من وقتهم لحفظ القرآن وحضور دروس العلم وتزكية النفوس والاهتمام بدروسهم ومستقبلهم العلمي .

 

إن سلبية بعض المسلمين التي وصلت إلى درجة عدم تكليف النفس بقول كلمة طيبة ربما تكون سببا في إصلاح ذات البين أو البخل بإسداء نصيحة لأحد المبتلين بذنب أو معصية قد تدفعه للتوبة والإنابة أو الامتناع عن الدعوة إلى الله بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التي تعود عليه بالنفع في الدنيا بصلاح مجتمعه وبالثواب الجزيل بالآخرة بنص قوله صلى الله عليه وسلم لــ علي بن أبي طالب رضي الله عنه : ( انْفُذْ عَلَى رِسْلِكَ حَتَّى تَنْزِلَ بِسَاحَتِهِمْ ، ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الإِسْلاَمِ ، وَأَخْبِرْهُمْ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ مِنْ حَقِّ اللَّهِ فِيهِ ، فَوَاللَّهِ لَأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بِكَ رَجُلًا وَاحِدًا، خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ ) صحيح البخاري برقم/3701 

 

إن هذه السلبية المنتشرة بشكل ملحوظ في مجتمعاتنا الإسلامية هي في الحقيقة داء لا بد من علاجه وآفة ينبغي الاستشفاء منها من خلال العودة إلى كتاب الله تعالى وسنة رسوله الخاتم صلى الله عليه وسلم اللذان يفيضان بالأوامر والتوجيهات التي تحض على الإيجابية وتدعو إليها .

 

من آيات القرآن التي تشير إلى الإيجابية بأبهى صورها قوله تعالى : { وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ ..........} الآيات 20- 27 , وبعيدا عن اسم ذلك الرجل الذي جاء نكرة في البيان الإلهي - قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ ومقاتل : هو حبيب النَّجَّارُ – إلا أن سلوكه وتصرفاته كانت محل ثناء ومدح في كتاب الله .

 

يمكن القول : إن أحد أبرز السمات التي أثنى الله تعالى بها على ذلك الرجل هي الإيجابية , حيث لم يمنعه طول الطريق وبعد المسافة عن السعي والمسارعة إلى نصح قومه ودعوتهم لاتباع الرسل وتصديقهم والإيمان بما جاؤو به من عند الله .

 

أمر أخر يعزز من ثناء الله تعالى على إيجابية الرجل المذكور بالآيات ألا وهو مبادرته لدعوة قومه رغم وجود 3 من رسل الله تعالى التي قد تدفع البعض لتبرير سلبيتهم وشرعنة قعودهم عن واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .

 

ليست قصة حبيب النجار هي الوحيدة التي تثني على الإيجابية في كتاب الله تعالى , فهناك قصة نملة سليمان التي سارعت لتحذير قومها قائلة : { .....يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ } النمل/18 , وكذلك الهدد الذي لم ينتظر من يأمره بالقيام بما يستطيعه أو يقدر عليه بل سارع من تلقاء نفسه لمعرفة أخبار مملكة سبأ بإيجابية منقطة النظير ليعود بأخبار بالغة الأهمية : { فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطْتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ .....} 22- 26

 

أما سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم وسيرته العطرة فمليئة بالمواقف والمشاهد التي تجعل من الإيجابية عنونا بارزا في مجمل حياته صلى الله عليه وسلم , ولعل في حديث أنس رضي الله عنه ما يفي بالغرض إذ يقول : كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْسَنَ النَّاسِ، وَأَجْوَدَ النَّاسِ، وَأَشْجَعَ النَّاسِ، وَلَقَدْ فَزِعَ أَهْلُ المَدِينَةِ ذَاتَ لَيْلَةٍ ، فَانْطَلَقَ النَّاسُ قِبَلَ الصَّوْتِ ، فَاسْتَقْبَلَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ سَبَقَ النَّاسَ إِلَى الصَّوْتِ وَهُوَ يَقُولُ: ( لَنْ تُرَاعُوا لَنْ تُرَاعُوا ) صحيح البخاري برقم/6033

 

لا يمكن حصر الآثار السيئة التي ما زلنا نرى بعض تجلياتها في واقع حياتنا اليومية جراء السلبية التي ابتلي بها كثير من المسلمين في هذا العصر , لعل أبرزها انتشار السلوكيات المسيئة والأخلاق المرذولة وترسخها في المجتمع بسبب تراجع المظهر الإيجابي والسلوك المبادر الذي لا يتوانى عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمجرد شهوده لسلوك سلبي .

 

لا شك أن للإيجابية بعض التبعات وأن طريقها لا يخلو من بعض الإشكاليات وتحمل المسؤوليات وتلقي بعض الانتقادات وربما المضايقات في الوقت الذي قد لا يعاني السلبي من أمثال هذه الأمور نظرا لانعزاله وتقوقعه على نفسه وذاته ....إلا أن الأكيد أن الفرق بين حياة الإيجابي والسلبي كالفرق بين الحي والميت , ناهيك عن الأجر والثواب الذي يرجوه الإيجابي من ربه إن نوى به وجه الله في الوقت الذي سيُسأل السلبي عن تقاعسه عن واجب الأمر بالمعروف والنهي المنكر المأمور به .

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع