..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


اخبار الثورة

اعتقال وتعذيب المعارضين السوريين بين فروع الأمن والمدارس والمستشفيات

الشرق الأوسط

١٩ مارس ٢٠١٢ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 3612

اعتقال وتعذيب المعارضين السوريين بين فروع الأمن والمدارس والمستشفيات
1.jpg

شـــــارك المادة

إضافة إلى مراكز الاعتقال السورية التي كانت معروفة بالنسبة إلى السوريين، ولا سيما المعارضون منهم، كان للثورة السورية منذ انطلاقتها الدور الأهم في توسيع دائرة عناوين هذه المعتقلات، لتطول مراكز عدة وأهمها السجون والمدارس والمستشفيات وحتى النوادي الرياضية، المنتشرة في مناطق عدة، وبخاصة تلك التي شهدت تحركات معارضة ومظاهرات قادها ناشطون كانوا ضحايا التعذيب على اختلاف أنواعه وأشكاله.

 

ورغم أن تحديد أماكن هذه المعتقلات قد يبقى صعبا إلى حد كبير، في ظل استمرار الثورة وزيادة عمليات الاعتقال يوما بعد يوم، فقد استطاع عدد من الناشطين رصدها بما توفر لديهم من معلومات، وبناء على تجارب شخصية تحدثوا عنها لـ«الشرق الأوسط». كما أصدرت منظمة «آفاز» الدولية الحقوقية تقريرا خاصا، يرصد حالات تعذيب تعرض لها ناشطون سوريون في المعتقلات السورية خلال الثورة، إضافة إلى تحديد عدد كبير من مراكز الاعتقال والتي تتوزع بشكل أساسي بين «الأمن السياسي» و«العسكري» و«أمن الدولة» و«المخابرات الجوية» و«المدارس» و«المستشفيات» و«الملاجئ». ويبقى الجامع المشترك بين هذه المراكز، هو أساليب التعذيب التي تبدأ بالضرب المبرح ولا تنتهي بسحب الأظافر والصعق الكهربائي وما يعرف بـ«الكرسي الألماني» أو «الدولاب» و«إطفاء السجائر في الجسم» و«تعليق المعتقل من السقف» و«تهشيم الرأس»، إلى أن تصل في أحيان كثيرة إلى القتل. وهذا ما وضعه وسام طريف، مدير حملات «آفاز» بالعالم العربي في خانة التعذيب الممنهج، الذي يرتكز على أساليب مرعبة، ويهدف من خلالها النظام بالدرجة الأولى إلى إيصال رسالة أو إعطاء درس للناشطين ورفع حالة الذعر والخوف في أوساطهم لمنعهم من الاحتجاج.

وقال طريف لـ«الشرق الأوسط»: «إضافة إلى هذه السجون الرسمية التي يتم وضع المعتقلين فيها، هناك العديد من الأماكن التي تحولت إلى معتقلات، كالمدارس والمستشفيات في حمص ودرعا ودمشق وداريا واللاذقية ودوما وريف دمشق، وقد أرسلنا تقريرا مفصلا عنها إلى لجنة المراقبين الدوليين التي كانت في سوريا، لكن النظام لم يسمح لها بزيارتها». وتضم مراكز الاعتقال بين جدرانها آلاف المعتقلين الذين يقدر عددهم بحسب «آفاز» بأكثر من 69 ألف معتقل، قتل منهم ما يزيد على 617 شخصا تحت التعذيب، وتتوزع في معظم المناطق السورية.

في حمص، يؤكد أبو جعفر، وهو أحد الناشطين من المنطقة، لـ«الشرق الأوسط»، أن ما يعرف بالسجون الأساسية الموجودة في حمص تحولت كلها إلى معتقلات، وأهمها ما يعرف بـ«فرع الأمن الجوي» الموجود على طريق حماه، و«فرع الأمن العسكري»، ويمارس في هذين المركزين أفظع أساليب التعذيب، ومن يخرج منها إما يكون ميتا، أو يتم نقله إلى الملاجئ أو المدارس أو ملاعب النوادي الرياضية المغلقة التي تحولت بدورها إلى معتقلات. أبرز المدارس التي تحولت إلى معتقلات في حمص والتي تقع في المناطق الموالية للنظام، هي بحسب أبو جعفر، «مدرسة الشهيد كاسر الضاهر»، وكل المدارس الواقعة في مناطق «الزهرا والنزهة والمهاجرين وعكرمة ووادي الذهب». وفي ما يتعلق بالمستشفيات التي تحولت بدورها إلى معتقلات، يؤكد أبو جعفر أن كلا من «مستشفى الأهلي» و«العسكري» تشكل مصيدة للناشطين، ولا سيما المصابون منهم، وقد تم أخيرا اكتشاف مقبرة جماعية لـ64 جثة من قتلى مجزرة بابا عمرو في الحديقة العامة لـ«المستشفى العسكري».

كذلك، يعتبر أحد الملاجئ الموجودة في شارع الحضارة في منطقة النزهة، من أبرز الملاجئ التي تحولت إلى مراكز للاعتقال، إضافة إلى ملجأ آخر في «شارع الحميدية»، حيث حول أيضا مركز «حزب البعث» إلى مركز لاعتقال النساء.

وفي حمص أيضا، ذكرت منظمة «آفاز» في تقريرها، الذي صدر في الأسبوع الأول من شهر يناير (كانون الثاني) الماضي، أن أبرز مراكز الاعتقال هي: قسم المخابرات الجوية الذي يقع في شارع حماه، ويحوي عددا كبيرا من معتقلي الثورة. وتم التصريح من قبل معتقل سابق بأنه كان محتجزا مع 14 معتقلا في غرفة تبلغ مساحتها 4 أمتار مربعة، وتلقت منظمة «آفاز» أدلة على أن 16 معتقلا لقوا مصرعهم فيه تحت التعذيب. وقد أظهرت الصور الفوتوغرافية آثار التعذيب على أجساد المعتقلين وأثبت بعضها اقتلاع عيونهم. ومن نجا من الموت، خرج يعاني من إعاقات جسدية دائمة بسبب التعذيب المبرح. وتتراوح فترة الاعتقال في هذه الفروع من يوم إلى 4 أيام وقد تصل في بعض الأحيان إلى أسابيع قليلة. وفي حمص أيضا، هناك «فرع الأمن العسكري» الموجود في القصير بشارع الجلال، وفرع الأمن السياسي، إضافة إلى سجن حمص المركزي، ويوجد حاليا في هذا السجن أربعة آلاف معتقل، أي ما يعادل أضعاف قدرة استيعاب السجن، إذ يتم وضع 300 معتقل في غرفة صغيرة تتسع لـ56 سجينا. ويسجن في هذا المركز عدد كبير من السجناء السياسيين.

وتضيف «آفاز» كنيسة «دير مخلص» إلى لائحة هذه المراكز، وهي تقع بين «النزهة» و«دير مريجة» في باب السباع. وقال محمد، أحد الذين اعتقلوا في الكنيسة: «كنت معتقلا مع نحو 20 شخصا ثم عاد وانضم إلينا عدد كبير من المعتقلين الذين تعرضوا إلى التعذيب. هذا المركز هو مركز حجز مؤقت. أمضينا في داخله ساعات قليلة تعرضنا خلالها للضرب قبل أن يتم الإفراج عن بعضنا ونقل الآخرين إلى فرع الأمن العسكري في باب السباع. وفرع الأمن الجنائي الذي يقع في زيدل بضواحي مدينة حمص».

ومن ضمن المستشفيات التي تحولت إلى معتقلات، يصف معتقلون سابقون أساليب التعذيب في «المستشفى العسكري» في حمص، بالوحشية. وكان عمر أحد المعتقلين الذين خرجوا أخيرا من هذا المستشفى، حيث اعتقل بعد إصابته، وذلك بعدما دفعت عائلته المال مقابل الإفراج عنه. وقال: «لقد تم تقييدي بالسلاسل إلى السرير. بعد اعتقالي في المستشفى تم نقلي إلى فرع المخابرات الجوية وهناك التقيت ببعض المحتجزين الذين كانوا في تلك الغرفة. وقد تم إخباري بأنه كان هناك 20 معتقلا في تلك الغرفة وقد توفي عدد منهم بسبب عدم إمدادهم بالطعام طوال فترة احتجازهم».

وأضاف عمر: «في الغرفة التي حجزت فيها، التقيت بشخص مصاب في رجله، ورغم ذلك كان يتعرض للتعذيب. وكنت أرى بأم عيني الحشرات الصغيرة في جرحه. وفي المستشفى نفسه، كانوا يستخدمون المحفر لاقتلاع عيون المعتقلين واستخدموا أدوات لحرق أجسادهم. كما أنهم كانوا يستخدمون طريقة تعليق المعتقلين ورفعهم من قدميهم لعدة أيام. وأحيانا يتم تغيير أساليب التعذيب وفقا للجريمة المرتكبة.. ففي ما يتعلق بمصوري أفلام الفيديو والصور العادية يتم أحيانا كسر سواعدهم ومعاصمهم وأصابع محددة أحيانا، بالإضافة إلى اقتلاع عيونهم في بعض الأحيان».

وفي العاصمة دمشق، بحسب «آفاز» هناك شارع يقع خلف مبنى الجمارك في كفرسوسة، يسمى «شارع الفروع» بسبب كثرة فروع الأمن على امتداده، وأهمها فرع المداهمات العسكرية وفرع التحقيقات العسكرية (فرع 228)، الذي يجمع بين جدران غرفه معظم العسكريين المنشقين أو أولئك الذين يظهر عليهم أي إشارة في هذا الاتجاه، كالندم على إطلاق الرصاص باتجاه المتظاهرين.

وشهادة خالد التي أدلى بها إلى «آفاز» بعد خروجه من هذا المعتقل، تعتبر نموذجا واضحا عن أساليب التعذيب والحياة التي يعيشها المعتقلون، إذ قال «إحدى وسائل التعذيب في هذا الفرع هي وضع الرأس بين صفيحتين حديديتين حتى الموت. أما الطريقة الأخرى فتدعى (الكرسي الألماني) الذي يتألف من قطعتين خشبيتين تطويان على بعضهما في الوسط. في بعض الأحيان يتم ربط المعتقل على الكرسي وإغلاقه بالاتجاه المعاكس لتصل قدماه إلى رأسه وينكسر عموده الفقري ويصبح مشلولا». وأضاف «المعتقلون في فروع الأمن يحلمون بالانتقال إلى السجون التي تعتبر (الجنة) بالنسبة إليهم.. إذ إنه في فروع الأمن لا يعامل المعتقل كإنسان.. يتم تجويعنا وإهانتنا. كان هناك بعض المحتجزين من المسنين ومنهم رجل في السبعين من عمره، تعرض للتعذيب والضرب والذل أمام أعين ولديه». ويعرف «المقر العام للاستخبارات (فرع 285)»، في دمشق، بأنه مركز معتقلي الرأي. وقد كان لمنهل، أحد الناشطين في «آفاز»، تجربته الشخصية في هذا المركز حيث تم احتجازه وتعذيبه لمدة 64 يوما. ووصف منهل تجربته بـ«الكارثة»، وقال: «أخذوا مني جميع الأجهزة الإلكترونية وأجهزة الثريا والفيديوهات التي كانت بحوزتي. تعرضت لأفظع أساليب التعذيب. اقتلعوا أظافر يدي وقدمي. منعوا عني الماء والطعام والدخول إلى المرحاض ومنعوني من النوم. رأيت الموت بعيني. تدمع عيناي عندما تعود هذه المشاهد إلى ذاكرتي. استخدموا الكهرباء على مناطق حساسة من جسدي، وكانوا يقولون (هذه هي الحرية التي تطالب بها). أجبروني على الاعتراف بالاتهامات التي وجهت إليّ، وهي أنني إرهابي وقتلت مواطنين وشتمت الرئيس وأدليت بأنباء غير صحيحة للقنوات التلفزيونية. وبعد كل ذلك، تم نقلي إلى مركز قوات الأمن، حيث تعرضت لأبشع أنواع التعذيب كـ(الدولاب) الذي يتم من خلاله الضرب على القدمين والرأس حتى يسيل الدم. وتم إخراجي من المعتقل بعد أن أحالوني إلى القضاء وتم الإفراج عني في 20 أكتوبر (تشرين الأول)».

أما مراكز الاعتقال الأخرى في دمشق، فهي بحسب «آفاز»، «فرع مخابرات دمشق (فرع 227)»، ويحتوي على سجنين وغرفة استجواب في الطابق الأرضي، و«فرع الأمن العسكري» في ضاحية دمشق، و«مبنى الكتيبة 41 للقوات الخاصة»، و«فرع فلسطين (الفرع 235)»، و«فرع الدوريات (فرع 216) الذي يقع بالقرب من فرع فلسطين. ويتكون من عدة مبان وهناك سجن تحت الأرض في أحد هذه المباني»، و«فرع مكافحة الإرهاب»، و«فروع الأمن السياسي»، وأكثرها حدة في التعذيب هي الموجودة في «جبة». وكان رامي أحد المعتقلين السابقين في هذا الفرع، قد احتجز فيه لمدة ثلاثة أيام، وقال عن تجربته: «تعرضت للضرب المبرح المستمر بشكل متواصل. وحرمت من النوم والطعام. في بعض الأحيان كانوا يربطون بطانية حول عنقي لتعذيبي. لم يقوموا باستخدام الصدمات الكهربائية معي ولكن استخدموها أمامي مع معتقل آخر».

وهناك أيضا، فرع التحقيق السياسي و«فرع الميسات»، و«سجن عدرا الرئيسي»، حيث تم فيه توثيق أسوأ حالات التعذيب. كما تأكدت منظمة «آفاز» من 14 حالة إعدام في هذا الفرع وقد تم دفن الجثث في فناء السجن. و«سجن صيدنايا السياسي» وهو تحت السيطرة العسكرية. أما المراكز الأخرى فهي «مقر أمن الدولة»، و«فرع الخطيب»، و«فرع نجها»، و«فرع أمن» في جبل قاسيون، كما أن مكتب رئيس بلدية دوما يستخدم كمركز اعتقال، و«سجن دوما»، و«سجن دوما للنساء»، و«فرع الأمن الخارجي»، و«فرع أمن المعلومات»، و«فرع أمن جنائي» يقع في ساحة الجمارك، و«سجن التل»، و«فرع المخابرات للدفاع الجوي» المعروف بأنه من أكثر مراكز الاعتقالات الوحشية في سوريا، ومعظم المحتجزين في هذا الفرع هم من القابون.

وفي حماه، يقول أبو غازي الحموي لـ«الشرق الأوسط»: «هناك نحو 5 مراكز أساسية للمعتقلين والتي كانت تعتمد سابقا كسجون، إضافة إلى ما تم تحويلها إلى معتقلات، كالمدارس والمستشفيات والنوادي الرياضية. وأهمها (مركز الأمن السياسي) على طريق حلب، و(الأمن العسكري) على طريق حمص، و(أمن الدولة) في حي الشريعة، و(مركز المخابرات الجوية) في منطقة الحرش، و(السجن المركزي)». أما في ما يتعلق بالمعتقلات المستحدثة في الثورة، فهي «المستشفى الوطني» و«مجمع الأسد الطبي» الذي تحول إلى ثكنة عسكرية وانتشر على سطحه القناصة. وهناك ما يعرف بحسب أبو غازي بـ«المعتقلات الطيارة»، أي مراكز الاعتقال التي يوضع فيها المعتقلون للتحقيق معهم أيام قليلة قبل أن يتم نقلهم إلى مراكز الاعتقال الأساسية الأخرى أو يطلق سراحهم.

كذلك، يؤكد أبو غازي أن عددا كبيرا من المدارس تحولت بدورها إلى معتقلات، وأهمها «مدرسة ناصح هلواني»، و«مدرسة الصناعة الثانوية» في حي الأربعين، و«مدرسة المعلوماتية»، و«مدرسة الإعداد الحزبي»، كذلك عدد من مباني المؤسسات الحكومية، مثل «مبنى الأعلاف» الذي تحول إلى ثكنة للشبيحة ويرسل إليهم المعتقلون، و«مبنى الهجرة والجوازات»، و«مبنى حزب البعث القديم» في ساحة العاصي، إضافة إلى «مسبح نادي الطليعة الرياضي»، وهو أشهر ناد لكرة القدم في حماه، حيث تحول الملعب المغلق فيه إلى معتقل.

وفي حلب، ذكرت «آفاز» أن أهم مراكز المعتقلات في المنطقة هي «سجن حلب المركزي»، و«فرع أمن الدولة في حلب»، و«سجن فرع الأمن للقوات الجوية»، و«سجن قلعة حلب». وفي درعا، حددت «فرع المخابرات الجوية للعمليات الخاصة». وفي دير الزور، هناك سجن المنطقة الرئيسي، وفي اللاذقية «السجن المدني» في شارع المغرب العربي، و«فرع الأمن السياسي»، و«فرع الأمن العسكري»، و«فرع أمن الدولة»، و«فرع المخابرات للقوات الجوية»، و«فرع الأمن الجنائي»، و«مدرسة جول جمال»، و«النادي الرياضي»، و«المقر الرئيسي للقوات البحرية»، مشيرة إلى أنه يتم استخدام ملعب كرة القدم لاحتجاز المعتقلين الآن، بالإضافة إلى المدينة الرياضية. وأهم المعتقلات في المناطق السورية الأخرى، هي «سجن الحسكة المركزي»، و«مركز احتجاز جسر الشغور» في إدلب، و«سجن تدمر»، و«سجن طرطوس».

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع