الجزيرة نت
تصدير المادة
المشاهدات : 3701
شـــــارك المادة
أوردت صحيفة لوس أنجلوس تايمز قصة امرأة فرت مع أطفالها الأربعة من بين عدد متزايد من السوريين الذين تحدوا القناصة للوصول إلى الأردن. ويقدر عدد الهاربين السوريين إلى الأردن بنحو ثمانية آلاف. وتصف المرأة -وهي ترتجف من برودة الليل الثلجي- حالها عندما وصلت مع أطفالها الأربعة إلى حاجز السلك الشائك الذي يفصل الحدود بين وطنها والأردن، وقد دفعت طفليها الصغيرين عبر الحاجز واستمرت في الجري على أمل أن محنة ترك بلدها المضطرب، حيث يقبع زوجها في السجن بسبب تظاهره ضد الرئيس بشار الأسد، تكون قد قاربت على الانتهاء. لكنها سرعان ما اكتشفت أن طفليها الكبيرين، ست وسبع سنوات، ليسا خلفها.
لوعة الأمومة وفي ذاك الوقت كبتت الأم لهفتها على ولديها لمناداتهما في الظلام وتذكرت التحذير الذي وجه للأسرة بعدم إحداث أي ضوضاء أثناء الهرب خشية أن يلفتوا انتباه قناصة النظام المختبئين في التلال والذين كانوا يفتحون النار على صوت أي فرع شجرة يتحطم. ومُجبرة عادت الأم أدراجها صوب الحاجز باتجاه سوريا فوجدت طفليها عالقين في السلك الشائك وهما في حالة من الرعب لم يقدرا معها على الصراخ.
وهمس أحدهما لها قائلا "أمي أنا عالق. أردت أن أنادي عليك أين أنت يا أمي لكنني كنت خائفا".
وبعد تخليص ولديها من السلك الشائك واصلت الأسرة مسيرها، وكانت لهفة الأم وهي تحمل الطفلين الصغيرين، أربع وخمس سنوات، هي الوصول إلى بر الأمان، وكابدت طريقها في صعود أحد التلال حتى دميت يداها.
وفجأة قطع جنديان الطريق وتجمدت الأسرة في مكانها. وعندما قام أحد الجنديين بالاقتراب من الأطفال صدتهم الأم. لكن الرجلين ابتسما وقال أحدهما: لا بأس عليك نحن أردنيان وأنت في أمان.
وأشارت الصحيفة إلى أنه مع انتشار العنف في سوريا وارتفاع معدل الوفيات بسبب الثورة التي اندلعت ضد الأسد، قبل السوريون بطريقة هستيرية الفرار من البلد. لكن الهروب يزداد صعوبة كل يوم حيث يقوم المسؤولون السوريون بغلق المعابر الحدودية ويرفضون إصدار جوازات سفر.
وتعليقا على ذلك قالت أم الأطفال إن النظام لا يريد ترك الشعب يخرج لأن أي شخص يغادر سوريا يروي كل شيء عما يحدث هناك.
وتصف الأم اليوم الذي قررت فيه ترك بلدها قائلة إن الأسرة كانت في حالة فرار لعدة أسابيع. ومحاولة لاستباق الشرطة كانت الأم وأطفالها ينتقلون من منزل إلى منزل عبر الشوارع المخضبة بالدماء بحثا عن مأوى من القصف الحكومي الكثيف بمدينة درعا الجنوبية حيث نشأت حركة الاضطراب الشعبي. وكانت القشة الأخيرة عندما قطعت الشرطة رأس ابن أحد الجيران تحذيرا.
وحاولت الأم لأسابيع الوصول إلى مكتب جوازات الحكومة لكن الشرطة كانت أغلقت الطرق وردتها على عقبيها.
رحلة مروعة لكنها أخيرا تمكنت من مهاتفة مسؤول حكومي أبلغها بإمكانية الوصول لمكتب الجوازات لكن إذا أتت وحدها إلى مكتبه. وفهمت الأم حينها مقصد الرجل وقالت إنه كان يريد (..).
ووصفت الأم رحلتها بأنها كانت قصيرة لكنها مروعة، وكان الجميع مذعورين خوفا من الموت في أي لحظة. ورغم تطمين الجنود الأردنين لها فإنها من شدة الخوف كانت تخشى أن يكونوا سوريين متخفين. ولم يهدأ لها بال حتى وصل آخرون وقدم لهم الجنود الشاي وأسكنوهم ملجأ مؤقتا بمجمع سكني مهجور يُستخدم الآن للأسر السورية الهاربة.
وتحكي الأم الارتباك الذي كان فيه ابنها الأكبر عندما قدم لهم الجنود الأردنيون الشاي حيث سأل أمه مترددا "هل آخذه؟" "ولماذا يعطينا الجنود هنا الشاي وفي بلدنا يحاولون قتلنا؟".
وبعد ثلاثة أيام بمخيم اللاجئين انتقلت الأم وأطفالها إلى العاصمة عمان حيث يتقاسمون الآن شقة مع أسرة أخرى من درعا، وتقوم على رعايتهم جمعية خيرية إسلامية تسمى "الكتاب والسنة".
وتقول الأم إنها غير متأكدة مما ستفعله لاحقا لكنها ليس لديها نية العودة إلى بلدها قبل سقوط النظام الحاكم. وقالت بصوت خانق إنها لا تعلم ما إذا كانت سترى زوجها مرة ثانية. وأضافت بنبرة هادئة "أنا أخطط لبدء حياة جديدة ومحو الـ32 سنة الماضية من حياتي".
أسرة التحرير
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
محمد العبدة