المرصد الاستراتيجي
تصدير المادة
المشاهدات : 2099
شـــــارك المادة
بادرت الإدارة الأمريكية إلى إرسال مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون إلى موسكو (21 أكتوبر 2018) لتخفيف حالة التوتر التي تشوب العلاقة بين البلدين، ومناقشة سبل نزع فتيل الأزمة حول التعاطي مع الملف السوري مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ووزير الخارجية سيرغي لافروف، وأمين مجلس الأمن الروسي نيكولاي باتروشيف. ووفقاً لتقرير أمني فإن واشنطن تشعر بالقلق من نزعة بوتين للانتقام من ترامب الذي نكث بالتزاماته في هلسنكي (يوليو 2018) عندما تعهد بسحب القوات الأمريكية من سوريا، لكنه عدل عن ذلك وقرر إبقاء القوات في مكانها، وزيادة عدد المستشارين العسكريين والاستخباراتيين بحجة أن الانسحاب الأمريكي سيتيح لإيران إنشاء جسر بري إلى المتوسط، ونتج عن ذلك التطور اندلاع حرب كلامية بين المسؤولين الروس من جهة، ووزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس ومستشار الأمن القومي جون بولتون من جهة ثانية. ووفقاً للتقرير نفسه؛ فإن تحول الإستراتيجية الأمريكية تسبب بإحباط لدى الرئيس الروسي الذي قرر إفشال الخطط الأمريكية في سورياعبر تعزيز التعاون مع تركيا في استهداف “قوات سوريا الديمقراطية” التي تدعمها واشنطن، حيث أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان (23 سبتمبر) أن تركيا ستعمل على توسيع رقعة المناطق الآمنة بما في ذلك شرق الفرات. ويدعم بوتين أردوغان في شن عملية ضد “وحدات حماية الشعب” الكردية في مدينة تل أبيض شرق نهر الفرات بهدف إضعاف نفوذ الولايات المتحدة، وذلك في أتون حرب باردة غير معلنة تدور رحاها بين الولايات المتحدة وروسيا على أربعة محاور هي: – أوروبا الشرقية، وخاصة في جمهوريات البلطيق وبولندا وأوكرانيا. – إيران، حيث عادت موسكو إلى استخدام قاعدة “همدان” شمال إيران كمرفق مؤقت لطائراتها العاملة في سوريا. – الأراضي والأجواء السورية، وخاصة شرقي الفرات، وتعزيز تقنيات التشويش ومنظومات الدفاع الجوية غرباً. – الحرب الإلكترونية التي تستهدف الولايات المتحدة في عقر دراها، حيث ظهرت بوادر تدخلات روسية جديدة للتأثير على نتائج الانتخابات النصفية الأمريكية. ويبدو أن بوتين يدير الجبهات الأربع ببراعة، ويحسن تكتيكات خلط الأوراق، حيث بادر إلى توظيف الحرب التجارية الصينية-الأمريكية لمصلحته، وذلك من خلال التقارب مع بكين وتعزيز التعاون العسكري معها. وفي الوقت نفسه يقدم بوتين الدعم لترامب للتوصل إلى اتفاق نزع السلاح النووي مع كوريا الشمالية بهدف دفع واشنطن لخفض تواجدها النووي في آسيا، الأمر الذي يحقق مصلحة مشتركة للروس والصينيين. في هذه الأثناء يعمد بوتين إلى تعميق الهوة بين واشنطن من جهة ودول الشرق الأوسط من جهة ثانية، وعلى رأسها إيران، وذلك بهدف تعزيز الموقف الإستراتيجي والعسكري للقوات الروسية، كما يستغل أزمة “الخاشقجي” للتقارب مع الرياض وأبو ظبي وإبعادهما عن واشنطن التي تبدي ارتباكاً ملحوظاً في التعامل مع تلك الأزمة. وكان بوتين قد حقق اختراقاً مهماً من خلال التنسيق مع السعودية لرفع أسعار النفط وذلك رغم المعارضة الأمريكية مما حدا بترمب للتبير عن سخطه على بعض دول الشرق الأوسط “التي نحميها ومع ذلك يرفعون أسعار النفط”. كما يدعم بوتين تركيا في تعزيز موقفها العسكري في الشمال السوري، ويقدم لها الأسلحة النوعية لإبعادها عن حلف الناتو بهدف إضعاف التحالف الغربي، وأخذ مكان واشنطن في تولي دورالوسيط التفاوضي بين مختلف الفرقاء في المنطقة، بما في ذلك الدول العربية وطهران وتل أبيب. أما الضربة الأصعب؛ فقد تمثلت في توظيف حادثة إسقاط طائرة”إل-20″ لشن حرب إلكترونية على واشنطن وحلفائها شرقي المتوسط، حيث استقدمت القوات الروسية في قاعدة “حميميم” كتيبة من منظومة الدفاع الجوي طراز “S-300” عبر أربع طائرات شحن عملاقة من طراز “أنتونوف 124″، وطائرات الشحن الأكبر في العالم “أنتونوف 225 ماريا”، وتم نقلها بعد ذلك إلى مرابض كتائب “اللواء 37” في محافظة طرطوس، وشرعت في تدريب ضباط النظام على استخدام هذه المنظومة المتطورة. كما قامت بتشغيل رادارات الإعاقة التشويشية من منظومتي “كراسوخا 4″ و”جيتيل” للتشويش الإلكتروني (10 أكتوبر) التي تُعطل مستقبلات إشارات “GPS” في الطائرات العسكرية الأمريكية بدون طيار، والتحضير لنصب منظومة ثالثة أكثر تطوراً يطلق عليها اسم “ديفنوموريه”، الأمر الذي حدا بالقوات الأمريكية لتحذير طياريها الذين يحلقون شرق منطقة البحر المتوسط من مخار منظومات التشويش الإلكتروني الروسية التي يمكن أن تُفقِدهم الاتصال بنظام تحديد الأماكن عبر الأقمار الصناعية. ودفعت تلك التطورات بالقوات الأمريكية لإرسال طائرة التجسس “RC-135V” في عشر مهام استطلاعية على طول الساحل السوي، حيث اقتربت مسافة 60 كم من قاعدة “حميميم” الروسية، في محاولة لكشف أسرار التقنيات الروسية الجديدة في الساحل السوري، وتقصي مواضع منصات “إس 300” التي تم تسليمها مؤخراً للنظام. ويسود القلق من إمكان اندلاع مواجهات جديدة في اللاذقية، حيث تنوي تل أبيب استهداف المنظومات الصاروخية التي سلمتها موسكو للنظام، حيث كشف الملحق العسكري الأمريكي السابق في روسيا، الجنرال بيتر زفاك (17 أكتوبر) عن تحضيرات إسرائيلية لتدمير منظومات “إس 300” التي سلمها الروس لدمشق، مؤكداً أن وجود هذه المنظومات بيد الجيش السوري وخصوصاً جنوبي سوريا حيث التواجد الإيراني أمر لا تتقبله إسرائيل أبداً. وتقوم القوات الأمريكية والإسرائيلية بعمليات رصد مكثف للكشف عن مواقع الصواريخ وتدميرها، حيث قام وفد أمريكي-إسرائيلي بزيارة لأوكرانيا بهدف فحص منظومة “إس 300” المتمركزة هناك عن كثب وكشف أسرارها، ودار الحديث عن إمكانية إرسال طائرات وأطقم جوية إسرائيلية-أمريكية للتدريب على التعامل مع تلك المنظومة التي حصلت عليها أوكرانيا عام 2000، ومن المتوقع أن ترسل الولايات المتحدة طائرات “إف 15” إلى هناك، بينما ترسل القوات الجوية الإسرائيلية أطقماً جوية للقيام بعمليات جوية في سماء أوكرانيا، لاختبار الأداء الحقيقي لصواريخ “إس 300″، ومعرفة أسرار المنظومة الدفاعية الروسية.
هيئة الشام الإسلامية
الشرق الأوسط
أحمد حمزة
المصادر:
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة