المرصد الاستراتيجي
تصدير المادة
المشاهدات : 2351
شـــــارك المادة
تمر الدبلوماسية التركية بامتحان صعب جراء استمرار الدعم الأمريكي لوحدات الحماية الكردية شرق الفرات، والجهود العسكرية الروسية غربي النهر لتمكين نظام الأسد من السيطرة على محافظة إدلب. ويرى الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أن إدلب آيلة إلى نظام الأسد في نهاية المطاف، وأن سيطرة دمشق على الحدود هي الضمان الأمثل لأمن تركيا، في حين يجد أردوغان نفسه مضطراً لمجاراة الأمريكان والروس رغم عدم رضاه عن سياساتهما. فعلى الرغم من السخط التركي إزاء الحملة العسكرية الروسية في إدلب؛ إلا أن بوتين تمكن من تنفيذ سياسة القضم التدريجي للمنطقة، ما دفع بالباحث في مجلس العلاقات الخارجية الأمريكية، هنري باركي، للقول: “بوتين يعرف بوضوح كيف يلعب ويتلاعب بالرئيس التركي، قدم له العلاج على السجادة الحمراء وسمح له أن يُعجب بمعداته العسكرية، قبل أن يشد عليه الخناق مرة أخرى في سوريا…ويبدو أن أردوغان يقف بالضبط حيث يريد بوتين، فبعد أن عزل ترامب كثيرين في واشنطن، فإن خيارات أردوغان باتت محدودة”. وبالتزامن مع التقلص التدريجي لمناطق المعارضة، يعرض بوتين على أردوغان المساعدة في إعادة جزء من اللاجئين السوريين إلى مناطقهم بالاتفاق مع النظام، واستخدام الجزء الأكبر منهم كورقة ضغط روسية على أوروبا، حيث يرغب بوتين في توظيف التدفق العكسي للاجئين في إحراج الأوروبيين، ولا سيما ماكرون، بحيث يدفعهم لتقديم مساعدات إعادة الإعمار إلى الأسد. وفي الوقت الذي تواجه فيه أنقرة وقتاً عصيباً في التعامل مع “هيئة تحرير الشام” يعمد بوتين إلى توظيف ورقة “الحرب على الإرهاب” للتوغل في مناطق المعارضة، فيما تستمر أنقرة في بذل جهود مضنية للتوصل إلى حل لتلك المعضلة التي تحولت إلى نقطة التقاء بين واشنطن وموسكو، فيما تبدو أنقرة غير قادرة على إلزام الهيئة والمجموعات الجهادية بالاستسلام أو توفير الدعم للفصائل الموالية لها لفترة طويلة، وتشير تقديرات المحللين إلى أن هذه القضية ستبقى سيفاً مسلطاً على رقبة الأتراك الذين تعهدوا في “أستانة” و”سوتشي” بحل هذا الملف. ووفقاً لمدير برنامج الشرق الأوسط في معهد أبحاث السياسة الخارجية في واشنطن، آرون شتاين، فإن: “نظام دمشق سيعود إلى مناطق الحدود مع تركيا بعد فترة، ولذا تفكر واشنطن في ترتيب يسمح للولايات المتحدة بالمغادرة ويترك الروس يتحملون أعباء ما بعد السيطرة”. في هذه الأثناء؛ تستمر أنقرة في التحضير لإقامة المنطقة الآمنة التي تسعى إلى إنشائها على حدودها مع سوريا في منطقة شرق الفرات، حيث جرى لقاء في مجمع الرئاسي التركي (12 سبتمبر) برئاسة نائب الرئيس التركي، فؤاد أوكتاي، مع وزراء وتقنيين أتراك، ونواب في البرلمان ووزراء معنيين بالمنطقة، إلى جانب نواب عن الشؤون الدينية والهلال الأحمر التركي، ومسؤولين في إدارة الكوارث والطوارئ التركية (AFAD)، وذلك لمناقشة الاستعدادات التي تم اتخاذها بشأن المنطقة الآمنة في الشمال السوريا، وجاء ذلك الاجتماع عقب أربعة أيام من تهديد أردوغان بإنشاء المنطقة في حال مماطلة واشنطن، قائلاً: “إذا لم نبدأ بتشكيل منطقة آمنة مع جنودنا في شرق الفرات قبل نهاية سبتمبر، فلن يكون لدينا خيار سوى تنفيذ خططنا الخاصة”. وفي ظل الاحتباس الذي تعانيه أنقرة على شتى الصعد الدبلوماسية؛ يدور الحديث عن نية تركيا اللجوء إلى ورقة اللاجئين لتحقيق عدة أهداف في آن واحد، وذلك من خلال الضغط على أوروبا من جهة، والضغط على الولايات المتحدة من جهة ثانية عبر إعادة نحو مليون منهم إلى سوريا وتوطينهم في المناطق التي تسيطر عليها الولايات المتحدة وحلفاؤها. وقال أردوغان خلال لقاء جمعه مع قادة حزب العدالة والتنمية في أنقرة: “هدفنا توطين مليون أخ وأخت لنا على الأقل في هذه المنطقة الآمنة”، مؤكداً استعداده لبناء مدن جديدة بدعم من الأصدقاء لتكون المنطقة وجهة صالحة للسوريين، ما دفع بكبير مستشاري “الإدارة الذاتية” الكردي شمال سوريا للتحذير (9 سبتمبر) من سعي تركيا لإقامة “حزام عربي” على الحدود، بموجب المنطقة الآمنة التي تعمل على إنشائها مع الولايات المتحدة الأمريكية. وعلى الصعيد نفسه؛ تحاول تركيا فتح قنوات للتنسيق مع إيران وللتواصل مع دمشق بهدف التوصل إلى توافقات حول المنطقة الآمنة غربي الفرات والعمليات العسكرية بمحافظة إدلب، حيث أجرت الاستخبارات التركية اتصالات مع مسؤولين في النظام، كما تمت دعوة شخصيات قيادية من “حزب البعث” لحضور مؤتمر بإسطنبول يبحث المسألة السورية (28 سبتمبر)، من قبل حزب الشعب الجمهوري التركي المعارض.
أسرة التحرير
خليل مبروك
جلال بكور
المصادر:
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
محمد العبدة