الشرق الأوسط
تصدير المادة
المشاهدات : 2904
شـــــارك المادة
كشف عبد الباسط سيدا رئيس وفد المجلس الوطني السوري في ختام لقائه مع سيرغي لافروف وزير الخارجية الروسية أمس في موسكو عن عدم تغير الموقف الروسي تجاه تطورات الأوضاع الجارية في سوريا. وأوجز سيدا نتائج مباحثاته مع القيادة الروسية بقوله:
«موقف موسكو يظل كما هو دون تغيير»، وإن اعترف بأن الحوار ساعد كلا من الطرفين على فهم موقف الطرف الآخر على نحو أفضل على حد قوله. وفيما نقل موقع قناة «روسيا اليوم» الناطقة بالعربية عن سيدا قوله «إن الجانب الروسي طرح على المعارضين السوريين مشروعا جديدا، لم يتفق الطرفان بعد على تفاصيله»، أكد محمود الحمزة رئيس لجنة دعم الثورة السورية في روسيا وعضو الوفد في تصريحاته لـ«الشرق الأوسط» في أعقاب اللقاء عدم صحة هذه الأخبار مؤكدا أن الجانبين تبادلا الآراء حول مجريات الوضع الراهن ومستقبل الحوار وظروف المرحلة الانتقالية وحكومة الوحدة الوطنية إلى جانب الموقف من احتمالات رحيل الأسد. وكان لافروف استهل لقاء الأمس بقوله: «إننا إذ أيدنا خطة كوفي أنان أكدنا تمسكنا بضرورة الوقف الفوري لكل أشكال العنف من قبل جميع الأطراف، والتحول لحوار بمشاركة الحكومة والمجموعات المعارضة كافة يقوم السوريون خلاله بتقرير مصير بلادهم بدءا من الاتفاق على أبعاد ومدة العملية الانتقالية». وأضاف لافروف تساؤلاته حول «الرغبة في استيضاح آفاق توحيد صفوف جميع أطياف المعارضة السورية على قاعدة الحوار مع الحكومة، وفق ما تنص عليه خطة كوفي أنان التي أقرها مجلس الأمن الدولي». وقالت مصادر الوفد السوري إن الجانب الروسي حرص على توضيح حقيقة مواقفه تجاه الأوضاع الجارية في سوريا في إطار ما قاله لافروف حول أنه يفعل ذلك بغية الإجابة على كل التساؤلات وتبديد مختلف الشكوك في الوقت نفسه الذي حاول فيه أيضا استيضاح أبعاد علاقات المجلس الوطني السوري مع بقية مجموعات المعارضة بما في ذلك المعارضة الداخلية بالدرجة الأولى.
ومن جانبه، أكد سيدا على أن «الأحداث التي تجري في سوريا ليست خلافات بين الشعب السوري والحكومة بل ثورة حقيقية»، مشيرا إلى أن «الشعب السوري يحاول القضاء على النظام الفاسد والتحرك إلى الأمام على طريق التطور الديمقراطي». وقالت مصادر قريبة من الوفد السوري إن نقطة الخلاف المحورية في مباحثات موسكو تركزت حول إصرار الوفد السوري على طلب موافقة روسيا في مجلس الأمن الدولي من أجل التعجيل برحيل الأسد وهو ما أعلنت موسكو أكثر من مرة أنها لا يمكن أن توافق عليه وتطرح الحوار السياسي بديلا ومقدمة لمرحلة انتقالية يمكن أن تشهد الاتفاق حول رحيل النظام ورموزه. وحول مستقبل الأسد وما يقال حول إصرار موسكو على عدم رحيله، قال الحمزة ممثل المجلس الوطني السوري في موسكو والذي شارك في المباحثات الأخيرة في تصريحاته لـ«الشرق الأوسط» بعدم صحة تمسك الجانب الروسي ببقاء الأسد. وقال إنهم في موسكو أكدوا أن التاريخ يذكر أن الأسد لم يزر موسكو إلا بعد خمس سنوات من توليه لمنصبه فيما كان قد قام بالعديد من الزيارات للعواصم الغربية قبل زيارته لروسيا. وأضاف الحمزة قوله إن الوفد السوري صار على قناعة «مائة في المائة» من عدم تمسك الروس ببقاء بشار، وهو ما أكده ميخائيل مارغيلوف رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الاتحاد الذي عاد وصارح الوفد السوري بأن لروسيا صديقا واحدا في سوريا هو «الشعب السوري». وقال الحمزة إنه ورغما عن ذلك فقد حرص الجانب الروسي على تأكيد أن مصير الأسد مسألة تخص الشعب السوري وحده وهو الذي يملك كامل الحق في تقريرها.
ومن جهته، قال عضو المجلس الوطني السوري ومدير المكتب الإعلامي فيه محمد سرميني لـ«الشرق الأوسط» إن وفد المجلس «أعاد التأكيد خلال اللقاءات التي عقدها في روسيا على ثوابت المعارضة السورية وكان واضحا برفضه القبول بأي حلول سياسية لا تتبنى رحيل (الرئيس السوري) بشار الأسد»، مشيرا إلى أنه «في حال كانت مقررات مؤتمر جنيف تنص على تنحي الأسد قبل بدء مرحلة انتقالية فنحن نرحب بها وكل ما عدا ذلك مرفوض».
وأوضح سرميني الذي شارك في لقاءات الوفد السوري أن «الجانب الروسي حاول خلال اللقاءات التسويق لمؤتمر جنيف والدعوة لحوار مع النظام، لكننا أبلغناهم أننا نرفض ذلك جملة وتفصيلا وأن التقدّم في الموقف الروسي يجب أن يكون لمصلحة الشعب السوري لا النظام وأي مبادرة حل يشارك فيها النظام غير قابلة للتطبيق».
وشدد سرميني على أن وفد المجلس الوطني «كان واضحا في موقفه لناحية رفض أي حوار مع الأسد في ظل الجرائم التي يرتكبها، بموازاة دعوته النظام الروسي لئلا يلعب دورا في قتل الشعب السوري من خلال إعطاء مهل إضافية للأسد عبر الفيتو في مجلس الأمن»، لافتا إلى «إننا شددنا على صدور قرار تحت الفصل السابع لحماية المدنيين».
وفيما نقل عن الجانب الروسي «تأكيده أنه ليس مع الأسد وليس صديقا له بل يحترم خيارات الشعب السوري»، ذكر سرميني أن «تأكيد المجلس الوطني على أن خيارات الشعب السوري هي رحيل الأسد وفق ما نصت عليه الوثيقتان الصادرتان عن مؤتمر القاهرة لم تؤد لتغيير الموقف الروسي». وأضاف: «أصررنا على أنه لا يمكننا القبول إلا بإسقاط نظام الأسد وأن السماح لروسيا والمجتمع الدولي بإعطاء مزيد من الفرص للنظام السوري والدخول في نقاشات حول مبادرات حلّ أثبتت كلها فشلها لأنها تؤمن مهلا إضافية لقتل الشعب السوري».
وأكد سرميني على أن «موازين القوى ترجح بشكل أو بآخر لصالح الشعب السوري لا النظام، سواء من خلال تسارع وتيرة الانشقاقات العسكرية ومستواها أو من خلال الانشقاقات الدبلوماسية إلى بدأها سفير سوريا في العراق اليوم وستتبعها انشقاقات مماثلة في الفترة المقبلة»، مجددا الإشارة إلى: «إننا لن نقبل بأقل من إسقاط النظام السوري مهما كانت الكلفة مرتفعة».
وكان الوفد السوري الذي يزور موسكو لأول مرة بعد إعادة انتخاب تشكيلته القيادية الجديدة برئاسة سيدا بعد الزيارة السابقة التي قام بها في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي برئاسة برهان غليون أجرى أمس أيضا اجتماعا آخر مع ميخائيل بوغدانوف نائب وزير الخارجية الروسية المسؤول عن ملف البلدان العربية تناول فيه تفاصيل الموقف الراهن وتحفظاته تجاه الموقف الروسي ومنها ما يقال حول تأييده للنظام السوري ومواصلة إمداده بالأسلحة إلى جانب لقاء آخر مع ميخائيل مارغيلوف رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الاتحاد. وقد ضم وفد المجلس الوطني السوري الزائر لموسكو كلا من رئيسه عبد الباسط سيدا، وبرهان غليون الرئيس السابق للمجلس، وجورج صبرا، وبسمة قضماني أعضاء المكتب التنفيذي للمجلس الوطني السوري، ونجيب الغضبان، عضو الأمانة العامة للمجلس الوطني السوري، ورياض سيف عضو قيادة «إعلان دمشق»، وعبيدة النحاس عضو المجلس الوطني السوري، ومنذر ماخوس ممثل المجلس الوطني السوري في فرنسا، ومحمود الحمزة ممثل المجلس الوطني السوري في روسيا، ومنسق لجنة دعم الثورة السورية في موسكو.
وقد جاءت زيارة الوفد السوري مواكبة لأنباء نقلتها وكالة أنباء «إنترفاكس» عن مصادر عسكرية تقول: «ان سفينة الإنزال الروسية الكبيرة (تسيزار كونيكوف) التابعة لأسطول البحر الأسود، وصلت أمس إلى البحر الأبيض المتوسط للمشاركة في بتدريبات قتالية». وأضافت المصادر أن السفينة ستدخل إلى ميناء طرطوس السوري للتزود بالمؤن والوقود، وتحمل على متنها وحدات من مشاة البحرية الروسية». وأشارت «إنترفاكس» إلى أن سفينة الإنقاذ «شاختيور» توجهت أيضا إلى البحر الأبيض المتوسط، فيما كانت سفينة الإنقاذ «إس بي – 5» قد سبقتها إلى هناك، إلى جانب سفينة الحراسة «سميتليفي» التابعة إلى أسطول البحر الأسود، التي سبق وتوجهت إلى نفس المنطقة. وكانت مصادر المكتب الإعلامي لوزارة الدفاع الروسية أعلنت أن «مجموعة سفن حربية تابعة لأسطول الشمال، ومنها السفينة المضادة للغواصات «الأميرال تشابانينكو» وثلاث سفن كبيرة للإنزال البحري بالإضافة إلى سفينتي إمداد، ستنطلق من ميناء سيفيرومورسك في شمال غربي روسيا إلى المحيط الأطلسي، حيث من المقرر أن تنضم إليها مجموعة سفن تابعة لأسطول البلطيق، من ضمنها سفينة الحراسة «ياروسلاف مودري» والناقلة «لينا»، بهدف القيام بتدريبات قتالية في البحر الأبيض المتوسط والبحر الأسود بالاشتراك مع سفن أسطول البحر الأسود». ونقلت وكالة أنباء «إنترفاكس» عن مصادر دبلوماسية في الخارجية الروسية قولها إن من دأب على ترويج وتضخيم الأخبار حول رحلات السفن الحربية الروسية إلى الشواطئ السورية لا يلتفت إلى التدريبات التي تجريها أساطيل البلدان الأجنبية الأخرى في المنطقة. أما عن الزيارات المتكررة للبوارج الحربية الروسية لميناء طرطوس حيث القاعدة الروسية التقنية للإمداد والتموين، قالت مصادر عسكرية روسية إنها تجرى في إطار المهام الدورية للقطع البحرية الروسية في مياه المتوسط والمناطق المجاورة وهو ما اعتبره مراقبون آخرون تأكيدا للوجود الروسي في المنطقة إلى جانب الأساطيل الأجنبية الأخرى. وجاء ذلك مواكبا أيضا لتقدم روسيا إلى مجلس الأمن بطلب مد فترة بقاء مراقبي الأمم المتحدة في سوريا لثلاثة أشهر أخرى. ومن اللافت أن الجريدة الروسية الرسمية «روسيسكايا غازيتا» أبرزت أمس ما سبق وأعلنته موسكو حول وقف تزويد سوريا بالأسلحة الجديدة والتوقف عن عقد أية صفقات جديدة حتى إشعار آخر. وعزت الصحيفة هذا الموقف إلى «وجود شكوك لدى القيادة الروسية، في قدرة النظام السوري على السيطرة على الأوضاع في البلاد، وما يترتب على ذلك، من وقوع الأسلحة في أيدي المعارضة، بعد وصولها إلى السلطة». وأضافت أيضا ما يقال حول أن «موسكو أقدمت على ذلك، لكي تطالب البلدان الغربية وفي مقدمتها الولايات المتحدة، بالالتزام بالقوانين والأعراف الدولية، التي تحظر تزويد حركات المعارضة بالسلاح». وقالت الصحيفة إنه «ومهما كانت حقيقة نوايا القيادة الروسية من هذه الخطوة، فإن الحرب الأهلية في سوريا أصبحت أمرا لا يمكن تفاديه». وأعربت عن شكوكها تجاه احتمالات أن «تسفر الجولة التي يقوم بها كوفي أنان في عدد من الدول التي تتمتع بتأثير على أطراف النزاع في سوريا عن الحد من تدهور الأمور هناك».
وفي إطار ما دأبت عليه موسكو خلال الفترة الأخيرة من إعلان للأخبار التي تحتمل مختلف التفسيرات بل وتعني في بعض الأحيان الشيء ونقيضه أعلن فياتشيسلاف دزيركالين نائب رئيس الهيئة الفيدرالية الروسية للتعاون العسكري – التقني الذي سبق وأعلن عن توقف موسكو عن إمداد سوريا بالأسلحة أن روسيا ستنفذ العقود الموقعة سابقا مع سوريا، ولكن لن توقع عقودا جديدة. وأضاف: «لروسيا التزامات أمام سوريا بموجب العقود الموقعة سابقا، والتي وقعت عام 2008 (لصيانة المروحيات). وهذه العقود تنفذ حاليا وسوف يستمر تنفيذها. نحن لا نخرق أي التزامات دولية. وليست هناك أية عقوبات تحدد توريد الأسلحة إلى سوريا، وأكثر من هذا، فإن روسيا تورد أسلحة ومعدات عسكرية دفاعية. وبالدرجة الأولى وسائل المضادات الجوية، كما نورد إلى سوريا قطع الغيار الضرورية للمعدات الموجودة في سوريا منذ العهد السوفياتي». وأضاف: «لذلك لا يمكن الحديث عن نيتنا فرض منع على توريد الأسلحة والمعدات العسكرية إلى سوريا أو تحديدها. ومع ذلك لن يتم توقيع عقود جديدة لتوريد الأسلحة».
وقال دزيركالين أن روسيا لا تورد طائرات من طراز «ياك – 130» في الوقت الحاضر إلى سوريا، ولكن يجري تصنيع هذه الطائرات ضمن إطار العقود الموقعة سابقا.
وقال: «هناك عقد موقع، ولا يجري توريد هذه الطائرات حاليا. ولكن عملية الإنتاج مستمرة». وأضاف أن مدة تنفيذ العقد تنتهي في السنة المقبلة. وتساءل: «عن أي توريد يمكن الحديث، إذا كانت دورة العمل لإنتاج الطائرات تستمر من 9 إلى 12 شهرا؟».
وقال دزيركالين إن روسيا تدرس حاليا مختلف الخيارات لإيصال المروحيات التي أنجزت صيانتها إلى سوريا.
وأضاف: «علينا تنفيذ التزاماتنا، وسوف ننفذها. حاليا ندرس كيفية تنفيذها من دون أن نصاب بضرر ومن دون إثارة القوى الأخرى. وفي جميع الأحوال علينا تنفيذ التزاماتنا».. وقال دزيركالين: «لا وجود لخبراء عسكريين روس في صفوف الجيش السوري. الخبراء الروس يعملون في ميناء طرطوس ومهمتهم تزويد السفن الحربية الروسية بالمؤن والوقود ولا يقدمون مساعدات إلى الجيش النظامي السوري».
مجلة العصر
صحيفة الحياة
هانا لوسيندا سميث
ريان محمد
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة