سوريا المستقبل
تصدير المادة
المشاهدات : 7034
شـــــارك المادة
توسعت سوريا في ترسانتها من الأسلحة الكيميائية خلال السنوات الأخيرة بمساعدة من إيران وكذلك عن طريق الاستعانة بمؤسسات تعمل كواجهة لشراء معدات متطورة كانت تزعم أنها مخصصة لبرامج مدنية، وذلك طبقا لما جاء في مجموعة من الوثائق والحوارات.
وكشفت الوثائق عن أن هذا التوسع تم رغم المحاولات من جانب الولايات المتحدة وبلدان غربية أخرى لمنع بيع المواد الكيميائية الأولية وما يسمى بالتقنية ثنائية الاستخدامات إلى دمشق. ففي وقت قريب يعود إلى عام 2010، تظهر الوثائق أن الاتحاد الأوروبي قدم مساعدات ومعدات فنية بقيمة 14,6 مليون دولار، بعضها كان مخصصا لمصانع كيميائية، في إطار صفقة مع وزارة الصناعة السورية، التي يصفها دبلوماسيون وخبراء أسلحة بأنها واجهة لبرنامج الأسلحة الكيميائية في سوريا. واعترافا منه بإمكانية أن تقوم سوريا بتحويل تلك المعدات إلى برنامج أسلحة ، اشترط الاتحاد الأوروبي أن يسمح له بإجراء عمليات فحص عشوائية للتحقق من الكيفية التي تستخدم بها تلك المعدات، إلا أن عمليات التفتيش هذه توقفت في مايو (أيار) عام 2011، حينما فرض الاتحاد عقوبات على سوريا إثر الإجراءات القمعية التي اتخذتها ضد جماعات المعارضة. وقد تكشفت ملامح الجهود التي تبذلها سوريا من أجل تطوير برنامج أكبر حجما لإنتاج الأسلحة الكيميائية من خلال وثائق الاتحاد الأوروبي، وعدد من البرقيات الخاصة بوزارة الخارجية الأميركية التي كشف عنها موقع "ويكيليكس"، وحوارات أجريت مع بعض الخبراء الخارجيين. ويقول خبراء الأسلحة إن سوريا انتهجت استراتيجية تسير في اتجاهين لبناء وزيادة مخزونها من الأسلحة الكيميائية، وذلك بالحصول على المساعدات العلنية وشراء المواد الكيميائية الأولية والخبرات من إيران، بالتوازي مع الحصول على المعدات والمواد الكيميائية من شركات غافلة ظاهريا في بلدان أخرى، ويكون هذا في كثير من الحالات عن طريق شبكة من المؤسسات التي تعمل كواجهة. وهذه المواد تكون في الغالب ثنائية الاستخدامات، حيث تكون ذات أغراض تصلح في المصانع المدنية وأيضا في مصانع الأسلحة. وتناولت برقية تعود إلى عام 2006 رسالة سرية من المسؤولين الألمان إلى "مجموعة استراليا"، وهو محفل غير رسمي يضم 40 دولة بالإضافة إلى المفوضية الأوروبية ويعمل على الحماية ضد انتشار الأسلحة الكيميائية، وتحدثت البرقية عن تعاون سوريا مع إيران في مجال تطوير الأولى لأسلحة كيميائية جديدة، مشيرة إلى أن سوريا كانت تقوم ببناء ما يصل إلى 5 مواقع جديدة لإنتاج المواد الأولية الخاصة بالأسلحة الكيميائية. وذكرت البرقية، التي كتبها أحد الدبلوماسيين الأميركيين: " قد تقدم إيران تصميم ومعدات الإنشاءات لإنتاج عشرات إلى مئات الأطنان سنويا من المواد الأولية لغاز الأعصاب والسارين والخردل. كان من المفترض أن يقوم مهندسون من منظمة الصناعات الدفاعية الإيرانية بزيارة سوريا والبحث عن مواقع تصلح لإقامة المصانع، وكان مقررا أن تبدأ أعمال الإنشاء من نهاية الفترة". 2005 – 2006 م " ولخصت برقية أخرى خاصة بوزارة الخارجية رسالة من مسؤولين أستراليين إلى جماعة المراقبة، خلصت إلى أن سوريا صارت متمرسة في جهودها لتحويل المعدات والموارد من البرامج المدنية إلى تطوير الأسلحة. وأضافت البرقية: " يرى الأستراليون أن سوريا مصممة على تحسين وتوسيع برنامجها، بما في ذلك إجراء الاختبارات. سوريا تمتلك قدرات داخلية أساسية، على عكس البلدان المعنية الأخرى، ولكن ما زال لديها بعض الاعتماد على الواردات من المواد الأولية .. يبدو أن سوريا تركز على استيراد المواد الأولية والمواد الأولية للمواد الأولية" . ورغم هذه التحذيرات، يقول المحللون إنه تبين أنه كان من الصعب على الولايات المتحدة والبلدان الغربية الأخرى منع سوريا من الحصول على المواد الأولية والمعدات ، نظرا لاستخداماتها المدنية الكثيرة. وفي عام 2010، أطلق الاتحاد الأوروبي برنامج مساعدات فنية بقيمة 14,6 مليون دولار، بهدف رفع مستوى الإنتاج الصناعي في سوريا. وذكر متحدث باسم الاتحاد الأوروبي أن هذا المبلغ كان جزءا من برنامج لتمويل تطوير معايير السلامة الخاصة بالمنتجات والمعامل في سوريا، إلا أن الخبراء يقولون إن معدات الاختبارات ربما تكون قد استخدمت في برنامج لتصنيع الأسلحة الكيميائية. وقد كان هذا العقد مبرما مع وزارة الصناعة السورية، التي حذر المسؤولون الهولنديون عام 2008 من أنه «يقال إنها تعمل كواجهة لجهود تدبير الاحتياجات»، وإنها ساهمت في الحصول على المواد الأولية التي يمكن استخدامها لتصنيع غاز الأعصاب وغاز الخردل من إحدى الشركات الهولندية. وبحسب مذكرة شراء في السجل الرسمي للاتحاد الأوروبي، فقد نشرت الوزارة السورية طلب تقديم عطاءات من الشركات الأوروبية من أجل توفير «معدات ومواد استهلاكية لمعمل تحاليل كيميائية، ومعدات لإعداد وتحليل المواد البيولوجية، ومعايير لمعامل المعايرة». ويقول ألاستير هاي، وهو خبير بريطاني في الأسلحة الكيميائية في «جامعة ليدز»: «من الصعب الحديث بشكل محدد عن أمر الشراء هذا. ربما كان يغطي هيئات حكومية شرعية تريد أن تضمن مراقبة الجودة حتى تتمكن من الوفاء بالتوقعات الموجودة لدى حكومات أخرى فيما يتعلق بجودة الصادرات». وفي توضيح لمدى الصعوبة في بيع معدات ثنائية الاستخدامات، فإن خبيرا آخر يرى أن أمر الشراء الخاص بسوريا مثير للريبة، حيث أشار جيمس كوينليفان، وهو كبير محللي أبحاث العمليات في «مؤسسة راند» للدراسات، إلى أن معدات الاختبارات هذه ربما تكون مكونا هاما في برامج الأسلحة الكيميائية، وخصوصا فيما يتعلق بجانبي الاحتفاظ وإطالة العمر. وأوضح كوينليفان: «المعايرة لها أهمية بالغة في مثل هذه الأمور. بينما يعيش غاز الخردل لفترة طويلة إلى حد مذهل، فإن مواد الأعصاب ليست كذلك. بالنسبة لغازات الأعصاب، وخصوصا غاز السارين، فإن الاحتفاظ يتوقف على النقاء، وهو ما يجب اختباره». وصرح المتحدث باسم المفوضية الأوروبية، بيتر ستانو، بأن الاتحاد الأوروبي كان لديه «جدول مراقبة دورية مستقلة»، إلى أن تم تعليقه في شهر مايو (أيار) عام 2011، إلى جانب أوجه التعاون الأخرى من جانب الاتحاد الأوروبي، ردا على الإجراءات القمعية التي يتخذها النظام السوري تجاه الاضطرابات السياسية. ويبدو أن بلدانا خارج أوروبا قد قدمت هي الأخرى معدات ثنائية الاستخدامات إلى سوريا خلال السنوات الأخيرة، فبحسب البرقيات التي كشف عنها موقع «ويكيليكس»، فقد أجرى المسؤولون الأميركيون اتصالات مع نظرائهم في الصين والهند حول مخاوف بشأن بيع تقنيات ثنائية الاستخدامات إلى سوريا. وفي أحد الأمثلة على ذلك، أبدت الولايات المتحدة اعتراضها على نية الصين أن تبيع لسوريا كمية كبيرة من كحول البيناكوليل (كحول الصنوبر)، الذي يمكن استخدامه كمادة أولية لإنتاج غاز السومان السام. وليس واضحا ما إذا كان تدخل الولايات المتحدة هذا قد عطل صفقة البيع أم لا، غير أن وثائق أخرى في حقيبة «ويكيليكس» تبين أن الصين سبق أن استغرقت عامين أو أكثر كي ترد على استفسارات أميركية مماثلة. وأكد كوينليفان من «مؤسسة راند» أن تجربة برنامج الأسلحة السوري تكشف عن صعوبة منع سوريا من تطوير أسلحة كيميائية، متابعا: «بالتأكيد هناك الكثير من المعدات ثنائية الاستخدامات، فالكثير من تلك المعدات توجد أوجه تشابه قوية بينها وبين تلك الموجودة في أي مصنع لإنتاج المبيدات الحشرية. يمكنك أن ترى أن هناك تداخلا كبيرا بين الاستخدامات المدنية والعسكرية. من يبيع مواد كيميائية لا ينبغي أن يعرف أنه يبيع مواد كيميائية تصلح للاستخدام العسكري، فالمواد الأولية لها مئات الاستخدامات». واستطرد قائلا: «أما بالنسبة للبلد الذي يبني البرنامج، فهي تشبه الكيمياء التي تدرس في المدارس العليا: ما هي درجة البساطة التي تريد أن تتسم بها المكونات التي لديك؟ وكم خطوة يمكنك اتخاذها نحو إنتاج سلاح كيميائي؟ أعتقد أنه لا بد من الإشادة بسوريا لقدرتها على تصنيع سلاح من مواد أولية»
الشرق الأوسط
القدس العربي
العصر
الجزيرة نت
المصادر:
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة