..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الشام المباركة

جامع الحنابلة المظفري بدمشق

أسرة التحرير

١ إبريل ٢٠١٤ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 10530

جامع الحنابلة المظفري بدمشق
الحنابلة1.jpg

شـــــارك المادة

موقع جامع الحنابلة
يقع جامع الحنابلة خارج أسوار مدينة دمشق القديمة، في زقاق الحنابلة بمنطقة أبو جرش، محاذياً لشارع الشيخ عبد الغني النابلسي والشيخ محي الدين بن عربي بالجبة، عند سفح جبل قاسيون الشرقي بصالحية دمشق. وهو جامع تاريخي. هو أول جامع أيوبي في دمشق وأقدمهم بعد الجامع الأموي

للجامع عدة أسماء منها:
جامع الحنابلة: لأن أبناء الشيخ أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي الحنبلي هم الذين أسسوا بناءه ، وكانوا على مذهب الإمام أحمد بن حنبل، وكان وقفاً حنبلياً لذلك سمي بجامع الحنابلة.
الجامع المظفري: نسبة إلى متمم بنائه الأمير الملك المظفر أبو سعيد كوكبوري بن زين الدين بن علي بن بكتكين، أحد الملوك الأمجاد والكبراء الأجواد صاحب أربل، وكان الأمير مظفر الدين زوجاً للصاحبة خاتون شقيقة السلطان صلاح الدين الأيوبي –رحمه الله. وهي أقدم تسمية للجامع وأكثرها هي أقدم تسمية للجامع وأكثرها رواجا عند المؤرخين.
جامع الجبل: سماه النعيمي بهذا الاسم لأنه الجامع الوحيد الكبير الموجود في جبل قاسيون. أو لأنه بالقرب من جبل قاسيون.
جامع الصالحين أو الصالحية: نسبة إلى حي الصالحية أو لأنها "مسكن الصالحين".
جامع الصالحاني: نسبة لأبي صالح الحنبلي والذين ينتمون إليه المقادسة مؤسسو الجامع، وقد سميت أيضاً الصالحية نسبة لاسمه.
بناء جامع الحنابلة:
وقد بوشر ببناء جامع الحنابلة في الخامس عشر من شوال 597 هـ الموافق 19 يوليو 1201م، كرديف إسلامي لدير الحنابلة والمدرسة العُمرية بدمشق.
وقد دعا لبناء هذا الجامع المبارك الشيخ أبو عمر بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي أحد أئمة المقادسة،الذي هاجر من القدس سنة 550 هـ، وقد تولى أمر البناء والإنفاق عليه الشيخ أبو داود محاسن الفامي عام 598 هـ/ 1202م تحت رعاية ومناصرة الشيخ أبو عمر، لكن الأموال التي جمعوها لم تكن كافية لمتابعة البناء، فبلغ الخبر مظفر الدين كوكبوري صاحب إربل أن الحنابلة بدمشق شرعوا في عمل جامع بسفح قاسيون، وإنهم عاجزون عن إتمامه، فأرسل الأمير على فوره مع حاجب من حجابه يسمى شجاع الدين الإربلي ثلاث آلاف دينار أتابكية، لتتميم العمارة وأخبرهم أن ما تبقى منها، يُشتري به أوقافاً للمسجد توقف عليه.
فأكمل الشيخ أبو عمر المقدسي بناءه، وجعل منبره العظيم المميز ذا ثلاث درجات كدرج منبر النبي -صلى الله عليه وسلم، وهو أول من ولي خطابته، وانتهى البناء بمؤازرة الأمير مظفر الدين، حيث تم وضع آخر حجر ببناء المئذنة في السابع عشر من رجب سنة 610 هـ / الثاني من كانون أول 1213م.
ثم إن الملك المظفر أبو سعيد كوكبوري عاود فأرسل ألف دينار لسياق الماء إلى الجامع من قرية برزة، فمنعهم الملك المعظم بن سيف الدين أيوب صاحب دمشق، واعتذر لهم بأن في طريقه قبورا كثيرة للمسلمين، فصُنع له بئر ذو ماء زلال، ووقف عليه أوقافا تقوم به، وما زال البئر باق إلى الآن ولكن للأسف قد جف ماؤه.
والمسجد يتضمن فناء وقاعة للصلاة على غرار الجامع الأموي. الساحة بها نافورة وإيوانان يقوم كل منهما على خمس قناطر قديمة.
وصف جامع الحنابلة:
يعد جامع الحنابلة من أقدم جوامع مدينة دمشق التي بنيت في العصر الأيوبي، وقد تم تصميم وتخطيط مساقط الجامع، مشابها لتصميم وتخطيط مساقط الجامع الأموي الكبير بدمشق.
فواجهة الجامع الأمامية الغربية حجرية فيها نافذتان كبيرتان تطلان على زقاق الحنابلة، ويتوسطها الباب الغربي الكبير عليه لوحة التأسيس.
ويتصل المدخل الرئيسي للجامع برواق جميل ذو أربعة قناطر كبيرة يحملن قبة صغير، وهذه القناطر من أساس بنيان الجامع القديم ذوات الأحجار القديمة، كما يتصل رواق المدخل مع الجدار الشمالي لحرم بيت الصلاة وهو مبني من الحجارة المتناوبة الأبلقية الشكل (الحجارة البيضاء والسوداء البازلتية و المزية أي اللون الرماني)، والواقع في الزاوية الجنوبية الغربية من صحن المسجد خلف الرواق المقنطر.

صحن جامع الحنابلة:
كان صحن الجامع المستطيل الشكل والموجود في الجهة الشمالية للبناء مع المنارة المبنية في الضلع الشمالي من الصحن مفروش بالحجارة العادية، وتشبه تقسيماته تقسيمات وأجزاء صحن الجامع الأموي الكبير من حيث أروقة الصحن المحمولة على قناطر وكذلك النوافذ القوسية فوق القناطر، بالإضافة إلى شكل ميضأة المسجد القديمة، و توضع مكان المئذنة كما هي مئذنة العروس بالأموي.

أرضية الجامع:
أرضية الجامع تغيرت بعد الترميمات التي طرأت عليها، فصارت مفروشة بالرخام الأبلقي البديع ذو الأشكال الهندسية المتداخلة، و غابت مظلة الميضأة بوسط صحن الجامع، وصار فيها فسقية مياه (بحرة)، مربعة الشكل مطوقة بعقد رخامي ومحمولة على أرضية الصحن يصب فيها الآن مياه عين الفيجة.
أما الأعمدة القديمة المتراكبة بصحن الجامع، فهي من بنيان المسجد القديم وقد شيدت آنذاك آخذة طابع الأعمدة الرومانية أو البيزنطية القديمة، بالإضافة إلى الأقواس المبنية فوق الأعمدة والمتعددة، والتي يعلوها نوافذ قوسيه الشكل.


يوجد في شرقي وغربي الصحن إيوانان عظيمان يقوم كل منهما على خمس قناطر وقواعد وأعمدة قديمة، وفي الجهة الشمالية إيوان يقوم على خمس قناطر من ورائها ثلاث قناطر أخرى، والى جانبها المنارة المربعة الجميلة. كما أن للجامع باب شرقي مقابل الباب الغربي.

قبلة جامع الحنابلة:
يدخل إلى حرم بيت الصلاة (القبلة) لجامع الحنابلة من باب كبير إلى يمينه بابان صغيران وثالث أصغر. وكذلك إلى يساره، وهناك نوافذ محيطة بالمدخل الرئيسي فوق الأبواب من جهة الحائط الشمالي والغني باللوحات المنحوتة الغنية بالزخارف الجصية الأنيقة على هيئة نباتات زهرية مرسومة بشكل فني وعليها رسومات داخل القوصرة، وهي مثلث في أعلى واجهة المبنى، وقد انمحى معظمها ولم يبق منها الآن إلا ما على الباب الأيمن الثاني.
والحرم نفسه مضاء من خلال نوافذ موضوعة داخل الحجارة الضخمة بشكل منظم متناسق الأبعاد مع أرضية المسجد، و الجدار الجنوبي متآخي مع النوافذ التي تم دمجها من الزجاج المعشق والملون مع بعض من النوافذ العلوية ومضاءة من السقف الملتحم مع الجدار الجنوبي.
والقبلة قائمة تحت ثلاث جملونات خشبية مركبة على ثلاثة مجموعات من العقود الحجرية، ومجازه الأوسط القاطع على ثلاثة عقود أيضاً مبني على شكل جمالون أو مثلث أو هرم، ضلعاه يستندان إلى مجموعتي العقود وتحتها خمس قناطر، ومن أمامها خمس أخرى، وهي مقسومة إلى ثلاث أجنحة "بائكات (البائكة مجموعة عقود مبنية على اتجاه واحد)"، موازية لحائط القبلة، يقطعها مجاز قاطع منحرف قليلاً إلى الغرب، مدعمة برتل من الركائز الضخمة الحاملة للقناطر الحجرية المساندة والملتحمة مع الأعمدة الخشبية للسقف كما هو الحال في الجامع الأموي، ولها شباكان عظيمان إلى زقاق الحنابلة، وآخران إلى طريق المسكي، و أربعة جنوبية تطل على الدور والبيوت العربية القديمة ويوجد حاليا بداخل كل شباك جهاز تكيف حديث قد حجب رؤيتهما، وفي جدار القبلية سدة خشبية ذات زخارف بديعة وكذلك فوق الشباكين الشرقيين كوى بديعة الزخرفة من الزجاج.

محراب مسجد الحنابلة:
أما محراب جامع الحنابلة فهو بديع من الحجر، ولكنه مشوه بالدهان وتم تحديثه في العصر العثماني، مرتفع القامة محفور في حائط القبلة يحيطه إطار مزخرف بشكل هندسي مزين بجملة من الآيات القرآنية، مكتوبة بأجمل أنواع الخطوط العربية ومتوج بمقرنصات على شكل نصف قبة، ومحاط بأعمدة صقلية، ونقش في أعلى المحراب: {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} [النساء:103].
على جانب المحراب يوجد منبر الجامع؛ خشبي الصنع أية من آيات الفن الخشبي المحفور، وهو من أقدم و أندر وأجمل المنابر الموجودة في بلاد الشام ومصر قاطبة بعد منبر صلاح الدين الأيوبي، الذي حرقه الصهاينة في حريق المسجد الأقصى المبارك في 21 آب / أغسطس 1969م، وقد صُنع منبر جامع الحنابلة في عام 604 هـ الموافق 1207م حسبما تشير إلى ذلك الكتابة التاريخية المحفورة فوق باب المنبر مباشرة.
وهو واضح للعيان في نقوشه ويدل على أناقة وعراقة في صياغة الخشب المصنوع منه والمعشق والمتشابك بنقوش معقدة هندسياً ومشغولة على هيئة نباتات زهرية.

سقف مسجد الحنابلة:
سقف الجامع مصنوع من الخشب تغطيه طبقة من التبن والكلس، وهو محكم الصنع يقي المسجد ويحميه من أمطار الشام الغزيرة. والجدير بالذكر أن حرم المسجد لا يوجد فيه غارب أو قبة كما هو الحال في الجامع الأموي وجامع التوبة.

مئذنة جامع الحنابلة:
ذكرت بعض المصادر التاريخية أنه كان لجامع الحنابلة مئذنتان جنوبية وشمالية، ولم يبق منهما حالياً إلا الشمالية وتقع في آخر الرواق الشمالي للجامع، وبنيت على نسق مئذنة العروس في الجامع الأموي.

مئذنة جامع الحنابلة
وهي عبارة عن مئذنة بسيطة مطلية بالجص الأبيض خالية من المقرنصات وبقية العناصر التزيينية، وهي ذات جذع مربع متقشف في عمارته ضخم في محيطه، والمئذنة طويلة شاهقة الارتفاع في جذعها السفلي يتخللها نوافذ طولية ضيقة وتعلوها شرفة خشبية وحيدة ومربعة أخذت شكل الجذع، تغطيها مظلة خشبية أخذت شكل الشرفة متوجة بقمة حجرية منحوت فيها محاريب صغيرة صماء وصولاً لقمة المئذنة على شكل خوذة على شاكلة القمم الأيوبية.
والذي ينظر إليها من زقاق الحنابلة يراها قد توارت وحجبت بحكم التوسع والتطور العمراني حولها، وعلى عتبة مدخل المئذنة كتابة / على أنها عُمرت عام 610 هـ / 1223م.
حريق في جامع الحنابلة:
ذكر المؤرخ بن تغري بردي في النجوم الزاهرة أنه في مستهل ربيع الآخر سنة أربع وأربعين وسبعمائة للهجرة ما يوافقه 25 آب / أغسطس 1343م، وقع حريق عظيم بسفح قاسيون احترق به سوق الصالحية حتى وصل الحريق إلى الجامع المظفري وكانت جملة مهولة من الدكاكين التي احترقت تقارب من مائة وعشرين دكانا، ولم ير حريق من زمان أكبر منه ولا أعظم إنا لله وإنا إليه لراجعون .
ترميم جامع الحنابلة:
جرت أعمال ترميم كاملة للمسجد في عام 2002م، وقد شارك بالمقدار الأكبر في ترميم هذا المسجد المحسن إسماعيل يوسف السعدي بتاريخ 17 محرم 1423 هـ الموافق 12 شباط فبراير 2002م.

قال فيه الشعراء:
جامع الحنابلة أدى دوراً ريادياً في النهضة العلمية في بلاد الشامحي الصالحية في دمشق أثر مبارك من آثار المهاجرين الذين تركوا بلادهم في فلسطين، هربًا بدينهم من الصليبيين، عام (550 هـ ـ 1155م). وسميت الصالحية لأنها كانت مسكناً للصالحين.

وفيه يقول الشاعر:

الصـــــــــالحيَّة جنَّة
                             والصالحون بها أقاموا
فعلى الديار وأهلها
                              منِّي التحيَّة والسلام

ومسجدها أقدم آبدة أيوبية ما زالت ماثلة في دمشق الشام، قال فيه يوسف بن عبدالهادي:

بالله إن جزت الصوالح فاقرها
                                     مني الســلام ولا تذد عن صدرها
شوقي يزيد إلى محلة أنســــــــها
                                     والقلب منـــــــــي دائمًا في ذكرهــا
فالسهم منها قد أصاب لمهجتي
                                      والعـين تجري مذ غدت في نهرهــا
والجامع المشهور شــملي جامعًا
                                       وبه مدار الأنس صـــــبَّ بنُعرهـا
والروضة الفيحاء ليس كمثلها
                                      وبها الفحول وســـــادة في قعرهـا

خصائصه وما قيل فيه:
هو أول جامع كبير بُني في دمشق بعد الجامع الأموي.
قال ابن عبدالهادي: «الجامع المظفري أول مباني الصالحيَّة، وتاليه المدرسة العمرية».
وقال ابن كنان عنهما: «وخصهما بالذكر لما هو مشاهد من بركتهما لكل أحد، ولأنه كثر فيهما اشتغال الدروس، وهما محل الحفَّاظ والمحدثين، واجتمع فيهما ما لا يجتمع في غيرهما».
قال ابن طولون الصالحي: «مئذنة جامع الحنابلة وهي من آجر بطبقتين»

مكتبة الجامع:
كان للجامع مكتبة صغيرة موقوفة عليه، ومعظم الحنابلة كانوا يقرؤون دروسهم فيها، وتضم مجموعة من الكتب الفقهية الحنبلية، والكتب الحديثية، إضافة إلى كتب في العلوم الأخرى، غير أن النكبات التي أصابت الجامع أثرت فيها، ولعل صغرها يعود إلى وجود مكتبتين كبيرتين متجاورتين في دار الحديث الضيائية والمدرسة العمرية.(الواقعة أمامه)

أئمة الجامع وخطباؤه:
الإمام والخطيب فيه هو مدرس ومقرئ ومربٍ وموجه، ولا يكتفي بما أُسنِد إليه بل يهب حياته كلها للعلم وخدمة الناس، وهذا ما قام به أول إمام وخطيب له وهو أبوعمر محمد بن أحمد بن قدامة المقدسي، عميد المقادسة في دمشق، ثم تابع عمله أخوه الإمام موفق الدين المقدسي، فأمَّ وخطب ودرَّس وساعده ابنه الشيخ عيسى، ومن بعدهم تولى الإمامة أبناء أبي عمر وأحفاده على مدى أكثر من ثلاثمائة سنة، ثم قام بعد ذلك أئمة منهم ومن غيرهم.

التاريخ العلمي للجامع:
التاريخ العلمي للجامع المظفري يمثل نهضة علمية شاملة، قام بها المهاجرون المقادسة في الصالحية، على أن ظاهرة سماع الحديث، ثم قراءته رواية ودراية كانت من الأمور التي تميز بها المقادسة في الصالحيّة، حيث كانوا يُسمِعون أولادهم منذ الصغر، فكانوا يسعون إلى كبار العلماء من سكان دمشق والواردين إليها، كي يتلقوا عنهم في الجامع المظفري الذي درَّس فيه طائفة عظيمة من العلماء لا يمكن حصر أسمائهم في هذا المقال، ولكني أقتصر على ذكر بعضهم، فمن مشاهير العلماء الذين سكنوا الصالحية، و سمِعوا وأسمَعوا في الجامع المظفري:
1- أحمد بن عبيدالله بن أحمد المقدسي الحنبلي (ت: 613هـ).
2- العماد بن عبدالواحد المقدسي الحنبلي (ت: 614هـ).
3- عبدالرحمن بن محمد بن عبدالجبار المقدسي الحنبلي (ت: 635هـ).
4- أحمد بن علي بن الحسن الجزري (ت: 743هـ).
5- يوسف بن محمد بن عبدالله المرداوي (ت: 769هـ).
6- محمد بن علي بن طولون الدمشقي (ت: 953هـ).

وكان لمجالس السماع الجماعي نصيب في الجامع المظفري وهي مجالس يشترك فيها عدد من الشيوخ، وربما شاركتهم بعض الشيخات في مجلس واحد لإسماع بعض كتب الحديث الشريف، وهذه الطريقة فريدة تميَّز بها علماء الصالحية، وتكون بأن يتفق فيها عدد من الشيوخ لإسماع الحديث بقراءة أحد طلاب العلم وهم يستمعون، وربما شرح أحدهم بعض ما يتعلق بالأحاديث وعلو سندها، وكثيرًا ما نجد اشتراك شيخين أو أكثر، كاشتراك الفخر بن البخاري والإمام عبدالرحمن ابن أبي عمر المقدسي، ومنها السماع على 14 شيخًا وشيخة لجزء فيه انتخاب الطبراني لابنه أبي ذر في الجامع المظفري سنة (707 هـ)، ومن هؤلاء المشايخ: سعد الدين أبي محمد يحيى المقدسي، ومن الشيخات: أم محمد ست العرب، وأم حبيبة بنتا إبراهيم بن عبدالله بن أبي عمر بن قدامة المقدسي.
وقد ذيلوا المحضر: صح ذلك في يوم الأحد الثاني من ربيع الآخر سنة سبع وسبعمائة، بالجامع المظفري بسفح قاسيون، وأجاز لهم الشيوخ رواية جميع ما يروونه.
وقد ورد إلى الجامع المظفري كوكبة عظيمة من كبار العلماء والحفاظ من شتى أنحاء العالم، فأسمعوا الحديث فيه، ومن أشهرهم:
1- حنبل بن عبدالله الرصافي المكبر (ت: 604هـ)، وهو آخر من روى المسند عن أبي القاسم بن الحُصين، وقد سمع عليه طلاب العلم الكثير من مروياته، ومنها: مسند عبدالله بن مسعود من مسند الإمام احمد، وأحاديث منتخبة منه سنة (602هـ).
2- عمر بن محمد بن طبرزد البغدادي (ت: 607هـ)، وقد سمع عليه السلطان أحمد بن صلاح الدين الأيوبي لحديث أبي الحسين بن المظفر سنة (604هـ).
3- إسحق بن يحيى بن إسحق الآمدي الحنفي (ت: 725هـ)، وهو شيخ دار الحديث الظاهرية بدمشق، وسمع منه جماعة من طلاب العلم، وأجاز لهم جميع مروياته.
4- أحمد بن عبدالحليم بن عبدالسلام (ابن تيمية) الحراني، (ت:728هـ)، وقد درّس، رحمه الله، في المدرسة السكرية والمدرسة الحنبلية بدمشق، وقد سمع من شيخه الإمام عبدالرحيم بن عبدالملك المقدسي، وإسماعيل بن أبي عبدالله العسقلاني بالجامع المظفري سنة (675هـ). ووُجِد نص السماع بخطه رحمه الله.
5- محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي الشافعي، (ت:748هـ)، شيخ المحدثين وقدوة الحفاظ، ومؤرخ الشام، سمع على شيخه إسماعيل الفرَّاء سنة (694هـ ) بالجامع المظفري.
6- إسماعيل بن عمر المعروف بابن كثير الدمشقي (ت: 774هـ)، الإمام المفتي المحدث البارع، صاحب البداية والنهاية، سمع أحاديث أبي الحسين بن المظفر على شيخه أحمد بن المحب سنة (730هـ) بالجامع المظفري.
7- أحمد بن علي بن محمد (ابن حجر العسقلاني) صاحب الفتح، (ت: 852 هـ)، خاتمة الحفاظ وقاضي القضاة، أقام بالصالحية مائة يوم حصّل فيها ألف جزء غير الكتب الكبار، واجتمع فيها مع الإمام إبراهيم بن مفلح الحنبلي بالجامع المظفري.

ومن أشهر الشيخات اللاتي أسمعن الحديث في الجامع المظفري:
1- خديجة بنت عبدالرحمن بن محمد المقدسية (ت: 701هـ)، ومما سُمِع عليها مجلس البطاقة من أمالي حمزة الكتاني سنة 698 هـ بالجامع المظفري.
2- ست الفقهاء بنت إبراهيم الواسطي (ت: 726هـ)، سُمِعَ عليها نسخة الزبير بن عدي الكوفي سنة 724هـ بالجامع المظفري.
3- حبيبة بنت إبراهيم المقدسية (ت: 745هـ)، سمع منها الإمام الذهبي «انتخاب الطبراني» بالجامع المظفري.
4-فاطمة بنت محمد بن عبدالهادي المقدسية الصالحية (ت: 803هـ)، سمعت من الحجَّار بالجامع المظفري، وقال ابن حجر: قرأت عليها الكثير من الكتب والأجزاء بالصالحية.
5- عائشة بنت محمد بن عبدالهادي المقدسية الصالحية (ت: 816هـ)، سمعت على الحجَّار «صحيح البخاري» وغيره بالجامع المظفري، وتفردت بذلك، وقرأ عليها الحافظ ابن حجر كتبًا كثيرة كصحيح البخاري وغيره، كانت في آخر عمرها أسند أهل الأرض.
يتبين لنا مما سبق ذكره الدور الريادي الرفيع الذي كان يحتله هذا الجامع في النهضة الدينية العلمية في بلاد الشام، حيث جذب كبار العلماء والحفاظ إليه ليدْرُسوا ويدرِّسوا فيه شتى العلوم، فقد كان بحق مركزا للإشعاع الثقافي، حيث انطلقت من فوق منبره ومن حلقاته ومجالسه النهضة الثقافية العلمية بدمشق، الأمر الذي دفع بكثير من العلماء بتأليف الكتب في هذا الجامع ومنها كتاب: «جامع الحنابلة المظفري بصالحية جبل قاسيون»، للدكتور محمد مطيع الحافظ، حيث تناول المسجد بدراسة تفصيلية تحدث فيها عن بناء الجامع وتأسيسه وخصائصه وفضائله ووصفه وأوقافه وما أصابه من نكبات منذ إنشائه حتى عصرنا الحاضر، ثم تناول دوره الريادي في النهضة الدينية والعلمية في بلاد الشام، فترجم لأئمته وخطبائه، ثم للعلماء والحفاظ والمحدثين والمسندين والمدرّسين المقيمين فيه أو الواردين عليه من البلاد الأخرى- من الرجال والنساء- الذين علّموا أو رَوَوْا الحديث الشريف أو سمعوه فيه، وقد ختم الكتاب بذكر أربعين حديثًا منتقاة عن أربعين شيخًا من أربعين كتابًا مسموعًا بالجامع المظفري، والقصد أن تُقرأ في هذا الجامع العريق ليعود اتصال السند ورواية الحديث فيه، وكان أول من قرأ هذه الأحاديث على د.الحافظ مجموعة من طلاب العلم عند زيارته للكويت سنة 1426هـ.

 

 

---------------
1- ويكيبيديا الموسوعة الحرة
2- موقع قصة الإسلام
3- موقع ياسمين الشام
4- صحيفة تشرين
5- موقع رواق الحنابلة
6- مجلة الوعي الإسلامي الكويتية
7- موقع نسيم الشام

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع