عدنان علي
تصدير المادة
المشاهدات : 2756
شـــــارك المادة
يواجه الائتلاف الوطني السوري في ظل قيادته الجديدة برئاسة خالد خوجة، تحديات كثيرة، وفي مقدمتها توحيد المعارضة السياسية في الداخل والخارج، والتواصل الفعال مع الداخل السوري، وحشد مزيد من الدعم للقضية السورية على الصعيدين الإقليمي والدولي بكل أشكاله السياسية والمالية والعسكرية.
غير أن السؤال المطروح هو حول قدرة الائتلاف، ومعه الحكومة المؤقتة، على تحقيق هذه الأهداف، وهل يكفي تغيير القيادة لإحداث نقلة نوعية في الأداء، وما مدى ارتباط كل ذلك مع الظروف والمصالح الإقليمية والدولية، وما هو حجم العامل "الذاتي" إلى "الموضوعي" في هامش تحرك الائتلاف، وفي عموم القضية السورية. تأثيرات القوى الإقليمية: من الثابت أن للقوى الإقليمية والدولية تأثيراً كبيراً في مجمل مجريات الثورة السورية، وتصاعد هذا الدور مع تحوّل الثورة إلى مسلّحة وبروز تشكيلات المعارضة المختلفة العسكرية والسياسية، والتي لا شك في أن بعضها أقرب للتصنيع الاستخباراتي، سواء ما هو موجود منها في الداخل أم الخارج.
وبعضها الآخر وإن كانت تضم قوى وشخصيات وطنية، لكنها ظلت تفتقر إلى القيادة الناضجة التي تتمتع بالكفاءة السياسية المطلوبة للتعامل مع تعقيدات القضية السورية التي تداخلت فيها مصالح قوى كثيرة في العالم. كل هذا أوجد انطباعاً بأن السلوك القاصر لقيادات المعارضة المختلفة، أدى إلى تقزيم القضية السورية، وشكّل استهانة بمعاناة ملايين المواطنين السوريين، خصوصاً أولئك المشردين النازحين عن بيوتهم وديارهم. ومن هنا، فإن استعادة مكانة الائتلاف، أو بالأحرى بناء هذه المكانة بشكل حقيقي، أمر يحتاج إلى أكثر من التصريحات الإعلامية، وهو يتصل أولاً وقبل كل شيء بقدرة الائتلاف ليس على التواصل مع الداخل كما يقال عادة، بل بالالتحام مع هذا الداخل، وأن يكون جزءاً منه وليس متطفلاً عليه، ومدعياً الحديث باسمه. ويبدأ ذلك من خلال نقل جزء من مؤسسات الائتلاف والحكومة إلى الداخل السوري، وعزل هذا الأمر عن المواقف الدولية، أي عدم انتظار إقامة مناطق آمنة أو عازلة في الداخل السوري من أجل القيام بهذه الخطوة، وبطبيعة الحال، فإن نقل كل أو بعض مؤسسات الائتلاف والحكومة إلى الداخل لا يحل مشكلة الثقة المفقودة، وإن كان يُشكل بداية لا بد منها على هذا الطريق. بناء مؤسسات الدولة: والخطوة التالية هي بناء المؤسسات في الداخل على أسس سليمة خالية من الفساد والترهل القيادي، على نحو ما هو حاصل في مؤسسات الائتلاف والحكومة في الخارج، ومعظم مؤسسات المعارضة الأخرى في الداخل.
ولا شك في أن إدارة هذه المؤسسات تحتاج إلى موارد مالية قد لا تكون متاحة حالياً بالنسبة للائتلاف، مع انقطاع التمويل عنه في الأشهر الأخيرة، ما جعله يعيش حالياً أزمة مالية بات معها غير قادر حتى على دفع رواتب أعضاء هيئته السياسية، فضلاً عن تسريح أو عدم دفع رواتب مئات الموظفين داخل سورية وخارجها. ويتوقع أحد أعضاء الائتلاف في حديث إلى "العربي الجديد"، أن يصل التمويل للائتلاف خلال المرحلة المقبلة، بعد ارتباط انقطاعه خلال الشهور الأخيرة بالخلافات داخل الائتلاف أو بعدم تشكيل الحكومة، لكن حتى لو استأنفت الدول المانحة تقديم مساعداتها، فعلى الائتلاف التفكير بطريقة جديدة في المرحلة المقبلة لتأمين موارد مستدامة اعتماداً على الذات، عبر إقامة مشاريع داخل سورية وخارجها تؤمن حداً أدنى من الدخل. جدارة التمثيل: وبعد تثبيت أقدامه في الداخل، سيكون الائتلاف ومعه الحكومة، في وضع أفضل لمخاطبة العالم، وستكون له جدارة أكبر لتمثيل السوريين، وبناءً على ذلك سيكون عليه التعامل بنديّة وحنكة في الوقت نفسه مع القوى الإقليمية والدولية المتداخلة في الشأن السوري.
وأن يعيد تقديم القضية السورية إلى العالم بصورتها الأولى بوصفها قضية شعب ثار من أجل الحرية، وليست قضية إرهاب كما بات يُنظر إليها من قوى مهمة في العالم سياسياً وإعلامياً بسبب قصور جهود المعارضة، ونجاح دعاية النظام. وفي إشارة إلى روح القيادة المفتقدة لدى بعض قيادات المعارضة، فإن معارضين وصحافيين يشيرون إلى أن رئيس الائتلاف الجديد خالد خوجة، وإن كان مشهوداً له بنزاهته وابتعاده عموماً عن المناكفات، إلا أنه قلما يرد على اتصالات الصحافيين، حتى قبل أن يصل إلى رئاسة الائتلاف، خلافاً للمرشح لرئاسة الائتلاف الخاسر نصر الحريري، الذي يتمتع بدينامية وتواصل جيد مع كل الأطراف ومع الصحافيين. لكن من أوراق القوة لدى خوجة علاقاته الطيبة مع الأتراك، كونه من أصول تركمانية ويقيم في تركيا منذ سنوات طويلة، وهو يحمل جنسية تركيا ويجيد لغتها، ما يسهّل تواصله مع الأتراك وربما الحصول على دعم تركي أكبر للائتلاف والمعارضة السورية.
العربي الجديد
النهار اللبنانية
الجزيرة نت
العميد الركن أحمد رحال
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة