رامي سويد
تصدير المادة
المشاهدات : 2974
شـــــارك المادة
يطرح التقدّم المستمر لقوات المعارضة السورية في محافظة إدلب، والذي يُتوقع أن يتواصل بسيطرتها على مدينة أريحا والحواجز العسكرية على الطريق الذي يصل أريحا بسهل الغاب، سؤالاً حول الوجهة المقبلة لقوات المعارضة بعد إعلانها محافظة إدلب منطقة خالية بالكامل من قوات النظام.
فقد أنهت المعارضة، ممثلة بـ"جيش الفتح"، معركة مستشفى جسر الشغور الوطني، الذي كان يُعدّ آخر معاقل النظام السوري في مدينة جسر الشغور التي تتمتع بأهمية استراتيجية كبيرة لوقوعها قرب الساحل السوري الذي يُعتبر المعقل الرئيسي للنظام السوري، وتمكّنت المعارضة من حسم معركة المستشفى بعد يومين فقط من سيطرتها على معسكر المسطومة وبلدة نحليا الواقعة جنوبه، لتقتصر سيطرة النظام في ريف إدلب على مدينة أريحا وعلى عدة حواجز عسكرية منتشرة على الطريق الذي يصل أريحا بمنطقتي فريكة وقرقور في مدخل سهل الغاب من الجهة الشمالية. مستوى التنسيق العالي: وواصلت المعارضة انتصاراتها في محافظة إدلب مستفيدة من مستوى التنسيق العالي وغير المسبوق بين فصائلها والذي ظهر منذ تشكيل "جيش الفتح"، فقد تمكنت قيادته من تأمين انضباط الفصائل المنضوية في صفوفه، وتم تقسيم المهام العسكرية في ما بينها لتتمكن من السيطرة على مدينة إدلب ومدينة جسر الشغور ومعسكري القرميد والمسطومة بالإضافة لسيطرتها على عدد كبير من الحواجز العسكرية وصولاً إلى سيطرتها على مستشفى جسر الشغور أخيراً. ولا يبدو أن المعارضة ستكون جاهزة لمهاجمة معقل النظام الرئيسي في الساحل السوري، وخصوصاً أن التركيبة الديمغرافية للمناطق الواقعة إلى الغرب من منطقة جسر الشغور والتي تُعتبر مدخل الساحل السوري، مختلفة بشكل واضح عن التركيبة الديمغرافية للمناطق التي سيطرت عليها المعارضة في إدلب، ذلك أن المناطق التي تقدّمت فيها قوات المعارضة في إدلب يغلب على سكانها الحاضن الشعبي المعارض للنظام، الأمر الذي جعل نسبة كبيرة منهم يغادرون هذه المناطق ليقاتل أبناؤهم في صفوف قوات المعارضة قبل أن يعودوا إليها بعد سيطرة المعارضة عليها، في مقابل طغيان الطابع المؤيد للنظام على سكان المناطق الجبلية المقابلة لمدينة جسر الشغور والتي يسيطر عليها النظام السوري. تعزيزات النظام: كما أن تعزيز قوات النظام لخط دفاعها الرئيسي عن الساحل السوري والممتد من بلدة كسب قرب الحدود السورية التركية في أقصى شمال ريف اللاذقية، وصولاً إلى قمة النبي يونس في جبل الأكراد، ومروراً بمناطق قسطل معاف والمرصد 45 وبلدة عرامو الموالية للنظام، سيصعّب كثيراً من مهمة قوات المعارضة في كسر هذا الخط الدفاعي للدخول ضمن مناطق سيطرة النظام في الساحل السوري. تعقيد معركة الساحل وصعوبتها بالنسبة لقوات المعارضة لا يقتصر على المستوى العسكري، ذلك أن دخول قوات المعارضة ممثلة بـ"جيش الفتح" إلى المناطق التي تحوي الحاضن الشعبي الرئيس للنظام السوري، ستكون له آثار كبيرة قد تؤخّر خوض المعارضة لهذه المعركة، ذلك أن دخول المعارضة إلى هذه المناطق قد يتسبّب بموجات نزوح كبيرة من هذه المناطق كما حصل بعد سيطرة المعارضة في مطلع الشهر الحالي على بلدات اشتبرق والسرمانية وغانية، وهي بلدات مجاورة لمدينة جسر الشغور وتسكنها أغلبية مؤيدة للنظام السوري، الأمر الذي أدى إلى نزوح سكان هذه البلدات نحو مناطق سيطرة النظام السوري في الساحل. التوجه لمنطقة سهل الغاب: كل هذه المعطيات ترجّح احتمال توجّه "جيش الفتح" بعد انتهائه من السيطرة على ما تبقى من نقاط سيطرة قوات النظام في إدلب، نحو منطقة سهل الغاب الواقعة في ريف حماة الشمالي الغربي، حيث يوجد عدد كبير من حواجز ومعسكرات النظام السوري، فبعد أن تتمكن قوات المعارضة من السيطرة على حاجز فريكة وتل القرقور الواقعين إلى الجنوب من مدينة جسر الشغور، سيكون الباب مفتوحاً أمامها لدخول منطقة سهل الغاب من الجهتين الشمالية والجنوبية في آن. ذلك أن قوات المعارضة أعلنت بالتزامن مع دخولها مدينة جسر الشغور، عن معركة سمتها "معركة النصر" بهدف دخول جسر الشغور من الجهة الجنوبية، وتمكّنت مطلع الشهر الحالي من السيطرة على تل واسط وبلدتي المنصورة والقاهرة، لتضيّق حينها الخناق على قوات النظام الموجودة في معسكر جورين، وخصوصاً بعد سيطرة الفرقة الساحلية الأولى التابعة للجيش الحر والتي تنتشر في منطقة جبال الأكراد في ريف اللاذقية الشمالي، على بلدة السرمانية الواقعة إلى الشمال الغربي من سهل الغاب. وسيزيد وجود قوات المعارضة في محيط سهل الغاب من الجهات الشمالية والجنوبية والشرقية من فرص هذه القوات في شن عملية عسكرية واسعة ضد قوات النظام التي لا تزال متمركزة في السهل، لإجبارها على الانسحاب منها نحو مناطق الساحل السوري. ويحظى سهل الغاب بأهمية استراتيجية كبيرة كونه يشكل مدخلاً واسعاً لقوات المعارضة للتقدّم نحو مناطق ريف حماة التي يسيطر عليها النظام السوري، إذ تحمي قوات النظام من خلال سيطرتها على سهل الغاب مناطق سيطرتها في ريف حماة الغربي والتي توجد فيها المدن والبلدات التي تُعتبر خزاناً بشرياً هاماً يمدّ قوات النظام بالعناصر، وتأتي على رأس هذه المدن والبلدات مدينتي السقيلبية ومحردة وبلدة سلحب الموالية بالكامل للنظام والتي تعرضت على مدار السنوات الماضية لهجمات متقطعة من قوات المعارضة المتمركزة في بلدة كفرزيتا في ريف حماة الشمالي. محاولة حسم المعركة بأسرع وقت: هذه الأهمية الاستراتيجية الكبيرة لسهل الغاب، ستدفع قوات المعارضة إلى محاولة حسم معركة السيطرة عليه بأسرع وقت ممكن بالاستفادة من الأوضاع النفسية المتردية لعناصر ومؤيدي النظام في المنطقة بعد الخسائر الكبيرة التي منيت بها قوات النظام خلال الأسابيع الأخيرة في إدلب، والتي أدت إلى هروب كثير من الشبان من الخدمة في قوات النظام السوري بسبب خسائر النظام المتتالية.
العربي الجديد
رابطة أدباء الشام
أمين العاصي
نذير رضا
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة