إبراهيم العلبي
تصدير المادة
المشاهدات : 7149
شـــــارك المادة
هل تحول تنظيم الدولة إلى أداة لتصفية الحسابات بين الدول الكبرى؟ أم أنه منذ نشأته موضع ريبة وتتلاعب به أجهزة الاستخبارات العالمية؟ هل نجح الغرب في إيجاد "بعبع داعش" للانقضاض على المنطقة العربية؟.. أسئلة عديدة ترد إلى الذهن بعد تأمل التصريحات الصادرة عن المسؤولين الغربيين والروس التي يتقاذفون فيها المسؤولية عن نشأة التنظيم أو تمدده.
ففي إطار تراشق الاتهامات حول المسؤولية عن تعاظم قوة تنظيم الدولة، نشرت المجلة الرسمية لحلف شمال الأطلسي، ناتو ريفيور، مقالة قالت فيها إن التنظيم "قدم لروسيا خدمة كبيرة، مع توجه العديد من المتطرفين الروس إلى مناطق النزاع في الشرق الأوسط، وهو ما أدى إلى تخفيف التهديد الداخلي فضلاً عن تلبية أهداف موسكو في المنطقة".
مصالح موسكو في المنطقة:
وأضاف الحلف، في المقالة التي نشرت السبت، أن "داعش" سمح لموسكو بالانخراط في منطقة الشرق الأوسط تحت ذريعة التصدي لتمدد التنظيم، بيد أن ذلك كان "لخدمة مصالحه في المنطقة بطريقة غير مباشرة".
ولفت إلى أن تدفق المقاتلين الروس على "داعش" يعود بالفائدة على الكرملين، خاصة أنه يخفف من المشاكل التي عانى منها الرئيسان الروسيان؛ السابق بوريس يلتسين، والحالي فلاديمير بوتين، خلال مرحلة ما بعد انهيار الاتحاد السوفييتي.
وبيّن أن لروسيا مصلحة إقليمية بالدخول إلى سوريا تحت ذريعة محاربة تنظيم الدولة، مؤكداً أن التدخل الروسي في سوريا "لا يبعث برسالة للولايات المتحدة فحسب، وإنما إلى العديد من الدول لا سيما الدول العربية في الشرق الأوسط وإسرائيل، مفادها بأنه في الوقت الذي ينتاب حلفاء واشنطن في المنطقة القلق إزاء التردد الأمريكي تجاه ما يهدد المنطقة فإن في موسكو بديلاً جيداً".
وهكذا، جهد حلف الناتو إعلامياً في محاولة لـ"تعرية" المصلحة الروسية في وجود تنظيم الدولة. ولكن الرد الروسي "الإعلامي" جاء سريعاً، على لسان العميل السابق لوكالة الأمن القومي الأمريكية والمقيم في موسكو، إدوارد سنودن، الذي قال لصحيفة سويدية إن "تنظيم داعش الإرهابي هو صناعة السياسة الأمريكية".
الغارات زادت المشاكل:
وأضاف سنودن، في مقابلته مع صحيفة "Dagens Nyheter" السويدية، التي نشرت السبت ونقلت عنها "روسيا اليوم"، أن هذا التنظيم "لم يكن موجوداً قبل أن نبدأ بقصف هذه البلدان". واعتبر أن الغارات التي تنفذها الولايات المتحدة والدول الأخرى الأعضاء في ما يسمى بـ"التحالف الدولي" ضد تنظيم الدولة، لا تؤدي إلى حل المشاكل، وإنما بالعكس تشكل مزيداً منها.
وأشار سنودن إلى أن استخدام واشنطن لطائرات من دون طيار "يخلق إرهابيين أكثر عدداً من هؤلاء الذين يسفر عن قتلهم".
وأوضح أن الطائرات المسيرة (من دون طيار) "لا تستهدف شخصاً معيناً، وإنما تستهدف هاتفه، وهي لا تحدد هل هذا الهاتف موجود في تلك اللحظة في يد الشخص المستهدف، أم في يد أمه.. وهنا يكمن السبب في توجيه الضربات الجوية نحو حفلات الزفاف". وقال إن المعلومات التي تستخدمها السلطات الأمريكية "خطرة وغير موثوقة".
ولم يكن الاتهام المتبادل حول المسؤولية عن تمدد تنظيم الدولة وليد الأمس، فقد اتهمت روسيا رسمياً، وعلى لسان نائب وزير دفاعها، أناتولي أنطونوف، في يوليو/ تموز الماضي، الدول الغربية بدعم تشكيل تنظيم الدولة بهدف القضاء على نظام بشار الأسد.
دعم مالي وعسكري غربي:
وقال أنطونوف، في تصريحات نقلتها وكالة نوفوستي: "إن تشكيل داعش جاء بدعم مالي وعسكري من دول الغرب وحلفائه، من أجل القضاء على نظام بشار الأسد"، وأضاف أن "الإرهابيين والمتطرفين يخرجون اليوم من تحت السيطرة، سعياً وراء تحقيق مصالحهم الخاصة"، على حد قوله.
بدوره، سارع الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، مطلع الشهر الماضي، وبعد أيام قليلة على انطلاق التدخل الروسي العسكري في سوريا، إلى اتهام روسيا بتعزيز قوة تنظيم الدولة.
وقال أوباما إن الغارات الجوية التي بدأت روسيا تنفيذها في سوريا "ساهمت في تعزيز قوة تنظيم داعش الإرهابي".
أما وزير الدفاع البريطاني، فيليب هاموند، فقد اعتبر أن التدخل الروسي في سوريا سيعزز ما وصفها بـ"قوى الشر"، مستبعداً في تصريحات له متزامنة مع تصريحات أوباما في ذلك الحين، أن تكون روسيا قادرة على التصدي لمقاتلي تنظيم الدولة ودعم بشار الأسد، رئيس النظام السوري في الوقت نفسه.
ونقلت رويترز عن هاموند قوله إن دعم روسيا للأسد "سيدفع بالمعارضة السورية إلى أحضان داعش". وحذر من نتائج عكسية للتدخل الروسي في سوريا، قائلاً: "إنها تعزز قوى الشر".
ويفتح تبادل الاتهام بين الغرب وروسيا حول دعم تنظيم الدولة أو التسبب بتعاظم قوته، الباب أمام التساؤلات حول نشأة التنظيم الغامضة، ودور أجهزة المخابرات الدولية في تحريك عناصره أو بعضهم على الأقل، ودور الدول الكبرى كذلك في توظيف ظهور التنظيم كل على مقاسه وبما يناسب مصالحه.
الخليج أونلاين
المرصد الاستراتيجي
ربيع الخطيب
عدنان علي
فرحات طارق
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة