الأناضول
تصدير المادة
المشاهدات : 3423
شـــــارك المادة
تعيش مدينة حلب (شمال سورية) أوضاعاً إنسانية بالغة الصعوبة، مع دخول الحصار يومه الـ18، رافقه ارتفاع كبير في وتيرة القصف على أحياء المدينة السكنية، من قبل قوات النظام وحلفائه (القوات الروسية وميليشيات مسلحة لبنانية وعراقية)، إلى جانب توقف معظم مستشفياتها عن العمل جراء استهدافها هي الأخرى بالقصف.
ومطلع فبراير/شباط الماضي، قطع النظام طريق الإمداد بين ريف حلب الشمالي إلى الأحياء الشرقية للمدينة، الواقعة تحت سيطرة المعارضة، بعد هجوم عنيف، بمساندة من سلاح الجو الروسي، ليعود قبل أسبوعين، ويقطع طريق الكاستيلو، شمال غرب المدينة، وتصبح بذلك مناطق سيطرة المعارضة في المدينة محاصرة بشكل كامل. أخطر مدينة في العالم: حلب التي توصف بـ"أخطر مدينة في العالم"، وفقاً لمراقبين، أصبحت أكثر خطورة من أي وقت مضى، حيث بات القصف المتواصل منذ 4 سنوات أشد وطأةً، مخلفاً موتاً ودماراً في كل أنحائها، وحصار فرضته قوات النظام على المدينة بعد قطع طريق إمدادها الوحيد (طريق الكاستيلو التي سيطرت عليه قبل أسبوعين)، فأصبح معه دخول المواد الغذائية مستحيلاً، في حين تعاني ما تبقى من المستشفيات فيها من نقص الدواء والمعدات والكوادر الطبية، إلى جانب مخاوف القصف الذي تتهددها في كل لحظة. وبحسب الدكتور عبد الباسط إبراهيم، مدير صحة حلب التابعة للمعارضة السورية، فإن أفق العلاج في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة في المدينة بات ضيقاً للغاية، بعد خروج 4 مستشفيات عن الخدمة دفعة واحدة قبل يومين، جراء استهدافها بالقصف، مشيراً إلى أن العبء الصحي للمدينة بكاملها بات على المستشفيات الثلاثة متبقية. وأوضح إبراهيم، أن المستشفيات التي توقفت عن العمل هي "الدقاق"، و"الحكيم للأطفال"، و"البيان الجراحي"، و"السيدة الزهراء للأمراض النسائية"، إضافة إلى توقف "بنك الدم"، عن العمل لتعرضه لأضرار جسيمة جراء القصف أكثر مرة، لافتاً إلى أن طيران النظام وحلفائه الروس، استهدفوا قبل أيام مركز "الطبابة الشرعية" الذي خرج هو الآخر عن الخدمة، بعد إصابة 6 من كوادره الطبية بجروح. وبيّن مدير صحة حلب، أن إعادة تأهيل المستشفيات من جديد "ليس بالأمر السهل"، لا سيما فيما يتعلق بمستشفى البيان، الذي دمر بشكل كبير، معرباً عن أسفه لعدم اكتراث العالم لما يجري في المدينة، واصفاً الوضع بأنه "لا يطاق ولا يمكن التعبير عنه بالكلمات"، ونبّه إبراهيم، إلى أن عدد الكوادر الطبية في مدينة حلب لا يتجاوز 30 طبيباً، مشدداً أن "هذا العدد القليل لا يكفي لسد حجم العمل الضخم المطلوب منهم نتيجة مواصلة القصف الهستيري على المدينة". اختصاصات طبية مفقودة: كما أشار أن هناك اختصاصات طبية في غاية الأهمية ولكنها مفقودة في المدينة، مثل الجراحة العصبية والصدرية، الأمر الذي اضطر الكثير من الكوادر الطبية العاملة لمعالجة حالات معينة دون أن يكون ذلك من اختصاصهم، معتبراً أن اختصاص الأمراض العصبية يبقى عصياً ولا يمكن لأحد تعويضه، من جانبه، قال بشر الحاوي، الناطق باسم المجلس المحلي بمدينة حلب، التابع للمعارضة السورية، أن الوضع الإنساني في المدينة يزداد سوءاً مع تواصل الحصار عليها وقطع قوات النظام لطريق شريان المدينة الوحيد منذ 18 يوماً. وأوضح الحاوي، أن المخزون الأساسي من الطحين والمواد الإغاثية "الأساسية"، لا يكفي لأكثر من ثلاثة أشهر كحد أقصى، مبيناً أن تلك المدة مرهونةً أيضاً بتطبيق تقنين شديد، موضحاً أن اجتماعاً عقد مع كافة المنظمات العاملة في حلب بغية وضع خطة لتقنين ما يملكونه من مواد ولا سيما مادة الطحين، حيث اتخذ قرار بتخفيض الكمية المستخدمة منه يومياً إلى 40 طناً بدلاً من 80 طن في السابق. "أما الأسواق فهي تفتقر إلى الخضار والمنتجات الزراعية، لأن المدينة لا تملك مساحات زراعية كبيرة"، يقول الحاوي، "إلاّ أن المجلس بدأ العمل على مشاريع زراعية صغيرة ومتوسطة وتوزيع البذار"، إلا أنه لم يبدي تفاؤله بنتيجة جيدة، "لضيق المساحات"، وبيّن أن هناك ارتفاع كبير بالأسعار ولا سيما المواد الأساسية كالمحروقات والطحين والمواد التموينية، مقدراً نسبة الارتفاع بـ40 بالمئة بالنسبة لفترة ما قبل الحصار، رغم حداثة عهد الأخير، ما دفع المجلس إلى تشكيل لجنة رقابية على الأسعار، باتفاق بين المنظمات المدنية والهيئات العسكرية، بغية ضبط الأسعار قد المستطاع. من جانبه أوضح الإعلامي محمود طلحة، مدير مكتب شبكة "شام" الإخبارية المعارضة في حلب، أن متوسط عدد الغارات على المدينة خلال الأسبوعين الماضيين، بلغ 25 غارة يومياً، استخدمت فيها المقاتلات الروسية والمروحيات التابعة للنظام، صواريخ فراغية وعنقودية "محرمة دولياً"، وأسفرت عن استشهاد 300 شخص، وضعف هذا العدد من الجرحى. واعتبر طلحة، أن طريق "الكاستيلو" الذي يمثل الشريان الوحيد لحلب، "كان محط تركيز قوات النظام طوال الشهر ونصف الشهر الماضيين، حتى تمكن من قطعه نهائياً، لتدخل المدينة في حصار تام وتعزل عن العالم الخارجي"، وعبّر الإعلامي السوري، عن خوف كبير يعتري المحاصرين داخل المدينة، والبالغ عددهم نحو 400 ألف، من تكرار التجارب السابقة التي شهدتها مدن المعضمية، وداريا، والزبداني، ومضايا، ومخيم اليرموك في ريف دمشق، الذي قضى فيه عدد كبير من الناس، بسبب الجوع وعدم توفر الأدوية اللازمة للعلاج. تجدر الإشارة أن الأمم المتحدة، اتهمت النظام في سورية في وقت سابق، بعزل مدينة حلب عن العالم الخارجي، كما حذّرت من "الأوضاع الإنسانية المتردية التي يواجهها المدنيون المحاصرون فيها".
حسام محمد
السبيل
الشرق الأوسط
العربي الجديد
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة