محمد أمين
تصدير المادة
المشاهدات : 2778
شـــــارك المادة
بدأت روسيا فصلاً جديداً من حرب الإبادة التي تشنّها على المدن والبلدات الخارجة عن سيطرة حليفها نظام الرئيس السوري بشار الأسد، وأكدت وزارة الدفاع الروسية بدء عملية واسعة النطاق، لشنّ ضربات في محافظتي إدلب وحمص السوريتين، بمشاركة حاملة الطائرات "الأميرال كوزنيتسوف"، التي وصلت حديثاً إلى الشواطئ السورية.
فيما تتجه قوات المعارضة إلى حسم معركة انتزاع السيطرة على مدينة الباب، شمال شرقي محافظة حلب من يد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش). ويحصل هذا في وقتٍ أدلى فيه المبعوث الأممي إلى سورية، ستيفان دي ميستورا، بدلوه في شأن تأثير انتخاب الجمهوري دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة، على سورية. وأفاد وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، في اجتماع عقده الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في سوتشي، أمس الثلاثاء، مع كبار المسؤولين العسكريين الروس، أنه "بدأنا عملية كبيرة لشن ضربات مكثفة على مواقع داعش وجبهة النصرة، في محافظتي إدلب وحمص". تأمين القوات الروسية: وأشار الوزير إلى أن "العملية تجري بمشاركة فرقاطة الأميرال غريغوروفيتش، والتي أطلقت صواريخ كاليبر، بينما تتولى منظومات الصواريخ الساحلية باستيون وإس-300 وإس-400، تأمين القوات الروسية في سورية"، وكشف عن "بدء استخدام حاملة الطائرات الأميرال كوزنيتسوف للمرة الأولى في تاريخ الأسطول البحري الحربي"، معتبراً أن "الأهداف الرئيسية للضربات هي مخازن الذخيرة وتجمعات ومراكز تدريب الإرهابيين، ومصانع لإنتاج مختلف أنواع وسائل الإصابة الشاملة للسكان". وكان الأطفال أول ضحايا الحملة الروسية، إذ أشار مدير مركز حمص الإعلامي، أسامة أبو زيد، لـ"العربي الجديد"، إلى أنه "قتل طفلان على الأقل وجرح عدد من المدنيين بينهم أطفال، إثر قصف من الطيران الحربي الروسي على المناطق السكنية في قرية المكرمية بريف حمص الشمالي". كذلك واصل الطيران الحربي الروسي استهداف ريف إدلب موقعاً خمسة جرحى مدنيين، خلال استهدافه بلدة تل مرديخ في ريف إدلب الشرقي، حسبما أفاد الناشط جابر أبو محمد، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، بينما طاولت الغارات قرى الشغر، والغسانية، ومدينتي سراقب وأريحا، من دون ورود معلومات مؤكدة عن وقوع ضحايا. وكان من المتوقّع أن تشرع موسكو في عمليات عسكرية واسعة النطاق في سورية، قبل تسلّم الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب، مهامه في يناير/كانون الثاني المقبل، من أجل تعديل موازين القوى لصالح حليفها الأسد، وخلق وقائع عسكرية من الصعب تجاوزها من قبل الإدارة الأميركية الجديدة، ما يعزّز المكاسب الروسية الاقتصادية والعسكرية في منطقة الشرق الأوسط. عملية عسكرية كبيرة: ويُمكن إدراج عمليات القصف المكثف على ريف حمص الشمالي ومحافظة إدلب، في سياق التوطئة لعملية عسكرية كبرى، تعمل روسيا وايران على تنفيذها من أجل إخضاع الأحياء الشرقية من حلب، وإجبار المعارضة على الانسحاب من المدينة، وذلك في خطوة متقدمة في طريق فرض نظام الأسد على السوريين في أي تسوية، من الممكن أن تعمل على إنجازها الإدارة الأميركية الجديدة، وكان لافتاً أن قصف الأحياء الشرقية من حلب اقتصر على النظام السوري جواً وبراً، من دون تدخّل روسي، في تقاسم وظيفي بين الطرفين. في غضون ذلك، تتجه قوات المعارضة السورية المدعومة من الجيش التركي إلى حسم معركة مدينة الباب، وإنهاء وجود "داعش" بشكل كامل في شمال، وشمال شرقي حلب، بعد عامين من سيطرته على مناطق واسعة فيه، لتبدأ مرحلة جديدة من الصراع في ريف حلب الشرقي، حيث العمق الجغرافي الأوسع للتنظيم. بالتالي باتت قوات المعارضة السورية المدعومة من الجيش التركي على مشارف مدينة الباب، وتستعد لاقتحامها بعد أن سيطرت على أغلب القرى المحيطة بها من الجهات الشمالية، والغربية، والشرقية، مبقية الجهة الجنوبية مفتوحة لانسحاب قوات التنظيم من المدينة. عليه، لم يبق أمام "داعش" إلا الانسحاب باتجاه بلدة تادف، الواقعة على مسافة ثلاثة كيلومترات جنوب شرقي مدينة الباب، حيث من المتوقع ألا يصمد مقاتلوه طويلاً فيها، قبل الاضطرار للانسحاب إلى بلدة دير حافر، (15 كيلومتراً شرقي حلب)، مع العلم أن ريف حلب الشرقي، من أكبر مناطق نفوذ "داعش" جغرافياً، ويضم مئات القرى والبلدات، وهو من الأرياف الفقيرة في سورية، وكان مهملاً من النظام طيلة عقود كاملة، قبل أن يسيطر عليه "داعش" إبّان تمدّده الكبير في عام 2014، بعد طرد فصائل معارضة كانت قد انتزعته من النظام. معاقل داعش: ويبدأ الريف من بلدة دير حافر، وصولاً إلى بلدة مسكنة، شرقي حلب، على بعد نحو 100 كيلومتر، حيث تبدأ الحدود الإدارية لمحافظة الرقة، أهم معاقل "داعش" سورياً، ويؤمن انسحاب التنظيم من مدينة الباب لمقاتليه التحرّك في مساحة جغرافية هائلة، حيث خطوط الإمداد بالسلاح والمقاتلين مفتوحة من شرق حلب حتى غرب العراق، غير أن تحرك أرتال عسكرية في مساحة جغرافية منبسطة يجعل منها أهدافاً سهلة للطيران. من جهته، استبعد المحلل العسكري العقيد أديب عليوي، أن "يتمترس مقاتلو داعش في بلدة دير حافر، فطبيعة البلدة الجغرافية لا تتيح له الدفاع عنها، فهي مفتوحة من كل الاتجاهات، ولا تبعد عنه قوات النظام سوى 12 كيلومتراً". ورجّح في حديثٍ لـ"العربي الجديد" انسحاب "داعش" في حال الهجوم على دير حافر إلى "بلدة مسكنة حيث خطوط الإمداد المفتوحة"، وأعرب عليوي عن قناعته بأن "معركة الباب التي تدور رحاها الآن تُعتبر جزءاً من معركة التنظيم الدفاعية عن أهم معاقله في سورية وهي مدينة الرقة"، مشيراً إلى أن "انسحاب داعش من مدينة الموصل العراقية سيؤدي إلى تعزيز مواقعه في سورية". ولم تتضح بعد النوايا بعيدة المدى لقوات المعارضة السورية بعد السيطرة على مدينة الباب، خصوصاً أنها بدأت تقترب أكثر من خطوط التماس مع قوات النظام ومليشيات طائفية متمركزة في نقاط عدة ليست بعيدة عن ساحات المعارك في محيط مدينة الباب، تحديداً في مطار كويرس العسكري شرق حلب، أكبر مطارات النظام في سورية. عملية درع الفرات لن تنتهي عند مدينة الباب: في هذا السياق، رأى المقدم أبو حمود، أحد القادة الميدانيين في الفرقة 13 التابعة للجيش السوري الحر، المشاركة في "درع الفرات"، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "العملية العسكرية لن تنتهي بعد السيطرة على مدينة الباب، وقوات المعارضة ستبدأ التحضير لتحرير كل شبر من أرض بلادنا، ومنها الرقة". وأضاف أبو حمود أنه "من غير المستبعد أن تحاول قوات النظام قطع الطريق على قوات المعارضة السورية، من خلال شن هجوم مفاجئ على مواقع داعش، شرق مطار كويرس العسكري، انطلاقاً من المطار نفسه، أو من قاعدته الاستراتيجية في مدينة السفيرة جنوب شرقي حلب، مع العلم أنه يتمركز نحو ثلاثة آلاف مقاتل من المليشيات في السفيرة". في هذا الصدد، توقع أبو حمود أن "تحاول قوات النظام التحرك من مواقعها في كويرس باتجاه ريف حلب الشرقي"، مضيفاً أن "النظام يحاول تبريد الجبهة داخل مدينة حلب ليتحرك بهذا الاتجاه"، من جانبه، أكد قائد اللواء 51 التابع للجيش السوري الحر، المشارك في "درع الفرات" العقيد هيثم عفيسي، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "بلدة تادف هي الهدف القادم لقوات المعارضة بعد انتزاع السيطرة على مدينة الباب"، وحول نية المعارضة التوجه إلى منبج التي تسيطر عليها مليشيا الوحدات الكردية، اكتفى عفيسي بالقول: "حسب المعطيات الجديدة". على صعيد آخر، رأى دي ميستورا، أمس الثلاثاء، أن "سعي ترامب للعمل مع روسيا لهزيمة داعش في سورية صائب"، لكنه حثه على المساعدة في الدفع نحو إصلاحات سياسية لمنع الجماعة المتشددة من تجنيد المزيد من المقاتلين، وأبلغ دي ميستورا برنامج "هارد توك" على قناة هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) أن "قتال داعش أمر حيوي لكن النصر على المدى البعيد يتطلب نهجاً جديداً تماماً، في ما يتعلق بالحل السياسي". وأضاف قائلاً أنه "بكلمات أخرى نوع من الانتقال السياسي في سورية، وإلا فإن الكثير من الأشخاص الآخرين غير الراضين في سورية، ربما ينضمون إلى داعش في حين أنهم يقاتلونه"، وأبدى الكثير من خصوم ترامب خشيتهم من أن تشمل نيته المعلنة في العمل عن كثب مع روسيا في سورية، سحب الدعم الأميركي للفصائل المسلحة المعارضة للنظام، والموافقة على بقاء الأسد في السلطة.
العربي الجديد
الجزيرة نت
العصر
عدنان علي
المرصد الاستراتيجي
المصادر:
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة