..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


اخبار الثورة

إيران تزجّ فقراء أفغانستان بحربها في سوريا

صبغة الله صابر

٢٢ فبراير ٢٠١٧ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 2828

إيران تزجّ فقراء أفغانستان بحربها في سوريا
1.jpg

شـــــارك المادة

ليس لدى الشاب الأفغاني، حيدر محمدي، الذي يقاتل منذ فترة ليست بقصيرة إلى جانب قوات النظام السوري ضد المعارضة السورية، الكثير ليقوله حول قتاله دفاعاً عن قضية لا تعنيه أصلاً، لكنه يوضح أنه قدم إلى سورية عن طريق إيران، وأن السلطات الإيرانية ساعدته في الوصول إلى هناك، أما الدافع وراء قطعه كلّ هذه المسافة إلى جبهات القتال في سورية فيبدو مقتصراً على الحصول على راتب يعيله لا أكثر.

أحد الشواهد البارزة على مسؤولية إيران عن تجنيد اللاجئين الأفغان هو تشييع السلطات الإيرانية جثامين الأفغان في جنازات تجري يومياً في المدن الإيرانية المختلفة، ويشارك فيها مسؤولون من الجيش الإيراني والحرس الثوري.

موقف الحكومة الأفغانية ملتبس

بدأ تجنيد السلطات الإيرانية الشباب الأفغان للقتال في سورية منذ عام 2013، بمساعدة بعض علماء الدين الأفغان الشيعة في كل من إيران وأفغانستان، لكن في الآونة الأخيرة، أخذ عدد الأفغان المقاتلين إلى جانب النظام السوري يتزايد بشكل ملحوظ، وذلك وسط مواقف غير مفهومة للحكومة الأفغانية، وتأجيل القضية بذريعة التباحث بشأنها مع الأطراف المعنية.

ولعل ما يفسّر موقف الحكومة الأفغانية هو الخشية على علاقاتها مع إيران، لا سيما أن كابول بحاجة إلى التعاون مع طهران، خاصة في المجال الاقتصادي والتجاري. ولكن التطورات الأخيرة تشير إلى أن الحكومة الأفغانية بدأت تغير موقفها إزاء إيران، ولو بصورة بطيئة.
واعتقلت الاستخبارات الأفغانية، في نهاية شهر أغسطس/آب الماضي، المدعو غلام علي قربان بور، من أمام منزله في إقليم هرات غربي أفغانستان. ولم توضح الاستخبارات ولا الحكومة ملابسات اعتقاله حتى الآن، لكنْ مصدر في الاستخبارات أكد لـ"العربي الجديد" أن "بور كان ممثل المرشد الأعلى للثورة الإيرانية، علي خامنئي، والمرجع الديني الشيعي، علي السيستاني في أفغانستان، إضافة إلى كونه مسؤولاً عن تجنيد الأفغان الشيعية وإرسالهم إلى إيران للتدريب ثم القتال إلى جانب النظام السوري".

لم تعلّق الحكومة الأفغانية، حتى الآن، على حادثة الاعتقال، وكذلك لم تفعل التنظيمات الشيعية في أفغانستان، رغم أن عدداً من مسؤولي هذه المليشيات يشغلون مناصب رفيعة في الحكومة، فبينهم النائب الثاني للرئيس الأفغاني، والنائب الأول للرئيس التنفيذي في الحكومة.

ومثّل اعتقال قربان بور تطوراً هاماً؛ فالحكومة الأفغانية اكتفت، فيما مضى، بإصدار بيانات روتينية كلما طرح ملف المقاتلين الأفغان في سورية. كما أن هناك من يرى أن الاستخبارات الأفغانية ربما فعلت ذلك من دون التنسيق مع الحكومة، التي عادة تكتفي بالبيانات التي تتحدث عن "البحث حول القضية".

وقد تشي حادثة الاعتقال بأن الحكومة الأفغانية غيرت مسارها، فاعتزمت الوقوف في وجه الظاهرة التي أساءت لسمعة أفغانستان دولياً، فضلاً عن أنها تنذر بإشعال فتيل حرب طائفية في البلاد، خصوصاً عند رجوع المقاتلين الأفغان من سورية.

وكانت الخارجية الأفغانية قد أكدت، سابقاً، وجود أفغان يقاتلون مع طرفي الحرب في سورية، ووعدت بتكليف سفارتها في الأردن بإجراء التحقيق في القضية.
عطفاً على ذلك، يقول المتحدث باسم الرئيس التنفيذي للحكومة الأفغانية، جاويد فيصل، إن "الحكومة تعمل من خلال القنوات الدبلوماسية على القضية". بينما يصف المتحدث باسم الداخلية الأفغانية، صديق صديقي، تجنيد الأفغان إلى الحرب أينما كانت بـ"الظلم والضيم"، ويقول إن "استغلال حاجة الأفغان يخالف كافة الدساتير العالمية".

مدارس خاصة للتجنيد:

يلعب بعض علماء الشيعة دوراً بارزاً في تجنيد وإرسال الأفغان إلى سورية للانخراط في الحرب هناك لصالح النظام، مقابل الرواتب، أو بذريعة "الدفاع عن الأماكن المقدسة"، ومنهم، على سبيل المثال، العلامة الأفغاني محقق كابولي، الذي يقطن في مدينة قم الإيرانية.

دور الأحزاب الدينية في أفغانستان لم يكن ظاهراً إلى حد الآن في عملية التجنيد، ولكن "العربي الجديد" علم أن "مدارس دينية تابعة لتلك الأحزاب تعمل باستمرار على تجنيد شباب الشيعة"، وأن "ذلك يتم بالتنسيق أو برضى تلك الأحزاب، كما أن قيادات فيها، وهم يشغلون مناصب عالية في الحكومة يمولون تلك المدارس".

وفيما يخصّ تلك المدارس، والتي تحث طلابها عن الذهاب إلى إيران، ومن ثم إلى سورية لـ"الدفاع عن الأماكن المقدسة"، فهي منتشرة في منطقة دشت برجي في العاصمة كابول، وفي إقليم باميان، وفي إقليم هرات المجاور لإيران، حيث اعتقل ممثل الخامنئي. وفي هرات على وجه الخصوص، ثمة عشرات المدارس التي تنشط في حث طلابها على الذهاب إلى الحرب في سورية.

"مجاهدون" بالأجرة:

ثمة طرق مختلفة تتبعها السلطات الإيرانية ومساعدوها من الأفغان لتجنيد الشباب، كالإغراءات المالية حيث تقدم لهم رواتب تترواح بين 500 و600 دولار. وعادة الذين ينجذبون لهذا العرض الإيراني هم أبناء اللاجئين الذين يبحثون عن لقمة العيش بأية طريقة متاحة، حيث يصل عدد المجنّدين منهم إلى المئات، لا سيما أن السلطات الإيرانية تهددهم وأسرهم بالترحيل الإجباري، وهو ما لا يرغب فيه هؤلاء، نظراً للحالة المعيشية المزرية في بلادهم.

حيدر محمدي أحد هؤلاء الذين يعيشون الآن في سورية. هو وكثيرون من أقرانه يقبضون شهرياً مليوني تومن إيراني، أي ما يعادل تقريباً 600 دولار، يحارب هؤلاء من أجل الراتب وهم غير موقنين إن كانوا سيعودون إلى أهاليهم سالمين أم لا.

ليست الرواتب وحدها هي التي توظّفها السلطات الإيرانية لإغراء الشباب الأفغان، حيث تتوجه الحكومة الإيرانية إلى المعتقلين الأفغان في السجون الإيرانية، لا سيما المحكومين بالإعدام أو السجن لفترات طويلة.

محمد علي مرادلي، البالغ من العمر 45 عاماً، أمضى ستة أعوام من حياته في السجون الإيرانية، بتهمة تهريب المخدرات، قبل أن تفرج عنه سلطات طهران شريطة الذهاب إلى سورية والانضمام إلى المليشيات المقاتلة إلى جانب جيش النظام السوري، وافق مرادلي على عرض الحكومة الإيرانية مقابل قبضه راتبا قدره 600 دولار أميركي شهرياً، كما تقول أسرته لـ"العربي الجديد".

بعد عدة أيام من التدريب في طهران، أرسل الإيرانيون مرادلي مع عدد من المقاتلين الأفغان والباكستانيين لمواجهة عناصر المعارضة السورية الذين "دمروا مراقد السيدة زينب والسيدة رقية ومقام حجر بن عدي"، وفقاً لما أبلغ مرادلي أسرته وهو يودعهم قبل سفره إلى دمشق، حيث انتهى به المطاف أسيراً لدى قوات المعارضة، وعلى غرار الكثير من المقاتلين الأفغان الذين قتلوا أو أسروا في سورية، مثل مرتضى حسين، الذي قتلته المعارضة في حمص.
"لواء فاطميون" هو المظلة:

يبدو أن محاولات "حزب الله" اللبناني تشكيل "حزب الله أفغانستان" فشلت، ولم تعد مجدية، لذا عادت السلطات الإيرانية، مرة أخرى، لتنظم الأفغان في صفوف "لواء الفاطميين". كان الأفغان يقاتلون في سورية بدايةً ضمن "لواء أبو الفضل العباس" العراقي، قبل أن تشكّل إيران "لواء فاطميون" الخاص بالأفغان.
دعاية إعلامية خدمةً للتجنيد:

أطلقت عشرات الصحف الإلكترونية والمراكز الثقافية في أفغانستان دعاية ترمي، في ظاهرها، إلى "تطوير المستوى الثقافي للشعب الأفغاني"، وفق زعمها، لكنها في الباطن تدعو الشباب، بطريقة أو أخرى، إلى "الدفاع عن الأماكن المقدسة في سورية".
أحد الشواهد على ذلك هو المقال الذي نشره موقع "أوار" الثقافي للكاتب، عيسى حسيني المزاري. الفكرة الرئيسية التي يريد الكاتب إيصالها من المقال هي أن "إيران لم ترسل أي أفغان إلى سورية، إنما يذهب الشباب بأنفسهم طواعية لأجل الدفاع عن الأماكن المقدسة"، في الوقت الذي "يلعن فيه الكاتب فيه المقاتلين في صفوف الجماعات المسلحة" في إشارة للمعارضة السورية.
كما وصف موقع آخر باسم "المشرق" وهو باللغة الفارسية، تورط السلطات الإيرانية في تجنيد الأفغان بأنه "مجرد ادعاء من أعداء إيران".

استياء في الشارع الأفغاني من السياسات الإيرانية:

علي مرتضي (35عاماً)، أحد سكان منطقة دشت برجي بالعاصمة الأفغانية كابول، والذي فقد ابن عمه في سورية، يقول إن السلطات الإيرانية "لا تهمها المقدسات، ولا هي تحترم الأقلية الشيعية"، مشيراً إلى تعرضهم لانتهاكات جسمية ومعاملة سيئة في إيران، كما يلفت الشاب إلى "الصور والفيديوهات التي انتشرت أخيرا على مواقع التواصل، والتي تظهر المعاملة السيئة للمسوؤلين إيرانيين واعتقالهم شباناً داخل أقفاص من الحديد، ويضيف أن من بين المعتقلين شيعة وسنة، فإيران تضطهد الجميع".
ويلقي الشاب باللوم على الحكومة الأفغانية والأحزاب الشيعية، مشيرا إلى أن "إيران تستغل الأحوال السيئة للاجئين الأفغان، ونفوذها داخل أفغانستان لتجنيد شبابها، بهدف الدفاع عن سياسات إيران في سورية، وليس عن الأماكن المقدسة"، وفق قوله.
كذلك يرى المحلل الأمني، محمد إسماعيل عصموزيري، أن تجنيد الشباب الأفغان في سورية ليس سيئاً لسمعة أفغانستان فحسب بل إنه خطر على أمن بلادها على المدى البعيد، خاصة عند عودة أولئك المقاتلين، التي يمكن أن تتبعها ارتدادات من قبيل صدامات على أساس طائفي أو عرقي بين مكونات الشعب الأفغاني نفسه.



العربي الجديد

 

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع