الجزيرة نت
تصدير المادة
المشاهدات : 3058
شـــــارك المادة
مثلت مدينة طرابلس في شمالي لبنان مختبرا لولادة الحركات الجهادية وتحولاتها، ففيها ولد هذا التيار الجهادي على يد الشيخ سعيد شعبان وإسلاميين آخرين عام 1982 في ظروف الحرب الأهلية. وفي إحدى ضواحيها ولد تنظيم فتح الإسلام عام 2006 على يد جهاديين عملوا في العراق تحت إدارة أبو مصعب الزرقاوي، قبل أن يشتت الجيش اللبناني شملهم.
وخلال المسافة الزمنية الفاصلة بين التجربتين برز إلى السطح جهاديون فلسطينيون، مارسوا نشاطهم انطلاقا من مخيم عين الحلوة للاجئين في جنوب لبنان وحاولوا فرض مفهومهم للشريعة بداخله. غير أن التيار الجهادي الناشط حاليا في لبنان يتميز عما سبقه بأنه جزء من الانقسام المذهبي والسياسي الداخلي حول الأزمة السورية. فهو مكون من جهاديين محليين كحركة الشيخ أحمد الأسير، الذي التحق بالتيار بسياق المناورات المذهبية بين الساسة اللبنانيين،وجراء أزمة سوريا وتدخل حزب الله فيها. وهنالك كتائب عبد الله عزام التي تنشط منذ زمن بوصفها الفرع اللبناني لتنظيم القاعدة بزعامة أيمن الظواهري. وهناك أيضا جهاديون ارتبطوا بما يعرف بمجموعة الضنية ثم بايعوا جبهة النصرة بزعامة أبو محمد الجولاني أو تنظيم الدولة الإسلامية بزعامة أبو بكر البغدادي. وهنالك أيضا جهاديون لبنانيون أوفدتهم هاتان المجموعتان للعمل في لبنان. التغطية التالية توضح خريطة الحركات الجهادية في لبنان منذ نشوئها. وتعرف بهجماتهم وبأسماء قيادييهم. كما تتضمن مقابلة مع الشيخ سالم الرافعي حول موضوع الإسلاميين الموقوفين في سجن رومية ، وأخرى مع وزير العدل أشرف ريفي عضو اللجنة الحكومية المكلفة بمتابعة أزمة العسكريين المخطوفين. وتتضمن التغطية كذلك قراءة في موقف الحكومة اللبنانية من خطر الجماعات الجهادية على المعادلة اللبنانية، ورأي الخبراء في المخاوف التي تقول بأن هنالك 200 انتحاري يستعدون لهجمات جديدة بعد التفجير المزدوج بجبل محسن في يناير/كانون الثاني الماضي ومقال يتناول موضوع جهاديي لبنان.
قبل الثورة السورية:
من طرابلس انطلقت الشرارة:
توقيف شادي المولوي في طرابلس في مايو 2012 ثم إطلاقه فتح الباب أمام جولات الاقتتال العشرين
انقسم اللبنانيون في موقفهم من الثورة على نظام الرئيس بشار الأسد منذ أيامها الأولى مطلع عام 2012، فتعاطفت فئة منهم مع النظام ورفعت صور الرئيس السوري في بيوتها، وناصرت أخرى الثائرين عليه ورفعت علم الثورة السورية الأخضر. غير أن مدينة طرابلس شذت عن قاعدة الاكتفاء بالمناصرة السياسية لأحد الطرفين، يحفزها في ذلك ، قربها من حمص -عاصمة الثورة السورية- وتدفق آلاف النازحين إليها فرارا من بطش النظام. فقد حمل أبناؤها - من سكان جبل محسن ذو الغالبية العلوية، ونظراؤهم في باب التبانة ذو الغالبية السنية- السلاح ضد بعضهم البعض، فقاتلت الفئة الأولى مستظلة بصورة الأسد، بينما رفعت الثانية علم الثورة السورية. كما بادر بعض الجهاديين من طرابلس إلى الذهاب للقتال داخل سوريا. وقتل 21 منهم في كمين في تل كلخ في ديسمبر/كانون الأول 2012، وتغذت مشاعر التوتر في طرابلس على تشكيل حكومة لبنانية يرأسها طرابلسي هو نجيب ميقاتي، لكنها مدعومة من حزب الله حليف دمشق، وعلى تراث من عداء مسلمي المدينة للنظام السوري منذ تدخله في لبنان عام 1975. واستمر اقتتال جبهتي جبل محسن وباب التبانة من سنة 2012 وحتى مطلع 2014 على مدى عشرين جولة، لم يتعرف اللبنانيون خلالها على هوية السياسيين الذين يحركون المسلحين على كلا الجبهتين ويزودونهم بالمال والسلاح. ولم يوضع حد لهذه اللعبة حتى توافق فريقي 14 آذار و8 آذار في مارس /آذار 2014 على تمام سلام كرئيس جديد للحكومة، التي نفذت خطة أمنية في المدينة في أبريل/نيسان الماضي. وتضمنت صفقة تشكيل الحكومة اتفاقا صيغ تحت الطاولة ، توارى بموجبه قادة المسلحين المحليين عن الأنظار، وعاد الهدوء النسبي للمدينة، بعد انتشار الجيش مجددا على خطوط التماس التقليدية. ولم يشذ عن قاعدة الاقتتال اللبناني المبرمج ثم التوافق على إنهائه، سوى إمام مسجد بلال بن رباح في صيدا الشيخ أحمد الأسير، الذي لم يكن معروفا بامتهانه السياسة. فقد فتح الأخير معركة سياسية منفصلة مع حزب الله وحركة أمل بسبب موقفهما الداعم لحكم الرئيس بشار الأسد. والتزم الأسير في البداية أسلوب الاحتجاج السلمي على حزب الله وحركة أمل، لكنه حمل السلاح لاحقا وخاض معركة ضد الجيش اللبناني، انتهت بمقتل العشرات واختفائه هو عن الأنظار، بعد احتلال مسجد بلال بن رباح. بدوره لم يكن التيار الجهادي -الذي يعمل أساسا في الخفاء- جزءا من الصفقة التي أتت بحكومة تمام سلام واستدعت تبريد جبهة طرابلس، وبدأ التيار -وخصوصا كتائب عبد الله عزام المرتبطة بتنظيم القاعدة- ردا عسكريا وأمنيا -أواسط عام 2013- على تدخل حزب الله بسوريا ،عبر استهداف جمهوره بالصواريخ والسيارات المفخخة والانتحاريين. ثم انتقل الرد ليشمل الجيش اللبناني، الذي اتهم بالخضوع لنفوذ حزب الله. وكذا فعلت جبهة النصرة -وتنظيم الدولة الإسلامية- بعد تمددها من القلمون باتجاه عرسال في أواسط أغسطس/آب 2014 بعد اعتقال أحد قيادييها في جرود عرسال. وشارك في استهداف العسكريين أيضا جماعات صغيرة كمجموعة شادي المولوي وأسامة منصور اللذين سبق لهما المشاركة في القتال على محاور طرابلس، كما انخرطت فيه شخصيات دينية كالشيخ خالد حبلص وأحمد سليم ميقاتي، بعد مبايعتهما لجبهة النصرة أو لتنظيم الدولة.
فيما يلي جدول زمني بوقائع حرب الجهاديين داخل لبنان: هجمات الجهاديين وأهدافهم
استخدام محدود للانغماسيين
انغماسيون ينتمون إلى إحدى كتائب جبهة النصرة
في يوليو/تموز 2013 وصلت لبنان شرارة الحريق السوري ودخل فعليا في الحرب الدائرة في "شقيقته" الكبرى بانفجار سيارة مفخخة ضربت منطقة "بئر العبد" بالضاحية الجنوبية لبيروت (معقل حزب الله)، لتتوالى بعدها الهجمات الانتحارية والسيارات المفخخة التي استهدفت بشكل خاص البيئة الحاضنة لحزب الله ومقر السفارة الإيرانية في بيروت، وتبنت هذه التفجيرات "كتائب عبد الله عزام" وجبهة النصرة ردا على ما وصفته بـ"استمرار جرائم حزب إيران بحق أهلنا المستضعفين في شامنا الحبيب، وإصراره على إرسال المزيد من مرتزقته لقتل الشعب السوري، ما كان منّا إلا العمل على إيقاف مذابحه والردّ بالمثل في عقر داره لكي يضطر إلى إعادة حساباته". واللافت استخدام هذه التنظيمات بشكل كبير العنصر البشري "الانتحاري" بشكل مكثف، ولكن بعض هؤلاء وتحديدا الشخص الذي فجّر نفسه في حافلة صغيرة للركاب بمنطقة الشويفات في جبل لبنان الجنوبي التي تعد المدخل الشمالي الشرقي لضاحية بيروت الجنوبية، يطلق عليهم لقب الانغماسيين حيث هذا الرجل فجر نفسه عندما وجد أنه محاصر وأن عمليته المخطط لها ستبوء بالفشل بعد أن اكتشف السائق أمره، ولكن يبقى السؤال ما الفارق بين "الانغماسي" و "الانتحاري"؟ ويختلف "الانغماسيون" عن "الاستشهاديين" أو "الانتحاريين"، فـ "الانتحاري" عنصر مدرب تدريباً عقائدياً ومؤهل نفسياً لتفجير نفسه أو تفجير آلية يقودها دون أن يكون بالضرورة يتمتع بمواصفات بدنية معينة أو مهارات قتالية ونتيجة العملية التي يقوم بها هي الموت المحتم، أما "الانغماسي" فلا يشترط أن ينفذ "عملية استشهادية أو انتحارية" تودي بحياته، وحصل عدة مرات أن قام "انغماسيون" بقيادة عربة ملغومة إلى هدف تابع للعدو وتفجيرها عن بعد، بعد تمكنه من الانسحاب منها عقب ركنها في المنطقة المستهدفة، وذلك للقيام بعملية أخرى. مواصفات الانغماسي: وتخضع عملية اختيار "الانغماسي" لعدة شروط يجب أن تتوافر جميعها فيه، أهمها، تمتعه بالقوة واللياقة البدنية العاليتين، إضافة إلى قدر عالٍ من الشجاعة وعدم التردّد، والتأكد من ولائه المطلق للتنظيم ولأفكاره، والاستعداد للموت في سبيل تحقيق أهدافه، يخضع لدورات قاسية جداً من التدريب الرياضي على اللياقة البدنية وعلى قوة التحمّل تحت أسوأ الظروف، ويخضع لمعظم هذه التدريبات حاملاً أوزاناً ثقيلة. كما ينخرط بتدريبات عسكرية قاسية لزيادة مهاراته في الاقتحام والقتال القريب والقنص وكيفية استخدام عنصر المفاجأة في إرباك الخصم. وبالتوازي مع هذه التدريبات، هناك جلسات من الدروس الدينية العقائدية. وأصبحت "كتائب الانغماسيين" التابعة لتنظيم الدولة وجبهة النصرة وبعض الكتائب الإسلامية مصدر"رعب حقيقي" لكل خصوم هذه التنظيمات الإسلامية وسببا لفرار عناصرها من مواقعهم لمجرد سماعهم بوجود "انغماسيين" بين صفوف القوات المهاجمة. حقيقة فزاعة الانتحاريين:
عسكريون ومفتشون داخل المقهى المستهدف بالتفجير المزدوج بجبل محسن
لم يمنع طريق لا يتجاوز طوله الخمسين مترا يفصل بين منطقة المنكوبين السنية المناصرة للثورة السورية ومنطقة جبل محسن العلوية المناصرة للنظام السوري، في طرابلس شمال لبنان الانتحاريين طه الخيال وبلال إبراهيم من تفجير نفسيهما في مقهى شعبي في جبل محسن رغم قصر المسافة التي تفصل المكان عن منزل أحدهما في المنكوبين. وأحدث التفجير المزدوج الذي أوقع تسعة قتلى وأكثر من 30 جريحا ثم الكشف عن المنفذين الجارين صدمة لدى أهالي جبل محسن الذين روى بعضهم للجزيرة نت أنهم شاهدوا أحد الانتحاريين أكثر من مرة في المقهى نفسه، لكن المنطقتين المتجاورتين واللتين شهدتا سابقا أكثر من 20 جولة قتال معظمها على وقع الحرب السورية، تجاوزتا التفجير بأقل ضرر ممكن ودون ردات فعل مكلفة. لكن حادث التفجير وإن كانت ذيوله قد دفنت مع مواراة القتلى في الثرى، إلا أن سيل الأخبار التي تلته والتي تحدثت عن أعداد مخيفة من الانتحاريين اللبنانيين الذين أصبحوا جاهزين للدخول الى لبنان والقيام بعمليات تفجير أقلقت الشارع اللبناني وأعادت شريط الأحداث إلى المربع الأول عندما ضربت عدة تفجيرات انتحارية مناطق موالية لحزب الله في الضاحية الجنوبية لبيروت والبقاع (شرق لبنان). وتزامنت هذه التسريبات مع تبني جبهة النصرة في بيان التفجير وذلك تنفيذا لوعد قطعه أميرها في القلمون أبو مالك التلي بأن الجبهة "ستضرب خلف أسوار الروافض والنصيرية"، ما يؤشر الى أن التهديدات لا زالت قائمة وإن كانت وتيرة التفجير قد خفتت. مغالاة ومبالغة: ويعتقد الخبير الإستراتيجي العميد نزار عبد القادر أن المعلومات التي تتحدث عن أعداد الانتحاريين اللبنانيين قد تكون صحيحة لكن فيها بعض المغالاة والمبالغة، مضيفا أنه إذا كان بعض اللبنانيين قد التحق بتنظيمات تعتبر إرهابية وانغمس في مخططاتها فالبيئة اللبنانية لا تحتمل 200 انتحاري دون أن ينكشف أمرهم بفعل الوعي الأمني الموجود لدى اللبنانيين الذي يساعد الأجهزة الأمنية. ويردف عبد القادر في حديث للجزيرة نت، أن الخلايا الخطيرة اليوم موجود أغلبها في عين الحلوة ولكن هذا لا يعني أنه قد لا يخرج انتحاري من هنا أو مفجر من هناك، كما أن كون المفجر لبنانيا يشكل خطرا أكبر لأنه يتحرك ضمن بيئة معينة دون أن يلفت النظر إليه لأنه جزء من هذه البيئة وقد يجد أحيانا من يساعده. ويبدو عبد القادر متشائما إلى حد ما بخصوص الوضع الأمني في لبنان، معتبرا أنه سيبقى عرضة لاهتزازات مستمرة لأنه يرتبط بصورة عضوية ومباشرة بما يجري في سوريا من تشظ. لكنه يلفت الى أن ما يشفع للوضع في لبنان هو أن الأجهزة الأمنية باتت تملك قاعدة واسعة من المعلومات التي تساعدها على اتخاذ تدابير استباقية وتخولها ملاحقة الخلايا عند بدء التحضير لعملياتها أو تلاحقها في أسوأ الأحوال بعد تنفيذ عملياتها. المستوى السياسي: وإلى جانب العمل الأمني يبدو أن العمل السياسي يلعب دورا أساسيا وحاسما باتجاه تخفيف آثار الحرب السورية على لبنان. ويعوّل المحلل السياسي جوزف أبو فاضل على الحوار السني الشيعي بين تيار المستقبل وحزب الله لتخفيف آثار الأزمة السورية ومشاكل الأيديولوجيا الغريبة التي دخلت الى المنطقة على لبنان خصوصا أن هناك حكومة جامعة لكل القوى التي كانت مختلفة إضافة الى قيام التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الإسلامية. ويرى أبو فاضل في حديث للجزيرة نت، أن الأمن موضوع نسبي ولا يستطيع أي بلد في المنطقة اليوم أن يقول إنه يستطيع أن ينعم بشكل كامل بالأمن الذي أصبح عملة نادرة، مضيفا أنه في لبنان إذا كان هناك توجه إقليمي ودولي لتهدئة الوضع في لبنان ينعكس الوضع داخليا أما إذا لم يتفقوا فنرى النتائج على الأرض. طرابلس وإمارتاها:
عسكريون لبنانيون في أسواق طرابلس القديمة خلال اشتباكات أكتوبر
شهدت أحياء الزاهرية والأسواق القديمة من مدينة طرابلس وبلدة بحنين المنية في شمال لبنان اشتباكات في أكتوبر/ تشرين الأول 2014 بين الجيش اللبناني ومسلحين، وبعد ثلاثة أيام من المعارك أوقف الجيش قرابة 162 منهم وصادر أسلحة وذخائر ووضع يده على ما وصف بأنه مصنع للعبوات الناسفة.
في المقابل، تردد في طرابلس أن عدد المسلحين في الأسواق لم يتجاوز الـ15 مسلحا، وثلاثين في منطقة بحنين-عكار، وقد شاعت في الأوساط اللبنانية أنهم بصدد إقامة إمارة إسلامية، وهو موضوع تداوله الإعلام المحلي، وزاده غموضا أن أبرز المطلوبين في مجموعة طرابلس تواروا عن الأنظار وبينهم شادي المولوي المشتبه في علاقته بتنظيم القاعدة، وأسامة منصور، إلى جانب الشيخ خالد حبلص إمام مسجد بحنين. ما هي حقيقة الإمارة الإسلامية هذه؟: في بحنين تفتح خديجة شباك بيتها ببطء وأصوات هدير آليات الجيش اللبناني في كل مكان، يبعد بيت خديجة أمتارا عن مقر إقامة الشيخ خالد حبلص في مسجد هارون, والأخير معروف بأن مجموعته المسلحة هاجمت في 26 أكتوبر/تشرين الأول الماضي عناصر للجيش اللبناني، مما أسفر عن مقتل ضابط وستة جنود. تتابع خديجة ما رأته -وهي ابنة المنطقة- وتصف الشيخ حبلص بـ"المحب لجيرانه لكنني أستغرب قيامه بضرب الجيش,هو يعلم أن هؤلاء الجنود أبناؤنا ولا يجوز هذا الفعل". وتضيف أن "عدد مسلحي الشيخ قلة, وهم معروفون منذ فترة, لماذا هذا التهويل الإعلامي واستخدام الطيران الحربي والاستنفار بهذه الشدة, المسلحون فروا من أول الحادثة، والرصاص لم ينل إلا من بيوتنا, كل ما يشاع عن إقامة هؤلاء إمارة إسلامية هو محض خرافة, هم أصلا بالكاد يشرفون على المسجد, وإمكانياتهم قليلة وهذه الفكرة لا تجد رواجا في ساحتنا". محاولة مشبوهة: الكاتب والصحفي عامر الشعار يقول "بغض النظر عن صحة هذه المعلومات أو عدمها نعتبر أن الذي حصل محاولة مشبوهة من قبل بعض المتطرفين ضد الجيش اللبناني والقوى الأمنية, هذا عمل مرفوض في قاموس أهالي الشمال الذين هم عنوان للعيش المشترك". من جانبه، يقول المسؤول السياسي للجماعة الإسلامية في لبنان عزام الأيوبي للجزيرة نت "ما يحكى عن إمارة إسلامية في طرابلس لا أساس له من الصحة، ولا يعدو كونه استثمارا أمنيا وسياسيا لجهات تريد أن تشوه صورة البيئة الإسلامية، والسنية على وجه الخصوص، والحركات الإسلامية في طرابلس على اختلاف مشاربها الفكرية لا تحمل في جعبتها مشروعا كهذا، لإدراكها أنه مشروع فاشل وغير قابل للحياة بدليل أن العناصر الذين اشتبكوا مع الجيش اللبناني في الأحداث الأخيرة لم يلقوا مساندة من الأهالي ليبنى هذا الخيار". وأضاف "من يقف وراء هذه المجموعات أعتقد أنه خليط بين أجهزة أمنية تسهل لها وتخترقها لتعود وتنقض عليها وبين قوى سياسية تستثمرها في صراعاتها مع خصومها ثم لا تلبث أن تتخلى عنها بعد استنفاد أغراضها منها". وكانت مدينة طرابلس قد شهدت مطلع الثمانينيات إطلاق إمارة إسلامية قادها آنذاك مؤسس حركة التوحيد الإسلامي الشيخ سعيد شعبان وبايعه المئات في مسجد التوبة, ولكن هذه الإمارة سرعان ما تفككت وتلاشت بدخول النظام السوري المدينة. ملء الفراغ: يقول أمين عام حركة التوحيد الإسلامي بلال سعيد شعبان إن "الإمارة التي أقامها الشيخ سعيد شعبان رحمه الله جاءت لملء الفراغ, ولم تكن هناك سطوة أمنية في البلد، حتى داخل الحركة تنوعت فيها الأفكار, أحدثنا جو التزام عام ولكن ليس قسرا . منع إلى حد ما بيع الخمر والقمار". وعن الفرق بين إمارة التوحيد ومن يفكر اليوم بإقامة إمارة من "جهاديين" أضاف شعبان "الإسلام لا يقوم على القتل, الفرق على المستوى الفكري, فكر المجموعات اليوم كجبهة النصرة وداعش هو فكر إلغائي تكفيري, نحن لم نكن يوما من الأيام إلغائيين, ولم نفرض رؤيتها المذهبية على أحد, في زمن الشيخ سعيد كانت علاقتنا جيدة مع إيران وفي الوقت نفسه مع المملكة العربية السعودية والسودان ومع الكثير من الدول العربية والإسلامية, وحتى مع عبد الله عزام والمجاهدين الأفغان". أما من وجهة نظر الجماعة الإسلامية -التي نأت وقتها عن مبايعة سعيد شعبان في إمارته- فيقول الأيوبي "المقارنة مع مرحلة الثمانينيات من القرن الماضي وتجربة حركة التوحيد فيها الكثير من الفوارق، أهمها أن الواقع اللبناني يومها كان مفككا والبلد يعيش حربا أهلية، وعلى الرغم من كل ذلك لم تستطع تلك التجربة أن تعمر أكثر من ثلاث سنوات". رموز وأسماء:
فضل شاكر (يمين الصورة) والأسير (الثاني من يسارها) مثلا لونا مختلفة ضمن الرموز الجهادية
أرخت الأزمة السورية لظهور جيل جديد من الجهاديين مختلفٍ عن أولئك الذين ظهروا أواخر القرن الماضي وعرفوا بمجموعة الضنية، أو انتموا إلى أحد فروع تنظيم القاعدة أو تنظيم فتح الإسلام. ومع انفجار جولات الاقتتال في طرابلس تأثرا بالثورة السورية وتداعياتها أواسط عام 2012 ، سلطت الأضواء على أسماء لم يسبق لها الظهور في الإعلام مثل شادي المولوي. ومنذ ذلك الحين، توزع اهتمام الإعلام اللبناني بين الشيخ أحمد الأسير-الذي مثّل بخطبه واصطحابه الفنان المعتزل فضل شاكر ظاهرة مستقلة- وبين الملاحقين أمنيا من المنتمين لفرع القاعدة اللبناني. فتابعت الفضائيات اللبنانية أخبار جمال دفتر دار (كتائب عبد الله عزام) وعبد الغني جوهر(القاعدة) وأحمد سليم ميقاتي (تنظيم الدولة)، إلى جانب استمرار تداول أسماء الجهاديين القدماء المعروفين في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين كأبي محجن وأسامة الشهابي وغاندي السحمراني. وساهم استمرار اقتتال جبل محسن وباب التبانة في طرابلس، وتصاعد الهجمات الانتحارية والتفجيرية داخل لبنان، وأزمة عرسال (أغسطس/آب 2014)، في إطلاق موجة من الأسماء التي لم يتداولها الإعلام من قبل. فظهر اسم الجهادي اللبناني الذي بايع تنظيم الدولة عماد جمعة، وأسامة منصور أحد قادة محاور طرابلس الذي قتل في اشتباك مع فرع المعلومات في طرابلس في 10أبريل/ نيسان 2015والشيخ أسامة حبلص المسؤول عن مهاجمة العسكريين بمنطقة المنية والذي اعتقل في ذات اليوم ، بالإضافة إلى شادي المولوي الذي قيل إنه بايع جبهة النصرة. كما وضعت الملاحقات الأمنية شخصيات جديدة في دائرة الضوء بعد اتهامها باستهداف الجيش أو تدبير هجمات انتحارية أو تفجيرية كالسعودي ماجد الماجد الذي قضى بعد اعتقاله في عملية أمنية، والفلسطيني نعيم عباس الذي أوقف في بيروت مطلع العام الماضي. وفيما يلي قائمة بأسماء أبرز الجهاديين الناشطين في لبنان والمعروفين بانتمائهم لهذا التيار منذ ما قبل الأزمة السورية وبعدها. المولوي جهادي بايع النصرة:
ولد شادي مولوي عام 1987 في منطقة "القبّة" الشعبية بطرابلس شمالي لبنان، لم يكمل تعليمه، ونزل إلى سوق العمل مبكراً حيث عمل بمكتبة لبيع القرطاسية، وبمتجر لبيع المنتجات الورقية، تعود ملكيتهما لخاله. ويجمع أكثر من شيخ على أن مولوي كان من الملتزمين دينياً، ويحرص على اتّباع النهج السلفي في حياته اليومية. ويقال إنه نادرا ما كان يشارك في التحركات السلفية عكس معظم المنتسبين لهذه المجموعات، وفق مصادر في عائلته. وعكف مولوي في السنوات الماضية على إعداد ونشر كتب الدعوة للمشايخ السلفيين في طرابلس، وقد اشتهر بالبراعة في هذا الميدان، ممّا أكسبه سمعة واسعة في محيطه. كما كان خبيرا في انتقاء الكتب المتخصصة في الفتاوى والمناهج الدينية. أوقف عام 2010 بتهمة الانتماء إلى تنظيم سلفي، لكن أفرج عنه بعدما لم تؤكد التحقيقات هذا الأمر. إثر اندلاع الثورة السورية عام 2011، بدأ اسمه بالتردد همساً في المساجد بأنّه من داعمي الثورة ومساندي الجيش الحر من دون معرفة هذا الدور وطبيعته. القتال بسوريا: وتحدثت معلومات عن أن مولوي شارك في القتال بسوريا إلى جانب التنظيمات الجهادية، وتحديدا جبهة النصرة، وعمل في نقل السلاح إلى المجموعات السورية المسلحة. كان مولوي يُعتبر من الكوادر السلفية المغمورة في طرابلس، إلا أن الأضواء سُلطت عليه في عام 2012 بعد الجلبة التي أحدثها اعتقاله من قبل جهاز الأمن العام اللبناني، والحركة الاحتجاجية الكبيرة التي انطلقت في طرابلس لإطلاق سراحه، ونصب خيام وسط مدينة طرابلس. وبعدها بأيام أطلق سراحه بكفالة مالية ونقل إلى طرابلس بسيارة تابعة لوزير المالية اللبناني السابق محمد الصفدي، كما استقبل رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق نجيب ميقاتي، مولوي في منزله بعد الإفراج عنه. اقتتال طرابلس: وفي مارس/آذار 2012 انطلقت جولات المواجهة بين منطقتي جبل محسن (المؤيدية للنظام السوري) وباب التبانة (المعارضة للنظام)، حيث تزعم مولوي مع صديقه أسامة منصور إحدى المجموعات المسلحة التي شاركت في الجولات التي وصل عددها إلى عشرين. في بداية عام 2014 أطلقت السلطات اللبنانية خطة أمنية في شمال البلاد لوضع حد لهذه الاشتباكات، إلا أن مجموعة مولوي منصور -التي بايعت "جبهة النصرة"- اصطدمت بالجيش حتى وصل الأمر بمنصور إلى أن يكتب على صفحته في موقع فيسبوك أنه "لن نغادر التبانة حتى تغادر أرواحكم أجسادكم، حتى نخرج منها كل حقود وظالم وباغ، لن نغادر التبانة إلا فاتحين منصورين أو شهداء مرتقين". وبعد أيام من الاشتباكات وتشديد الجيش الحصار على المجموعة في أحد أحياء طرابلس الداخلية، فر مولوي إلى مخيم عين الحلوة، أكبر مخيم للاجئين الفلسطينيين (جنوب لبنان). وكشف القضاء اللبناني أن فلسطيني يدعى فريد حمد هو من نقل مولوي بسيارته مصطحباً معه عائلته للتمويه. وتناقلت مواقع التواصل الاجتماعي رسالة صوتية لمولوي يقول فيها "نحن زهاء عشرين مقاتلا وليس كما يتردد في الاعلام أن عددنا بالمئات"، وأضاف أنه سيقاتل حتى الرمق الأخير في أرضه وسيكون جسر عبور له إلى الجنة، وفق تعبيره. عين الحلوة: وبعد استقراره في عين الحلوة، أشارت معلومات أمنية إلى أن مولوي يدير ما تشبه غرفة العمليات لتنسيق تجنيد انتحاريين بهدف تنفيذ عمليات أمنية في مناطق معينة، وذلك تنفيذا لمخطط جبهة النصرة. وتفيد هذه المعلومات بأن مولوي ومنصور المختبئين في المخيم يلعبان دوراً رئيسياً في استقطاب الشباب وتوجيههم، كاشفة أن مولوي يلعب دور صلة الوصل بين أمير جبهة النصرة في القلمون أبو مالك التلّي والانتحاريين. وبعد تردد أنباء عن أن مولوي غادر مخيم عين الحلوة، كتب الأخير على صفحته بموقع تويتر "لم نخرج من مخيم عين الحلوة إلا حقنا لدماء المسلمين الذين ما همنا أصلاً إلا عزهم وتمكين دينهم والحرص على أمنهم وسلامتهم"، كما أكد أحد كوادر "الشباب المسلم" أن مولوي غادر المخيم "بعدما كان في ضيافة أحد الأخوة". إلا أن وزير الداخلية اللبناني نهاد المشنوق ومخابرات الجيش اللبناني أكدا أن مولوي لا يزال في المخيم. عباس الصندوق الأسود:
نعيم عباس انطلق من مخيم عين الحلوة إلى العراق ثم عاد
هو نعيم عباس محمود، الملقب بـ"نعيم عباس" و"أبو سليمان"، من مواليد عام 1970 في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين بجنوب لبنان. انتمى عام 1986 إلى حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح، قبل أن ينتقل عام 1993 إلى حركة الجهاد الإسلامي. اعتقله الجيش اللبناني في تسعينيات القرن الماضي بتهمة إطلاق صواريخ من جنوب لبنان على إسرائيل، إلا أنه أطلق سراحه بعد وساطة حركة الجهاد.فصلته الحركة عام 2002 إثر إطلاقه صواريخ على إسرائيل من دون علم قيادة الحركة. وبحسب "اعترافاته" التي نقلتها وسائل الإعلام اللبنانية، فإنه ذهب في عام 2005 إلى العراق وقابل صالح القبلاوي (أبو جعفر المقدسي) -وهو فلسطيني من مخيم عين الحلوة أيضا، كان مسؤولاً عن أمن أبي مصعب الزرقاوي زعيم فرع تنظيم القاعدة في العراق وقُتِل معه في العراق عام 2006- وعمل في التدريب مع "القاعدة"، وبايع الزرقاوي. ثم عاد إلى لبنان بعد شهرين مع نائب الزرقاوي، وشكل مجموعة تابعة لتنظيم القاعدة مع القيادي في "كتائب عبد الله عزام" توفيق طه وجنّد عدة أشخاص لإطلاق صواريخ على إسرائيل. وبعد اندلاع الحرب السورية، أرسله أمير كتائب عبد الله عزام "ماجد الماجد" عام 2012 إلى هناك لإنشاء خلايا للكتائب، وعاد عباس إلى لبنان، والتقى القيادي في الكتائب، سراج الدين زريقات ثم ذهبا معا إلى وادي بردى في سوريا لتجنيد أشخاص. وفي سوريا تدرب عباس على إطلاق الصواريخ، وخطط لقصف الضاحية الجنوبية في بيروت، وبالفعل أطلق عباس مع شخصين آخرين في مايو/أيار 2013، ثلاثة صواريخ سقطت في منطقة "الشياح مار مخايل" في الضاحية الجنوبية لبيروت (معقل حزب الله). واللافت في "اعترافات" الرجل أنه في عام 2013، قضى 18 يوما في سوريا، نفذ خلالها عملية إطلاق صواريخ في اتجاه قصر الشعب، وأكد أنها أصابت مركزاً للقوات الخاصة بقرب القصر. وأقر "في اعترافاته" أنه جهز عدة انتحاريين وسيارات مفخخة استهدفت مناطق بالضاحية الجنوبية بين أواخر عام 2013 وعام 2014، وأنه كان العقل المدبر للخلايا والمجموعات التي كانت تنفذ الهجمات الانتحارية وتفجر المفخخات في لبنان. وكانت مخابرات الجيش قد اعتقلت "عباس" يوم 12 فبراير/شباط 2014 ببيروت في عملية وصفت بـ"النوعية". واللافت أنه ورغم خضوعه لعدة دورات عسكرية وأمنية، وأهمية دوره "كالعقل المدبر" و"الذراع التنفيذية" في كتائب "عبد الله عزام"، فإن المفاجأة التي أذهلت المحقّقين هي أن عباس انهار خلال الدقائق الأولى من التحقيق وقال للمحقّقين: "أرجوكم لا تضربوني سأتكلّم عن كلّ شيء". حبلص "الثورة السنية":
حبلص دعا إلى "ثورة سنية" بمواجهة الجيش اللبناني
نشأة حبلص كانت سلفية جهادية، عرف منذ بداية ظهوره للناس بعد تطبيق الخطة الأمنية في طرابلس في أبريل/نيسان عام 2014 بمواقفه الحادة وتحديدا تلك المتعلقة بالجيش، وبالتهديد بـ"الثورة السنية المسلحة" إلى حدود إعلانها الذي ألهب طرابلس بأسواقها والتبانة وصولا إلى بحنين. هذه المواقف أبعدته عن "هيئة علماء المنية" المعروفة باعتدالها، كان على صلة بمؤسس التيار السلفي في لبنان الشيخ داعي الإسلام الشهال، لكنه تركه نظرا لأن حبلص تبنى خطابا عالي النبرة ضد الجيش لم يؤيده فيه الشهال، وربما أيضا لأسباب أخرى، كما تقول مصادر إسلامية. يُعرف عن الشيخ حبلص قلة كلامه والتركيز على الاستماع حتى إلى خصومه، لكن في الوقت نفسه ينقل عنه مقربون أنه كان متشددا في آرائه ولا يقبل التنازل عما يعتبره من المسلمات بالنسبة له.
عرف بتأييده لقادة المحاور وقادة المجموعات المسلحة في طرابلس وانتقاده للسلطة لعدم الإفراج عنهم، فضلا عن مناصرته "الثورة السورية". سطع نجمه مؤخراً في طرابلس عندما خطب مكان الشيخ سالم الرافعي في مسجد التقوى, كان يشارك في الاعتصامات, ويطلق الشعارات ضد الجيش اللبناني وحزب الله، وقد دعا مؤخراً في بيان له "الشباب السنة للانشقاق عن الجيش". وكان حبلص قد ألقى خطبة نارية (في ديسمبر/كانون الثاني أي عام) بمسجد التقوى في طرابلس، دعا فيها العسكريين السنة في الجيش إلى الانشقاق عنه واللحاق بركب المجاهدين، لأن الجيش -وفق تعبيره- "تحول جيشاً إيرانياً يريد استهداف أهل السنة في لبنان وكسر شوكتهم"، ودعا أيضا إلى ما أسماها "الثورة السنية" "رفضا لممارسات الجيش وكيله بمكيالين، ورفعا للظلم عن الشباب المسلم الذي يعتقل لأتفه الأسباب ويزج بالسجون، بينما حزب الله يدخل بعتاده العسكري الكامل إلى سوريا ويقاتل إلى جانب نظامها". يقول عنه بعض جيرانه إنه لم يكن يملك حرسا شخصيا, يتواضع ويقدم المساعدات للفقراء ولا حارس على بيته. كان يحاول أن يبعد صفة العمل العسكري عن مقره ومنزله لكنه يملك عددا من المسلحين، وكان في الآونة الأخيرة قد زاد عددهم وبرزوا عندما دعاهم لضرب الجيش. كمن ومجموعة من المسلحين لعناصر الجيش على أوتوستراد المنية- عكار (شمال). وبدأت معركة استخدم فيها الجيش للمرة الأولى الطيران الحربي، ودارت اشتباكات عنيفة بينه وبين الجيش قرب مسجد هارون في بحنين (شمال) حيث تمكن الجيش من السيطرة على المسجد، ثم توارى عن الأنظار مع عدد من أفراد مجموعته إلى أن اعتقله فرع المعلومات مع مرافقه أمير الكردي في عملية أمنية بطرابلس في 10أبريل/نيسان 2015 . ميقاتي البداية مع التوحيد:
ميقاتي بدأ مع مجموعة الضنية واعتقل بعد مبايعته تنظيم الدولة
أحمد سليم ميقاتي بايع تنظيم الدولة الإسلامية ويعتبر من أهم كوادره في شمالي لبنان، اعتقله الجيش اللبناني بشقة في بلدة عاصون شمالي لبنان في أكتوبر/تشرين الثاني 2014. ولد ميقاتي عام 1968 في منطقة السويقة بطرابلس شمالي لبنان، صاحب ألقاب عدة، أبرزها أبو بكر وأبو الهدى. كان عنصراً في حركة التوحيد الإسلامية، وفي العام 1985 ألقي القبض عليه من قبل الجيش السوري، وأودع السجن لبضع سنوات، وكان يبلغ من العمر حينها 16 عاما. بعدها عاد إلى طرابلس ليشارك في المعارك مع الجيش اللبناني أواخر عام 1999، حيث كان منتميا حينها إلى جماعة التكفير والهجرة، وفر بعد انتهاء المعارك إلى مخيم عين الحلوة. ينتمي ميقاتي إلى جماعة التكفير والهجرة، وارتبط اسمه بتفجير سلسلة مطاعم "الماكدونالدز" عام 2003. أوقف عام 2004 وحكم عليه بالسجن خمس سنوات بتهمة مشاركته في تفجيرات "الماكدونالدز" واتهامه بالتخطيط لمهاجمة مراكز دبلوماسية ومصالح أجنبية. وإثر أحداث طرابلس التي شهدت أكثر من عشرين جولة اشتباك بين منطقتي جبل محسن (المؤيدة للنظام السوري) وباب التبانة (المؤيدة للمعارضة)، صدرت بحقه مذكرة توقيف لتورطه في الاشتباكات، حيث كان يقود مجموعة مسلحة من عشرات المقاتلين أنشأها بعد خروجه من السجن عام 2010. بعد اندلاع الثورة السورية وتحولها إلى حرب، وسطوع نجم تنظيم الدولة، بايعه ميقاتي وأنشأ خلايا مرتبطة بالتنظيم في الشمال، وكان يخطط لتنفيذ "عمل إرهابي كبير" بالتنسيق مع ابنه عمر الذي يقاتل مع تنظيم الدولة في جرود عرسال، بالإضافة إلى تواصله مع قياديين في التنظيم داخل الأراضي السورية. أرسل أخيرا شبانا لبنانيين للانضمام إلى التنظيم في جرود القلمون، بينهم نجله عمر الملقب بـ"أبو هريرة"، وابن شقيقه بلال عمر ميقاتي الملقب بأبي عمر ميقاتي، المتورط في ذبح الرقيب أول علي السيد. كما جنّد عددا من العسكريين للانضمام لصفوف تنظيم الدولة، حسب بيان صادر عن الجيش اللبناني. الأسير الداعية المقاتل:
الأسير تحول من التحرك السياسي إلى القتال داخل سوريا وفي صيدا
أحمد الأسير الحسيني إمام مسجد عرف بأنه سلفي التوجه، لكن باحثا لبنانيا متخصصا بالجماعات الإسلامية يجزم بأن الأسير كان منتميا لتيار الدعوة والتبليغ، واستبعد من التيار لإصراره على الانفراد بالعمل عبر مسجد واحد هو مسجد بلال بن رباح في صيدا، وهو ما يتنافي مع مفهوم الدعوة والتبليغ. عرف الأسير عام 2011 بدعمه للثورة السورية، وعام 2012 باعتصامه الذي شل مدينة صيدا لأسابيع من أجل نزع سلاح حزب الله، وفي العام 2013 اشتبكت عناصره مع أفراد من حزب الله في مايو/أيار، ودارت مواجهات أخرى مع الجيش اللبناني في يونيو/حزيران 2013، خلفت عشرات القتلى والجرحى وانتهت بتواريه عن الأنظار وصدور حكم من القضاء العسكري في العام التالي بإعدامه. حسب موقع المسجد على الإنترنت، انخرط الأسير في صفوف الجماعة الإسلامية عام 1985 حتى 1988، وشارك في مقاومة "العدو الصهيوني وعملائه في لبنان، وهو اليوم لا ينتمي لأي حزب أو جماعة". ثورة الكرامة: ويعتبر المحللون أن الأسير شخصية جذبت الإعلام والأنظار وأثارت الجدل على نطاق واسع بسبب مواقفه الجريئة وتحركاته التي استقطبت أعدادا كبيرة من الناس في فترة زمنية قصيرة، كما اشتهر بمناهضته ما أسماه "المشروع الإيراني" عبر إطلاقه "ثورة الكرامة" التي رفع فيها العناوين التالية: إعادة التوازن بين الطوائف اللبنانية، ومعالجة السلاح خارج الدولة، ولا سيما سلاح حزب الله، من خلال إستراتيجية دفاعية. كما نفذ عام 2012 ما سماه "اعتصام الكرامة" الذي قطع فيه الطريق الرئيسي الرابط بين بيروت وجنوب لبنان 35 يوما للمطالبة بنزع سلاح حزب الله. أثير العديد من الشبهات حول جهد الأسير وتمويله المالي وتبعيته السياسية لتيار المستقبل بزعامة سعد الحريري في المراحل الأولى من ظهوره على المسرح السياسي ، إلا أنه أصر دائما على عدم تبعيته لأحد. كان من بين الأوائل الذين ناصروا ثورة الشعب السوري في لبنان، وأطلق سلسلة من التحركات والاعتصامات والتظاهرات في إطار هذا الدعم، أبرزها اعتصام ساحة الشهداء في وسط بيروت وصلوات جمعة في بيروت وطرابلس وغيرها من المناطق ألقى فيها خطابات عالية النبرة تهاجم النظام السوري وتدعم الثورة. لكن تحرك الأسير في الموضوع السوري لم يقتصر على العمل السلمي، حيث بثت إحدى القنوات اللبنانية في أبريل/نيسان شريطا يظهر فيه الأسير وهو يقاتل في منطقة القصير السورية. أما عن الفئات الإسلامية التي تدعم الأسير وتؤيد مواقفه فهم السلفيون وحزب التحرير والجماعة الإسلامية بلبنان (الإخوان المسلمون)، ولطالما أكد الأسير أنه لا يهدف للسياسة ولا للوصول إلى النفوذ، بل عمله وخطاباته من أجل مفهوم الإسلام ونشر الثقافة الإسلامية في المنطقة. وكان اللافت في خطابات الأسير توجهه إلى المسيحيين باستمرار لطمأنتهم وحثهم على البقاء في مدنهم وقراهم، مستندا إلى أنه يسكن في منطقة مسيحية مع عائلته ولا يكن أي نزعة كراهية للمسيحيين.
الرافعي: ملف روية بيد الأسد:
يعرف رئيس هيئة العلماء المسلمين في لبنان الشيخ سالم الرافعي بكونه أحد رجال الدين الفاعلين في المشهد السياسي اللبناني، خصوصاً في ملفات حساسة كملف الشيخ المتواري أحمد الأسير، وملف الموقوفين الإسلاميين في سجن رومية.
في الملف الأول كان الرافعي وسيطا قبل وقوع معركة عبرا في يونيو/حزيران 2013 بين أنصار الأسير والجيش التي أودت بحياة عشرين عسكريا وإصابة 150 آخرين، إضافة إلى عشرات من أنصار الأسير. كما قام بأول مهمة وساطة مع جبهة النصرة وتنظيم الدولة بعد اختطافها لجنود ورجال شرطة في عرسال في أغسطس/ آب الماضي. وفي مدينته -طرابلس- كان الرافعي لغاية 23 آب/أغسطس 2013 خطيبا بمسجد التقوى الذي استهدف في ذلك اليوم مع مسجد السلام القريب بمفخختين تسببتا في سقوط العشرات بين قتيل وجريح. وأدان القضاء العسكري اللبناني أربعة أشخاص في ملف المسجدين، بينهم رئيس الحزب العربي الديمقراطي علي عيد لقيامه بتهريب منفذي التفجيرين إضافة إلى اتهام 11 شخصا آخرين بينهم ضابط سوري برتبة نقيب.
في حوار مع الجزيرة نت حول ملف الجهاديين اللبنانيين رأى الرافعي أن تشدد الدولة اللبنانية مع شبان طرابلس دفعهم للتحول إلى جهاديين. واعتبر أن ملف الجهاديين والموقوفين الإسلاميين في سجن رومية ضخم إعلاميا، وألمح إلى ضغوط يمارسها نظام الرئيس بشار الأسد وحلفاؤه بلبنان في هذا الملف، مشيرا إلى أن العفو عن هؤلاء "يحتاج إلى موافقة بشار الأسد".
أنور قاسم الخضري
المرصد الاستراتيجي
مركز الجزيرة للدراسات
حمد العيسى
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة