..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


ابحاث ودراسات

المفاوضات النووية مع الغرب

نبيل العتوم

٤ يوليو ٢٠١٥ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 2868

المفاوضات النووية مع الغرب
00000000.jpg

شـــــارك المادة

القطار النووي الإيراني ينطلق بلا كوابح نحو محطة العسكرة:

الجزء الأول:

لا تزال الديناميات الداخلية المعقدة في إيران تشكل عقبة رئيسية أمام التوصل إلى اتفاق شامل طويل الأمد. سوف يعتمد مسار المفاوضات حول البرنامج النووي الإيراني على عدة متغيرات هي:

رؤية المؤسسات الصلبة المنضوية تحت قيادة بيت القائد، الرئاسة، لعملية التفاوض.

فالمسألة النووية لا تنحصر فقط في ذلك الإطار، في الوقت الذي تتسم تركيبة النظام فيه بالتعقيد، وأحياناً يختلف قادته حول أفضل السبل لخدمة ما أصطلح علية "أمنيت ملى "المصالح القومية. بالنسبة للمرشد ؛ هناك دعم حذر يبديه المرشد الأعلى علي خامنئي للمحادثات النووية مع الغرب في ظل محاولاته المتكرره التأرجح في المواقف بين دعم الفريق المفاوض من خلال اطلاق ما أصطلح عليه "نرمش قهرمانه "المرونة البطولية، وبين القبول والرضوخ لمنطق التيار المتشدد الداعي لعسكرة البرنامج النووي، واطلاق شعار أن الكلف التي تم تحملها في سبيل الاستمرار في البرنامج النووي، تساوي المخاطر.

رؤية لمسار المفاوضات:

المخاطر والتكاليف المتصورة من محاولة اخفاق المفاوضات، وكلف التدهور الاقتصادي.
الأزمات المحتملة التي يمكن أن تغير بنود المفاوضات وحسابات قرارات إيران ؛ خصوصا على الصعيد الداخلي.
قدرة الولايات المتحدة و الغرب على التأثير بشكل فعال على إستراتيجية طهران التفاوضية،و على قدرتها لتكوين رؤية وفهم أعمق لما يجري، وحرمانها بالتالي من الاستفادة من دبلوماسية كسب الوقت، التي وظفتها إيران بنجاح خلال الفترة الماضية.

رصد أدق لكيفية صناعة القرار النووي الإيراني والتحولات التي تمت، وكيفية توظيفها بغية إنجاح المفاوضات بعد سلسلة الاخفاقات

يوفر لنا التاريخ القريب للتفاوض رؤية هامة بشأن الكيفية التي تفكر بها مؤسسات النظام الصلبة حول سير عملية التفاوض، و الإستراتيجية الحاكمة لهذه العملية. وبذلك يوفر سياقاً حيوياً لفهم أدق بشأن عملية المفاوضات حول برنامج إيران النووي.لا شك بأن تعدد مؤسسات القرار قد أربكت المفاوض الغربي، على الرغم من الاعتقاد بأن المرشد خامنئي الجالس على قمة السلطة بيده شخصيا مفاتيح الحل والربط لوحده، إلا أنه يتخذ القرارات المتعلقة بالمسائل النووية وغيرها من القضايا من خلال الرجوع إلى بيت المرشد،المكون من أفضل المستشارين في مختلف التخصصات، بالمشاركة مع المؤسسة العسكرية والأمنية.

من يؤثر على بيت القائد من الخارج في عملية التفاوض؟ رؤيتن مختلفتين:

المعسكر المتشدد: دعاة عسكرة البرنامج النووي الإيراني

أنصار ومؤيدي عسكرة البرنامج النووي الإيراني، حيث هناك ما يشبه الإجماع على أن هناك دوافع عسكرية وراء البرنامج النووي الإيراني, استنادا إلى أن الفكر الاستراتيجي الإيراني ركز بشدة على الدروس المستفادة من الحرب العراقية- الإيرانية والتهديدات الأمريكية لإيران, وأبرزها أن إيران لابد أن تستعد لأية احتمالات في المستقبل, كما أن إيران استنتجت أنها لا يجب أن تعتمد كثيرا على القيود الذاتية التي قد يفرضها الخصوم على أنفسهم أو على تمسكهم بالالتزامات الدولية، بل على بناء قوة عسكرية فوق تقليدية، وبهذا تستطيع بسط الهيمنة والنفوذ على دول المنطقة.

المعسكر المعتدل: رؤية مضاده:

تيار مطالب بعدم انحراف البرنامج النووي، ويطالب بالتزام إيران بالاتفاقات المبرمة مع الوكالة الدولية؛ ويحذر من انفجار الوضع الداخلي، نتيجة الاستمرار في العقوبات، وخطورة ذلك على الأمن القومي لإيران.وهم قلة داخل مؤسسات صنع القرار الإيراني.

الرهانات للحل لانجاح عملية التفاوض:

الرهان الأول:

نقل الملف النووي من أدراج "مجلس شوراى ملى" المجلس الأعلى للأمن القومي إلى وزارة الخارجية

تغير الأسلوب للتعامل مع الملف النووي الإيراني قليلا ففي عهد الرئيس حسن روحاني، تم انتهاج آلية جديدة حيث تم نقل الملف النووي من "المجلس الأعلى للأمن القومي"إلى وزارة الخارجية، الأمر الذي يتيح لمؤسسة الرئاسة التعاون مع وزير الخارجية محمد جواد ظريف الفرصة لأن يكون أكثر حرية، وأقل مركزية للتعامل مع عملية التفاوض.

الرهان الثاني:

الرهان على الأجنحة والقوى، النخب اللذين لهم نفوذ قوي داخل إيران ممن يتخذون مواقف وسط "الرئيس روحاني، أكبر هاشمي رفسنجاني،محمد خاتمي، كروبي، موسوى.. بشأن البرنامج النووي، والذين يراهنون على إنهاء عزلة إيران الدولية وإنعاش الاقتصاد في حال الموافقة على اعطاء مزيد من الضمانات على سلمية برنامجها النووي.

الرهان الثالث:

الخطوات المتزامنة لاعطاء مصداقية لرؤية التيار الوسط، من خلال الخطوات المتزامنة التي تضمن خطوات لإثبات نوايا إيران السلمية، مع رفع متدرج للعقوبات ؛ مما يعزز رؤية هذا التيار، ويفشل خطط التيار الساعي لعسكرة البرنامج النووي الإيراني، ويعطي مزيدا من المصداقية لحكومة روحاني التي تعتقد أن رؤيتها للانفراج مع الخارج لن تتحقق إلا من خلال هذه الاستراتيجية، ويثبت رهان نقل الملف النووي الإيراني إلى يد وزارة الخارجية، بدلا عن مجلس الأمن القومي. ونتيجة لذلك، سيتم تهميش دور التيار الداعم لعسكرة البرنامج النووي، وسيؤدي إلى احراج خامنئي ومؤيديه اللذين سيتم دفعهم لتأيد ذلك، تحت خطر وطأة فرض العقوبات، أو تصعيدها من جديد.

الرهان الرابع:

إحداث فجوة شعبية بين بيت القائد والجناح المتشدد من جهه، والشعب، البازار الفئات الأكثر تضررا من العقوبات الدولية، من خلال الخطوات المتدرجة لرفع العقوبات، بعد التأكد من التزام طهران في المجال النووي لاحراج التيار المتشدد، ومن ثم الانتقال لخطوات تجريد طهران من برنامجها الصاروخي لاحقا، من خلال ما يعرف بالخطوات الذكية.

المفاوضات النووية مع الغرب:

دبلوماسية كسب الوقت وعسكرة البرنامج النووي الإيراني:

بدأت جولة المفاوضات بين إيران والدول الست المعنية بملفها النووي حيث من المفترض أن تمهّد لجولة مفاوضات أخرى تشهد صوغ اتفاق نهائي، يطوي هذا الملف. الرئيس الإيراني حسن روحاني أعلن في بداية عهده أن وفد بلاده «يخوض مفاوضات صعبة ومعقدة لإبرام اتفاق نووي نهائي وشامل»، وزاد: «نتحرّك بتفاؤل، على رغم محاولات لعرقلة هذه المسيرة».[1]

مرشد الثورة أعلن مؤخرا أن محتوى المفاوضات ينبغي أن تركز على الاطار النووي، ويجب أن يناقش هذا الموضوع فقط، وأنه لن يسمح بمناقشة أي موضوع أخر، خصوصا البرنامج الصاروخي، وموضوع تفتيش المنشآت العسكرية، واعتبر استجواب العلماء النوويين الإيرانيين خطاً أحمر لن يسمح به[2]، أما وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، أكد من خلال وسائل الاعلام الإيرانية أن محاور التفاوض مع الغرب سوف تتناول محاور رفع العقوبات عن إيران الفوري، وعدم السماح بتناول قضايا أخرى، ومن أبرزها البرنامج الصاروخي، إلى جانب اعتبار تفتيش القواعد والمنشآت العسكرية انتهاكا صارخا للاتفاق مع مجموعة خمسة زائد واحد، وتعطيلا للوقت [3].

لاشك بأن هذه المحادثات ستشكّل «المرحلة الأخيرة لدرس القضايا والمحاور المطروحة، والسعي للتوصل إلى اتفاق نهائي مع انتهاء المهلة المحددة بحلول حزيران، حيث أعتبر الرئيس روحاني ذلك عملا صعبا، يتطلب اتخاذ قرارات مهمة لتحقيق هذا الهدف[4].بالمقابل فإن الغرب من ناحيته فرأى ضرورة أن يتم التفاوض على كل القضايا التي نعتقد بوجوب تناولها في اتفاق شامل»، قبل البدء بوضع مسوّدة اتفاق نهائي.

هنا سنعرض أولاً لتحليل محتوى خطاب مستشار قائد الثورة الاسلامية في الشؤون الدولية علي أكبر ولايتي، وهو أقرب المستشارين للمرشد خامنئي، وكاتم أسراره، وتحليل مضمون رؤيته تعطينا تصوراً واضحاً عن كيفية تفكير خامنئي نفسه. والتي يمكن صوغها وفق رؤى واضحة، لا تقبل الشك أو التأويل.

أعلن ولايتي أن الجمهورية الاسلامية الإيرانية لن تساوم على حساب عزتها إطلاقا، ولن تتأثر مطلقا بالدعايات المضادة، والحرب النفسية التي تشن عليها. معتبراً أن استراتيجية إيران للتفاوض النووي مع الغرب قائمة على أسس لا يمكن التفريط بها؛

الاستراتيجية الأولى: الدفاع عن المصالح الوطنية لتقدم الأهداف المشروعة لنظام الجمهورية الإسلامية الإيرانية على الصعيد الدولي، والقائمة أساساً على عدم التفريط بالقضية النووية.

الاستراتيجية الثانية: الوقوف خلف المفاوض النووي، ودعمه بلا حدود، وعدم إضعافه.

الاستراتيجية الثالثة: عدم الرضوخ للتهديدات والمساومات، مهما كانت؛ ومن أي مصدر.

الاستراتيجية الرابعة: التنبه إلى الحرب النفسية التي تشن على إيران للنيل من حقوقها النووية.

الاستراتيجية الخامسة: المضي في مسار التطور النووي، تحقيقاً لمفهوم التطور الشامل في الحقل النووي وغير النووي، المرتبط به، وعدم إشغال الكادر النووي بقضايا السياسة والمفاوضات،

الاستراتيجية السادسة: دعم التعاون الإقليمي والدولي مع الدول التي تمتلك مواقف سياسية متقاربة مع إيران، خصوصا الدول المؤمنة بحق إيران في برنامجها النووي، بما يحقق ويدعم تعزيز المكانة الإقليمية لإيران.

ربما أن هذه الإستراتيجيات التي تم تلخيصها من محاضرة لولايتي في مركز الدراسات الدولية التابع لوزارة الخارجية الإيرانية [5] يعطينا فهما أعمق للسياسة النووية الإيرانية. ولا شك بأن هذه السياسة لا تتم بشكل اعتباطي، حيث يتم رسمها من المرشد والحلقة الضيقة له، وتشكل أسسا لتحرك مؤسسات الدولة بدءاً بمؤسسة الرئاسة، مرورا، بوزارة الخارجية،... وحتى المفاوض النووي، ولعل طلب مفوضة السياسة الأوروبية من وزير الخارجية الإيرانية إدراج الملف السوري على جدول التفاوض، وإجابة وزير الخارجية الإيرانية أن ذلك ليس من صلاحياته، يعتبر أصدق تعبير عن الدور المناط حتى بوزير الخارجية.

ثم إعلان رئيس مجلس الشورى علي لاریجانی بشكل لاحق استعداد إیران لحل الأزمة السوریة بالتعاون مع أوروبا، ووضع كل الملفات على الطاولة بما فيها الأزمة اليمنية، يوضح، أن طهران مستعدة لوضع كل الملفات على الطاولة، وأضاف أن إغفال الدور الإقليمي لإيران معناه استمرار معاناة المنطقة، وأن على الغرب ودول المنطقة إدراك ذلك بشكل جلي وواضح [6].

وفق التصورات التي تم تناولها سابقاً، يظهر أن هناك الكثير من القضايا والمسائل التي ترفض إيران بحثها، وهذا يمثل إستراتيجية إيرانية، تصب بالأساس أن التفاوض في الحقل النووي هي مع مجموعة خمسة زائد واحد، وهي ضمن إطار موضوعي وعضوي واحد، وهي تشمل إطار ما تم النص عليه مباشرة من المرشد ومستشاريه، وأن الهدف هو الوصول إلى اتفاق نهائي شامل في الموضوع النووي.

أما الوصول للصفقة الشاملة فستكون مع أميركا وحدها، وضمن شروط وأسس جديدة، أيضا سيضعها المرشد؛ بحيث يتم تحرير المفاوض النووي الإيراني من ضغوط البرنامج النووي أولاً؛ ويفتح آفاقه السياسية، ضمن رؤية تحقيق أكبر قدر من المكاسب. ومن ثم يتم الحديث عن مختلف الملفات تباعاً، طبعاً بعد الاعتراف بالدور الإقليمي لإيران؛ كقوة إقليمية عظمى، امتلكت النووي أولاً، وحازت بيديها مفاتيح الحل للأزمات الإقليمية المتفجرة في المنطقة ثانياً، ولديها القدرة على قلب الطاولة على الأعداء والخصوم ثالثا.

البرنامج النووي الإيراني ثمرة التوجيه الإلهي:

رسائل خامنئي والعسكرة:

في خطاب وجهه علي خامنئي للمسئولين والعلماء في قطاع الطاقة الذرية، بمناسبة اليوم الوطني للتكنولوجيا النووية، أكد على أن المفاوضات بين ايران ومجموعة "5+1"يجب أن تستمر في اطار القضية النووية، مشدداً على أن الانشطة النووية الايرانية لن تتوقف أو تتباطأ ابدا. معتبرا أن الإنجاز الأهم للتقدم النووي في إيران هو تعزيز الثقة الوطنية بالنفس، وإعداد الأرضية للتقدم في المجالات العلمية الأخرى، على الرغم من عدم قناعة إيران بدور القوى والمنظمات الدولية التي تخوض حربا، تجسد قوى الاستكبار العالمي وطغيانها [7] ولكن القراءة المتمعنة لهذا الخطاب نجد فيها الكثير من الجوانب والرسائل التي لا بد من إلقاء الضوء عليها:

الرسالة الأولى: اعتبار المرشد أن موافقة إيران للدخول إلى المفاوضات مع مجموعة دول "5+1"، جاءت لامتصاص ردت الفعل العدائية ضد إيران، وليس قناعة أو ايمانا بهذه المفاوضات؛ وبالتالي فإن المفاوضات هي السبيل الوحيد حاليا للتعامل مع الغرب. وبالتأكيد لتوظيف المزيد من كسب الوقت، لتحقيق أكبر قدر من المكاسب. وهذا ما عبر عنه خامنئي صراحة بقوله "أن المفاوضات يجب ان تستمر وتستمر، ولكن على الجميع أن يعلم بأنه مع مواصلة المفاوضات لن تتوقف أنشطة الجمهورية الإسلامية الإيرانية في مجال البحث والتنمية النووية أبدا، ولن يتم تجميد أي من المنجزات النووية.

الرسالة الثانية: أن تقدم إيران في مختلف المجالات بات يرتبط بالاستمرار في برنامجها النووي، من هنا فمن المستحيل أن يتوقف هذا البرنامج أو حتى يتبطأ، لأن ذلك معناه خذلان لقيم الثورة ومنجزاتها، وخيانة لدماء الشهداء النوويين المجاهدين، اللذين قضوا دفاعا عن هذا البرنامج العظيم الطموح "[8]

و أضاف أن أية قوة في الأرض لا تستطيع وقف البرنامج، إبطائه، أو حتى تجميده "[9] لكن ألا يفهم من خلال ذلك أن إيران لن تلتزم حتى بخفض نسبة التخصيب لأقل من 20%. وأضاف خامنئي "أن على المفاوضين الايرانيين الاصرار على مواصلة الابحاث والتنمية النووية مؤكدا مرة أخرى، أن أياً من المنجزات النووية لإيران غير قابلة للتجميد، ولا حق لأي كان المساومة عليها، ولن يقوم أحد بهذا الامر مطلقا". وربط الموضوع النووي واستمراره بتعزيز ثقة إيران بنفسها، وبقدراتها في مختلف المجالات، لأن البرنامج النووي قد ارتبط بتطور إيران المعرفي في كل المجالات بقوله "رغم الاستفادة من التكنولوجيا النووية لانتاج الطاقة وكذلك في الصناعة والصحة والزراعة والامن الغذائي والتجارة،إلا أن فائدتها الأهم هي تعزيز الثقة الوطنية بالنفس."

الرسالة الثالثة: أن إيران قد أممت برنامجها النووي مبكراً، ورسخت ذلك من خلال تقويمها السنوي "فهو عيد" معتبراً تسجيل مثل هذا اليوم في التقويم الرسمي لإيران بانه ثمرة لجهود الكوادر المتخصصة والملتزمة الناشطة في الصناعة النووية في إيران، ورداً على الاستعمار سواء الاستعمار القديم أو الجديد للإيحاء باستحالة تغيير مصير الشعوب الرازحة تحت الهيمنة، معتبراً ذلك عنصراً أساسياً للنمو الوطني والحركة العظيمة للشعب الإيراني ليبقى راسخاً في عقله ووجدانه.

الرسالة الرابعة: أن إيران ماضية في تطورها وتقدمها، ولا توجد أية قوة في الأرض تستطيع منعها لتحقيق ذلك، وأن من يريد وقف نشاط إيران النووي أو أبطاءه سواء داخلياً أم خارجياً، فهو يقف مع صف الأعداء، اللذين وضعوا مشروعهم لتحجيم قدرات إيران، والرهان على تخلفها، وعدم تطورها، وبالتالي تحطيم الإرادة السياسية للثورة الساعية للتطور في خدمة أهدافها العليا، وهذا مالم يتحقق، ولن يسمح به.

الرسالة الخامسة: عدم الاعتراف بالنظام الدولي ومؤسساته والأسس التي يقوم عليها، وضرب خامنئي قضية البرنامج النووي الإيراني، وكيفية تعامل الدول الكبرى معه. وبالتالي هذا الأمر يضع إيران أمام اشكالية، فما دامت لاتؤمن بهذا النظام ومؤسساته، فكيف تقوم بالتفاوض معها، وهل هي ملتزمة فعلا بما سيصدر عنها من اتفاقات.
الرسالة السادسة: تأكيد خامنئي أن القضية النووية انموذج للقضايا التي قاموا بذريعتها بخلق الاجواء ضد النظام الاسلامي وفبركة الاكاذيب حوله. وأضاف "اصبح من المؤكد ان الجمهورية الاسلامية الايرانية لا تسعى وراء السلاح النووي في ضوء الحكم الشرعي والعقلي والسياسي، فإن المسؤولين الاميركيين كلما تحدثوا عن القضية النووية يذكرون السلاح النووي تصريحا او اشارة في حين يعلمون هم انفسهم بأن عدم امتلاك السلاح النووي يعتبر سياسة حاسمة للجمهورية الاسلامية الايرانية".[10]

برأينا ما هو الدليل العملي لذلك في ضوء المعطيات التالية، وما يتحدث عنه المرشد:

حديث إيران المتكرر عن وجود فتوى شرعية صادرة عن خامنئي تركز على تحريم صناعة القنبلة النووية، أين هذه الفتوى ؟ لقد بحثنا عنها في كل اللغات لم نجدها، ونتحدى أن يتم اعطائنا هذه الفتوى بنصها.
ما تفسير قيام إيران بانشاء البرامج النووية الموازية: منشأة ناتنز للتخصيب التي أعلن عنها، ومنشآة فوردو التي أقيمت بشكل سري أيضا، كمنشأة محصنة احتياطية أيضا للتخصيب. كذلك منشآة أراك لانتاج الماء الثقيل، الممهد للبلتونيوم، وما تعليل مضي إيران، وبشكل تسابق معه الزمن في البرنامج الفضائي والصاروخي.
عدم إجابة إيران على كثير من تساؤلات وكالة الطاقة الذرية؛ خصوصا ما يتعلق منها بوجود آثار يورانيوم عالية التخصيب على بعض منشآتها، وتجارب الملح الأخضر.

4- رفض إيران لزيارة منشآة بارشين العسكرية، ورفضها القاطع ربط البرنامج النووي بالبرنامج الصاروخي الإيراني.

الرسالة السابعة: أكد خامنئي بأن على مسؤولي إيران التمسك والإصرار على المنجزات النووية منتقدا بشكل لاذع بعض التيارات والنخب الإصلاحية التي روجت الأقاويل حول الفائدة والجدوى من البرنامج النووي وقال، أن مثل هذه النظرة للقضية النووية ساذجة لأنه لو تصور البعض بأن ثمن المنجزات النووية هي العقوبات والضغوط فإنه يجب القول بأن العقوبات والضغوط كانت موجودة قبل الذريعة النووية أيضا.

وعلل خامنئي، أن الضغوط والعقوبات ليست ناجمة عن القضية النووية، بل إنهم معارضون للهوية المستقلة للشعب الإيراني والجمهورية الإسلامية الإيرانية النابعة من الإيمان والعقيدة الإسلامية، وكذلك للآفاق المستقبلية لهذا الشعب والنظام وعدم رضوخهما لمنطق القوة والغطرسة. ووجه رسالة لمروجي مقولة الضغوط والعقوبات هي ثمن المنجزات النووية معتبرا إياه كلاما غير صائب، لأنه لو لم تكون القضية النووية مطروحة لجاؤا بذريعة أخرى مثلما الآن حيث يطرح الأميركيون قضية حقوق الإنسان أثناء المفاوضات.

الرسالة الثامنة: تأكيد خامنئي بأن المفاوضات مع الغرب يجب أن تستمر وأن إطارها هي القضية النووية وأضاف، أنه على مفاوضينا عدم القبول بمنطق القوة من الطرف الآخر.

إذا منطق إيران في التفاوض هو الاستمرار بحيث تستنزف قدرات الخصم، فهذه المفاوضات تدير أزمة ولا تحل أزمة، وموضوعها هو إطار البرنامج النووي فقط، وليس الصاروخي، الكيميائي، أو حتى مواقف إيران المثيرة للجدل في تفجير الأزمات الإقليمية في المنطقة.

الرسالة التاسعة: قدسية البرنامج النووي الإيراني، واعتباره ثمرة للتوجيه الإلهي، ولنجاحات ومكتسبات العلماء والخبراء النوويين في إيران، كما عبر عن ذلك خامنئي بقوله "البرنامج النووي ثمرة هذا الإيمان، وهو بفضل العون والهداية الالهية". لأنه بالتأكيد السلاح لتحقيق إمبراطورية أمام الزمان حسب الفهم الإيراني الغيبي [11].

إن المتغيرات السياسية المتمثلة بمعتقدات وقيم النظام السياسي تؤثر بدورها على الأزمة النووية، حيث تثير هذه الأزمة العديد من القضايا التي تتعلق بالعلاقة بين هذا البرنامج وبين تيار المحافظين الذي يهيمن على عملية صنع القرار النووي في إيران. إذ ينبع موقف الرئيس الإيراني روحاني من وجهة النظر التي تقول إن من حق إيران الاستخدام السلمي للتكنولوجيا والطاقة النووية، واكتساب المعرفة في هذا المجال. ولعل هذه القناعة شكلت متغيراً دفع إلى المزيد من التشدد تجاه أزمة البرنامج النووي.

----------------------------------

المراجع:

[1] (روزنامه قدس، 9/4/2013).

[2] ( روزنامه جمهورى اسلامى، 12 أيار، 2015).

[3] ( روزنامه سياست روز، 6/5/2015 ).

[4] ( روزنامه جمهورى اسلامى، 8 ابريل، 2014)

[5] ( روزنامه جمهورى،5 تموز،2014)

[6] ( روزنامه كيهان، 9/5/ 2015 ).

[7] (روز ملي فن آوري هسته اي جمهورى اسلامى ايران، روزنامه جمهورى إيران، 21/ 4/ 2014).

[8] (روز ملي فن آوري هسته اي جمهورى اسلامى ايران، المرجع السابق )

[9] (المرجع السابق).

[10] (المرجع السابق ).

[11] ( نبيل العتوم، ورقة حول عسكرة البرنامج النووي الإيراني، ندوة عقدت في لندن برعاية مركز الاعلام الدراسات العربية – الروسية، إدارة د. ماجد بن عبدالعزيز التركي، بالتعاون مع مؤسسة بيسك،ديسمبر2015)

 

 

 

 

 

مركز أمية للبحوث والدراسات

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع