رشا عبد المنعم
تصدير المادة
المشاهدات : 8266
شـــــارك المادة
الكاتب: والتر راسل ميد
دق ناقوس الخطر في سوريا، فقد دخلت الأزمة السورية في مرحلة حرجة مثلها مثل شقيقتيها ليبيا واليمن، فيما يقرب من شهر، وتهتز سوريا بالأحداث الدامية، ويغوص النظام السوري في بحر الدماء، الذي كونه من دماء الشهداء. ويقول الكاتب "والتر راسل ميد": "إن الشعب السوري إذا استمر في التظاهر، واستمر النظام السوري بقتل المتظاهرين، فإن إدارة أوباما سوف تواجه أصعب قرار قد تتخذه على الإطلاق منذ توليها السلطة. فقد زال القناع وانكشف النقاب عن وحشية الأنظمة العربية الذين أباحوا لأنفسهم إراقة دماء شعوبهم للبقاء في السلطة فمتى ستباح دمائهم؟. فقد انشغل العالم الخارجي بما يحدث في شمال إفريقيا من أحداث مأسوية متصاعدة، في حين كان الشعب السوري يُباد في درعا ولم يُبد أي من دول العالم اهتمام لما يحدث في سوريا، وكأن منطقة درعا السورية في معزل عن العالم، حتى انجلت القشة التي قسمت ظهر البعير في جمعة الغضب أثناء تشييع جنازة ستة من ضحايا النظام السوري، وخروج معظم سكان درعا حتى انهال عليهم رصاص غدراً من قوات الأمن السورية وسقط ما يزيد عن 80 قتيلاً، ونجح النظام السوري في جذب أنظار العالم الخارجي إلى درعا، والأسلوب الوحشي والفكر الدموي الذي يتعامل به النظام السوري مع الأزمة لقمع المتظاهرين، فلم يختلف أسلوبه عن أسلوب القذاقي". ويشير والتر إلى أن البيت الأبيض لم يستخدم أسلوب القوة بعد في سوريا كما فعل مع ليبيا، ولكنه اكتفي حتى الآن بتحذير النظام السوري بلهجة حادة. ولكن يرى البيت الأبيض أنه إذا اضطر إلى استخدام القوة فإنه سيفعل. ويقول والتر: "إن سوريا بالرغم من أنها ليست من الدول المصدرة للنفط، إلا أن كافة الدوافع الأخلاقية والسياسية التي سمحت للولايات المتحدة والناتو بالتدخل في ليبيا تنطبق بقوة على سوريا، واضعة المصالح السياسية والقومية في عين الاعتبار". ويوضح والتر أنه إذا كان التخوف من الإبادة الجماعية جراء القمع الدموي للشعب الليبي من قبل قوات الأمن التابعة للقذافي هو مبرر الولايات المتحدة للتدخل في ليبيا، فإن سوريا في انتظار حدوث إبادة جماعية، كما حدث في مدينة حماة السورية في فبراير/ 1982م، حيث أباد الأسد الأب ما يتراوح بين 10 آلاف و40 ألف شخص وفقاً لسجلات منظمة حقوق الإنسان السورية أثناء مظاهرات ضد الأسد وحاشيته. فإذا كانت المؤسسة الأمنية السورية والنظام السوري عام 1982م قد سبحا في بركة الدماء التي تكونت من دماء الشعب السوري، فإن الأسد الابن يسبح أيضاً اليوم في بحر دماء الشعب السوري، ويتوعد له بأنه سيظل يقاتل حتى الرمق الأخير. فيبدو أن غريزة القتل وسفك دماء الشعوب العربية متوارثة بين حكام الأنظمة العربية. ويرى والتر أنه إذا كان الوضع الإنساني في سوريا خطر، فإن المصلحة القومية والسياسية في وضع أخطر، مشيراً إلى أن النظام السوري منذ عقود حتى الآن جعل من سوريا دولة أساسية لدعم الإرهاب في الشرق الأوسط، وبدون دعم النظام السوري لحزب الله وحماس فلم يكون وضعهما كما هو الآن. كما أن النظام السوري هو أفضل حليف إستراتيجي لإيران في العالم العربي، ولديه باع طويل في تسليح وتدريب وإيواء الإرهابيين. ويقول والتر: "إن سقوط النظام السوري سيكون بمثابة ضربة قاضية لإيران، فإيران ليست على وفاق مع أيٍ من الدول العربية عامة، إلا سوريا التي تحكمها أقلية شيعية علوية تتظاهر بالعلمانية، وتُعد حليفاً موثوقاً فيه لإيران، وسقوط سوريا سيجعل إيران وحيدة منعزلة عن العالم العربي". ويرى الكاتب أن سقوط النظام السوري سيزيد من فرصة إيران لأن تعيد النظر في حساباتها بشأن القضية النووية، وستستغل الولايات المتحدة ذلك في الضغط على إيران لإعادة التفكير في تقديم بعض التنازلات بشأن القضية النووية الإيرانية. كما أن سقوط النظام السوري قد يكون صدمة مميتة للنظام الإيراني، لأنه من الممكن أن يعيد إحياء حماس المتظاهرين المطالبين بالديمقراطية في طهران،، ويرى والتر أنه في كلتا الحالتين، فإن سقوط النظام السوري سيكون فرصة كبيرة لتقليل احتمالية اندلاع مواجهات عسكرية كبرى بين الولايات المتحدة وإيران. ويشير والتر إلى وجهة النظر الأمريكية أن سقوط النظام السوري ستتيح العديد من فرص لجميع الأطراف، وليس لإيران فقط. فسقوط النظام السوري سيعزز اتفاق الوحدة الوطنية الفلسطينية بين حماس وفتح، سيقلل من فرصة شن هجمات من حزب لله على إسرائيل. فإذا كان سقوط النظام في سوريا سيؤثر على إيران، فمعنى ذلك أنه سيضرب بالشيعة في سوريا عرض الحائط، فهناك سلسلة من الدول التي تقوم على الحكم الشيعي تمتد من العراق وإيران وسوريا ولبنان. فالعالم أجمع يعلم أن النظام السوري يتيح لإيران الفرصة لتهديد وتخويف إسرائيل، من خلال حزب الله وحماس، فإيران من خلال النظام السوري تقدم أوراق اعتمادها بوصفها زعيمة للعالم الإسلامي كما تزعُم. ومن وجهة نظر والتر بشأن التدخل في سوريا، فإنه يرى أن الولايات المتحدة لديها ما يكفي من الحروب في المنطقة، وأنها تحارب في ثلاث جبهات بالشرق الأوسط، ويشير إلى إمكانية امتداد الصراع إلى لبنان، وستعم الفوضى العالم العربي وربما نرى حروباً أهلية لفترة طويلة، وهنا السؤال: فهل إدارة أوباما ستتمكن من شن الحروب على كافة الجبهات في الشرق الأوسط؟ وهل ستضمن إدارة أوباما منع إراقة دماء المدنيين في سوريا والتقليل من المخاطر التي يواجهها الشعب الليبي الآن والتي يمكن أن تقع في سوريا أيضاً؟ أما عن إدارة أوباما، فإن احتمال تحديد خيار من أصعب الخيارات التي تواجهها الإدارة الأمريكية؛ وهى إما الحرب في سوريا، أو الإبادة الجماعية من قبل النظام السوري، فكلاهما لن يكون موضع ترحيب من الإدارة الأمريكية أو من الشعب السوري. ويرى والتر أن الإدارة الأمريكية مهما فعلت سواء تدخلت في سوريا أو لم تتدخل، ففي كلتا الحالتين فإنها ستقوم ببعض المجازفات الخطيرة التي ستجلب لها العديد من الانتقادات اللاذعة؛ فإذا تدخلت في سوريا سيرى البعض أن أنها تحمي إسرائيل، وإذا لم تتدخل فسيبرر تدخلها في ليبيا طمعاً في النفط باعتبار أن ليبيا سابع احتياطي العالم في النفط، لذا فإن إدارة أوباما الآن تواجه حرباً نفسية مع نفسها. ويعتقد والتر أن عادة السياسة التي تتبعها الولايات المتحدة في حل أزمات الشرق الأوسط تبدو ناجحة، ولكن في الدفاع الأمريكي هذه ليست أياماً عادية.
أسرة التحرير
ديفيد بارشارد
أحمد سمير
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
محمد العبدة