مجاهد مأمون ديرانية
تصدير المادة
المشاهدات : 3240
شـــــارك المادة
رسائل الثورة السورية المباركة (56): الجيش الحرّ هو جيش سوريا الوطني
رغم أنني أتعرض إلى انتقادات شديدة وهجوم كاسح كلما نشرت مقالة رفضت فيها التدخل العسكري الأجنبي فسوف أظل متمسكاً بموقفي، لسبب واحد أرجو أن يفهمه من لم يفهمه بعد، هو الخوف على مستقبل وحرية سوريا، والحرص على استقلالها أخيراً بعد الذل المرير والاستعباد الطويل اللذين عاشت فيهما حتى اليوم.
يا أيها الناس: لقد استُشهد الآلاف حتى اليوم في سبيل استقلال سوريا، فلا تخونوا دماء الشهداء وتسلّموا البلاد لمن لا يريد بها خيراً. هؤلاء الذي نتسوّل اليومَ دعمَهم ونصرتهم هم أعداء الأمس القريب، الذين أمدّوا طاغية الشام القديم وطاغيتَها الجديد بأسباب البقاء، الذين حَمَوه ودعموه دائماً وراقبوه ببلادة ولامبالاة وهو يُذيق شعبه الأبيّ الحر الخسفَ والهوان، الذين ترددوا في الانحياز إلى جانب الشعب المظلوم واستمروا يراقبون ويسوّفون ويماطلون شهراً بعد شهر وهم يتمنون -في سرّهم- أن يتغلب النظام على شعبه الأبيّ وأن يبقى هو الخادم الوفيّ للغرب والحارس الأمين لإسرائيل. لا يا أيها الناس! ما هؤلاء بأمناء على ثورتنا وما ينبغي لنا أن نطمئن إليهم ولا أن نثق بهم، وفي اللحظة التي نمنحهم فيها الإذن بالتدخل العسكري سيهبّون فرحين لتدمير جيشنا الوطني حتى لا يبقى لسوريا الحرة غداً جيش يهدد أمن إسرائيل، وسيكونون في غاية الرضا وهم يحطمون البُنى التحتية لبلادنا، الطرق والجسور والموانئ والمطارات والمصانع ومحطات الطاقة… ليعودوا بعد ذلك بثياب المنقذين المخلصين لبناء ما دمروه على حسابنا وعلى حساب أولادنا. وقد علمنا مما رأيناه من تجارب غيرنا: إنهم إذا دخلوا بلداً خرّبوه وأذلوا أهله ونهبوا موارده وثرواته، ثم لا يكادون يخرجون. لا نريد أن تطأ أرضَنا نعالُ جنودِ مَن كانوا إلى الأمس القريب أعداءنا وأصدقاء نظامنا المجرم. إن في سوريا من الرجال العظماء من هو قادر على القيام بهذه المهمة، هؤلاء هم أبطال جيشنا الحر، نريد فقط إمدادهم بالدعم والسلاح، على أن ندفع قيمة ما يحصل عليه جيشُنا الحر من مالنا، لا نريده صدقة ولا نقبل مِنّة من أحد علينا، فإنّا نقطع الغذاء عن أفواه أولادنا وندفع قيمة السلاح الذي يحتاج إليه جيشنا ولا نرهن مقابله بلادَنا وقرارانا ومستقبلنا ومستقبل أولادنا. في الشهور الأولى من عمر الثورة استبعد الأكثرون أن يكون للجيش السوري أي تأثير في الأحداث، وذلك اعتماداً على ما يعرفونه عن قياداته من طائفية وولاء شديد للعصابة الحاكمة، ولم أكن أنا من أولئك الأكثرين بحمد الله، بل كانت ثقتي كبيرة بوطنية عناصر وضباط الجيش، إلا الأقل منهم الذين ارتبطوا بالعصابة الحاكمة ارتباط المصلحة والمصير. في الثاني من أيار، قبل نحو ستة شهور، نشرت مقالة عنوانها "الأنظار تتجه إلى الجيش" تداولتها مواقع كثيرة وما تزال منشورة على المدونة التي تضم كل ما كتبته عن الثورة حتى اليوم، مدونة "الزلزال السوري"، وهي طويلة ولا أستطيع إعادة سرد كل ما فيها، لكنّي سأستشهد بفقرتين منها بعد إذن القراء. قلت في الأولى: "أنا أقرأ وأنتم تقرؤون طول الوقت دراسات وتحليلات تحاول فهم الأزمة والتنبؤ بمصيرها، ولعلكم لاحظتم إجماعاً أو شبهَ إجماع على أن الجيش في سوريا ليس كالجيش في تونس ومصر، لأنه جيش طائفي كما يقولون، ولذلك صدر الحكم: سيبقى الجيش مع النظام إلى آخر الطريق وسوف يكون قوةً على الشعب لا معه. وأنا أقول لهؤلاء الدارسين والمحللين: إنكم مخطئون". ثم قلت في الثانية: "لقد قال أكثر الناس من قبل -العوام منهم والخبراء-: إن الشعب السوري لا يمكن أن يثور على حكومته لأنه محكوم بقبضة حديدية، ويقول أكثر الناس اليوم -العوام منهم والخبراء-: إن الجيش السوري لا يمكن أن يثور، للأسباب نفسها؛ ولأن قياداته كلها من الطائفة الحاكمة. لكن الشعب السوري فاجأهم وثار، فما الذي يمنع الجيش من أن يفاجئهم ويثور؟ بلى، سيثور الجيش السوري العظيم، على أن ثورته لن تكون كثورة الشعب، فهو لن يخرج إلى الشوارع في مسيرات ولن يهتف بسقوط النظام، وأيضاً لا يُتوقَّع أن يقوم بعض ضباطه بانقلاب، فهذا الأمر في حكم المستحيل لشدة الرقابة والضغط من أجهزة المخابرات والأمن العسكري، هذا أولاً، وثانياً ليس هو المطلوب أصلاً في ثورة الشعب السوري. هذه الثورة السلمية الجماهيرية المباركة لم تصنع كل ما صنعته إلى اليوم من إنجازات وتقدّم ما قدمته من تضحيات ليقطع عليها الطريقَ انقلابٌ عسكري يعيدنا إلى أول الطريق! لا، كل ما هو مطلوب وما هو متوقع من جيشنا السوري إنما هو نفسه ما قدمه العسكريون الشرفاء إلى اليوم، الذين تمردوا على أوامر قياداتهم ورفضوا قتل إخوانهم المتظاهرين المسالمين". لقد كان ذلك أملاً فانقلب واقعاً، وكان خيالاً فصار حقيقة. فليعلَمْ مَن يمثل ثورتنا وينطق باسمنا، وليعلمْ العالم كله بشرقه وغربه، أن لنا جيشاً حراً مستقلاً سوف يحمي اليوم ثورتنا، وسوف يحمي غداً بلادَنا -بإذن الله-. هو إلى اليوم صغير في حجمه قليل في عدده، ولكنه منذ الغد كبير كثير -بإذن الله-، فإن الأحرار الكرام من أهل الشرف والمروءة الذين استعبدهم نظام الأسد وجيّشَهم ضد أمّتهم وبلادهم كثيرون، وهؤلاء مستمرون في الانشقاق على جيش الاحتلال الأسدي في كل يوم، بدؤوا انشقاقهم آحاداً في أول الأمر، ثم صاروا عشرات فمئات، وهم اليوم آلاف وفي الغد عشرات آلاف، فارتقبوا جيشنا القادم من وراء حجاب الغيب، يمدّه بنصره اللهُ القويُّ العزيزُ -بإذنه تعالى -. وإن في ملايين الأحرار الذين ثاروا على الظلم والاستعباد من يرجو ويترقب يوماً يفتح فيه جيشنا الحر أبوابَ التطوع ليكونوا في طليعة المتطوعين. قد يلتحق بالجيش ألف أو عشرة آلاف، لن يكون أحدهم أقلّ طلباً للشهادة من العسكريين الشرفاء الذين انشقوا عن جيش العبيد وأنشؤوا جيش الأحرار. هؤلاء وأولئك سيكونون ردءاً ودرعاً لجمهور الثورة السلمية الكبير الذي يضم الملايين في أنحاء سوريا كلها، وليس أيٌّ من الفريقين بأقل شجاعة من صاحبه، لا العسكري أو المتطوع في الجيش وهو يرجو الشهادة ويتحرك تحت مظلة الموت، ولا المتظاهر السلمي الذي يخرج ملتفّاً بكفنه واضعاً روحَه في كفه، ما يدري إذا خرج في المظاهرة أيعود حياً يمشي على رجلين أم جثة في نعش يحمله الأصحاب… بارك الله في الفريقين جميعاً وكتب على أيديهما النصر المبين. يا أيها الناس: إن دعم الجيش الحر من أوجب الواجبات، ليس لمصلحة الثورة اليوم فقط بل لمصلحة سوريا في الغد أيضاً، حتى لا نبقى رهائنَ جيش حزبي أو طائفي يتحكم بحكومة بلادنا الحرة، وحتى لا تكون سوريا ضعيفة أمام التهديد الخارجي من أي طرف كان. وهذا الدعم مطلوب من جهتين؛ من الثورة في الداخل، ومن المجلس الوطني في الخارج: (1) فأما الثورة: فعليها أن ترفع شعار "الجيش السوري الحر هو جيش سوريا الوطني"، وأن تجعل هذا الشعار أساساً لحملة كبيرة متصلة تصرّح بها لافتات الثورة وهتافاتها، وأن تضغط على المجلس الوطني ليدعم الجيش الحر على كل المستويات. (2) وفي مرحلة لاحقة، ذات يوم قريب أو بعيد، سوف يستكمل الجيش الحر -بإذن الله- بناء أساسه وهيكله ويدعو إلى التطوع. إنّ قادته وضباطه الكبار أعلم بما يحتاجون إليه من طاقات وخبرات، فربما دَعَوا إلى تعبئة جزئية فجمعوا من خدم في سلاح الإشارة مثلاً، أو في الدفاع الجوي أو في القوات الخاصة، وربما وسّعوا الباب فدعوا كل راغب في الجهاد مستعد لحمل السلاح، وللسلاح أهله كما أن للثورة السلمية جمهورها، فأجيبوا الداعي كما يدعو حين يدعوكم. (3) وأما المجلس الوطني فمطلوبٌ منه أن يعترف بالجيش اعترافاً رسمياً ويعتبر مجلسه العسكري قيادة عسكرية شرعية في سوريا، وأن يسعى لتأمين ما يحتاج إليه الجيش من مال وسلاح وذخيرة ودعم إعلامي ولوجستي، بما في ذلك المناطق الآمنة التي يحتاج إليها لإيواء قيادته وكتائبه وتطوير عملياته.
المصدر: موقع الزلزال السوري
ماهر علوش
أبو فهر الصغير
أحمد موفق زيدان
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة