أحمد أبازيد
تصدير المادة
المشاهدات : 6235
شـــــارك المادة
تعتبر حركة أحرار الشام النموذج الأهم لتجربة الفصائل الإسلامية في سوريا وتحولاتها وصراعاتها، وبدا مفاجئاً انهيار الحركة السريع أمام حملة هيئة تحرير الشام منذ 18/7/2017 والتي انتهت بتوقيع اتفاق 21 تموز وخروج قيادة الحركة من معبر باب الهوى المحاصر بعد التزام أغلب مجموعات الحركة الحياد، و أصبح هذا اليوم تحولاً مفصلياً في تاريخ الحركة وتتويجاً لحملة جبهة النصرة على فصائل الجيش الحر، ورغم العوامل الأيديولوجية والسياسية التي لعبت دورها في هذا الصراع الطويل، إلا أنه كان للعوامل المناطقية وأزمات قيادية وطريقة إدارة المعركة دور حاسم في هذه المعركة والتي تؤثر نتيجتها على مستقبل إدلب والثورة ككل وليس على حركة أحرار الشام التي تلقت ضربة ضد تكون أقسى من حادثة رام حمدان 9/9/2014م.
المقدمة أثار الانهيار المفاجئ لحركة أحرار الشام الإسلامية أمام هيئة تحرير الشام (مكونها الرئيس جبهة فتح الشام، جبهة النصرة سابقاً) استغراباً من المراقبين، بحكم أن الحركة كانت ذات امتداد جغرافي وعدد مقاتلين وعتاد أضخم مما لدى هيئة تحرير الشام، إضافة لتأييد الحاضنة الاجتماعية لها كخيار محلي ومعتدل وقريب من الثورة الشعبية في وجه جبهة النصرة التي كانت تنتمي رسمياً إلى تنظيم القاعدة حتى زمن قريب قبل أن تصبح جبهة فتح الشام ثم تتحالف مع فصائل أخرى وتصبح هيئة تحرير الشام، مع بقاء القيادة الفعلية بيد الجولاني. ومنذ قيام هيئة تحرير الشام في 28/1/2017م، كانت الاشتباكات متواترة ومتكررة بين هتش وأحرار الشام، ولكن ضمن مناطق محدودة، رغم توقع أحرار الشام أنهم هدف لحرب شاملة تستهدف معبر باب الهوى خاصة، وقد كانت حملة التحولات الأخيرة التي قامت بها أحرار الشام من الأسباب التي عجلت هذه الحملة التي نجح فيها الجولاني بفرض هيمنته العسكرية على إدلب.
تحولات الأحرار نحو الأخضر فبعد جدل أخذ سنوات حسمت أحرار الشام أمرها وتبنت علم الاستقلال الأخضر، الذي يعتبر شعاراً للثورة المحلية يرفضه الجهاديون الذين يرفعون رايات سوداء بشعار التوحيد، وانتشرت حملة شعبية لرفع الأعلام الخضراء في مناطق ريف إدلب، وهي حملة سميت “إدلب خضراء”، لإثبات الهوية الثورية المحلية لهذه المناطق، ما اعتبرته هتش وأنصارها محاربة لنفوذها. وبعدها أعلنت أحرار الشام تبنيها للقانون العربي الموحد، وهو الأمر الذي كان محرماً في الوسط الجهادي سابقاً، بسبب رفضهم لاعتماد قوانين مكتوبة، خاصة كونه صادراً عن جامعة الدول العربية. وتوجت أحرار الشام مسيرتها الجديدة نحو “الأخضر” بإعلان مبادرة لإنشاء إدارة مدنية للشمال السوري تعتمد علم الاستقلال شعاراً لها وتقتصر على السوريين والقوى غير المصنفة دولياً، وهو ما اعتبره الجولاني تهديداً مباشراً بإقصائه من المعادلة. كان مما سمح بسلسلة التحولات هذه بعد الزحف البطيء الطويل نحو الأخضر، هو خروج القسم الأكبر من التيار المتشدد من أحرار الشام وانتقالهم إلى هتش، ولكن قبل ذلك سمح به حالة ضمور الأيديولوجيا التي أصابت الحركة تدريجياً بعد مقتل قادتها الأوائل وغياب المنظّرين، وهي حالة ليست منفصلة عن الحالة العامة للفصائل والوسط الثوري بعد فترة من طغيان الخطاب المتشدد خلال 2013م، ورافق ذلك أن قيادة الحركة الحالية معظمها جديد على الأحرار ولا يتبع له كتل عسكرية خاصة به، يمكن ملاحظة أن قائد الأحرار علي العمر من تفتناز ونائبه جابر علي باشا من بنش ونائبه الآخر أنس نجيب من أطمة ، وكل هذه المناطق بقيت على الحياد في المعركة، بينما قاتلت ألوية الغاب وصقور الشام.
حملة منتظرة واستعداد غائب في يوم (14 تموز) هاجمت هتش مواقع أحرار الشام في تل طوقان (تل شرق سراقب ومشرف على الطريق الدولي) وفي جبل الزاوية، ورغم سقوط التل بيد هتش إلا أن مؤازرة الأحرار حول سراقب ساعدت في عقد اتفاقية تهدئة في الليلة نفسها، أو من جانب آخر فإن الهجمة كانت محاولة ليستكشف الجولاني مدى مقاومة مجموعات الأحرار وتحركها معاً، كان هذا طبعاً بعد قرابة ثلاثة أشهر من الاستنفار المستمر بين الحركة والهيئة، الأمر الذي اعتبره أعضاء في الأحرار استنزافاً للحركة أسهم في فشلها الأخير. في 18 تموز تجدد هجوم هتش على محاور متعددة، من جبل الزاوية جنوباً إلى سراقب في الوسط إلى ريف إدلب الشمالي، وكان امتداد الأحرار الجغرافي وعددهم الكبير والحاضنة المحلية للوهلة الأولى يبدو عائقاً أمام الجولاني ومصدر قوة للأحرار، ولكن بعد ثلاثة أيام أصبحت قيادة أحرار الشام محاصرة داخل معبر باب الهوى وتوقع اتفاقية خروجها من المعبر، فيما بدا أشبه باستسلام وتفكك للحركة، فما الذي حدث ؟! استطاع أحرار الشام في جبل الزاوية (صقور الشام) وفي سهل الغاب وجبل شحشبو في ريف حماة أن يتقدموا على هتش ويطردوهم من مناطقهم، وتحركت قوة من تل طوقان لمحاولة اقتحام سراقب التي شهدت مظاهرات مدنية للمجتمع المحلي ضد جبهة النصرة، وهو ما انتهى باتفاقية لخروج الأحرار والنصرة من المدينة، ولكن بعد أسر “أبي عزام سراقب” أحد قياديي الحركة، وتم تحييد سراقب. كانت جرجناز محاصرة أيضاً، وهي أحد المعاقل المناهضة لجبهة النصرة، والتي تضم لواء جند السنة في الأحرار وقائده حسام سلامة صاحب الموقف القوي ضد الجهاديين، وأدى أسر “أبي عزام سراقب” والتخوف من اقتحام جرجناز إلى عقد اتفاق بتحييد “قاطع البادية” وإعلان مبايعة شكلية من قائده أبي البراء معرشمارين للهيئة، وهو يضم ريف إدلب الجنوبي وريف حلب الجنوبي، وكان أحد أكبر كتل أحرار الشام، وفرض الجولاني بذلك سيطرته على الطريق الدولي، وعزل جبل الزاوية وسهل الغاب وشحشبو عن إرسال مؤازرات نحو الشمال. في مناطق ريف إدلب الشمالي، والتي تعتبر تقليدياً من معاقل أحرار الشام وقوتها البشرية، فقد شهدت معظم البلدات عملية تحييد للمنطقة وعدم إدخالها في الاقتتال سواء باتفاق معلن أو ضمنياً، رغم وجود مجموعات صغيرة لهتش مقارنة بأحرار الشام في معظمها، مثل بنش وتفتناز وطعوم وكللي وغيرها، بينما شهدت مناطق أخرى معارك معزولة عن البقية مثل حارم (من أهم مراكز النصرة ومعسكراتها هجم الأحرار عليها ولكن انسحبوا) وسلقين (اقتحمتها النصرة مع التركستان وطردوا الأحرار) وبلدتي معرة مصرين ورام حمدان (معقل لواء بدر في الأحرار واستطاعوا منع هتش من اقتحامها ولكن سيطروا عليها بعد الاتفاق).
وفي ريف حلب الغربي، أحد أهم معاقل الجيش الحر المناهضة للطيف الجهادي، كان انشقاق حركة الزنكي عن هتش (وهو أكبر فصيل فيها بعد النصرة) عامل قوة معنوي لصالح الأحرار، كما أن قسماً كبيراً من مجموعات الفصائل التي هاجمتها جبهة النصرة -وقت الأستانة يناير 2017- كان قد انضم إلى أحرار الشام، خاصة ثوار الشام ومجموعات من جيش المجاهدين والشامية، وكان هناك محاولة من هتش لاقتحام بلدة الأتارب (معقل حركة حزم سابقاً) واجهتها مظاهرات مدنية، ولكن لم تتمكن أحرار الشام من حشد مجموعاتها هناك (سواء الأصلية أو التي انضمت إليها بداية العام أو مجموعات الجيش الحر المناهضة للنصرة) لمؤازرتها في إدلب ولا للهجوم على مواقع هتش في الريف الغربي، رغم توقعها الهجوم مسبقاً، كانت تحالفاتها في المنطقة هشة، وربما لم تحاول أن تجعلها متينة حتى. ولم يكن هذا أول التحالفات الفاشلة التي عقدتها الأحرار، ففي وقت سابق انضم تجمع فاستقم وجيش الإسلام في الشمال إلى أحرار الشام أيضاً بعد الهجوم الذي تلا الأستانة، وكانت مقراتهم في بابسقا ولديهم تجارب قتالية سابقة ضد الجهاديين (داعش، جند الأقصى، جبهة النصرة)، ولكن بعد تهديد الجولاني لقيادة الأحرار بأنه سيهجم على بابسقا بسبب عدم قناعته أن هذه المجموعات من الأحرار، تولت أحرار الشام بنفسها الهجوم على هذه المجموعات وتفكيكها والسيطرة على مقراتها وطرد قياداتها إلا قسما من جيش الإسلام فقط بقي في بابسقا، فساعد ذلك الجولاني في السيطرة على المنطقة لاحقاً. بعد قطع طريق سهل الغاب وجبل الزاوية وتحييد ريف إدلب الجنوبي وقرى ريف إدلب الشمالي و إشغال المؤازرات المحتملة بمعارك معزولة، تركز هجوم الجولاني على المنطقة المحيطة بباب الهوى، حيث تمثل بلدتا الدانا وسرمدا شريان المعبر، وتمثل عقربات وبابسقا التلال الحامية له، فبعد سيطرة الأحرار على الدانا وسرمدا في اليوم الأول (18 تموز)، تمكنت هتش في اليوم الثاني من السيطرة على الدانا بسهولة، وتمكنت بعد اشتباكات من السيطرة على سرمدا، البلدة الملاصقة للمعبر، وبدأت بهجومها نحو التلال المحيطة بالمعبر يوم 20 تموز، واستمرت محاولاتها السيطرة على التلال طيلة الليلة لتسقط المواقع تباعاً حتى صباح 21/7 (عقربات، نقطة 106، جبل ومعسكرات بابسقا)، وانحصر وجود الأحرار في معبر باب الهوى، لتبدأ مفاوضات التسليم.
إدارة الجولاني للمعركة رغم انشقاق الزنكي عن هتش يوم الهجوم على الأحرار وتعليق مجموعات أخرى عملها قبل ذلك، خاصة المنشقين من أحرار الشام إلى هتش، وكذلك رفض قطاعات ضمن هتش المشاركة في القتال ضد الأحرار سابقاً، مثل قسم كبير من مقاتلي المنطقة الشرقية، وتعليق الشرعي السعودي عبد المحيسني أنه لا يقبل فتوى قتال الأحرار الصادرة عن المكتب الشرعي في هتش، وهو ما بدا تفككاً مركباً ينخر مشروع الجولاني، إلا أنه تمكن من المضي في معركته الأكبر حتى الانتصار فيها وفرض شروطه. في الحقيقة فقد كانت رأس حربة الجولاني في حملته ضد أحرار الشام هو “جيش النصرة”، وهو تنظيم عسكري صلب داخل جبهة النصرة، يقوده أبو حسين الأردني، وهو طبيب شاب أردني من أصل فلسطيني اسمه محمد حسين الخطيب، مع تعبئة شرعية من الشرعيين المصريين المنشقين عن أحرار الشام، طلحة المسير وأبو اليقظان المصري وأبو الفتح الفرغلي، إضافة لـ “الزبير الغزي” والشرعي العام عبد الرحمن عطون (سوري)، واستعان الجولاني بمجموعات من المقاتلين الأجانب كانت هي رأس الحربة في الحملة المضادة على ريف إدلب في اليوم الثاني (من سراقب وحتى سرمدا)،وخاصة الصينيين التركستان الذين اقتحموا سلقين، مستغلاً المخزون الأيديولوجي الأكثر صلابة لديهم والتخويف من أن أحرار الشام والفصائل الأخرى تنوي طردهم بسبب العملية السياسية، وربما يقدّر عدد القوة التي حركها الجولاني في حملته ضد أحرار الشام بأقلّ من 1500 مقاتل. استطاع الجولاني إدارة المعركة على مساحات واسعة، عبر تحييد مناطق تعتبر حواضنا للأحرار عن القتال لأسباب مناطقية غالباً من المجموعات التي فيها، أو عبر علاقات مع وجهاء المنطقة والتخويف من حصول اقتتال داخلها، خاصة في قطاع البادية وريف إدلب الشمالي، وتمكن من السيطرة على عقد الطرق في سراقب ودارة عزة وحارم لتسيير قوته، وإشغال مناطق قوة الأحرار بمعارك معزولة عن مركز المعركة الذي أراده –وأراده الأحرار للمفارقة- في معبر باب الهوى حيث قيادة أحرار الشام، مستفيداً بلا شك من العمل الأمني السابق واختراق الأحرار أنفسهم.
إدارة أحرار الشام للمعركة بالمقارنة، فإن أحرار الشام رغم الامتداد الجغرافي الكبير والأعداد الكبيرة التي كانت تتباهى بها الحركة، وتأييد الحاضنة الشعبية لها بوجه النصرة، لكنها بقيت مجموعة من الكتائب المناطقية يربط بينها اسم الحركة، ولم تعمل الحركة على قوة عسكرية مركزية حرة الحركة شبيهة بـ “جيش النصرة” لدى الجولاني، فيما عدا القوة التي تمركزت في منطقة باب الهوى وتكونت من مقاتلين من الغاب ولواء الإيمان حماة وكتيبة المعبر (حوالي 800 مقاتل)، ولم تتمكن أحرار الشام من دمج فصائل الجيش الحر المنضمة إليها في بنيتها ولا الاستفادة من عداوتها للنصرة، بقدر ما قضت بنفسها على بعضها في مناطق هي الهدف الأول لجبهة النصرة مثل بابسقا، أو أبقت تحالفات اسمية مثل مجموعات ريف حلب الغربي، ولا استطاعت تحريك مجموعاتها أو مجموعات مناصرة أيضاً، وافتقدت للقيادة العسكرية المركزية التي تستطيع الحشد والتعبئة وتحريك المجموعات، بدت أحرار الشام في المعركة مجموعة غير مترابطة من الكتائب لا تعمل باستراتيجية موحدة، وتحمل عبء القتال مجموعة الصقور في جبل الزاوية الشرقي ومجموعات سهل الغاب في ريف حماة، وهم الذين أصبحوا الهدف القادم للجولاني بعد هزيمة الحركة. بعد أعوام من صراع الصبغتين الثورية والجهادية في هوية الأحرار ومواقفها، حسمت هويتها الثورية المحلية والمعتدلة على مستوى الخطاب، ولكن دون أن تتحول لمؤسسة صلبة تنظيمياً أو أن تبني قوة عسكرية مركزية، أو أن تستفيد حقاً من حلفائها وتشارك فصائل الجيش الحر التي انضمت إليها أو شبكات المناصرين الثورية، واقتنعت بتفوقها حسب الامتداد الجغرافي والعدد الكبير دون تنظيمه وقيادته، لقد ماتت الأيديولوجية القديمة مع التباسها ولكن دون بناء المشروع الجديد تنظيمياً أو على مستوى قواعد الحركة وحلفائها، ما سهّل القرارات المنفردة والمناطقية وغياب التنسيق والحياد، وكان فشل القيادة الرهيب في المعركة تتويجاً لمسيرة طويلة من تردد الحركة وهويتها القلقة وخسارة الحلفاء المحليين أو الإقليميين.
مؤازرات الدرع كان مطروحا منذ يوم الهجوم الأول أن تنتقل مجموعات من فصائل الجيش الحر في ريف حلب الشمالي والشرقي (مناطق درع الفرات) إلى إدلب لتؤازر الأحرار في معركتها، وأبلغت الإدارة التركية الفصائل بذلك، والتي جهزت أعدادها وآلياتها للمؤازرة، ولكن لم تذهب سوى مجموعة من أحرار الشام في جرابلس، مع بقاء المجموعات الأخرى تنتظر الإذن التركي مع اقتراب المعارك من معبر باب الهوى، ولكن السقوط السريع لمعبر باب الهوى حسم موضوع إلغاء (أو تأجيل) المؤازرات، وهو ما فسره البعض بموقف أحرار الشام الرافض للأستانة رغم الطلب والضغط التركي، ما لم يشجع تركيا على إنقاذ الأحرار، أو أن انتهاء الأحرار قد يكون مبرراً أكبر للتدخل لاحقاً. ما بعد الاتفاق في 21 تموز تم توقيع اتفاق بين أحرار الشام وهتش، وقيل إن الجولاني حضر الاجتماع، قضى الاتفاق بخروج أحرار الشام من معبر باب الهوى وعدم عودتهم للمناطق التي انسحبوا منها ووقف إطلاق النار والإفراج عن المعتقلين بين الطرفين، ورغم أن الاتفاق هو أشبه باستسلام فعلاً، إلا أنه بدا أقلّ مما يمكن للجولاني فرضه بعد انتصاره في المعركة بتحييد أغلب مجموعات الأحرار أو عزلها مناطقياً وحصار قيادتهم في المعبر، كان الجولاني مهتماً أكثر بتثبيت مكتسباته والتقدم بمشروع “الإدارة المدنية” للشمال تحت مظلته العسكرية، وإن تنازل عن حلّ الأحرار علنياً فقد استمر بتطبيق حلّها عملياً، حيث سيطر على معبر أطمة وخربة الجوز بعد باب الهوى وتقدم على مناطق ومستودعات الأحرار في ريف إدلب الشمالي تباعاً بعد الاتفاق، في رام حمدان ومعرة مصرين ودارة عزة وكفروما وترمانين وغيرها، رغم حصول اشتباكات عنيفة في رام حمدان قبل التسليم، وحصول اشتباكات وسلسلة انفجارات في مدينة إدلب، إلى حين توقيع اتفاق آخر بدأ بعده خروج قيادة أحرار الشام إلى مناطق في إدلب وحماة أو إلى مناطق درع الفرات، ولكن دون أن يعني ذلك توقف تمدد الجولاني على ميراث أحرار الشام والمؤسسات المدنية التي كانت محمية منها، ولا تخليه عن استكمال حملته ضد رأس الحربة التي قاتلته حقاً في سهل الغاب وجبل الزاوية.
خاتمة في 1 آب، أعلن مجلس شورى أحرار الشام تعيين حسن صوفان في منصب القائد الجديد لحركة أحرار الشام الإسلامية، كان حسن صوفان معروفاً طيلة السنوات السابقة باسم “شادي المهدي” على موقع تويتر، وخرج من السجن بصفقة تبادل نهاية 2016م بعد قرابة 12 عاماً في سجون نظام الأسد، وكان مشاركاً في أحداث سجن صيدنايا ومعروفا في الوسط الجهادي، وكان يحظى باحترام واسع من قبل قيادة أحرار الشام الأولى، ورغم مؤهلات الرجل الشرعية وموقعه المحترم و”المعتدل” ضمن الوسط الجهادي وموقفه النقدي المبكر من تنظيم القاعدة وداعش، إلا أنه يبدو بمثابة عودة خطوة للخلف لدى أحرار الشام ومحاولة لتمتين الجانب الأيديولوجي واستعادة الشرعية والتحصين الشرعي ووجود قيادة كاريزمية (…الخ)، ولكن الحركة بكل الأحوال تبدو -كما كانت- تلعب بالأوراق القديمة بزمن جديد تجاوز هذه الأوراق وربما تجاوز الحركة أيضاً. لقد كانت ثلاثة أيام غيرت خارطة إدلب ومستقبلها، وكتبت تحولاً مفصلياً في مسيرة الصراع الفصائلي والأيديولوجي في المشهد السوري، وكان 21/7/2017م ضربة أخرى لمشروع حركة أحرار الشام الإسلامية قد تكون أقسى من التي تلقتها يوم 9/9/2014م وقامت بعدها، ولكن هل تقوم الآن؟
المصدر: مركز طوران للدراسات والأبحاث السياسية والاستراتيجية
المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات
المرصد الاستراتيجي
مركز عمران للدراسات الاستراتيجية
فاطمة الصمادي
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة