..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

السياسيون يعوون والثورة تسير

حسان الحموي

١ ٢٠١٢ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 3095

السياسيون يعوون والثورة تسير
5.jpg

شـــــارك المادة

بالأمس خرج علينا عنان بمبادرته المسخ، والتي تنادي بحكومة توافقية ذات صلاحيات سوبرمانية، يريد عنان من خلالها أن يتخلى الأسد عن ملكه لها طواعية، والمثير للسخرية أن المؤتمرين دخلوا في صراع سياسي ماراتوني، ليخرج كل منهم محققاً انتصارا سياسياً خلبيا على الأخر، معتقداً أنه فرض وجهة نظره، وأن المبادرة حققت له طموحه وطموح الشعب السوري، وبالوقت ذاته نجد أن هناك توافق على مبادرة عنان المسخ مع بقاء التعارض بين رؤيتين رئيسيتين:


- الرؤية الروسية تعتمد على معارضة خلبية وحكومة توافقية في ظل الأسد وإصلاحات برعاية الأسد.
- الرؤية الغربية الظاهرية التي تتبنى بالكامل مبادرة عنان قبل المسخ، والتي تعتمد على حكومة توافقية فيها مزيج من الموالاة والمعارضة الحقيقية تستثني الأسد، إضافة إلى استثناء أي عنصر يشكل وجوده إعاقة للمرحلة الانتقالية.
ومبادرة عنان قبل اختزالها كانت تعتمد خلاصة إدراكه للواقع السوري والتي يقول فيها: أن "النزاع في سوريا سينتهي فقط عندما تعطى ضمانات لجميع الأطراف بوجود سبيل سلمي للوصول إلى مستقبل مشترك لصالح كل السوريين".
لذلك فقد عمد إلى تطوير مبادرته السابقة بناءا على هذه الرؤية بحيث أصبحت:
- حكومة وحدة وطنية تمارس سلطات تنفيذية كاملة، تشتمل هذه الحكومة على أعضاء من الحكومة الحالية ومن المعارضة ومن مجموعات أخرى، ولكن يُستثنى منها أولئك الذين يشكل استمرار تواجدهم ومساهمتهم في عرقلة مصداقية العملية الانتقالية ويهدد الاستقرار والمصالحة".
- تمكين جميع مجموعات وشرائح المجتمع في سوريا من المشاركة في عملية الحوار الوطني التي يجب أن تكون "شاملة وذات مغزى، أي أن نتائجها يجب أن تطبق.
-  الاستقرار خلال المرحلة الانتقالية.
-  ضمان سلامة الجميع في مناخ يعمه الاستقرار والهدوء مما يتطلب تعاون كافة الأطراف مع حكومة الوحدة الوطنية.
-    وقف دائم للعنف عبر استكمال عمليات الانسحاب ونزع الأسلحة، وفك المجموعات المسلحة وإعادة إدماجها في القوات النظامية.
- استمرار عمل المؤسسات الحكومية، ومنها القوات العسكرية المسلحة، والأجهزة الأمنية، وفقاً لمتطلبات حقوق الإنسان، والمقاييس المهنية ؛ تحت قيادة تحظى بثقة الشعب وتحت قيادة حكومة وحدة وطنية انتقالية".
- وحدة الأراضي السورية وسيادتها.
- محاسبة من ارتكبوا جرائم خلال النزاع الدائر حالياً، وإبرام اتفاق كامل حول العدالة الانتقالية يشمل تقديم تعويضات لضحايا النزاع الحالي وإعادة تأهليهم.
- دعم كامل لتطبيق أي اتفاق يتم التوصل إليه بين كافة الأطراف السورية، ما يشمل توفير مخصصات مالية كبيرة لدعم إعادة التعمير وإعادة التأهيل في سوريا.
وباعتبار أن هذه المبادرة  تهدم صرح الأسد في حال تطبيقها لذا رأينا كيف هرول الأسد واستبق اجتماع جنيف ليرفض أي حل يفرض من الخارج، مشدداً على أن واجب الحكومة اجتثاث «الإرهابيين» «أي الشعب» لإنقاذ آلاف الأرواح من أتباعه «أي الشبيحة».
في الحقيقة بدا جليا أن عنان بات يدرك أن الأسد لن يتجاوب مع مباردته وسيعمل على عرقلتها، لذلك هو  يريد أن يخرج من هذه المعضلة باستبعاد الأسد، وطبعا لقي معارضة شديدة من حلفاء الأسد الدوليين؛ لذلك غاب هذا البند من مبادرته وبالتالي فقدت هذه المبادرة أهم عنصر من عناصر نجاحها، طبعا إذا افترضنا حسن النية للمؤتمرين، وأنه سوف يصدر بالاتفاق قرار من مجلس الأمن تحت الفصل السابع؛ يلزم الأطراف بالتعامل معها وهذا لم ولن يحصل، وبالتالي فإن هذه المبادرة ولدت ميتة كما سابقاتها، ولم يبق منها إلا المهلة التي سوف تمنح للطاغية لاستكمال مسيرة الموت والتي شهدنا بوادرها في زملكا ودوما وداريا أمس.
الأمر الآخر، أن واقعية طرح عنان يقترن بواقعية أخرى على الأرض؛ هي أن كل هذه الحلول غير مقبولة من قبل الثوار خاصة مع إدراك الشعب الثائر أن الدول الغربية سعت في الأيام القليلة الماضية إلى - إطلاق يد الطاغية -  بغية الضغط على الشعب وممثلية سواء في الداخل أو الخارج لانتزاع قبول مبدئي لأي نتيجة يخرج منها هذا المؤتمر؛ لكن كل تلك السناريوهات لن يكترث بها الثوار في الداخل، وهم يكبرون يوماً بعد يوم ويؤسسون البنية الوطنية لسورية ما بعد الأسد بعزيمة منقطعة النظير.

يساعدهم في ذلك التحول الجذري في الموقف التركي بعد الاعتداء على هيبتها وإنزال الطائرة في الأسبوع الماضي.
والبدء في إرسال القوات والآليات والصواريخ المضادة للطائرات إلى الحدود مع سوريا.
أيضاً ما يشاع عن استنفار لقوات المملكة العربية السعودية على الحدود الشمالية تمهيداً ربما لفرض واقع جديد تشكل فيه المناطق العازلة في شمال وجنوب سورية؛ مع دعم لكتائب الجيش الحر في تلك المناطق، تمهيداً للانتقال للمرحلة المقبلة من العمل الميداني. وتحسبا لهجمة صفوية من المنطقة الشرقية والتي ربما إن لم يتم تداركها سوف يشهد العالم مجازر القرن الواحد والعشرون.
وربما الروس والصينيون رفضوا نتائج المؤتمر؛ وتمسكوا بالحل السوري لاعتقادهم بأن الأسد ما زال يمسك بمتغيرات اللعبة السياسية الداخلية، وبالتالي هو يصرخ بصوت عالي بأن «أي نموذج غير سوري غير مقبول، حتى لو كان من دول كبرى أو صديقة، لأنه لا أحد غيرنا يعرف كيف تحلّ المشكلة»، مؤكداً أن «الضغوط لم تؤثر على سوريا حتى الآن ولن يكون لها تأثير في المستقبل».
- لذلك نراه اليوم - وكما أفاد العميد مصطفى الشيخ- ، يرسل 170 دبابة من الفوج الميكانيكي 17، ليحشدها بالقرب من قرية المسالمية شمال شرق مدينة حلب على بعد 30 كلم من الحدود التركية، ليستعد لمهاجمة أية قوات تركية تعبر الحدود إلى داخل سوريا.
وهذا الواقع الجديد كان نتيجة فشل المباحثات الروسية الأميركية حول طريقة إزاحة الأسد، والتي ربما ستساهم في تدهور الأزمة السورية في الأيام القليلة المقبلة؛ وسوف تسرع في فرض التدخل العسكري من خارج مجلس الأمن.
في النهاية نجد أن السياسيين يعوون وقافلة الثورة تسير قدما نحو تحقيق هدفها، ولن يوقفها لا عنان ولا لافروف ولا كلنتون، لأن المبادرات تمضي وإرادة الشعوب تبقى صلبة لا تنكسر أمام رياح المبادرات، فالشعب سائر نحو النصر برغم كل الجراح بإذن الله.
 

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع