فتحي الحسن
تصدير المادة
المشاهدات : 3316
شـــــارك المادة
العلمانية هي الحرية بمعناها الشمولي، حرية الإنسان وكرامته وحرية عقله وفكره وإنسانيته.. فتلك بديهيات لا نختلف عليها، ولكن السؤال أين نقف كعلمانيين مثقفين تجاه مشكلات هذا العالم، فالفهم النظري قيمته في الممارسة.. ولنأخذ ما يجري في سوريا نموذجاً. لقد صعقت من مواقف علمانيين يدعون العقل ولكنهم يصادرون عقولهم لصالح النظام الفاشستي.
وتحت شعار أن المعارضة لا تمثل عقلهم المتحرر من الدين وسطوته!! هم لا يصنعون ثورة ولا حتى انتفاضة وإذا ما قامت انتفاضة ما أو ثورة شعبية يقيسون اطروحاتها بمقاييسهم وبالتالي يعلنون موقفهم!! وهذا أدى بهم وكنتيجة لجمود عقولهم إلى مفاهيم إستاتيكية..
ولأنهم لا يريدون أن يروا ديناميكية العمل الثوري والانخراط فيه وبذل النفس من أجل التغيير الإيجابي، وهذا يعني التالي:
1- أنهم سلبيون لا يصنعون ثورة بل ينتظرون هبوطها من السماء.
2- التعالي والغطرسة التافهة في إطلاق الأحكام لتبرير عجزهم وانغلاقهم وتقوقعهم.
3- المفترض إن كانوا صادقين في ادعاءاتهم أن ينزلوا إلى ساحة الثوار كمرشدين وموعين وهادين.. وبقدر قدراتهم العقلية والثقافية ومنطقهم يمكنهم صنع الكثير في تصويب مسار الثورة.
4- في هذه المرحلة وصل الأسد ونظامه إلى أقسى درجات الوحشية الهمجية التي لا حدود لها من التدمير والقتل الممنهج للشعب الأعزل وبالطائرات الحربية.. والمجازر الفظيعة ترتكب في كل يوم..
فهل يدير العلماني وجهه ويلتزم الصمت تجاه الوحشية تلك؟
العلماني إنسان أخلاقي قيمي أولاً وآخراً، وبالتالي لا يمكن لمن يمتلك ذرة ضمير ألا يدين وبعنف تلك المجازر وذاك النظام الساقط أخلاقياً وقانونياً وشرعياً.. فمن يقتل الشعب هو خائن.. ومن يهدد الجيش السوري الحر بالخروج من حلب وإلا سيدمر الريف(!!!)، هو يعبر عن عجزه وفشله في القضاء عليهم ولجوئه للانتقام من الشعب الآمن المسالم الذي لا علاقة له، وهذا يعبر عن حقد مقرف ويعني أيضاً أنه ساقط فاقد للرجولة في مواجهة الثوار.. ليس الموقف في هذه اللحظة أن نناقش أيديولوجياً (بالترف الفكري).
بل يجب أن يعرف الإنسان العاقل والواعي أين يضع قدمه ليحدد موقعه:
أهو مع مرتكب الجرائم أم مع الشعب الذي تدمر البيوت فوق رأسه؟!
إن عدم الوقوف في وجه الجزار يعني أنك معه وبالتالي لست إنساناً، وأنت تشوه سمعة العلماني وتجرده من القيم الإنسانية.
وهناك صنف من مدعي العلمانية كمدعي اليسار يدعون أنهم ضد مشروع أمريكي أوروبي..!!!
إن الأسد ونظامه طغمة مالية نهبت البلد وأذلت السوريين وصادرت حريتهم وكرامتهم.. ومنذ حافظ الأسد كان اللهاث وراء أمريكا وأوروبا للاعتراف بالكيان الصهيوني مقابل استرجاع الجولان فقد اعترفوا بالقرار 242 و338.. حتى شعارات حزب البعث رميت خلف الظهر.. وحتى الآن أوروبا وأمريكا يهاجمون النظام لفظياً ولكن عملياً لا يريدون إزالته لأنه حام للكيان الصهيوني وهذا ما صرح به رامي مخلوف في بداية الأزمة عندما ربط بين أمن سوريا وأمن الكيان، وكما صرح أيضاً شلومو جلعاد رجل المخابرات الصهيوني، بل أكثر من ذلك مانشيت "هآرتس" قال منذ البدايات عن بشار (ملك ملوك إسرائيل) كأفضل حام وضمان لأمن إسرائيل!!
فدعوا قضية المؤامرة الأنكلو أمريكية فهي أكذوبة مكشوفة.. ولذلك انظروا إلى ما يجري للشعب السوري من قتل وتدمير:
أكثر من ثلاثين ألف شهيد (من المدنيين بينهم أكثر من ثلاثة آلاف امرأة وطفل)،
وأكثر من مئتي ألف معتقل،
وثلاثة ملايين لاجئ داخل الوطن وخارجه!!
وآلاف البيوت المدمرة بالطائرات والمدفعية والدبابات..
القضية الآن أخلاقية أولاً وأخيراً، فمن يدعي الأخلاق يجب أن يقف إلى جانب الشعب، وإلا فهو مع النظام وإن لم يدرك ذلك أو ينفي أو يدعي الحيادية، وهذا يعني أنه بلا أخلاق ولا ضمير ولن تنفعه ادعاءات العلمنة أو اليسارية.
مجاهد مأمون ديرانية
عماد الدين خيتي
فراس الزوبعي
المصادر:
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة