تُحسن امريكا كما لا يحسن احد استنزاف الجميع! استخدمت الجهاد الإسلامي والمال الخليجي في دحر الروس عن افغانستان، ثم سمحت للقاعدة بتقديم "بطاقة" دخول افغانستان وتدمير الدولة الوليدة.

وكذلك استنزفت الجيش والاقتصاد الايراني والعراقي في حرب دامت لسنوات، الخاسر فيها دول المنطقة والرابح فيها من استنزف تلك الجيوش والاموال وربح صفقات السلاح.

وليست الثورة السورية ببعيدة عن هذا الاستنزاف، و الموقف الامريكي المعلن لا يتعدى ان يكون موقفاً إعلامياً.
ولاستمرار الازمة السورية في المنظور الامريكي عدة فوائد منها :

1. تدمير الجيش السوري بحيث تكون الدولة الوليدة وإن كانت حرة فهي لا تملك جيش او اقتصاد يؤهلها لأن تشكل خطراً على اسرائيل.
2. استنزاف الاقتصاد الايراني الداعم الرئيسي للنظام السوري ضمن خطة الجهود الرامية للحد من الطموح الايراني.
3. رفع تكلفة ( الربيع العربي ) حتى لا تمتد احلام العرب لأنظمة اخرى.
4. البحث عن البديل المرضي أو عن طريقة تسقط الاسد دون نظامه.

ولو بحثنا اكثر لوجدنا اهدافاً اخرى لرغبة اميركا في استمرار الازمة، ولكن تبقى اميركا دولة تبحث عن مصالحها، ففي حين تعرف هي كيف تتفاعل مع الأزمات وتجيرها لمصلحتها في استنزاف خصومها، نجد الأنظمة العربية ما تزال ترزح تحت قيود التبعية، فلا قرارات جادة وحرة في دعم أو حتى استغلال الثورة السورية من الانظمة العربية لكسر المخطط الفارسي الذي يسعى "للتسرطن" داخل الدول العربية ؟ ولا تكاد تخلو دولة عربية من مصيبة ايرانية، البحرين واليمن و اللبنان والعراق وغيرها.

المفترض في الثورة السورية ان تكون سبباً في تحرر لبناني من التشبيح "الايراني" وأن تكون سبباً في حراك اقوى للشعب العراقي يخلصه ويحرره من التبعية الايرانية وانحصار للمخططات الفارسية، وقد يتبعها ثورة شعبية تطيح بنظام الملالي .. وفوق هذا كله المفترض أن هذه الانظمة العربية تعي ذلك، ولكن يبدو انها إما "لا تفهم" وهذا مستبعد أو أن أمرها ليس ملكها أو أن شعوبها سبقتها إلى الحرية في حين مازالت هي تحتاج إلى الحرية! لذا هي عاجزة حتى عن اتخاذ قرار فيه مصلحة كبرى لها ولشعوب المنطقة والأمة العربية والإسلامية