أبو عبد الله عثمان
تصدير المادة
المشاهدات : 8324
شـــــارك المادة
لم أكن أريد أن أعلق على هذا الأمر لولا كثرة ما يتردد على ألسنة الكثيرين من أهل حمص ممن هم في الخارج وبعض من هم في الداخل حول الخلافات في حمص، حتى أنك صرت تشعر أنك تكاد تميل في نفسك إلى التشاؤم واليأس وأنت تقرأ كلام هؤلاء، فكان لا بد من مخاطبة أولئك الذين يتسرعون في إخراج ما يعترض قلوبهم من حالات يأس أو ضيق إلى الناس على حالِه بدل أن يعرضوه بطريقة إيجابية إصلاحية تجمع بين النقد والمبادرة والتحفيز والتحذير..
حمص يا إخوتي قد وصلت مبكرة... وما نجده في دمشق وحلب قد وصلت إليه حمص من حوالي عام، لقد حررت وقاومت وشكلت ونظمت وسيطرت ولم تكن تملك حينها من السلاح النوعي إلا عزيمة أبنائها وإصرارهم.. لقد كانت تصرخ عند كل صباح ومساء أن هلموا معنا أيتها المحافظات الأخرى الكبرى قبل أن يتفرد بنا النظام ويبيدنا، فلم يكن يرتد إليها حينها إلا الصدى والتعاطف والمديح...!! حتى إذا بلغت قوتها مبلغاً يؤهلها لإكمال السيطرة على جميع المدينة انفجر جنون النظام عليها وبدأ باستخدام ما لم يكونوا يتوقعونه من العنف والهمجية والجنون قاوموا أياماً وليالي طوالاً في بابا عمرو.. لكن ما معهم مهما كان كثيراً فإنه لا بد وأن ينقص، وإن عزيمتهم مهما كانت قوية لا بد وأن تتزعزع خاصة وهم يرون برود المحافظات الأخرى حتى في التظاهرات وكأن ما كان يحدث لإخوتهم يحدث في قارة أخرى..!! وهاهي حمص الحصار اليوم تقف كالجبل الصلد تهد جبروت النظام في كل ساعة وكل حين فلقد مر عليها مع هذه الحالة ما يزيد على نصف العام حيث أطبق عليهم النظام حصاره من كافة الجهات.. إنني أدعو اليوم أولئك الذين ينظرون إلى أزهار متساقطة في ظل شجرة فيتشاءمون، ولا ينظرون إلى ما حل بدلها على الشجرة من الثمار أن يعيدوا ترتيب أفكارهم وأن يكفوا ألسنتهم عن اختزال بطولات أهل مدينتهم ببعض ما يسمعونه من الخلافات والنزاعات.. إننا لا ندعو للقبول بالخلافات والرضى بها إنما ندعو كل من بيده قلم أو في فمه لسان أن يحسن استخدام ذلك فيما يقدمه لإخوته من حلول وأفكار وأن يسعى لهم بالدعم بدل أن يظلمهم ويختصرهم ببعض ما يصدر منهم من الخلافات.. يليق بهؤلاء وخاصة من هم في الخارج أن يرجعوا إلى أنفسهم قليلاً ويحللوا لنا أسباب ما يسمعونه من خلافات بين ثوار حمص ثم بعد ذلك عليهم أن يكتبوا ويتكلموا.. ولا يليق بهم أن يزيدوا من مآسينا والحصار الذي نحن فيه بالاقتصار على الوصف والتهويل بدل البحث عن الأسباب والحلول.. تأملوا يا إخوتي حال آلاف من المقاتلين تحاصرهم أسوأ أنواع الوحوش البشرية.. يهللون إن وصلت إليهم ذخيرة.. ويكبرون إن وجدوا بعض الخضار.. ويطربون إن حصَّلوا شيئاً من الوقود.. ويضحكون حقاً للرغيف البارد المتيبس المتكسر إن ظفروا به.. وتكون حفلتهم الكبرى حينما يصل إليهم قليل من الأدوية يداوون به إخوانهم من الجرحى!!! إن هذه الحالة يا إخوتي هي الحقل الأصلح والتربة الأجدر بنمو الخلافات واشتداد عودها.. ولولا أن هؤلاء يرجعون في كل لحظة وحين إلى مولاهم الحق ويغسلون ما يشوب قلوبهم ونفوسهم من أدران لقضوا على بعضهم وذهبت ذخيرتهم فيما بينهم.. لولا أن مِن هؤلاء مَن لا يرضى أن يبيت قبل أن يصفو قلبُه على إخوانه ويمحي ما علق فيه من غل أو حقد أو حسد لرأيتهم في فتنة لا يقدر على إطفاء نارها أحد من البشر.. هؤلاء أهل حمص... منهم من بقي في الحصار ومنهم من خرج إلى الأحياء الأخرى والأرياف يسعى ويدعم ويعمل على إكمال مسيرة التحرير . إن أهل حمص وريفها حينما بدؤوا بالتسلح لم يكن وقتها أحد يعترف بهم، فكان تسليحهم أشبه ما يكون جهوداً فردية وشخصية ولذلك كثرت المجموعات وتعددت.. وإن هذه المجموعات هي أسرع ما تكون إلى الانخراط في مجموعة واحدة في حال توافر الدعم الكافي لهم.. إن أهل حمص وريفها ياسادة هم أكثر الناس ترفعاً عن التنازعات وأقدر الناس على الألفة.. والمطلوب منكم أن تعلموا أن تلك الخلافات لا يبقى لها أثر فور معالجة أسبابها، وها هو العلاج بين أيديكم فاسعوا إليه: • تأمين السلاح الكافي لأرياف حمص وداخلها، وكونواعلى يقين أن ذلك سيغلق مسالك الخلافات من زاوية الأسلحة وهي الأوسع. • تأمين الوقود الذي يلزمهم لما يخدم الثورة من إعلام ومركبات وهذا سيغلق زاوية الخلافات على الوقود. • تأمين الأدوية اللازمة لإسعاف الجرحى وطبابة ذوي الأمراض المزمنة، فالإخوة اعتادوا على الآلام البسيطة والأوجاع المعتادة. • تأمين كميات من الطعام تقويهم على القتال والمعارك.. وهذه الأخيرة يعتبرها الإخوة من الكماليات فهم تكفيهم كسرات من الخبز ليتابعوا مسيرتهم في التحرير والقتال. إننا في حمص نطالب جميع المتكلمين والمتواصلين والحريصين علينا أن لا ينصتوا لصوت الخلاف ولا يسعوا إلى توسيعه فإن هذا الصوت لا يخرج إلا من أخ مغلوب على أمره فكل واحد منا قد يتعرض لحالات من القهر والقسوة قد تضطره لبعض التصرفات أو الكلمات لكنها ليست هي الحالةَ العامة يا أيها الناس.. كما أنها ليست هي الحالة اللائقة بكم والمرجوة منكم، فالذي يليق بكم أن تسعوا لإيجاد الحلول والمبادرات بدل الكتابة والتأفف... فإن التأفف يحسنه ويقوم به كثيرون ولكن الخلل لا يدركه إلا القليل ولا يسدّه إلا الموفقون. إن بعض الناس يصورون اختلاف الرأي والاجتهاد في خطط المعارك وتوزيع الأفراد والعتاد وكأنه اختلاف في الثوابت والأصول فتجري على ألسنتهم الاتهامات والدعاوى والشائعات والمبالغات، ويصدّرونها لإخوانهم ويشعلون قلوب الإخوة على بعضهم ويضيعون الأوقات في الهجومات والدفاعات ويدفعون بهم إلى الانقسامات..! وهؤلاء عليهم أن يعلموا أن الأمور الميدانية والعسكرية خاضعة للرأي والمشورة والاجتهاد فإن أصابت فخير والحمد لله، وإن أخطأت فنطوي آثارها ونتعلم منها ونستفيد.. ولا نجعلها مادة للتخوين والإسقاط فإن التخوين والإسقاط لا يصلح أن تكون مواده المعاصي فضلاً عن أن تكون قضايا اجتهادية أو زلات شخصية أو أخطاء فإن النفس تتعرض للظروف والملابسات والمراجعة والإصلاح. إنها كلمات خمس: دعم ونصح وحسن ظن وتغافر ودعاء .. هي المواد التي نسعى لتأمينها لإخوتنا في الداخل.. وعلى إخوتنا في الداخل أن يتوقفوا عن استقبال أية مواد أخرى لا تصلح لصناعة النصر، وعليهم أن يقوموا بجرد مستودعات قلوبهم وإخلائها من أية مواد يتفجر منها النزاع فهم أدرى بالتنازع كيف يتحول عند المعارك إلى تراحم وبالاختلاف كيف يتحول عند الشدائد إلى أخوة وفداء..
مجاهد مأمون ديرانية
عمر عبد المجيد البيانوني
أحمد أبازيد
ساجد تركماني
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة