محمد اللاذقاني
تصدير المادة
المشاهدات : 7013
شـــــارك المادة
(تم كتابة هذه الدراسة منذ حوالي الستة أشهر تقريباً،أي قبل معركة الساحل الأخيرة والشهيرة، وقد تم نشرها في بعض الصفحات المغلقة فقط حينها. وقد رغبنا الآن بنشرها في هذا الوقت بالذات بعد ابتعاد الأنظار عن جبهة الساحل الهامة، والقصف المستمر الذي يستهدف المدنيين في المناطق المحررة هناك) بين من يرفض فتح جبهة الساحل لحساسيتها وخطورتها، وبين من يناشد بفتح… الجبهة على مصراعيها، تفرض تعقيدات جبهة الساحل نفسها على أي قرارات يجب اتخاذها حولها.
ومن المهم أن نحاول ترتيب بعض الأمور حول ذلك بالاستعانة بالخريطة المرفقة: 1-يسيطر الثوار على مناطق أغلبيتها الساحقة من الطائفة السنية. وقد شكّل أبناء تلك المناطق كتائب مقاتلة مع الكثير من أبناء مناطق الساحل الأخرى وغيرها الذين توجهوا نحو تلك المناطق لتكون منطلقهم في القتال ضد النظام. 2-يوجد خط فاصل يشبه الحدود بين المناطق التي يسيطر عليها النظام والمناطق التي يسيطر عليها الثوار. ويوجد على امتداد ذلك الخط -من الجانب الذي يسيطر عليه النظام- الكثير من المراصد المستخدمة ضد الثوار (المراصد المبينة بلون أسود على الخريطة كأمثلة). 3-يسيطر النظام على مناطق واسعة تقع بين مناطق سيطرة الثوار من جهة ومدينة اللاذقية من جهة ثانية. وغالبية قرى تلك المناطق من الطائفة العلوية، عدا بعض الأماكن الهامة كبلدة الحفة وماحولها . 4-تُحيط المناطق الريفية التي يسيطر عليها النظام بمدينة اللاذقية التي تسكنها حالياً جميع الطوائف كما هو معلوم للجميع. 5- توجد منطقة هامة ممتدة على الشريط الساحلي الشمالي، وتضم العديد من الضيع التركمانية، والتي تم فيها إنشاء قصر جمهوري بسبب روعتها.
هناك عدة أسئلة هامة مطروحة: 1- أليس تعطيل جبهة الساحل خيانة؟ وهل فتح الجبهة سيتسبب بإشعال حرب طائفية هناك؟ 2- هل من الجيد الدفع للتوغل البرّي في المناطق الريفية المسيطر عليها من قبل النظام والتي غالبيتها من الطائفة العلوية؟ وهل سيكون ذلك تحريراً أم استيلاءً؟ 3- ألا يجب على كلّ السوريين الدفع بكلّ قوتهم لتفعيل جبهة الساحل ودعمها بكل طاقتهم، منعاً لمشروع التقسيم الذي سيكون خنجراً في خصر سوريا المحررة في حال تمّ، لاقدر الله، أم أنّه موضوع منفصل؟ 4- لا أحد يستطيع أن يُنكر أنّ الكثير من أبناء الطائفة العلوية إلى الآن -للأسف- من مؤيدي النظام، وأنّ الريف العلوي هو مصدر الخزّان البشري الأكبر الذي يستغلّه النظام للتزوّد بالنسبة الأكبر من الشبيحة، فقد أقنعهم النظام -للأسف أيضاً- خلال عامين أنّ الثورة ضدّهم، وليست ضدّه، وبأنّ الثوار جاؤوا لتصفية حسابات طائفية معهم، لاسياسية معه. بالإضافة أنّ الكثير من أبناء تلك المناطق قد لقو مصرعهم على أيدي الثوار على امتداد سوريا. وبالتالي فمن المؤكد أنّ التوغل البري (الكبير) للثوار في تلك المناطق سيؤدي لممانعة قوية من قبل أبنائها، حيث سيعتبرون أنّ هذا التوغل هدفه الاستيلاء والسيطرة على أراضي “الجيران” والانتقام منهم لدعم الكثير منهم للنظام، وسيعتبرون أنّ هذه المواجهة معركة وجود بالنسبة إليهم. وبالتأكيد سيعمل النظام بكل قدراته للتعبئة بهذا الاتجاه، وبالتالي ستبدأ المواجهات تأخذ طابعاً طائفياً شعبياً صرفاً، الذي سيتحول ليصبح أساس تلك المواجهات، ويبدأ الحشد على أساسه، وهذا ما يتمناه النظام ويعمل من أجله منذ بداية الثورة. ومن المتوقع طبعاً أن تؤدي تلك المواجهات إلى إنهاك الطرفين هناك، فالمعركة ستكون معركة دفاع عن أرض ووجود لا عن مكاسب فقط. بالإضافة إلى صعوبة أن تصبح تلك المناطق -على افتراض تمت سيطرة الثوار عليها- قاعدة يستطيع الثوار الاعتماد عليها وحماية ظهورهم من أجل التقدّم منها إلى مناطق أخرى، لأنّ ولاء أغلب أهلها بشكل عام ليس للثورة. وقد حدث أمرٌ مشابه منذ فترة يعلم ثوار الساحل قصته. إذاً فالرغبة بالسيطرة على تلك المناطق حالياً ستشتت الجهود التي من المهم توجيهها في أمور أخرى. وربما الأصح ترك مهمة بسط سلطان الدولة في تلك المناطق للجيش النظامي الذي سيكون في ظلّ حكومة جديدة بعد سقوط النظام بعون الله. ومن الجيد ذكره أنّ تلك المخاوف هي مادفعت البعض لتبنّي مواقف ضد تفعيل جبهة الساحل بالصورة المطلوية، الأمر الذي تسبب في مهاترات واتهامات بين الكثير من الأطراف، رغم أنّ لدى كلّ طرف أسبابه ونظرته التي لايجب أن نسارع في تخوينه بسببها، وعلى كلّ حال فهذا ليس موضوعنا الآن. في الوقت نفسه فإنّ الخشية مما سبق لايعني أنّ قرار تعطيل الجبهة هو القرار الصحيح، بل إنّ استمراره جريمة بحق ثوار الساحل قبل أن تكون جريمة بحق ثورة سوريا كلها، لأنّه يعني تعطيل جبهة مواجهة هامة ممتدة، وتعطيل خزان ثوري بشري قتالي كبير متمثل بثوار الساحل.
إذاً فإشعال جبهة اللاذقية هام جداً للأسباب السابقة ولأسباب أكثر أهمية متمثلة بما يلي: 1- الدفاع عن المدنيين من أبناء الريف المحرر واللاجئين الداخليين، والذين يتم قصفهم بشكل يومي من مراصد النظام وطيرانه. 2- تخفيف الضغط بشكل فعلي عن بقية المناطق السورية. 3- قتل حلم النظام بإنشاء دويلة ذات توجه طائفي، وتقسيم سوريا. 4- استنزاف النظام وشبيحته. وهذا الاستنزاف له أهمية كبيرة. ففي ظلّ نقص القوات البرية للنظام، فإنّ كل شبيح أو عنصر يعني للعصابة ثروة، ومجرد استنزافه في هذه الناحية سيعني أنّه سيخسر الكثير. فمجرد تأهب النظام للقتال يعني أنّه سيحتاج أن يرسل الكثير من شبيحته إليهم فضلاً عن العتاد والسلاح، والذي يعني أنّ ذلك سيتنزف الشبيحة الذين يرسلهم إلى دمشق وحمص وغيرهما.
لذلك يبدو أنّ استراتيجية فتح أكبر عدد من المحاور على خط المواجه في جبهة الساحل بقوة هو الخيار الأفضل والمناسب للمرحلة الحالية، تحت عنوان حرب استنزاف طويلة، والعمل على: 1- تنبيه جميع ثوار وكتائب سوريا إلى أهمية جبهة الساحل، ولفت نظرهم إلى عدم صعوبة الالتحاق بخطوط التماس بالجبهة هناك. 2- يستطيع الثوار من باقِ المناطق السورية الوصول إلى خطوط الجبهة الأمامية وتذخيرها وإمدادها بالسلاح أو حتى الرجال مباشرة، ودون وسائط، ودون الحاجة للدخول في جدالات الإمداد، وخلافات توزيع الذخيرة والسلاح، فخط الجبهة الأول معروف، والأهداف العسكرية معروفة. 3- إطلاق حملة كبيرة وحقيقية لتسليح الكتائب التي هي في خط المواجهة الأول في جبهة الساحل. 4- العمل على فتح أكبر عدد ممكن من المحاور على امتداد الجبهة، وذلك لخلق استنزاف حقيقي. 5- التركيز على دعم الثوار هناك بأسلحة نوعية قادرة على أن تطال المراكز العسكرية، مع تجنّب المدنيين. الأمر الذي سيدفع أهالي تلك المناطق إلى طرد الشبيحة من مناطقهم، ويكون عذراً جيداً لهم أمام النظام لرفض الشبيحة، وعدم السماح لهم باتخاذ قراهم كمقرات تشبيحية ودروعاً بشرية.
كلنا شركاء
ميشيل كيلو
طارق الحميد
رضوان زيادة
مركز جسور للدراسات
المصادر:
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة