غسان شربل
تصدير المادة
المشاهدات : 2825
شـــــارك المادة
في الأعوام الماضية، حقق الهجوم الإيراني في الإقليم سلسلة نجاحات تعادل انقلاباً كاملاً. أدى الإخلال السريع بموازين القوى إلى توتر إقليمي كما أدى إلى تدهور صريح في العلاقات السنّية-الشيعية. وإذا تركنا خصوصية ما يحدث في اليمن جانباً يمكن اختصار النجاحات الأخرى بالآتي:
- في العراق شاركت إيران في استنزاف الاحتلال الأميركي. غادرت القوات الأميركية العراق بعد شهور شهدت تراجع نفوذ أميركا السياسي في البلد الذي غزته وحررته من نظام صدام حسين. بعد الانسحاب الأميركي أصبحت إيران اللاعب الأول على المسرح العراقي. شددت في سياستها على نقطتين: الأولى إبقاء الكتلة الشيعية موحدة. والثانية الاحتفاظ بعلاقة مع الأكراد ومنع الخلاف الشيعي-الكردي من بلوغ نقطة التصادم.
- قبل ذلك نجحت ايران في منع حصول انقلاب دائم في ميزان القوى اللبناني بفعل اضطرار الجيش السوري الى الانسحاب من هذا البلد إثر اغتيال الرئيس رفيق الحريري. تمكنت ايران من منع قوى 14 آذار من تشكيل حكومة مستقرة مؤيدة لمعسكر الاعتدال العربي ومتعاطفة مع الغرب. وأظهرت التجارب لاحقاً استحالة تشكيل حكومة في لبنان من دون الحصول على موافقة طهران.
- تعاطت ايران مع الاحتجاجات في سورية بوصفها محاولة تستهدف محور الممانعة والتحالف السوري- الايراني. اتخذت قراراً قاطعاً بمنع اسقاط النظام السوري. ترجمت قرارها بتدخل «حزب الله» اللبناني والميليشيات العراقية الموالية لها في القتال الى جانب ذلك النظام.
أظهرت مجريات المعارك ان الدعم الروسي ما كان ليضمن بقاء النظام لو غاب الدور الايراني. في العام الماضي، بدت صورة النجاحات اقل زهواً. ظهرت ايران محتاجة الى ما هو اكثر من تحسين الصورة عبر انتخاب الرئيس حسن روحاني. ارسل اقتصادها اشارات تعب بفعل العقوبات الغربية. اضطرت الى الانخراط في المفاوضات النووية مع مجموعة 5+1. تبين ان طهران قادرة على منع اسقاط النظام السوري لكنها غير قادرة على حسم نزاع يبدو طويلاً ومكلفاً. بدأ الحديث عن تحول سورية الى فيتنام ايرانية باهظة مالياً لطهران ومكلفة بشرياً لـ «حزب الله».
جاءت المفاجأة من العراق. انهار الجيش العراقي امام هجمات «داعش». وولدت «الدولة الاسلامية» على مساحات واسعة من العراق وسورية. سبق ذلك انهيار علاقات رئيس الوزراء نوري المالكي بالمكونين السنّي والكردي.
لا تستطيع إيران إرسال قواتها لاسترجاع المناطق السنّية من قبضة «داعش». والتمسك بالمالكي يعني الوقوع في استنزاف طويل. أدركت واشنطن صعوبة الموقف الإيراني فاشترطت للمساهمة في ضرب «داعش» تغييراً حكومياً في بغداد يحل الشراكة مكان الشراهة.
قبل أعوام، سألت في طهران عن احتمال وقوع حرب أميركية-ايرانية فجاءني الجواب: إنك تسأل عن الحرب التي لن تقع. نحن نجري حسابات دقيقة. قد نقيم طويلاً على حافة الحرب لكننا لن نقع فيها. لن نجازف بمنجزات الثورة لكننا سنتصدى لأي عدوان.
لم تقع الحرب. ولم يعد جلوس المفاوضين الإيرانيين مع نظرائهم الأميركيين جريمة تستحق الشنق. وروحاني يصف من يخافون التفاوض بالجبناء. في هذا المناخ أعلن علي شمخاني سكرتير المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني ترحيب بلاده بالعملية الدستورية التي أدت إلى تكليف حيدر العبادي تشكيل الحكومة خلفاً للمالكي.
رفض المالكي الرقص مع السنّة. رفض الرقص مع الأكراد. الحاكم العراقي لا يحب التانغو. لكن من قال إن من حق لاعب محلي أن يشهر سياسة «أنا أو لا أحد».
من قال إن من حق لاعب محلي أن يعرقل لعبة كبرى وحسابات كبرى.
إيران تستهويها أحياناً رقصة التانغو خصوصاً إذا كانت تعني إمكان فوزها بمقعد الشريك الأكبر لـ «الشيطان الاكبر».
من المبكر الانطلاق من الموقف الإيراني في العراق للاستنتاج بأن إيران وأميركا سترقصان الرقصة نفسها في ملفات أخرى.
لكن الأكيد هو أن عصر «الفتوحات» الإيرانية السهلة انتهى.
تركيبة الإقليم صعبة ومملوءة بالفخاخ وقادرة على المقاومة والممانعة. تركيبة لا تسمح بالراقص الوحيد ولا بسياسة «أنا أو لا أحد».
الحياة اللندنية
عمر كوش
عماد مفرح مصطفى
عبد العزيز التويجري
مركز جسور للدراسات
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة