..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

هل تدعم الأنظمة العربية المشروع الإيراني؟

مصطفى النجار

٥ نوفمبر ٢٠١٤ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 2979

هل تدعم الأنظمة العربية المشروع الإيراني؟
العربية00.gif

شـــــارك المادة

حالة غريبة تعبر عنها المشاهدات اليومية للأحداث الحالية في المنطقة العربية تصيب المتابع بالدهشة إزاء المواقف العربية الرسمية في عدد من الملفات الساخنة التي تمثل نقاطًا للمواجهة بين العرب وإيران، أو بوصف أدق بين المحور السني الذي تتزعمه المملكة السعودية وحلفاؤها وبين المشروع الإيراني الذي تتمدد مساحات نفوذه يومًا بعد يوم وتتسع دوائر تأثيره ويحرز مزيدًا من النقاط لصالحه مقابل موقف مرتبك ومتردد وهزيل من الجانب المضاد.

 

 

يتقدم المشروع الإيراني في اليمن على يد الحوثيين الذين هم على وشك الإعلان عن دولة وسلطة جديدة موالية لطهران، وتمثل شوكة في ظهر السعودية وحلفائها وحتى الآن لا يمكن تفهم الموقف الباهت للمعسكر الآخر الذى يبدو بصمته وكأنه يبارك ما حدث ولم نر ضغوطًا تمارس لتكوين معادلة سياسية متوازنة في اليمن الجديد ومع دخول تنظيم القاعدة على خط المواجهة مع الحوثيين في اليمن يبدو أن القاعدة صارت أكثر حرصًا على مواجهة المشروع الإيراني من العرب التائهين!

أما المأساة السورية فتمضي الأمور لصالح بشار الأسد واستمرار بقائه في الحكم رغم كل المذابح التي ارتكبها في حق شعبه، وهذا ما يعنى انتصارًا لإرادة طهران الحليف الأول والأساس لنظام بشار المجرم. وتقريبًا ستسفر المعادلة السورية الجديدة – عقب الانتهاء من حرب داعش وتقليم أظافرها إذا نجح التحالف الأمريكى في ذلك – عن استمرار نظام بشار وتجميله ببعض وجوه المعارضة الموالية لبشار نفسه وبعض وجوه المعارضة الحقيقية التي ستفقد الأمل في إسقاط بشار وسترضخ للترتيبات الجديدة التي ربما سترعاها الدول الغربية والولايات المتحدة ومن ورائهم حلفاؤهم من العرب الذين لن يجدوا خيارًا بديلًا ولا أوراقًا للضغط تعدل الصيغة التفاوضية في اتجاه جديد يكون عكس الإرادة الإيرانية وحليفها بشار أو حتى لصالح الشعب السوري الذى دفع ثمن الضعف العربي والصمت الدولي تشريدًا وتهجيرًا وقتلًا وإبادة.

أمريكا تغير مواقفها نسبيًا من إيران وتتعامل مع معادلة القوى الإقليمية التي تقف على رأسها إيران وتركيا بواقعية، ولكن الغلبة حتى الآن للدور الإيراني الذى يمتلك أوراقًا أكثر للضغط في مناطق متعددة للصراع مثل سوريا واليمن والعراق ولبنان وغيرها بما يسمح للمفاوض الإيراني بالحصول على مكاسب داخلية تخص المشروع النووي وكذلك قضية العقوبات المفروضة من الدول الغربية، وكذلك تقوية موقف حلفائه بالمنطقة.

نحن الآن أمام تقدم إيراني وتراجع عربي أو غياب شبه تام عن التأثير في رسم ملامح المنطقة العربية الجديدة التي يعاد تشكيل جغرافيتها وتحالفاتها وأنظمتها الآن، الأنظمة العربية التي ينتظر منها أدوارًا تصنع التوازن مشغولة بمشاكلها الداخلية وبقمع شعوبها ومحاصرة الثورات والتأكد من إتمام إجهاضها بالتوازي مع تضخيم وتهويل خطر المتطرفين الإسلاميين الذين يشكلون فزاعة وعدوًا مناظرًا وسهلًا يمكن إقناع الشعوب بأنه سبب تأجيل الديمقراطية وسبب الغياب عن التأثير في الموقف الإقليمي ووقف تقدم زحف المشروع الإيراني.

يعتقد حكام العرب أن الخطر الأكبر الذي يجب أن يتحدوا ضده ويستنفروا قواهم هو الديموقراطية التي تهدّد كراسي حكمهم؛ لذلك لا يدخرون جهدًا في اجتثاث كلّ ما له علاقة بربيع الثورات العربية ومن يدقق في المشهد العربي البائس يكتشف أن العرب لم يتوحدوا إلا لإجهاض الثورات ووأد الديموقراطية الوليدة عبر دعم الثورات المضادة وتفريغ الثورات الحقيقية من مضمونها.

الحقيقة التي لا تدركها الأنظمة الحاكمة أن الديموقراطية لم تعد خيارًا يمكن قبوله أو رفضه، الديموقراطية صارت قدرًا لن ينجو منه أحد، وكل من يحاول التصدي لها وتعطيل مسيرتها سيبوء بالفشل؛ لأن الخريطة السكّانية للبلاد العربية تقول إنّ الشباب هم الغالبية التي لن ترضى أن تعيش عهود القهر وأزمنة الصمت التي عاشها آباؤهم وأجدادهم، المشروع الإيراني سيواصل التمدد مع غيره من المشاريع الأخرى ولن تستطيع هذه العقول الشائخة والكراسي المهتزة والعمامات الخائفة أن تصمد وسط كلّ هذه التحديات وستنتهي دورة حياتها قريبًا ليتسلم القيادة جيل جديد يعرف كيف يواجه هذه التحديات ويصنع التوازنات ويحقق التقدم للشعوب التي أرهقها جهل الاستبداد وأتعبها غبار التخلف والرجعية.

المستقبل ليس في صالح هؤلاء؛ لذلك سيعملون على حربه بشتى الطرق والوسائل، لكنها حرب خاسرة مهما طالت مدتها وتنوعت وتوحشت أشكالها.

طوفان المستقبل قادم وسيغمر الجميع ويزيح الأصنام ليكتب صفحة جديدة في التاريخ تليق بهذه الشعوب.

 

 

التقرير

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع