علي حسين باكير
تصدير المادة
المشاهدات : 3081
شـــــارك المادة
حذّر العديد من الخبراء من أن امتلاك إيران للسلاح النووي الآن أو لاحقا عبر صفقة أميركية أو من دونها سيكون بمثابة كارثة للعرب والمنطقة، وفي حالات عديدة اعترض البعض على مثل هذا التشخيص، وسارع إلى امتشاق سيف «النووي الإسرائيلي» لاستخدامه كحجّة لدحض التحذير السابق، متسائلين كيف ولماذا يجب أن يكون النووي الإيراني تهديدا للعرب ولا يكون النووي الإسرائيلي تهديدا. والحقيقة أن في مثل هذا الطرح مغالطات كبرى إذا كان هدف المتسائل الحصول على الأجوبة وليس مجرّد إطلاق قنابل دخانيّة للتغطية على الخطر الإيراني باستجلاب الخطر الإسرائيلي، والمفارقة أن هناك أميركيين أيضا استخدموا نفس الحجّة ولكن لهدف مختلف يتمثّل في تبرير تفاوضهم وتساهلهم من جهود إيران النووية وغالبا ما انتمى هؤلاء إلى فريق الرئيس أوباما. القول إن العرب لم يعتبروا «إسرائيل نووية» خطرا عليهم هو قول غير صحيح؛ إذ إن العرب طرحوا على مدى عقود خيارات مختلفة لمواجهته، منهم من ذهب إلى بناء برنامجه النووي الخاص كالعراق على سبيل المثال، والذي تعرّض برنامجه النووي للتخريب بعدما قصفت إسرائيل «مفاعل تموز»/ «أوزيراك» إبان الحرب الإيرانية-العراقية، وهناك من ذهب إلى المطالبة بجعل منطقة الشرق الأوسط منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل، من بينها الأسلحة النووية، وذلك بهدف سحب البساط من تحت إسرائيل. أضف إلى ذلك أنه لا يكفي امتلاك أي دولتين للسلاح النووي حتى تكتمل المقارنة بينهما، فامتلاك كوريا الشمالية للسلاح النووي ليس كامتلاك الصين مثلا، إذ إن طريقة التعامل مع الدولة التي تمتلك سلاحا نوويا غالبا ما يبنى استنادا إلى الأجوبة المتأتية عن عدّة أسئلة، أهمّها: «هل هذه الدولة عقلانية أم لا؟ هل يمكن ردعها أم لا؟ هل السلاح النووي هو لحماية نفسها أو لتغطية أجندتها التوسعية؟ هل سيغيّر من المعادلة كلّيا؟ لمن القرار في استخدام السلاح النووي هل للمدنيين أم للعسكريين أم للثوريين في هذه الدولة أو تلك؟ هل هو للضربة الأولى أو للضربة الثانية... إلخ». أضف إلى ذلك أنّ إسرائيل ليست عضوا في معاهدة منع انتشار أسلحة الدمار الشامل (NPT)، ولذلك امتلاكها أو عدم امتلاكها لم يؤثر بشكل مباشر على المعاهدة، وبقيت تداعيات تحولها إلى قوة نووية محدودة. وهذا لا ينطبق على حالة إيران العضو في معاهدة (NPT)، حيث خرق نظام الملالي سلسلة من العقوبات الدولية الصادرة عن مجلس الأمن التي تطالبه بإيقاف تخصيب اليورانيوم.
تحول إيران إلى دولة نووية بشكل مستقل أو عبر صفقة مع أميركا سيدفع دولا إقليمية أخرى كالسعودية وتركيا ومصر، وحتى بلدانا أصغر إلى السعي للتحول إلى قوة نووية، وفي الحد الأدنى امتلاك حق التخصيب بمعدلات عالية بشكل مستقل، كما فعلت إيران بمعزل عن الشفافية تجاه المجتمع الدولي، وهذا الوضع سيخلق سباقا نوويا في المنطقة. السلاح النووي الإيراني لم ولن يكون يوما لموازنة أو مواجهة إسرائيل، وما نراه اليوم في العالم العربي خير دليل عملي على ذلك. إذا لم تكن إسرائيل هي المستهدفة، وإذا كانت علاقات إيران مع روسيا والصين جيدة، وإذا كانت طهران تتجه إلى صفقة مع أميركا تجعل منها شرطيّا للمنطقة، فعندها يصبح من حقّنا أن نسأل «إلى صدر من سيوجّه الإيرانيون قدراتهم النووية؟!» ومن «العدو» في هذه الحالة؟ وأعتقد أن اللبنانيين والعراقيين والسوريين واليمنيين يعلمون الجواب عن هذا السؤال قبل غيرهم. الأهم من كل ما ذُكِر أعلاه، وهو ما يجب التذكير به هنا، أن امتلاك إسرائيل لقنابل نووية لم يحل دون تحقيق العرب نصرا عليها عام 1973، في الوقت الذي سيكون فيه من المستحيل عمل أي شيء حيال إيران إذا ما قررت مثلا الاعتداء على دول عربية، أو ضم البحرين، أو تأكيد سيادتها بالقوة على الجزر الإماراتية أو ابتلاعها للعراق أو تهديدها للوضع الاجتماعي والسياسي والأمني الداخلي للعديد من الدول العربية وبحوزتها سلاح نووي. عمقها الجغرافي وأذرعها الميليشياوية واستراتيجيتها العسكرية اللامتناظرة وسياساتها الطائفية بغطاء إسلامي، بالإضافة إلى كونها قوة ثورية يجعل من موضوع ردعها بشكل تقليدي أمرا غير مؤكد وغير مضمون، بدليل سلوك النظام الإيراني نفسه، وهو أمر تؤكده ممارسات نظام الملالي منذ وصوله إلى السلطة عام 79 وإلى اليوم، وأي خطأ يقوم على تصور عكس ذلك من شأنه أن يؤدي إلى كارثة في الحسابات والنتائج.
العرب القطرية
رضا سالم الصامت
عبد الوهاب بدرخان
سميرة المسالمة
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة