أبو محمد الصادق
تصدير المادة
المشاهدات : 3908
شـــــارك المادة
إن هذا الدين من عندالله عز وجل، ولايزال الله يهدي لهذا الدين أقواماً وقد فتح باباً للتوبة لايغلقه إلا لوقته، فلذلك سيبقى هنالك حديثو عهد بالإسلام.
وكما أمر الشرع أن نعلّم الناس دينهم ليدخلوا في السلم كافة ويأخذوا الكتاب بقوة؛ فكذلك حثنا على الرفق واللين بهم ومخاطبة الناس على قدر عقولهم. وبلغ ذلك حداً جعل المؤلفة قلوبهم أحد مصارف الزكاة المفروضة تأليفاً لقلوبهم وحثاً لهم على نصرة الدين والثبات عليه، فلا يؤتى المسلمون من قبلهم. وربما أعطى النبي صلى الله عليه وسلم أقواماً ومنع آخرين من العطاء، وربما أعطى من منع، ومنع من أعطى، وما ذلك إلا تحقيقاً لمصلحة ومراعاة لمرحلة. فتأمل في العلة المنطوقة في الحديث"ولكن أعطي أقواماً لما أرى في قلوبهم من الجزع والهلع وأكل أقواماً إلى ماجعل الله في قلوبهم من الغنى والخير". وقد أخطأ من فهم من توقف عمر عن إعطاء بعض أعيان المؤلفة قلوبهم أن هذا النوع لا يعطى بعد التمكين مطلقاً، فلكل زمانٍ مؤلفة ولكل حال مقتضاها.
ومن فقه المرحلة حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- لعائشة رضي الله عنها: "لولا حداثة قومك بالكفر لنقضت الكعبة ولجعلته على أساس إبراهيم". فلماذا ترك نبينا رغبته مع كونها تمس شعيرة عظيمة من شعائر الله؟!!. أليس لأجل مراعاته للحاضنة الشعبية في عصره وحداثة عهدها بالجاهلية. فقد لا تستوعب المراد وقد تسيء الفهم لعدم تأصل الإسلام والانقياد عندها، ولربما ترتد بذلك على أعقابها فينقلب سلباً على حركة الدعوة. إنه فقه النبوة الذي يفتقر إليه المتصدرون لحركة التغيير في زماننا، ذلك الفقه الذي استنبط منه أئمتنا قواعد غدت أصولاً تدرّس. ومن إسقاطاتها في زماننا عدم إدخال عامة المسلمين في نقاشات فرعية لم يعرفوا مقدماتها ولم يعقلوا معناها؛ والتركيز معهم على قطعيات وكليات الدين. ومنها اختيار أيسر الاجتهادات الفقهية للناس عندما يكون الخلاف معتبراً، وعدم إجبارهم على واحد منها مع وجود الآخر المعتبر أثناء القيام بالحسبة. ومن ذلك العفو والصبر على من خالف السنة وتلبس بالبدع الإضافية، ولم يتيسر له من يعلمه ويرشده لعقود طويلة، والتركيز على دعوتهم بالحكمة واللين. ومن ذلك وجود من ينبري للرد على شبهات الإعلام المضلل المحارب للدين المشوه للحقائق والملبس على الناس، بحيث تتم مواكبة الأحداث وبيان الحق بوضوح. ومن حسن الفهم والتلقي تدرج الدعاة والمصلحين في توجيه المؤلفة قلوبهم إلى امتثال الشرائع الأهم مع عدم إهمال ما دونها والاستهانة بما سواها. ومما يجب الانتباه إليه أنه انعقدت في زماننا هذا أسباب عديدة تدعو لمراعاة حال المؤلفة قلوبهم؛ كالحروب والتشريد والحصار وطول مدة حكم الطواغيت. وعليه فيجب على من ولي شيئاً من أمر المسلمين التفكير في مصالحهم، واجتناب إلحاق الضرر بهم، واستحضار فضل الله (كذلك كنتم من قبل فمنّ الله عليكم).
انتهى حديثنا اليوم وسنتابع لاحقاً بإذن الله تعالى حول " التعامل مع المنافقين " ضمن سلسلة (فقه المرحلة)
معن عبد القادر
رابطة خطباء الشام
حاتم العوني
هيئة الشام الإسلامية
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة