عباس شريفة
تصدير المادة
المشاهدات : 4355
شـــــارك المادة
العقل المحرك للإرجاء المنبطح والغلو المجرم هو الاستبداد السياسي، فهو بمثابة الدماغ الذي يحرك الأذرعة، وبقطعه ستفقد أذرعته الحياة. من أهم أساليب منظومة الاستبداد السياسي والقهر: تحزيب المجتمع ليسهل السيطرة عليه، وتحريش بعضه على بعض ثم يتدخل كمصلح لضبط الإيقاع {وجعل أهلها شيعا}.
{ذروني أقتل موسى} إن فرعون يقول للعامة: "ذروني" ودون أن يستطيع أحد أن يمنعه... يطلب فرعون من العامة أن يتركوه.. يطلب التفويض الشعبي والشرعية.
الاستبداد السياسي يشعر العامة أنهم أصحاب السياسة {ويذهبا بطريقتكم المثلى} -سياستكم ومذهبكم السياسي- أن يشعر العامة أنهم أصحاب القضية والمبدأ.
{قال موعدكم يوم الزينة وأن يحشر الناس ضحى} يحرص الاستبداد السياسي على النصر الإعلامي الكاذب أمام العامة والبسطاء ليرسخ سلطانه في نفوسهم.
{لن نؤْثرك علىٰ ما جَاءنَا مِن البَينات والذي فَطرَنا فَاقضِ مَا أَنت قَاض}، مهما بلغ بطش الاستبداد السياسي على الأجساد لن يغير ما في القلوب.
من أهم عناصر رسوخ الاستبداد السياسي أن يشعر العامة بأنهم محور النظام، ومن هنا كان الضمير يعود على الناس: "أرضكم - طريقتكم - دينكم".
يحاول الاستبداد السياسي أن يظهر بمظهر المنافح عن الدين والقاطع لأطناب الفساد {إني أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد}.
يصور الاستبداد السياسي جرائمه على أنها محامد وحسنات يمن بها على الناس {ألم نربك فينا وليدا ولبثت فينا من عمرك سنين}.
الاستبداد السياسي صناعة الشعوب المستكينة للظلم والجور والتي لا تحسن إلا الهتاف والتصفيق {فاستخف قومه فأطاعُوه إنهم كانُوا قوما فاسقين}.
لا مكان للرأي الآخر عند المستبد فما من شيء أبغض إليه من صادع بالحق يقمع غروره {قال فرعون ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد}.
تنبه عمرو بن العاص إلى أن مصدر الطغيان هو قبول الشعوب له، عندما ذكر الروم أمامه قال: إن فيهم صفات حسنة ومنها أنهم أمنع الناس من ظلم الملوك.
من هنا نعلم أن مشكلة الأمة ليست في الاستبداد السياسي، وإنما في قابليته لقبول تسلط الاستبداد والرضا بالعبودية والذل فتألف حياة الهوان.
تربية الذل والهوان تتجذر في أعماق الإنسان فيصعب عليه أن يخرج من العبودية إلى الحرية بسهولة، فمن يهن يسهل الهوان عليه ما لجرح بميت إيلام.
تبدأ سورة القصص بقصة فرعون والاستبداد السياسي، ثم قصة قارون والفساد والاحتكار الاقتصادي، تحالف السلطة مع المال أعتى أنواع الاستبداد.
لن ينفع جنود الطغيان أن يقولوا (عبد مأمور)، فلولا هؤلاء الجنود ما استطاع المستبد على القهر {إن فرعون وهامان وجنودهما كانوا خاطئين} [القصص : 8].
عندما يشرف الاستبداد السياسي على السقوط وانكشاف ضعفه وانقطاع حجته يدعي أن مؤامرة تحاك ضده {إن هذا مكر مكرتموه في المدينة لتخرجوا منها أهلها}.
عندما يصل الاستبداد السياسي إلى العجز في الحفاظ على شرعيته يلجأ إلى منطق الأقلية والأكثرية والتهوين من شأن المعارضة {إن هؤلاء لشرذمة قليلون}.
نور سورية
مجاهد مأمون ديرانية
أبو مضر
لبيب النحاس
آلاء عوض
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة