رابطة خطباء الشام
تصدير المادة
المشاهدات : 8412
شـــــارك المادة
مقدمة: إن القعود والتكاسل عن العمل وانتظار خارقة تنزل من السماء على الكافرين فتهلكهم، وَهْمٌ، وغيابُ فَهْمٍ وعدمُ فقهٍ لسنة الله عز وجل في التغيير. تقرؤون في هذه المادة كيف أن سّنَّةَ الله قد استقرت في أن النصر لا يأتي بخارقة كما كان في الأمم السابقة، فتلك سُنَّةٌ انتهت وانقضت، والسُّنَّةُ الماضية الآن هي العمل والبذل والجهد والتخطيط، وبغير هذا لن يأتي نصرٌ، فسُّنةُ الله لا تحابي أحداً حتى رسول الله صلى الله عليه وسلم. 1- سلبية مقيتة: سلبية مقيتة تلك الكلمة التي قالها عبد المطلب لأبرهة عندما أتى يغزو بيت الله الحرام: (أنا رب الإبل وللبيت رب يحميه) إذ كيف يعيش الإنسان يبحث عن لقمة عيشه وعن حياته وعن أولاده وعن إبله وعن ملذاته ويترك دين الله عز وجل لله يحميه؟! هذا قصور شديد في الفهم وانعدام للرؤية. قصة أبرهة معروفة، عندما جاء بحده وحديده من اليمن ليهدم الكعبة، وفي طريقه قبل أن يصل إلى الكعبة استطاع أن يغنم مائتين من الإبل لعبد المطلب، ولماخرج عبد المطلب ليفاوض أبرهة أجلَّه أبرهةُ وأعظمه وأكرمه وأجلسه إلى جواره، فقد كان ذا هيبة، ثم سأله أبرهة: ما حاجتك؟ فقال: حاجتي أن يرد علي الملك مائتي بعير أصابها لي فقال أبرهة: قد كنتَ أعجبتني حين رأيتك، ثم زهدت فيك حين كلمتني، أتكلمني في مائتي بعير أصبتُها لك وتترك بيتاً هو دينك ودين آبائك قد جئت لهدمه لا تكلمُني فيه؟! فقال عبد المطلب تلك الكلمة التي يعتقد البعض أنها جميلة وأنها تدل على اليقين، قال: (أنا رب الإبل وإن للبيت رباً سيمنعه). ثم بعد هذا الموقف السلبي من أهل مكة وتفرقهم في شعاب الجبال وإخلائهم مكة تماماً ليدخل أبرهة بجيوشه وبفيله، نزلت المعجزة الكبرى، الطيور الأبابيل وهي طيور صغيرة ترمي بحجارة من سجيل، أهلكت جيش أبرهة ومن معه. 2- كيفية إهلاك الظالمين من الأمم السابقة: كانت سنة الله عز وجل في إهلاك الظالمين السابقين قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يهلكهم بخارقة، وكان المؤمنون لا يرفعون سيفاً ولا يشتبكون في قتال، فلما حدثت هذه الخطورة على بيت الله الحرام طبقت هذه السنة الإلهية حتى في غياب المؤمنين. وهذا ما كان يحدث أيضاً مع الأنبياء السابقين قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنوح عليه السلام -على سبيل المثال- لما كذبه قومه وشعر أنه لا أمل في إيمانهم دعا الله عز وجل عليهم، قال الله عنه: (فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ) [القمر:10]، قال تعالى: (فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ * وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ * وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ) [القمر:11-13]، فلم يحدث لقاء بين المؤمنين وبين الكافرين، وإنما جاء الطوفان وحمل الله عز وجل المؤمنين في السفينة، وكانت النجاة بهذه الخارقة. ولوط عليه السلام أيضاً لما كذبه قومه قال: (رَبِّ نَجِّنِي وَأَهْلِي مِمَّا يَعْمَلُونَ) [الشعراء:169]، فجاءت الأوامر من الله عز وجل: (فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَاتَّبِعْ أَدْبَارَهُمْ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ وَامْضُوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ) [الحجر:65]. ثم بعد أن خرج لوط عليه السلام من القرية الظالمة قال الله عز وجل: (فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ) [الحجر:74]. وحتى بنو إسرائيل الذين حمّلهم الله عز وجل أمانة إقامة دولة وإنشاء أمة لما أحيط بهم في أرض مصر وانقطع أمل موسى عليه السلام في إيمان فرعون وقومه قال موسى عليه السلام كما قال الله عز وجل في كتابه: (رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ) [يونس:88]، فجاء الأمر الإلهي: (فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلًا إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ) [الدخان:23]، ولم يحدث لقاء بين قوم موسى وبين فرعون، ولم يؤمر قوم موسى بقتال فرعون وجنوده، وإنما أمروا بالخروج من مصر إلى غيرها، فانطلق موسى عليه السلام ومن معه من بني إسرائيل حتى وصلوا إلى البحر، (فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ * قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ) [الشعراء:61-62]، الكلمة الوحيدة المؤمنة التي قيلت في مثل هذا الموقف هي كلمة موسى عليه السلام، (قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ) [الشعراء:62]، فقال الله عز وجل: (فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ * وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ *وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ) [الشعراء:63-65]، ولم يكن هناك ضحايا ولا شهداء، وكل بني إسرائيل نجوا مع كونهم قالوا: (إنا لمدركون)، ثم قال عز وجل: (ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ) [الشعراء:66]، فشق البحر وأهلك فرعون عليه لعنة الله ومن معه من الجنود. وحادثة الفيل كانت آخر الحوادث التي نصر فيها الدين بخارقة، ولكن ما زالت سنة إهلاك الظالمين باقية: (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ * وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ) [إبراهيم:13-14]، فأي أمة تخاف مقام الله عز وجل وتخاف وعيده عز وجل فلا بد أن تمكن في النهاية، ولا بد أن يهلك الظالمون لها، فهي سنة ماضية إلى يوم القيامة. 3- تغيُّرُ هذه السُّنةَ بعد بعثة النبي صلى الله عليه وسلم: مع بعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم تغيرت طريقة الإهلاك، فالسنة أصبحت: (إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ)[محمد:7]. فلا بد أن يقدم المسلمون العمل والعمل الخالص لله عز وجل، الصحيح على منهاج النبوة، فإذا قدموا العمل الصالح أنزل الله عز وجل ما يشبه الطير الأبابيل، فينزل بركة ورحمة وأمناً وتأييداً وتوفيقاً على المؤمنين، وسخطاً ونقمة وعذاباً وهلاكاً على الكافرين، ولكن.. بغير عمل لن تنزل الطير الأبابيل، وبغير جهد وبذل وعطاء لن ترمى حجارة من سجيل. هذه السنة الجديدة الخاصة بأمة الإسلام، وهي سنة ماضية إلى يوم القيامة لا تبديل لها ولا تحويل، (إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ) [محمد:7]. إن القعود عن العمل وانتظار خارقة تنزل من السماء على الكافرين فتهلكهم، وَهْمٌ وغيابُ فَهْمٍ وعدمُ فقهٍ لسنة الله عز وجل في التغيير، بل لابد أن يعتمد المسلمون على أنفسهم وعلى سواعدهم وعلى شرعهم ومنهجهم وعلى ربهم، والله عز وجل وضع لنا سنناً واضحة في التغيير قد تختلف حسب المرحلة التي يعيشها المسلمون، فقد يكتفي المسلمون في زمن بالدعوة، وقد تكون الدعوة سراً أو جهراً، وقد يحتاج المسلمون إلى معاهدة، وقد يحتاجون إلى جهاد، وقد يجاهدون قوماً ويتركون آخرين، وقد يجاهدون الكفار أجمعين، فبحسب المرحلة تتغير الطريقة، ولكن في كل الأحوال لا بد أن يقدم المسلمون شيئاً، فلن ينزل النصر على قوم كسالى قاعدين أو سلبيين. فأين هو دورك أيها المسلم؟! أتكتفي بالمراقبة ثم تنتظر أن تسوقك الأحداث سوقاً إلى سيادة وتمكين وعز وصدارة؟! هذا وَهْمٌ وليس من سنن الله عز وجل، إنما (إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ) [محمد:7]. وتذكروا أننا لسنا في زمان أبرهة. 4- ثبات هذه السُّنَّة حتى مع النبي صلى الله عليه وسلم: نحن لسنا أعز على الله عز وجل من نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، وقد مضت معه هذه السنة في كل حياته. تحقق النصر في بدر: واجه رسول الله في بدر أبشع أجيال الكافرين يتزعمهم فرعون هذه الأمة لمقاتلة خير أجيال الأرض يقودهم هو صلى الله عليه وسلم، ومع ذلك لم تنزل الطير الأبابيل على جيش الكافرين لتمنع الموقعة بينهم، بل على العكس كل الملابسات كانت تدفع دفعاً إلى القتال على غير رغبة الطرفين، قال الله عز وجل: (وَلَوْ تَوَاعَدْتُمْ لَاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَادِ وَلَكِنْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا) [الأنفال:42]. ويقول في موضع آخر: (وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلًا وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا) [الأنفال:44]، فلا بد من اللقاء، ولن تنزل الطير الأبابيل قبل اللقاء، مع أن جيش المؤمنين أكرم على الله عز وجل من أهل مكة حين غزاها أبرهة ، ولكنها السنة الجديدة تقول: (إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ)[محمد:7]، فلا بد من اختيار المكان، ولا بد من الشورى الحقيقية وتنظيم الصفوف والتأليف بين القلوب، وحمل السيوف، ولا بد من خطة محكمة ودعاء في كل وقت، وثبات راسخ وجراح وآلام ودماء وشهداء، وعند ذلك ستنزل الطير الأبابيل في صورة ملائكة أو مطر أو رعب في قلوب الكافرين، أو في صورة فرقة وتشتت في صفوف أعداء الدين، أو في أي صورة يختارها الله رب العالمين، لكن المهم أنه لا بد من عمل وحركة وإيجابية. تحقق النصر في الأحزاب: وفي الأحزاب كان جيش الكافرين عشرة آلاف يحاصرون خير الأنبياء، والأصحاب، ويهددون الإسلام بالاستئصال، وكان الحق الكامل في داخل المدينة، والباطل الكامل حولها، ومع ذلك لم تنزل الطير الأبابيل على جيش الكافرين، ولم يحدث لهم خسف ولا صاعقة ولا صيحة ولا طوفان، فالسنة واضحة، (إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ)[محمد:7]، فلا بد من اليقين بالنصر والوحدة بين المؤمنين والخطة المناسبة وحفر الخندق والصبر على الجوع وعقد الأحلاف وفك الرباط بين صفوف المشركين واليهود وحسن المبارزة وقوة المخابرات، كل ذلك جنباً إلى جنب مع العقيدة السليمة والعبادة الصحيحة، وعندما يحدث كل ذلك ينزل نصر الله عز وجل على عباده الثابتين، وتنزل الطير الأبابيل أو أشباهها في صورة ريح وفرقة بين المشركين واليهود، ورعب، المهم أنه لا بد من عمل دؤوب صالح مخلص لله عز وجل. مخالفة المنهج في أحد: وفي أحد هُزِمَ المسلمون الأكرمون من الكافرين الملحدين لما خالف المسلمون المنهج، وخاطب الله عز وجل رسوله والمؤمنين فقال: (أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ) [آل عمران:165]، أي: أنه عجب المؤمنون لماذا هزمهم الكافرون؟ قال الله عز وجل: (أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا) [آل عمران:165]، أي: قبل ذلك انتصرتم في بدر، ثم بعد أن هُزِمْتُمْ تقولون أنى هذا؟ قال الله عز وجل: (قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [آل عمران:165]. والمسلمون لم يخالفوا في أحد فقط مخالفة تكتيكية بترك الرماة للجبل، وإنما خالفوا مخالفة قلبية خطيرة، قال الله: (مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا) [آل عمران:152]، أي: الغنائم. ولم تنزل الطير الأبابيل على المسلمين لتنقذهم من أخطائهم، فالسنة المستقرة هي: (إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ)[محمد:7]. وتذكروا أننا لسنا في زمان أبرهة ، وإنما في زمان استقرار سنة الله التي وضعها لأمة رسوله صلى الله عليه وسلم. 5- ما المخرج؟ • عليكم بالاجتماع: إن جزءاً كبيراً مما أصاب الأمة ويصيبها من الفتن والنكبات؛ إنما هو بسبب ما جرى في الأمة من التنازع والفرقة، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: [وهذا التفريق الذي حصل من علماء الأمة ومشايخها، وأمرائها وكبرائها؛ هو الذي أوجب تسلط الأعداء عليها]. إن النبي صلى الله عليه وسلم ما بنى دولته إلا بعد أن آخى بين المهاجرين والأنصار، وصلاح الدين رحمه الله ما قاتل الصليبيين وانتصر عليهم إلا بعد أن جمع كلمة الأمة أولاً وذلك بتوحيده بين مصر والشام. فأين الوحدة بين المجاهدين؟ وأين التخطيط المشترك؟ وأين القيادة الواحدة؟ ألا يجتمع العقلاء على كلمة سواء ويزيحوا هذا الهم الكبير الذي أثقل كاهل الناس؟ ألا يجتمعون فيستنزلوا نصر الله باجتماعهم؟ فيا أيها المؤمنون ويا أيها المجاهدون: (أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ) (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ) (كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ) (عليكم بالجماعة، وإياكم والفرقة، فإن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد). (من أراد بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة). (لا تقاطعوا، ولا تدابروا، ولا تباغضوا، ولا تحاسدوا، وكونوا عباد الله إخواناً). (لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث). (إياكم والظن؛ فإن الظن أكذب الحديث). (إياكم وسوء ذات البين فإنها الحالقة). (إياكم والظلم؛ فإن الظلم ظلمات يوم القيامة). (المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره). (بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم). (كل المسلم على المسلم حرام دمه وعرضه وماله). (من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته). • ما حكَّ جلدك مثل ظفرك فتولَّ أنت جميع أمرك: لا بد أن يفهم المسلمون أن النصر بضاعة محلية لا تستورد من الخارج، وإنما تصنع في بلاد المسلمين وفي أمة الإسلام. إن أمم الكفر وإن تظاهرت بنصرة المسلمين فإنها كاذبة؛ لأن الله يقول: (وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ) (البقرة: 120) فلا تعلقوا قلوبكم بهم فتخسروا ولاية الله ونصرته. قرار النصر لا يكون إلا من عند الله، ولا يصدر القرار من الله حتى يحين موعده، (وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا) (الكهف: 59) توكلوا على الله ولا تعلقوا قلوبكم بغيره، فالنصر لايكون إلا من عنده، (إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) (آل عمران: 160) • أقاتلهم وحدي حتى تنفرد سالفتي: هذه كلمة قالها الصديق رضي الله عنه وأرضاه عند الردة التي حصلت من الأعراب بعد موت رسول الله، يعبر فيها عن القيام بدوره حتى لو قعد الآخرون، فالمسئولية فردية، فنحن أمرنا أن نعمل مجتمعين ولكننا سنحاسب فرادى، (كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ) (المدثر: 38)، وقال تعالى: (وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ) (الأنعام: 94)، فلو قعد كل المسلمين فما المبرر لأن تقعدوا أنتم؟ ولو تكاسل كل الخلق فما الداعي لأن تتكاسلوا أنتم؟ أنتم لا تعملون لفلان أو لعلان، وإنما تعملون لله رب العالمين، وهو عز وجل حي لا يموت، ولا يظلم مثقال ذرة، فلماذا الركود والفتور والكسل؟ اعملوا بكل طاقاتكم، لا يقعدكم عن الجهاد قوة للعدو ولا وقف للدعم ولا وصاية من الخارج، ليكن شعاركم أقاتلهم وحدي حتى تنفرد سالفتي، ألا فحركوا جبهاتكم، وأشغلوا عدوكم، وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد، ولا تضعفوا في طلبهم وابتغائهم.. إخوانكم في باقي الجبهات يستنصرونكم ويستنفرونكم، وقد تعودوا منكم مسابقتهم في انتصاراتهم، ألا لا تجعلوا أعداء الله يستفردون بهم فينتهون منهم ليبدأوا بكم، اعلموا أن الله يقول: (وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ..) [الأنفال: 72]. واعلموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (المُسْلِمُ أَخُو المُسْلِمِ، لاَ يَظْلِمُهُ وَلاَ يُسْلِمُهُ..) [البخاري: 6951]. ألا لا تسلموا إخوانكم لمجرمين يستأصلوا شأفتهم، هيا انفروا إلى ساحات العزِّ وكونوا أصحاب قرار فعدوكم اليوم يهابكم.. واعلموا: التزام خطة الدفاع يُضعِفُ النفس ويوهن العزيمة، وبغزوهم تعلو الهمة وتقوى الشكيمة. فيا أبناء الشام: حثالةُ البغي صالت فأين عهدُ الحواسم؟!
____________________ ** أصل هذه المادة كتيب للشيخ راغب السرجاني( لسنا في زمان أبرهة) بتصرف
المجلس الإسلامي السوري
الألوكة
محمد بسام يوسف
المصادر:
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة