..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

مصير المنطقة الآمنة شمال سورية

حسين عبد العزيز

٢ ديسمبر ٢٠١٥ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 3603

مصير المنطقة الآمنة شمال سورية
الآمنة00.jpg

شـــــارك المادة

لم يمضِ يوم واحد على سيطرة الجبهة الشامية على بلدة دلحة وسيطرة لواء السلطان مراد على قرية حرجلة في ريف حلب الشمالي، حتى كشفت مصادر تركية أن المنطقة الآمنة التي تسعى تركيا لإقامتها في الشمال السوري ستقام خلال أسبوع (من جرابلس إلى شنكال في أقصى الشمال الغربي على الحدود التركية، مروراً بدير حافر وتل رفعت وبلبل) مع تلميحات إلى مشاركة فرنسية في عمليات الدعم الجوي.

لا يشكل هذا التسريب مفاجأة، حيث لوحظ منذ نحو شهر تزايد الخطاب السياسي التركي في الحديث عن المنطقة الآمنة، وكان آخرها في العاشر من الشهر الماضي حين أعلن الرئيس رجب طيب أردوغان أن حلفاء لتركيا في المعركة ضد تنظيم «داعش» يقتربون من فكرة إقامة منطقة آمنة في الشمال السوري.

لكن حتى الآن لا يبدو واضحاً ما هي طبيعة هذه المنطقة، هل ستكون كما كانت تطالب أنقرة منذ نحو عامين، بحيث تشكل قاعدة عسكرية للانطلاق منها نحو جبهات أخرى؟ أم هي مجرد منطقة آمنة تكون مأوى للنازحين وقاعدة للحكومة الموقتة التابعة للائتلاف؟

ما هو واضح حتى الآن أن الحاجة إلى هذه المنطقة أصبحت ضرورية بعد أحداث باريس، ما يرجح أن تكون لهدف إنساني وعسكري دفاعي لإخراج «داعش» منها، أي أنها لن تكون منطلقاً لعمليات عسكرية، وستكون تحت حماية فصائل المعارضة المعتدلة المدعومة من تركيا ودول إقليمية أخرى كـ «الجيش الحر» ولواء السلطان مراد التركماني، و «الجبهة الشامية» التي تضم أهم القوى العسكرية (أحرار الشام، جيش المجاهدين، حركة نور الدين الزنكي، الجبهة الإسلامية، جيش الإسلام، أنصار الشام، لواء التوحيد، فيلق الشام، وغيرها).

على المستوى الأوروبي، تخفف المنطقة الآمنة من عبء اللجوء إلى أوروبا، فمن شأنها أن تتحول إلى مكان للنازحين من داخل سورية واللاجئين من خارجها، وكانت الحكومة التركية قد أعلنت قبل أشهر أن مئات آلاف اللاجئين السوريين في تركيا سيستقرون في المنطقة الآمنة عندما تتم إقامتها.

وعلى المستوى التركي، تشكل هذه المنطقة عازلاً في وجه الحكم الذاتي الذي يسعى الأكراد إلى إقامته على كامل الحدود التركية - السورية، وربما هذا ما يفسر غياب العنصر الكردي في العملية العسكرية التركية - الأميركية، ووجود العنصر التركماني.

وربما استخدام لفظ المنطقة الآمنة بدلاً من المنطقة العازلة له دلالته، فالأخيرة تعني عزل منطقتين عن بعضهما البعض بينهما نزاع عسكري، أما المنطقة الآمنة التي تم التوافق عليها بين الأتراك والأميركيين منذ نهاية تموز (يوليو) الماضي، فهي المنطقة الخالية من التهديدات الإرهابية وتكفل الأمن لساكنيها، ولا تتطلب تدخلاً عسكرياً برياً ولا حظراً جوياً، وهما أمران تضع موسكو عليهما الفيتو.

وخلال الأسابيع الماضية ركز النظام السوري على محورين في ريف اللاذقية الشمالي، الأول تلال جب الأحمر (غرب) تمهيداً للسيطرة على بلدة السرمانية في سهل الغاب بمحافظة حماة شرقاً ومن ثم تكوين منطقة محصنة تضم أيضاً معسكر جورين لتكون قاعدة عسكرية للجيش السوري للانطلاق نحو ريف إدلب الجنوبي وخصوصاً نحو مدينة جسر الشغور، والمحور الثاني بلدة غمام وجبل الأكراد.

ولكن خلال الأيام الماضية، بدأ النظام العمل على محور ثالث، يتمثل بجبل التركمان في الشمال الغربي لريف اللاذقية من أجل السيطرة على نبع المر وقرية عفريت وتلة العزر، وترافقت عمليات هذا المحور مع هجوم جوي عنيف شنته الطائرات الروسية.

يشكل المحور الثالث (جبل التركمان) هدفاً استراتيجياً مهماً للجيش السوري من ناحيتين:

1- تطويق الساحل من الناحيتين الشرقية والشمالية قبيل وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه في اجتماع فيينا، وبالتالي إخراج الساحل من ساحة الصراع.

2- العمل على وأد إمكانية إقامة منطقة آمنة شمالي سورية، ومن شأن السيطرة على جبل التركمان أن تعيد خلط الأوراق في الشمال، حيث سيضطر المقاتلون التركمان في لواء السلطان مراد إلى ترك العملية العسكرية التركية - الأميركية والعودة للدفاع عن جبلهم.

غير أن التطور الأهم الذي أعاق على ما يبدو إقامة المنطقة الآمنة هو إسقاط تركيا الطائرة الروسية، وبدا واضحاً أن الروس سيردون على تركيا في سورية، عبر منع إقامة هذه المنطقة.

ولعل تركيز الطيران الروسي على جبلي الأكراد والتركمان، ومن ثم نشر صواريخ «أس 400» في اللاذقية، مؤشر واضح في هذا الاتجاه، وهو ما أدركته أنقرة التي أوقفت مشاركة طيرانها في عمليات التحالف الدولي خشية رد روسي مماثل، وبالتالي دخول البلدين مرحلة المواجهة المباشرة.

 

 

الحياة اللندنية

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع