حسين. ع
تصدير المادة
المشاهدات : 5825
شـــــارك المادة
أثارت وزارة الخارجية الأميركية السخرية في واشنطن بعد إصدارها ملخصا لدبلوماسيتها للعام 2015، أشارت فيه إلى نجاحها في إعادة الأمن والاستقرار إلى سوريا. وفي وقت لاحق، حاول مسؤولو الإدارة الأميركية تدارك فضيحتهم بالقول إن قصدهم كان الإشارة إلى جهودهم الدبلوماسية الساعية إلى سلام سوري.
على أن الملخص يشير إلى عمق المأزق الأميركي في فهم الشؤون الدولية والتعاطي معها، وهو مأزق تجلى أثناء لقاء وزراء خارجية 17 دولة في نيويورك الشهر الماضي، حاولوا أثناءه تحديد "المجموعات الإرهابية" من بين 167 تنظيما سوريا معارضا اقترحت أسماءهم الأمم المتحدة للمشاركة في حوار جنيف بين بشار الأسد ومعارضيه المقرر في وقت لاحق من هذا الشهر.
وكانت المجموعة الدولية قد كلفت وزير خارجية الأردن، ناصر الجودة، بتقديم لائحة بأسماء التنظيمات "الإرهابية" المطلوب استثناؤها من محادثات جنيف للسلام.
وبعد مشاورات أجراها مع الدول المعنية، عاد الجودة باسمين فقط: داعش وجبهة النصرة. وقال العارفون بمجريات اللقاء إن الخلاف انفجر بعدما طلب أحد الوزراء إضافة "الحرس الثوري الإيراني" إلى لائحة المجموعات "الإرهابية"، فانتفض وزير خارجية إيران جواد ظريف ليهدد بالمطالبة بوضع "وكالة الاستخبارات المركزية" (سي أي اي) على اللائحة، فيما أصر وزير روسيا سيرغي لافروف على إضافة تنظيم "جيش الإسلام" و"أحرار الشام" إلى لائحة التنظيمات الإرهابية المستثناة من حوار جنيف، والمطلوب شن الحرب الدولية ضدها.
هذا هو السلام الذي جاءت به أميركا إلى سوريا: فوضى وخلافات ودبلوماسية مبنية على الثرثرة وعلى ضغط واشنطن على حلفائها لتقديم التنازل تلو التنازل.
قبل ثلاثة أسابيع من مفاوضات السلام السورية في جنيف، مازالت النقاط العالقة هي نفسها، ومازالت الأمم المتحدة تطالب المعنيين بإشراك أكبر عدد ممكن من الأطراف المنخرطة في الصراع حتى يكون السلام أكثر ثباتا.
كذلك، تسعى الأمم المتحدة لدى المعنيين إلى إسقاط الممنوعات المتبادلة على حضور هذا الطرف أو ذاك، فيما تتمسك روسيا والأسد باشتراط الموافقة على اللائحة النهائية للمشاركين.
وروسيا وإيران والأسد يفعلون ما تمنع أميركا حلفاءها من فعله، فإذا كانت الأمم المتحدة لن تسمح لروسيا أو للأسد فرض حظر على أي تنظيم أو استثنائه، تقوم موسكو بالعمل على استبعاد التنظيمات التي تصر على استبعادها دمويا وعبر تصفية قادتها، كما ظهر جليا في عملية قتل زعيم تنظيم "جيش الإسلام" زهران علوش في غارة على غوطة دمشق.
هكذا، فيما صار الأسد يضمن مشاركته في المفاوضات، وحتى في العملية السياسية، تصارع تنظيمات المعارضة السورية، لا لدخول نادي المفاوضات، بل للنجاة من آلة روسيا والأسد العسكرية الدموية التي تطارد قادة هذه المجموعات.
إن هدف وقف إطلاق النار المنصوص عليه في قرار مجلس الأمن رقم 2254 هو إفساح المجال أمام الأطراف المتحاربة للخروج من خنادقها، والتلاقي، والتفاوض.
لكن وقف إطلاق النار هذا لن يدخل حيز التنفيذ، هذا إن دخله فعلا، قبل 18 الجاري، فيما تبدو الفترة المتبقية لوقف إطلاق النار فرصة لروسيا والأسد لسحق ما يمكن سحقه وفرض وقائع على الأرض.
ولا يبدو أن روسيا وإيران والأسد يدركون أنه يصعب القضاء على التنظيمات الثورية، وهو أحد الدروس الذي تعلمته إسرائيل أكثر من غيرها، فهي على مدى العقدين الماضيين، قامت بتصفية سلسلة من قادة التنظيمات المعادية لها، لكنها فشلت في القضاء عليها، ناهيك عن إنهاء ثورة بكاملها أو إخمادها.
روسيا وإيران والأسد يسعون للفرض بالقوة العسكرية لائحة المعارضين المسموح مشاركتهم في جنيف، وهو ما يحول مؤتمر السلام هذا إلى مفاوضات بمن تبقى من ثوار سوريا. لكن دروس الماضي تشير بأن أي مسعى من النوع الروسي-الإيراني هو كمن يلاحق الريح ليحصد العاصفة.
العصر
ياسر الزعاترة
فؤاد فرحاوي
رضوان زيادة
المصادر:
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة