منى علي
تصدير المادة
المشاهدات : 2823
شـــــارك المادة
فيما تحترق واحدة من أهم مدن الشرق والعالم، بنار الحقد الطائفي ورغبة الانتقام، وبمشاركة فعالة -إن لم تكن المسيطرة- من قبل إيران، الدولة الطامحة إلى استعادة أمجادها الإمبراطورية من بوابات حلب والموصل ودمشق وعدن.. في هذا الوقت تستقبل مصر "أم الدنيا وقلب العروبة" وفداً إيرانيا رسميا، ويهنأ سفراء إيران براحة البال وينعمون بالهدوء في عواصم العرب والمسلمين، فلا من مظاهرات على أبواب سفاراتهم، ولا من معتصمين أمام مقرات إقامتهم، فالشعوب العربية مخلصة في ولائها "لولاة الأمر"، وأي مظاهرة لنصرة إخوة الدين والعرق والحق يجب أن تكون مباركة بخاتم السلطتين الدينية والزمنية.
وفي مقابل أنه لم يصدر تصريح واحد عن "زعيم عربي" للتنديد بجريمة العصر في حلب، وكذلك لم تخرج مظاهرة شعبية واحدة من "الخليج الثائر إلى المحيط الهادر"، فقد اكتفى العرب بأقل من الحد الأدنى، فأوقفت دولة قطر الاحتفالات بعيدها الوطني، ودعت إلى جلسة طارئة لجامعة الدول العربية غدا الخميس، ولكن الاجتماع سيكون عاديا على مستوى المندوبين الدائمين، وهو ما يحدث لأي طارئ عابر بسيط، أما الأحداث الجِسام فعادة ما تدعو "جامعة العرب" إلى اجتماع على مستوى وزراء الخارجية أو حتى فخامة وجلالة الرؤساء والملوك، إلا أن حدث إبادة حلب يبدو عادياً بالنسبة للإخوة العرب!..
وعدا عن المظاهرات المستمرة منذ يومين أمام سفارة السفاحة روسيا في إسطنبول، وإطفاء أنوار برج إيفل في باريس مساء اليوم، تضامناً مع حلب وشهدائها المحتملين، ومطالبة هيئة علماء المسلمين في لبنان بطرد سفراء روسيا وإيران ونظام الأسد، لا يمكن الوقوف على حدث تضامني ولو بالحد الأدنى مع المدينة الشهيدة.
وبهذا الخذلان غير المسبوق، تستدعي جريمة العصر في حلب، سؤالا قديماً جديداً عن حقيقة ووجود "أمة العرب"، فاليوم تضرب إيران علناً في قلب سوريا والعراق ولبنان واليمن، وتحقق انتصارات عسكرية وسياسية على المستويين الإقليمي والدولي، بينما يبدو العرب كمن ينتظرون مصائرهم وسقوطهم واحداً تلو الآخر، ويبدو أن كل ما يهم "زعماء العرب" هو رفع ودفع تهمة "الإرهاب الإسلامي" الذي استطاعت إيران ربطه بـ"السُنة" دون غيرهم، وهذا ما يفسر حضورهم على أعلى المستويات في مظاهرة "شارلي إيبدو" التي دعت إليها باريس عقب الهجوم على مقر الصحيفة الساخرة وقتل أربعة من رساميها الذين رسموا رسوما ساخرة لنبي الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم.
الكاتب الصحفي "عماد العبار" رأى "أنّنا نعيش في عالم يسوده النفاق والتمييز ما بين قتيل وآخر، فالإنسان عندنا لا قيمة له، علاوة على أنّ بعض الجرائم تأخذ بعداً عالمياً، لا سيّما حين يكون الفاعل من الإسلاميين أو محسوباً عليهم بشكل أو بآخر... هنا يتم إقحام الجريمة وتداعياتها ضمن حقل التجاذبات السياسية داخل الدول نفسها، كما قد تؤثّر على طبيعة العلاقات الإقليمية والدولية. وهذا ما حصل في مجزرة تشارلي إيبدو، حين تداعى قادة العالم للتنديد بالمجزرة، وحضر عدد كبير منهم للمشاركة في مسيرة التنديد في باريس، ومنهم قادة ومسؤولون عرب". ومع أن "التناقض الملموس في الموقف من المجازر السورية، وآخرها مجزرة حلب، هو تناقض عالمي لا يخفى على أحد"، "لكنّ الموجع فيه هو التناقض عند العرب والشرقيين أنفسهم. وأتكلم بشكل خاص عن القادة العرب لا عن الشعوب، فالشعوب لدينا مقهورة لا صوت لها، وقادتها الذين شارك بعضهم في مسيرة التنديد في باريس يمنعون المسيرات في بلدانهم، حتى على سبيل التعاطف مع ضحايا المجازر في بلدان عربية مجاورة! وأذكر جيداً كيف قامت المخابرات السورية باعتقال الذين نظموا مسيرة صامتة في داريا 2003 بعد سقوط بغداد".. وأنحى الكاتب الصحفي السوري باللائمة على الغرب أكثر، إذ وفق رأيه "يحق لنا أن نلوم العالم الغربي مرّتين: مرة حين جعل ضحاياه أهم قيمةً من ضحايانا، ومرّة ثانية حين وقف في وجه الشعوب التي قرّرت تغيير واقعها وإسقاط طغاتها... في الحالتين ساعد الغرب في تحويلنا إلى ضحايا لا يملكون أية قيمة إنسانية".
وهكذا تمضي حلب إلى مصيرها الذي ترسمه بالدم إيران وروسيا، في غياب تام ونهائي لأي صوت عربي – ولو من باب الاستجداء-، وإن استجداء الشرف والدم كرامة، عندما يعجز السيف.
بلدي نيوز
حسان الحموي
مجاهد مأمون ديرانية
عباس شريفة
أبو بصير الطرطوسي
المصادر:
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة