خالد روشه
تصدير المادة
المشاهدات : 3142
شـــــارك المادة
البناء التربوي لا يمكن إتمامه بمجرد وضع النظرية أو القاعدة أو الرؤية، بل يحتاج دائما للجانب التطبيقي الذي يثبت صوابية النتائج، ويبين المعوقات، ويصف طرق التغلب عليها.
وتلبية الحاجات التربوية الأساسية للأبناء تتعرض لكثير من الأخطاء والنواقص، ما يدعونا للوقوف عندها ولو بوقفات عاجلة مختصرة تصلح أن تكون إشارة لها ما بعدها من التفصيل لضيق المقام.
ثالثاً: الحاجة إلى الأمن والطمأنينة:
فلكي ينجح المحضن التربوي في أداء دوره يجب أن يوفر الأمن للأبناء والمتربين فيه، والحالة التربوية الفاقدة للأمان هي حالة سلبية التأثير تترك آثارها أمراضاً في شخصية الأبناء وتشويهاً في نفوسهم وربما طفح هذا التشوه إلى جوارحهم، والأسرة هي المحضن الأول والأهم في هذا الشأن، والأبوان هما المسؤولان عن بث شعور الأمان في قلوب أبنائهم، وإشعارهم بالطمأنينة في حياتهم.
ومن أهم ما يشعر الأبناء بالأمان مساندة الأبوين لهم، ودعمهم لخطواتهم، وتعبيرهم عن تقديرها، وإعطائهم الفرصة لإنجاح تجاربهم الحياتية وتكوين مهاراتهم والصبر عليهم في تكرارها والمساندة في لحظات الفشل والإخفاق والانكسار حتى الوصول لخطى النجاح والإنجاز، ويستوي في ذلك الصغير والكبير .
ومما يبث الشعور بالأمان إقامة العدل بين الأبناء، وعدم التفريق بينهم، ونشر روح الرحمة والرفق، وتنقية البيت من مشاعر الغضب والصراخ، وكذلك بث روح المسامحة وعدم التدقيق في العقوبة لكل خطأ صغير، بل العفو والصفح مع التوجيه والنصح والتقويم وغيرها والثقة في الأبناء توجد الطمأنينة وتقوّم الشخصية وتنبت الرجولة، وتبعث على الثقة في النفس، كما أن تقديرهم على آرائهم وأفكارهم مهما كانت صغيرة نوع من بناء الثقة والأمن.
إن الاهتمام بما سبق وغيره مما لا يتسع له المقام معين مهم على تربية شخصية جادة شجاعة، ومساعد بالغ الأثر في تجنب أخلاق سلبية كالتردد والعناد والانطواء وغيره .
رابعاً: الحاجة إلى الاهتمام والمحبة
هذا النوع من الحاجات يغلط كثير من المربين في فهمه وتطبيقه فيتصورون أن الحاجة إلى الاهتمام والحب معناهما تلبية جميع مطالب الأبناء، والحرص على عدم إغضابهم، وكثرة الالتصاق بهم، والمبالغة في الرفق في معاملتهم مهما ارتكبوا من مخالفات، وهي مفاهيم خاطئة كل الخطأ.
فلاشك أن الأبناء في حاجة للقرب والمصاحبة والمصادقة والمعايشة والحوار والمناقشة وتداول الأفكار والمشاركة في اللعب صغاراً والمشاركة في المواقف المختلفة شباباً وكباراً.
وإنما أرجو أن يكون التطبيق لسد الحاجة إلى المحبة والاهتمام تطبيقاً علمياً مثقفاً قائماً على المعرفة والفهم التربوي لا على مجرد المشاعر المرتعشة.
فإننا يمكننا أن نوصل معنى الاهتمام بالأبناء من دون تدليل مفسد لشخصياتهم، ولا ترقيق بالغ يضعف نفوسهم في مواجهة الحياة.
إن الأصل فيما أريد توضيحه هنا هو توصيل معنى العطاء للأبناء، ورفض معنى البخل عليهم سواء بالمال أو بالوقت أو بالاهتمام.
فنحن نعطيهم من المال نعم، ولكن نعلمهم كيف ينفقونه، وكيف يدخرون بعضه، وكيف أن هذا المال له أدوار أخرى كثيرة غير التي يرغبونها.
وبالتالي فتحديد العطاء في المال يكون تحديداً واعياً لا يترك في نفس الأبناء معنى البخل عليهم، بل يترك معاني الشكر والامتنان للوالدين، ويدعو إلى الإيثار والصدقة وغيرها.
وقل مثل ذلك في تلبية شتى المطالب للأبناء، فلنشعرهم باهتمامنا لتلبية مطالبهم، بشرط أن تكون نافعة ومهمة ومطلوبة، وأن يكون لها أولوية، وألا تكون بمجرد الشهوة النفسية للشراء أو الامتلاك أو لتقليد للآخرين، بل لمعنى صحيح نافع، وبتقدير لإمكاناتنا وتفهم لها.
وعندئذ فيجدوننا معهم نلبيها بقدر استطاعتنا وههنا معنى هام أيضاً هو معنى الحزم، وأريد أن أقول إن المربي الناجح هو الذي يستطيع أن يجمع بين العطاء والحزم وبين الاهتمام والتقويم، وبين الحرية والمتابعة، ويجب أن يستخدم الحزم استخداماً في موضعه لئلا يتحول لضغط وترهيب وتخويف، بل الحزم يعني الدعوة للتوقف عند الخطوط الحمراء التي قد سبق وبينها المربي في بنائه للقيم والمبادئ.
موقع المسلم
ناصر العمر
فكري حسن إسماعيل
يحيى البوليني
سلمان العودة
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة