..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

دم السوريين حقيقة راهنة حتى الأبد

أحمد أبازيد

٢٣ ٢٠١٨ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 2878

دم السوريين حقيقة راهنة حتى الأبد

شـــــارك المادة

تطبيع الحديث عن نظام الأسد وكأنه حكومة ودولة ينبغي التفاهم معها وتقبل وجودها ودعم استقرارها، هو انهيار في البدهيات الأخلاقية للبشرية، وهو خطر يهدد كل الشعوب، وليس السوريين وحدهم:
حين تصبح المذابح الجماعية بحق شعب كامل مجرد تفاصيل سياسية وإنجازاً يستحق الترضية والتشجيع، ما الذي يمنع أي أحد من تكراره؟


أضحى التعريف الجديد لمعنى "الاستقرار" في قاموس الديبلوماسية والمنظمات الدولية ومراكز الدراسات والحوار:
هو دعم سيطرة ميليشيات "نظام" قامت بتدمير معظم مدن سوريا وقتل نصف مليون سوري وهجّرت قرابة 9 ملايين وتقتل يومياً الشبان تحت التعذيب منذ قرابة نصف قرن، لتحكم من جديد باسم "عودة الدولة".

ينسحب هذا على شركاء المذبحة الكبرى، "روسيا دولة عظيمة في النهاية"، و "إيران شريك قومي وتاريخي في المنطقة"، و"إسرائيل أمر واقع"، ودماء مئات آلاف السوريين والشعوب الأخرى حصلت هكذا قدراً، وليس علينا أن نعاند التاريخ، ولا مطلوب منا تسجيل أي موقف.

وفي خضم الشعور بهزيمة الأحلام أو المشاريع، حتى ممن ناصروها أو لم ينخرطوا فيها بشكل مباشر، يعاد إحياء دين القدرية الجديدة، باسم الواقعية السياسية أو حالة الإعجاب بالقوي كهروب من الشعور الذاتي بالسحق ومحاولة اقتباس قوته عبر عبوديته، أو خطاب مساواة الجميع "كلهم هيك" والتي تلغي الحاجة لأي نقاش أو مقارنات أصلاً.

في دين القدرية الجديد الذي ينتشر بين أوساط الشعوب المقهورة وجيل الربيع العربي، يتم التعامل مع الدول ومشاريع الهيمنة والسلطوية، كما كان التعامل مع فرعون القديم، أو مع الحاكم بأمر الله في الفقه السلطاني، ولكن بمصطلحات معاصرة، فالأقدار حاكمة والدول دائمة والبشر ليس مطلوباً منهم أي موقف ولو إعلامي تجاه حقوقهم أو القوى التي تطحنهم، باعتبار هذا الظلم هو حتمية قدرية ترفع عنا أي مسؤولية، وعلينا تقبله بلا مبالاة.

المواطن اللامبالي، والمعزول عن معركة التحرر السياسي، والمؤمن بالتسليم لسيطرة الأقوى، هو مواطن الأنظمة المثالي حتى لو لم يمارس التشبيح والتطبيل، المهم أنك دخلت في دين القوة وقدريّة السلطة، ولو عزلت نفسك في قوقعة الأحلام أو المشاعر الشخصية التي لا تستلزم منك أي عمل أو موقف.

والموقف من الأسدية وشركائها، ومن الثورة السورية العظيمة، هو المعيار الأول والأخير في إنسانية أي أحد، ولن يصبح يوماً من الماضي، دم السوريين حقيقة راهنة حتى الأبد.

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع