الشرق الأوسط
تصدير المادة
المشاهدات : 8260
شـــــارك المادة
قال نشطاء إن مئات الأسر السنية فرت من مدينة بانياس الساحلية أمس خوفا من اندلاع المزيد من أعمال التطهير الطائفي بعد مقتل عشرات الأشخاص في القرى المحيطة بمدينتهم على أيدي مقاتلين موالين لنظام الرئيس بشار الأسد.
وأضاف النشطاء: أن أعمال القتل التي ابتدأت في بلدة البيضا، وأدت لمقتل ما يزيد على مائتي شخص، وانتقالها إلى رأس النبع، حيث قتل 84 شخصا، دفعت البانياسيين إلى التسليم أن أحياءهم ستكون الهدف التالي للقوات النظامية وعناصر «جيش الدفاع الوطني» (الشبيحة)، ما اضطرهم إلى ترك المدينة واللجوء إلى مدينتي طرطوس وجبلة القريبتين.
وتشكل مدن الساحل؛ اللاذقية وجبلة وطرطوس وبانياس، الثقل السكاني السني على الساحل السوري، بينما تسكن الأقلية العلوية في ريف تلك المدن. وكانت هذه المدن حاضرة بقوة في الحراك الثوري في بداية الثورة السورية، خصوصا في بانياس التي خرج شيخها أنس عيروط في 18 مارس (آذار) 2011 ليعدد مطالب أهالي المدينة من شرفة مبنى أمن الدولة، ما اعتبره البعض خروج بانياس عن قبضة نظام الأسد، إلا أن المدينة تعرضت لعملية عسكرية بدأت في 3 مايو (أيار) 2011 إثر حركة الاحتجاجات المستمرة فيها، وخفت فيها الحراك الثوري منذ ذلك التاريخ. وتنقسم مدينة بانياس إلى 10 أحياء رئيسة؛ 8 منها ذات غالبية سنية هي رأس النبع، والقبيات، والبحر، والرملة، والميدان، والقلعة، والرضوان، وابن خلدون، ورأس الريفة، إضافة إلى حيين علويين، هما القصور والقوداذ. وفي اتصال هاتفي لـ«الشرق الأوسط» مع الشيخ أنس عيروط، عضو المجلس الوطني السوري، أكد الأخير أن «قوات الأسد قصفت راس النبع على مراحل ممهدة بذلك للشبيحة وسكان الأحياء الموالية اقتحامه وتنفيذ مجزرة مروعة بحق أهله». وأشار عيروط إلى أن «عدد الضحايا وصل إلى 400 قتيل بعضهم ذبح وآخرون تم حرقهم وهم أحياء»، متهما «نظام الأسد بضرب أماكن القوة عند الطائفة السنية ليسهل عليه إعلان دولته الطائفية». من جانبها، أفادت لجان التنسيق المحلية بالعثور على عشرات الجثث بحي رأس النبع بمدينة بانياس »، مشيرة إلى أن «القوات النظامية تستعد لاقتحام قرية المرقب المجاورة التي تشهد حركة نزوح واسعة خوفا من مجازر جديدة». وتأتي هذه المجزرة بعد يوم واحد على مجزرة قرية البيضا التي وصل عدد ضحاياها بحسب مصادر المعارضة السورية إلى ما يقارب الـ200 قتيل، وكشف عيروط أن القوات النظامية قامت بغسل ساحة البيضا حيث ارتكبت المجزرة أول من أمس، وتم استقدام سكان من القرى الموالية إلى البيضا ليقوم الإعلام الرسمي بتصوير المكان على أن شيئا لم يحصل». وقال أحد سكان الحي من الذي هربوا خارجه لـ«الشرق الأوسط»، إن معظم الذين قتلوا تم إعدامهم ميدانيا أو ذبحا بالسكاكين وبعضهم تم إحراق جثثهم بعد إعدامهم، مؤكدا أن المجزرة حصلت بعد محاصرة القوات النظامية والشبيحة لحي رأس النبع قصفه ثم مداهمة المنطقة بأعداد كبيرة من الشبيحة وتنفيذهم عمليات إعدام ميدانية بحق الأهالي، وأوضح أن من بين الضحايا عائلات بأكملها مثل عائلة جلول وعائلة طه وعائلة الصباغ، مشيرا إلى وجود «جثث في المنازل لم يتم الوصول إليها بعد بسبب الانتشار الأمني الكثيف للشبيحة وعناصر جيش الدفاع الوطني الموالي للنظام». ونشر ناشطون على مواقع الإنترنيت صورا للمجزرة تظهر أفرادا بثياب مدنية بعضهم مكبل الأيدي وآخرون مهشمي الرؤوس. كما نشروا شريط فيديو يظهر جثث أطفال صغار تم حرق جثثهم بعد ذبحهم بأدوات حادة. وقال المرصد السوري: «إن مئات العائلات فرت أمس من الأحياء السنية في جنوب المدينة باتجاه طرطوس وجبلة» جنوب بانياس وشمالها. مضيفا، أن حركة الفرار هذه بدأت بعد عمليات قصف لأحياء سنية ومعلومات عن «مجزرة» وقعت في قرية البيضا المجاورة. بدوره، أفاد المركز الإعلامي السوري المعارض بأن «حركة نزوح واسعة بين سكان مدينة بانياس الساحلية خوفا من وقوع مجازر جديدة على يد قوات النظام». واحتجاجا على ما يجري في منطقة الساحل، قام طلاب من جامعة دمشق بقطع عدة شوارع رئيسة في العاصمة، ووضعوا صور الرئيس بشار الأسد على الأرض، وأغرقوها بصباغ أحمر كناية عن غرقه بدماء السوريين، وجاء ذلك بحسب ناشطون في «اتحاد الطلبة الأحرار». ووصف عبد الكريم الريحاوي، رئيس الرابطة السورية لحقوق الإنسان ما يجري في بانياس بجريمة الإبادة الجماعية، مشيرا لـ«الشرق الأوسط» إلى أن نظام الأسد يهدف إلى تفريغ منطقة الساحل من المكون السني تمهيدا لإقامة دولته المذهبية. وأكد الريحاوي أن «القوات النظامية اعتمدت في تنفيذ مجزرة رأس النبع ذات المنهجية التي اعتمدها في ارتكاب مجزرة البيضا منذ يومين حيث قامت بقصف المنطقة واقتحامها لتصبح الفرصة سانحة للشبيحة لارتكاب جرائمهم». وأوضح أن «أرقام الضحايا غالبا ما تكون متضاربة بسبب الحصار الذي يحكمه النظام السوري على مدينة بانياس». في غضون ذلك، نشرت لجان التنسيق ما قالت، إنها تفاصيل ما جرى في قرية البيضا خلال ارتكاب المجزرة هناك، مشيرة إلى أن القوات النظامية مدعومة بأعداد كبيرة من شبيحة وسكان قرى الطائفة العلوية المجاورة حصارها لقرية البيضا الجهات وقامت بقصفها بشكل عنيف بالمدفعية والدبابات تحت ذريعة وجود مسلحين فيها، وتم تسجيل سقوط اثني عشر قذيفة أسفرت عن تهدم عدة منازل وتضرر مسجد القرية الكبير، عقب ذلك اقتحمت القوات النظامية والشبيحة القرية ونفذت إعدامات ميدانية بالسكاكين والرصاص تحت دوافع طائفية بحق السكان السنة مما أدى إلى سقوط عشرات الشهداء بينهم عائلات بأكملها والكثير من الأطفال والنساء. واعتمدت اللجان في معلوماتها كما قالت على شهادات الناجين من المجزرة، مؤكدة أن «أعداد القتلى بلغت المئات، وأن الطرقات والساحة الرئيسة والمنازل تعج بالجثث التي قامت شبيحة النظام بإحراق قسم كبير منها، إضافة إلى استخدام السواطير والآلات الحادة المتنوعة في عمليات القتل ووجود عدة رؤوس مهشمة بشكل كامل جراء ذلك».
إلى ذلك، أعلنت الولايات المتحدة أمس أنها «روعت» إزاء الأنباء التي تحدثت عن ارتكاب القوات النظامية لمجزرة في بلدة البيضا السورية، وحذرت من أن «المسؤولين عن الخروقات لحقوق الإنسان يجب أن يحاسبوا». وقالت جنيفر بساكي المتحدثة باسم الخارجية الأميركية في بيان إن الولايات المتحدة روعت من الأنباء التي أشارت إلى وقوع أكثر من 100 قتيل في 2 مايو (أيار). وأضاف البيان «بناء على هذه المعلومات فإن قوات النظام وميليشيات الشبيحة دمرت المنطقة عبر قصفها بالهاون ثم انقضت على البلدة حيث أعدمت عائلات بكاملها بنسائها وأطفالها». وخلصت المتحدثة إلى القول «لا بد من محاسبة المسؤولين عن هذه الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان».
عدنان علي
رامي سويد
أحمد حمزة
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة